أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وأهلاً بكم في هذا اللقاء الجديد مع فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ليتفضل بالإجابة على أسئلتكم واستفساراتكم في حلقتنا اليوم.
====
السؤال: أيها الإخوة! أول رسالة نستعرضها اليوم وردت إلينا من المستمع عمر محمود من جمهورية مصر العربية الشرقية يقول: لي زوجة طيبة مطيعة وقورة وهي تذهب إلى العمل في غير ما تبرج ولا زينة ولكني أنا لست راض عن عملها هذا ولا أريد منها الذهاب واختلفنا على ذلك وحلفت عليها بالطلاق بقولي: علي الطلاق ما أنت ذاهبة إلى العمل مرة أخرى، وكررت هذه الكلمة مرتين وفي الثالثة قلت: علي الطلاق بالثلاث ما أنت ذاهبة إلى الشغل في السنة القادمة، وكان ذلك في جلسة واحدة وكان غرضي ونيتي هو المنع من العمل، وكانت هي في ذلك الوقت في إجازة وضع لمدة ثلاثة أشهر وكنت أريد أن نستفيد من مرتبها خلال هذه الإجازة في تسديد ديوننا وبعدها لن تذهب إلى العمل ولم تذهب إلى العمل في هذه المدة وكانوا يرسلون إليها مرتبها، وبعدما انتهت مدة إجازتها وحان وقت عودتها إلى العمل ناقشني أحد أقاربي في ذلك بقصد رغبته في ذهابها إلى العمل فقلت له: علي الطلاق ما هي ذاهبة وكررت هذا اللفظ مرة أخرى، وكان ذلك أيضاً في جلسة واحدة وكان غرضي ونيتي هذه المرة هو الطلاق إن هي ذهبت إلى العمل، وفي اليوم المحدد لعودتها إلى العمل قلت لها: إن ذهبت الشغل فلن تكوني زوجة لي، كتأكيد ليميني السابق ولكنها ذهبت إلى العمل، فما الذي يأمرني به ديني في هذه الحالة؟ وهل هذه الأيمان طلاقاً رجعياً أم طلاقاً بائناً لا رجعة فيه، مع العلم أنها الآن تعيش معي وتتمسك بالبقاء معي وترفض مغادرة منزلي والذهاب إلى منزل أبيها؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإن الواجب على المرأة السمع والطاعة لزوجها فيما أباح الله لا في المعصية، وكونه السائل منعها من الذهاب إلى العمل هذا ليس بمعصية بل أمر له حق فيه، فالواجب عليها أن تسمع وتطيع له في ذلك وألا تذهب إلى العمل، وقد نوى في الطلاق الأول المنع فقط فيكون عليه في ذلك كفارة يمين بسبب ذهابها إلى العمل؛ لأنه لم يقصد إلا منعها فقط، وهذا هو الصواب من قولي العلماء فيما إذا علق الزوج الطلاق على أمر يقصد منعاً منه أو الحمل عليه أو التصديق أو التكذيب، هذا هو المختار عند جمع من أهل العلم، أما طلاقه الأخير فقد أراد به إيقاع الطلاق وقد كرره مرتين.
والجواب عن ذلك: إن كان أراد به تكرار إيقاع الطلاق في المرة الثانية كالأولى وقد وقع عليها طلقتان وبقي لها واحدة وله مراجعتها ما دامت في العدة،وإن كان لم يرد إيقاع الطلاق في المرة الثانية حين كرر وإنما أراد تأكيد الكلام السابق أو إفهامها فإنه لا يقع بذلك إلا طلقة واحدة ويبقى لها طلقتان وله مراجعتها ما دامت في العدة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، وقد نوى في الطلاق الأخير إيقاع الطلاق فيقع ما قال، والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق.
الجواب: الأرحام: هم الأقارب من جهة الأم ومن جهة الأب، فالآباء والأمهات والأجداد والجدات أرحام، والأولاد وأولادهم من ذكور وإناث وأولاد البنات كلهم أرحام، وهكذا الإخوة والأخوات وأولادهم أرحام، وهكذا الأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم أرحام داخلون كلهم في قوله جل وعلا: وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ [الأنفال:75]، وداخلون في قوله سبحانه وتعالى متوعداً لأهل القطيعة بقوله عز وجل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23]، وداخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة قاطع رحم)، وداخلون في قول النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً: (من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أجله فليصل رحمه)، وداخل في قوله عليه الصلاة والسلام (لما خلق الله الخلق: قامت الرحم فقالت: يا رب! هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال جل وعلا: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأن أقطع من قطعك؟ فقالت: بلى يا رب، فقال: ذلك لك)، وفي لفظ قال جل وعلا: (من وصلها وصلته ومن قطعها بتته)، فالواجب على كل مسلم أن يعتني بالرحم وأن يصل أرحامه وأن يحسن إلى أرحامه وقراباته، أما أقارب الزوجة فهم أصهار وليسوا بأرحام وكذلك أقارب الزوج بالنسبة إلى المرأة أصهار وليسوا بأرحام، وإنما الأرحام أقاربك من جهة أبيك ومن جهة أمك، وهكذا أقارب المرأة من جهة أبيها وأمها، هؤلاء هم الأرحام، أما أقارب زوجتك فهم أصهار وليسوا بأرحام وهكذا أقارب الزوج بالنسبة للزوجة أصهار وليسوا بأرحام والإحسان إليهم وحسن الصلة بهم أمر مطلوب ولكنهم ليسوا كالأرحام.
الجواب: أما من عرفهم فإنه يسلم إليهم حقهم حسب اجتهاده وحسب ما يغلب على ظنه ويستبيحهم ويسألهم العفو عما مضى وعما حصل، وأما من جهل ولم يعرف هل هو حي أو ميت ولم يعرف ورثته فإنه يتصدق به عنه بالنية عن صاحب الحق مع التوبة إلى الله والصدق في ذلك، وتبرأ ذمتك إن شاء الله بذلك.
الجواب: لا يشرع للمسلم صنع وليمة لميته لا بالذبح ولا بغيره، إذا مات الميت شرع لأقارب الميت أن يصنعوا لأهل الميت طعاماً وجيرانهم ونحو ذلك، أما أهل الميت فلا يصنعون طعاماً ولا يذبحون ذبيحة من أجل الميت ولا يجمعون الناس عليها، قال النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حين قتل في الشام في الأردن أمر أهل بيته أن يصنعوا لهم طعاماً لأهل جعفر قال: (اصنعوا لأهل
الجواب: الواجب يكملها ظهراً؛ لأن الجمعة فاتت لما لم يدرك منها شيء فاتت الجمعة وإنما تدرك بركعة واحدة، إذا أدرك الركعة الثانية مع الإمام صلاها جمعة أما إذا لم يأت إلا بعد السلام أو بعد الركعة الثانية في التشهد أو في حالة السجود في الركعة الثانية فإنه لا يصليها جمعة ولكن يصليها ظهراً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته)، فمفهومه أنه إذا ما أدرك إلا أقل من ركعة فإنه لا يكون مدركاً للجمعة ولكنه يصلي ظهراً، هذا هو المشروع أنه يصلي ظهراً وإذا أدرك إنساناً يقضي وصلى معه فإنه يصلي ظهراً ولا يصلي جمعة.
وهذا أيضاً يلاحظ فيه أن يكون بعد الزوال أما إذا كانت الجمعة صلوها قبل الزوال فإنه لا يصلي الظهر إلا بعد الزوال، والجمعة يجوز أن تصلى قبل الزوال في الساعة السادسة قبل الزوال لا بأس على الصحيح، فلو كانت الجمعة حين فاتته صليت قبل الزوال فإنه لا يصلي الظهر إلا بعد الزوال.
الجواب: ينبغي في مثل هذا التشاور مع قاضي البلد في بيع الوقف هذا وصرف ثمنه في وقف أنفع للمسلمين في بلد تنتفع بهذا الوقف في البركة ماء ينتفع بها الناس أو في إيجاد حوض.. بركة من الماء لسقي مواشيهم أو ما أشبه ذلك مما يحل محل الدلو الأولى يتشاور صاحب الوقف هذا مع فضيلة القاضي فيما تنقل إليه هذه الأرض تباع ويصرف ثمنها فيما يناسب ويجانس ما أراده الواقف السابق، فإن لم يتيسر شيء من ذلك صرف ثمنها فيما ينفع المسلمين من تعمير المساجد التي هي في حاجة إلى التعمير أو ما أشبه ذلك مما يراه القاضي نافعاً للمسلمين ومن جملة المصالح العامة. نعم.
المقدم: يعني لو أنفق نقداً مثلاً سلم إلى أحد من المحتاجين أو وزع؟
الشيخ: لا، إذا ينصرف في مثله يكون أحسن إذا تيسر صرفه في بركة تنفع المسلمين في بعض القرى أو صرفه في إيجاد بئر تسقي بعض المارة أو تسقي بعض الفقراء في بعض القرى المحتاجة أو بعض البادية إذا وجد شيء من هذا فهو أفضل حتى يجانس ما أراده الواقف، فإن ما تيسر صرف فيما هو أنفع وأبقى مثل المساجد وأشباهه.
الجواب: لا نعلم حرجاً في تربية الطيور ونحوها كالدجاج والحمام وكما تربى الأغنام وغير ذلك هذه مثلها فلا حرج في ذلك، والزعم بأن فيها شر أو تجلب الشر على البيوت كل هذا لا أصل له بل هي لا حرج فيها ولا بأس بها، فالطيور التي أباحها الله لا بأس بتربيتها كالحمام والدجاج وأشباه ذلك مما يتربى في البيت وينتفع به صاحب البيت بالبيع أو الأكل، كل هذا لا حرج فيه، كما تربى الأرانب وتربى الأغنام وأشباهها كالإبل والبقر كل هذا لا بأس به ولا حرج فيه إذا لم يكن فيه أذى، إذا كانت هذه الطيور لا تؤذي الجيران بل تكون مقصوصة لا تؤذي الجيران أو طائرة لكنها لا تؤذي الجيران فلا حرج في ذلك.
المقدم: نعم أحسن الله إليكم.
أيها الإخوة الكرام! في ختام لقائنا هذا يسرنا أن نتقدم بالشكر الجزيل إلى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
وقد تفضل بالإجابة على أسئلة الإخوة عمر محمود من جمهورية مصر العربية الشرقية، وعلى سؤال المواطن (ص. س) من المدينة المنورة، وكذلك على سؤال الأخ (م. م. المختار ) من مدينة الجبيل الصناعية، والمستمع عبد الله حماد حسين العميري من جمهورية مصر محافظة مطروح، والمستمع (ح. م. د) من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والمستمع (ع. ع. س. الغامدي )، والمستمع نبيل ناظم مزاحم من العراق ناحية السعدية.
مستمعينا الكرام نشكركم على حسن متابعتكم وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر