مرحباً بفضيلة الشيخ عبد العزيز .
فضيلة الشيخ عبد العزيز لعلنا نتمكن في لقائنا هذا من عرض رسائل السادة: المرسلة (س. م) من ضواحي المدينة المنورة، والمرسلة الأخت في الإسلام (س. م. ع)، والمرسلة أم عبد الله السالم العبد المجيد، والمرسلة من المنطقة الشرقية (ل. ع. ع).
====السؤال: ونبدأ برسالة المرسلة (س. م) من ضواحي المدينة المنورة، تقول فيها: إني ولدت بنتاً فيها بعض التشويه الخلقي، وبقيت أنا بعد الولادة ثلاثة أيام فاقدة الوعي، ثم خفت بعد ذلك، وتوفيت البنت في اليوم السابع من عمرها، وأنا الآن متندمة لأنني لم أرضعها في هذه المدة، ولم أحسن إليها، وكانت موضوعة في غرفة بعيدة عني ومظلمة، وإنني الآن متندمة كثيراً، أرجو إفادتي في موضوعي هذا وفقكم الله.
الجواب: هذه فيها إشكال، ولا أدري عنها الآن تحتاج إلى.. أقول: هذه المسألة تحتاج إلى تأمل يكون في حلقة أخرى إن شاء الله نتأملها، لأنها هذه فيها إشكال الآن في الحكم.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
هذا شيء لا نعرف له أصلاً، الموزع للأرزاق هو الله وحده سبحانه وتعالى، هو الرزاق ذو القوة المتين جل وعلا، هو الذي يوزع الأرزاق بين عباده في كل وقت، ما هو بعد صلاة الفجر فقط، بل هو يوزع أرزاقه بين عباده في الليل والنهار، وفي أول النهار وفي وسطه وفي آخره وفي كل وقت سبحانه وتعالى، هو الذي يوزع الأرزاق بين عباده بأمره جل وعلا وتقديره سبحانه وتعالى، وما أمر به من الأسباب ودعا إليه من الأعمال سبحانه وتعالى، ولا نعلم حرجاً في النوم بعد صلاة الفجر، لكن من جلس يستغفر الله ويذكر الله هذا أفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس حتى تطلع الشمس يذكر الله سبحانه وتعالى، فهذا فيه فضل عظيم، إذا جلس يذكر الله أو يدرس العلم أو يشتغل بأعمال أخرى تنفعه وتنفع المسلمين هذا أحسن من النوم، وإذا نام بعد طلوع الشمس يكون أولى، هذا هو الأفضل، ولا حرج فيه لو نام بعد صلاة الفجر، لا حرج، لكن كونه يؤجل النوم حتى تطلع الشمس ويجلس في ذكر الله واستغفار وتهليل أو قراءة العلم أو قراءة القرآن، أو في أعمال نافعة تنفعه: في حرثه في فلاحته في مصنعه.. هذا طيب، ويكون النوم إذا دعت إليه الحاجة يكون بعد ارتفاع الشمس، ويروى عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تنام بعد طلوع الشمس، تقرأ بعد الفجر فإذا طلعت الشمس استراحت، يروى عنها رضي الله عنها ذلك، وبكل حال فالأمر واسع بحمد الله، لكن هذا هو الأفضل، تأتي للنوم إذا دعت إليه الحاجة بعد ارتفاع الشمس ويكون في أول النهار في ذكر وقراءة العلم أو في أعمال أخرى تنفعه.
الجواب: التقبيل للقرآن ليس له أصل معتمد وليس بمشروع، يروى أن عكرمة بن أبي جهل أحد الصحابة كان يقبله ويقول: هذا كتاب ربي، لكن لا أعلم له سنداً صحيحاً ثابتاً عنه رضي الله عنه وأرضاه، وبكل حال فتقبيله لا حرج فيه، لكن ليس بمشروع، ولو قبله إنسان لا حرج عليه، لكن ليس هذا بمشروع، ولم ينقل عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد ثابتة، فالأولى ترك ذلك، وإنما التعظيم يكون بالعمل، تعظيم القرآن يكون بالعمل به وتدبره والإكثار من قراءته والخضوع عند ذلك والخشوع، هذا هو المشروع، الإكثار من تلاوة القرآن بالتدبر والتعقل والعمل والاستفادة والخشوع، هذا هو المشروع كما قال جل وعلا: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]، فهو سبحانه وتعالى شرع لنا أن نتدبره وأن نكثر من تلاوته وأن نعمل به، هذا هو الواجب علينا وهذا هو المطلوب منا.
وأما الانحناء عند القرآن فأيضاً هذا لا أصل له، وإن كان تعظيماً لله عز وجل؛ لأن القرآن كلام الله، لكن هذا لا أصل له، ولم يفعله خير هذه الأمة وأفضلها وهم الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، والخير كله في اتباع سلفنا الصالح من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان، فلا ينحنى له ولا يقبل هذا هو الأصل، لكن لو قبله إنسان فلا حرج عليه إلا أنه غير مشروع، أما الانحناء فهو مكروه لا ينبغي ولا يفعل ولا أصل له.
وهذا قد يفضي إلى الانحناء للملوك والكبراء، وهذا منكر لا يجوز؛ لأنه نوع من الركوع، والركوع لا يجوز إلا لله وحده سبحانه وتعالى، عبادة، فلا ينحني أحد لأحد.
الجواب: أما إهداء القرآن وتثويبه لزيد أو عمرو فهذا فيه خلاف بين العلماء، كثير من أهل العلم يقولون: لا بأس أن يقرأ ويثوب لأبيه أو أمه أو زيد أو عمرو من أحياء أو أموات، كما يدعو لغيره وكما يتصدق عن غيره، وبعض أهل العلم قال: لا يشرع ذلك؛ لأن القرآن لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم كانوا يهدونه لميت ولا لحي، هذا هو الأفضل والأولى عدم إهدائه لأحد، الإنسان يقرأ لنفسه يتلو لنفسه يطلب الأجر في قراءته، ولا يهدي ثوابه لأحد من الناس، وإذا أراد أن يهدي يتصدق عن أبيه عن أمه بما تيسر: بدراهم ملابس طعام، يدعو لهم يدعو لوالديه لأقاربه لأحبابه، يدعو لهم بالمغفرة والرحمة، وإذا كانوا أحياء يدعو لهم بكل خير: بسعة الرزق، والتوفيق للعلم النافع والعمل الصالح وأشباه ذلك.
الجواب: النذر منهي عنه ومكروه لا ينبغي، النبي عليه السلام قال: (لا تنذروا؛ فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل)، فلا ينبغي النذر، لكن لو نذر طاعة شرعية يوفي بها، إذا قال: يا رب لله علي إن مات فلان الظالم أن أصوم يومين أو ثلاثة أو يوم الإثنين أو يوم الخميس يوفي، أو قال: لله علي إن مات فلان أن أتصدق بمائة درهم بألف درهم؛ يوفي بذلك حسب طاقته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه).
فالذي ينذر بطاعة من الطاعات من قراءة أو صدقة أو صلاة على شرط معلق إذا وجد الشرط يوفي بذلك، إذا كانت تلك الطاعات مشروعة، أما لو نذر شيء ما هو بمشروع مثل قال: لله علي أصوم سنة أو سنتين هذا ما هو بمشروع، هذا مكروه، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم الأبد، فإذا نذر شيئاً مكروهاً مثل نذر أنه يصوم سنة أو نذر أنه لا ينام يصلي ولا ينام، هذا مكروه، عليه كفارة يمين ولا يفعل، يكفر كفارة يمين ولا يوفي بهذا النذر المكروه أو المحرم.
وبكل حال فالنذور لا تنبغي، لكن إن نذر طاعة شرعية أوفى بها، وإن نذر شيئاً مكروهاً أو معصية لم يوف بذلك وعليه كفارة يمين.
الجواب: المسح على ما يستر الرجلين من كنادر أو شراب جائز رخصة من الله جل وعلا، وفيه تخفيف على الأمة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه وعلى جوربيه، ويصلي يوم وليلة في الحضر في الإقامة، وفي السفر ثلاثة أيام بلياليها، هذا مشروع والحمد لله، لكن يكون المسح على الشيء الساتر: إما جورب ساتر أو خف من الجلد ساتر يمسح عليه يوم وليلة في الإقامة بعد الحدث والمسح يوم وليلة، أما الكندرة فلا يمسح عليها، إذا كانت غير ساترة لا يمسح عليها، إلا إذا مسح عليها مع جورب لا بأس، يمسح عليهما جميعاً على الكندرة وعلى ما ظهر من الجورب يمسح عليهما جميعاً لا بأس، وإن مسح عليهما جميعاً لا يخلع، فإذا خلع بطل الوضوء، بل يصلي في الكندرة والشراب جميعاً، فإذا خلع الجميع أو خلع الكندرة؛ بطل الوضوء، وإذا أرادت هذه المرأة السلامة تمسح على الجورب فقط وتخلي الجورب في شبشب أو غيره يخف عليها خلعه، أو في كندرة خفيفة يخف خلعها، تمسح على الجورب وإذا جاءت المصلى خلعت الكندرة وكفاها الجورب، ولا تمسح على الكندرة، تمسح على الجورب الذي يستر القدم والحمد لله، وأما الكندرة لا تمسح عليها حتى تخلعها متى شاءت، أو تجعل الجورب في شبشب يقيها الأرض ثم تخلع الشبشب.
فالمقصود أنها إذا مسحت على الكندرة ما يجزي؛ لأن الكندرة لا تستر إذا كانت قصيرة، أما إذا كانت الكندرة واسعة تستر القدم كله مع الكعبين تمسح على الكندرة، ومتى مسحت عليها فلا تخلعها إلا بعد الصلاة، تصلي أول، فإن خلعتها قبل الصلاة بطل الوضوء، فينبغي التنبه لهذا، ينبغي التنبه من المرأة والذي يقرأ عليها يسمعها هذا الجواب يفهمها أن المسح على الكندرة لا يجزي إذا كانت قاصرة ما تستر الكعبين، وإذا خلعتها بطل وضوءها، فالذي ينبغي لها أن تمسح الجورب وتكتفي به، والكندرة تخلعها متى شاءت. نعم.
المقدم: إذاً الذي فهمنا يا فضيلة الشيخ أنه إذا كان على المسلم شراب وكندرة ومسح على الشراب والكندرة أنه لا يخلع الكندرة.
الشيخ: إلا متى أراد إبطال الوضوء، وأما إذا أراد أنه يصلي فيهما فيبقيهما حتى يصلي.
الجواب: لا حرج لا بأس إن شاء الله، تقرأ ما حفظت ولا بأس، بعد الفاتحة، المهم الفاتحة هي الركن والباقي نافلة سنة، تقرأ ما تيسر من الآيات التي عندها، ولو طمرت بعض الآيات الأخرى جبهت عنها وتركتها؛ لأنها ما تحفظها لا بأس، لكن المهم الفاتحة لا بد من الفاتحة؛ لأنها ركن في الصلاة، وما زاد عليها مستحب من آية أو سورة، فالأمر فيه واسع.
الجواب: تسبيحها يكون لها أفضل، تسبيحها وقراءتها تكون لها أفضل ولا توزعها لأحد، تسبح وتهلل وتقرأ لنفسها، والأفضل بالأصابع هذا الأفضل بأصابعها، ولو غلطت الله يحفظه .. لها ويدخره لها سبحانه وتعالى، فالأفضل بالأصابع كما كان النبي يسبح بالأصابع عليه الصلاة والسلام هذا هو الأفضل، لكن بعد كل صلاة ثلاثة وثلاثين تسبيحة وثلاثة وثلاثين تحميدة وثلاثة وثلاثين تكبيرة، ثم تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، بعد كل صلاة، تعدها عشرة وعشرة وعشرة ثلاث، سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاث مرات بالأصابع كلها، ثم ثلاث مرات بثلاثة أصابع، هذه تسعة وتسعين، ثم تقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سنة بعد كل صلاة، وإن شاءت قالت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمسة وعشرين مرة بعد كل صلاة، هذا نوع وهذا نوع، كله طيب، بأصابعها، والرجل كذلك بأصابعه، وباليمنى أفضل باليد اليمنى أفضل، ولو سبح بالجميع فلا بأس.
الجواب: إذا كانت زوجة أبيك السابقة أرضعته خمس رضعات؛ فإنه يكون أخاً لك ولجميع أولاد أبيك، أخاً من الأب بالرضاعة، فلك أن تكشفي له وجهك كسائر المحارم، أما إذا كان الرضاع فيه شك، وليس عندكم من يعلم الرضاع هل هو خمس أو أقل أو أكثر؟ فلا تكشفي له ولا تعتبريه محرماً؛ لأن الرضاع المحرم لا بد يكون خمس رضعات فأكثر في الحولين، فإذا ثبت بشهادة امرأة ثقة أو رجل ثقة أن هذا الرجل رضع من زوجة أبيك خمس رضعات حال كونه طفلاً في الحولين، أو أكثر من خمس؛ فهذا أخوكم تكشفين له كسائر المحارم، محرم لك، أما إذا كان في هذا شك وليس عندكم من يحفظ هذا، ولا يدرى هل رضع خمساً أو أقل أو أكثر؛ فهذا لا يكون محرماً ولا يكون أخاً لك، وعليك أن تحتجبي عنه كسائر الناس.
المقدم: شكراً، أثابكم الله.
أيها المستمعون الكرام! إلى هنا نأتي إلى نهاية لقائنا هذا الذي عرضنا فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
وقد تمكنا من عرض رسائل السادة: المرسلة (س. م) من ضواحي المدينة المنورة وقد أرجأ فضيلة الشيخ الإجابة على سؤالها إلى حلقة قادمة، ورسالة المرسلة الأخت في الإسلام (س. م. ع) وبعثت بعدة أسئلة، والمرسلة أم عبد الله السالم العبد المجيد، والمرسلة من المنطقة الشرقية (ل. ع. ع) وتسأل عن رضاعة.
شكراً لفضيلة الشيخ عبد العزيز، وشكراً لكم أيها السادة، وإلى أن نلتقي بحضراتكم نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر