مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقةٌ جديدة مع رسائلكم في برنامج: نورٌ على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء، والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من حوطة بني تميم، باعثتها إحدى الأخوات المستمعات من هناك، رمزت إلى اسمها بالحروف: (هـ. ع. ف)، أختنا تسأل عما ورد في حديثٍ عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (أن للشهيد عند الله ست كرامات: أنه لا يجد ألم الموت إلا كقرصة البعوض، وأنه يغفر له عند أول قطرةٍ من دمه، وأنه لا يصله الفتان في القبر، وأنه يكسى تاج الوقار، وأنه ينزل في منازل النبيين، ويشفع في سبعين من أهل بيته), هل هذا الحديث صحيح؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فلا أعلم حال هذا الحديث، ولا أعرف صحته، ولكن له شواهد تدل على صحة بعضه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في المرابط: (أنه يأمن الفتان، وأنه ينزل عليه عمله ورزقه), والمرابط أقل من الشهيد، فإذا حصل هذا للمرابط، فالشهيد يرجى له ذلك، والشهداء موعودون بالجنة، كما قال جل وعلا: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169], فالشهداء على خيرٍ عظيم، ولهم عند الله فضلٌ عظيم، إذا أصلح الله نياتهم، وجاهدوا في سبيل الله لإعلاء كلمته، فهم على خيرٍ عظيم.
الجواب: كرامات الأولياء ثابتة عند أهل السنة والجماعة، من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بكرامات الأولياء، وأنها حق، وهي خوارق العادات التي يخلقها الله لبعض أوليائه، إما لحاجةٍ به، أو لإقامة الحجة على العدو، على أعداء الله، لنصر الدين، وإقامة أمر الله عز وجل، فتكون لأولياء الله المؤمنين، تارةً لحاجتهم، كأن يسهل الله له طعاماً عند جوعه، أو شراباً عند ظمأه، لا يدرى من أين أتى، أو في محلٍ بعيد عن الطعام والشراب، أو نحو ذلك، أو بركةٍ في طعام، تكون واضحة، أو غير ذلك من الخوارق للعادات، والميزان في ذلك أن يكون مستقيماً على الكتاب والسنة، لا تكون كرامة هذه خارقة؛ إلا إذا كان الشخص معروفاً بالاستقامة على دين الله ورسوله.
أما إذا كان منحرفاً عن الشريعة؛ فليست كرامة، ولكنها من خوارق الشياطين، ومن فتنة الشياطين، وإنما تكون الكرامة لأولياء الله المؤمنين، الذين عرفوا بالاستقامة على دين الله، واتباع شريعته، فما خرق الله لهم من العادات تسمى كرامة، ومن ذلك قصة ما جرى للصديق في الطعام الذي قدمه لأضيافه، فصاروا كلما أخذوا لقمة؛ ربا من تحتها ما هو أكثر منها، حتى فرغوا من الأكل، وبقي الطعام أكثر مما كان، وهذا من آيات الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك ما جرى لـعباد بن بشر ، وأسيد بن حضير ، في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لما خرجا من عنده في ليلةٍ ظلماء، أضاءت لهما أسواطهما في الظلمة، فلما انصرف كل واحد إلى بيته؛ أضاء له سوطه حتى وصل إلى بيته، فهذا من كرامات الله لأوليائه، سبحانه وتعالى، وهكذا ما أشبه ذلك مما يقع لأولياء الله.
المقدم: جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم، إذاً الكرامة لبعض خلق الله حقيقية، وليست من الأشياء التي يذكرها بعض الناس -سماحة الشيخ-؟
الشيخ: الكرامة مثلما تقدم، الكرامة خارق ٌللعادة لكل أولياء الله المؤمنين، عند حاجتهم إلى ذلك، كالجوع، والعطش، ونحو ذلك، فيجد طعاماً، وماءً في مكانٍ لا يرى أنه موجود فيه، فيسهل الله له بغير أسباب ظاهرة، أو لإقامة الحجة على الأعداء؛ حتى يعلم أن هذا الدين حق، وأن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم حق، كمعجزات الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- التي يثبت بها أنه رسول الله، كناقة صالح، والقرآن العظيم معجزة للنبي عليه الصلاة والسلام، وكنبوع الماء من بين أصابعه عليه الصلاة والسلام، هذه معجزات النبي عليه الصلاة والسلام، وكانشقاق القمر، وما أشبه ذلك.
الجواب: نعم؛ الصلاة في المحل الذي فيه صورة، أو في كتاب الذي فيه صورة، أو بساط فيه صورة، أو وسادة فيها صورة، لا يضر، الصلاة صحيحة، ولا يضر ذلك، لكن إن كانت الصورة معلقة، وجب إزالتها، أما إن كانت الصورة مما يمتهن في الوسادة والبساط فإنها لا تؤثر، ولا حرج في ذلك، وإنما يمنع المعلق الذي يمنع دخول الملائكة، ولا يجوز تعليق الصور ، وما كان في الكتاب فهو كالمطموس، لأنه يبسط عليه الكتاب، ويغلق عليه الكتاب، فلا يبين، وإذا أزال المؤمن صورة الرأس، زال المحظور بالكلية، إذا قطع الرأس بالحبر حتى زال كله، وطمس كله، أو من الصورة المجسمة قطع وأزيل بالكلية؛ فلا بأس، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقطع رأس التمثال، حتى يكون المصور كالشجرة بلا رأس.
الجواب: إذا كان عليها غطاء يستر جميع بدنها؛ كفى، والحمد لله، ما عدا الوجه، فإن السنة كشفه، إن لم يكن عندها أجنبي فالسنة كشفه.
أما الكفان؛ فإن كشفتهما، فلا حرج، وإن سترتهما فهو أفضل، أما بقية البدن من الرأس، والصدر، والقدم، وغير ذلك؛ تستر، سواءٌ كان بغطاءٍ عام، أو بغطاءٍ مقطع، للرأس ستر، ولبقية البدن ستر، فالمقصود أن تستر هذا البدن كله، ما عدا الوجه والكفين، الوجه سنة كشفه، والكفان سترهما أفضل، وإن كشفا؛ فلا حرج على الصحيح.نعم.
المقدم: جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم، لباس المرأة العادي لا يكفيها أثناء تأدية صلاتها -سماحة الشيخ-؟
الشيخ: العادي الساتر يكفيها، إذا كان ساتراً، فإنه يكفيها, إن كان عليها غطاءٌ للرأس -خمار ساتر- وعليها مدرعة ساترة لقدميها، أو في قدميها دسوس, يعني: جوارب، كفى والحمد لله.
الجواب: لا حرج في ذلك، ولو كان فيها زخرفة.
الجواب: ترك قصه أفضل، إلا إذا رأى الزوج، أو المرأة، أو كلاهما رأى الزوج والمرأة، أو المرأة التي ليس لها زوج إذا رأت المصلحة في ذلك، من دون قصد التشبه بالكافرات، فلا نعلم بأساً في ذلك، الممنوع الحلق، أما قصه بعض الشيء، فلا يسمى قزعاً، ولكن لا حرج في ذلك، إذا رأت المرأة المصلحة في ذلك، وليس لها زوج، أو اتفقت مع زوجها على ذلك، أو بتخفيف الشعر.
الجواب: أما تعليق الآيات في المكاتب، والمجالس، فلا حرج فيه، إذا كان لقصد القراءة والانتفاع بها والفائدة، فلا بأس بها، أو تعليق أحاديث، أو كلماتٍ طيبة، أو أشعار طيبة، لا بأس بذلك.
أما جعلها في الساعة، فهذا خطأ؛ لأنه قد تمتهن، قد تطرح في محل ما هو مناسب، فلا ينبغي أن يكون لا في الساعة، ولا في الحلي، لا ذكر الله، ولا آيات، لأنها قد تطرح على وجهٍ يحصل فيه امتهان، ولكن إذا كان معلقاً على الجدار، في المكتب، أو في المجلس، وقد يتعظ به من أحاديث، أو آيات، أو أشعارٍ طيبة، فلا بأس بها.
الجواب: إذا كان قد تسببت في غرقها؛ بأن جعلتها عند محلٍ مكشوف، خزانٍ مكشوف، أو حوضٍ من الماء مكشوف، وليس عندها أحد؛ فإنها تضمنها.
وأما إذا كان المحل بعيداً، وليس حولها، ولكن قدر أنها اندرجت إليه، وذهبت إليه، فلا شيء عليها، ليس عليها ضمان في هذا.
الجواب: لا حرج في ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم صلى وهو حامل أمامة بنت زينب بنت بنته، وصلى فكان إذا سجد وضعها، وإذا قام حملها عليه الصلاة والسلام، إلا أن تعلم أن بها نجاسة؛ فلا تحملها، حتى يزال عنها ما فيها من نجاسة.
الجواب: السنة أن يحلق يوم السابع، إذا كان ذكراً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل غلام مرتهنٌ بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع، ويحلق، ويسمى), فالسنة أن يحلق يوم السابع، وأن يسمى يوم السابع، وأن يعق عنه، إذا كان ذكراً بشاتين، وإذا كانت أنثى بواحدة، أما الحلق فيختص بالذكر.
الجواب: عليه الاستغفار، لأن هذه يمين غموس كاذبة، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، التوبة من هذه اليمين، وحجه صحيح، والحمد لله، لكنه ناقص باليمين الكاذبة، فإذا تاب؛ تاب الله عليه، وجبر نقصه.
المقدم: جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم، هل توجهونه إلى شيءٍ آخر سماحة الشيخ؟
الشيخ: ما عليه الكفارة إنما عليه التوبة إلى الله، لأن هذه تسمى اليمين الغموس، وهي اليمين الكاذبة، فعليه فيها التوبة إلى الله سبحانه وتعالى.
الجواب: ليس للولي أن يجبر المرأة على التزوج، ولو بأكمل الناس، ليس له إجبارها، بل هي لها الخيار، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح الأيم؛ حتى تستأمر، ولا تنكح البكر؛ حتى تستأذن قالوا: يا رسول الله! كيف إذنها؟ قال: أن تسكت) وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: (والبكر يستأذنها أبوها، وإذنها سكوتها) فليس للأب ولا لغيره أن يجبر البنت على الزواج، إذا بلغت تسعاً فأكثر، بل لابد من إذنها ولو بالسكوت، وأما الأيم التي قد تزوجت، فلابد من إذنها الصريح بالكلام، تقول: نعم، وليس له جبرها أبداً، ولو كان أباها، ولو كان الزوج من أصلح الناس، لأن هذا يختص بها، من مصلحتها، فلا تجبر.
الجواب: إذا كان المأمومون محدودين، ورضوا بذلك؛ أن يقرأ قارئ حتى يستمعوا ويستفيدوا، لأنهم لا يقرءون؛ فلا حرج في ذلك، ولكن ليس لهم هذه الفوضى والكلام بعد ذلك، وإنما يستمعون، وينصتون، وإذا مرت آية فيها تسبيح، أو دعاء، ودعوا؛ لا بأس، أما هذا الضجيج الذي يفعلونه بعد ذلك، هذا لا ينبغي لهم.
أما إذا كان ليس عددهم مضبوطاً، وليس كلهم موافقين؛ فإنه لا ينبغي هذا، لأن هذا يشغلهم، ويمنع الآخرين من القراءة، فالأولى أن كل واحد يقرأ لنفسه، يستفيد، يقرأ لنفسه، ويستمع من حوله، و لا يزعجهم واحد بالمكبر.
أما إذا كانوا محدودين، أميين محدودين، وحبوا أن يسمعوا قارئاً منهم؛ حتى يحضر الخطيب، فلا حرج في ذلك.
الشيخ: نعم، لها أذانان، الأذن الأول هذا رآه عثمان رضي الله عنه وأرضاه في خلافته، عثمان بن عفان رأى إحداث أذان جديد حتى ينتبه الناس للجمعة، ويستعدوا لها، ويأتوا إليها، وكان هذا في عهد عثمان ، وأما في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد الصديق ، وعمر ؛ لم يكن هناك إلا أذان واحد عند دخول الخطيب بعد الزوال، لكن رأى عثمان رضي الله عنه وأرضاه هذا الأذان الثاني، ويسمى الأول، لهذه المصلحة، وهو أحد الخلفاء الراشدين رضي الله عنه، الذي قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي) فلهذا عمل به المسلمون من ذاك الوقت إلى وقتنا هذا، وهو أفضل. نعم، الأفضل أن يكون له أذانين، أول وهو يسمى الأذان الثاني، وهو الأول، لمصلحة المسلمين حتى ينتبهوا للجمعة، وحتى يحضروا.
الجواب: الأذان الثاني هذا بعد دخول الخطيب، وهو الموجود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الصديق و عمر ، هذا يقال له: الأذان الأخير -الآن- لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا هو، بعد الزوال، هذا هو المشروع.
أما الأذان الأول مثل ما تقدم، أحدثه عثمان للمصلحة الشرعية، والأفضل أن لا يكون بعيد عن الأخير، الأفضل أن لا يكون بعيد حتى ينتبه الناس، ويحضروا قبل دخول الخطيب، فإذا كان قبل الصلاة، قبل الأذان بنصف ساعة، أو نحوها، أو ثلثي ساعة؛ فهذا حسن إن شاء الله، أما كونهم يتخذون الأذان الأخير فالفائدة تكون قليلة،فالأفضل أن يكون قبل الأذان بوقت ينتفع به الناس، يغتسلون، ويتقدمون للصلاة قبل الأذان الأخير، وحتى تحصل الفائدة المطلوبة.
المقدم: جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم، إذا كان قبل دخول الخطيب بساعة مثلاً، هل تستحسنون هذا؟
الشيخ: لا حرج، ساعة أو أقل منها، أو نص ساعة؛ لا حرج، المقصود ما يفعل ببعض المساجد من كونه يؤذن هذا، ثم يؤذن الثاني، تركه أولى، لأن الفائدة ما تحصل بهذا، لو يكون بينهما وقت، يكون بين الأذانين وقتٌ يتسع للمسلمين، ينتفعون في الغسل، وفي التقدم للصلاة قبل دخول الخطيب بوقت؛ حتى يحضروا للمسجد، ويصلوا ما كتب الله لهم، ثم يستعدوا لسماع الخطيب. نعم، هذا هو الأولى والأفضل.
الجواب: السجود المعروف، ولهذا أرشد النبي إلى هذا عليه الصلاة والسلام، وبين هذا: (ما من عبدٍ يسجد لله سجدة، إلا رفعه بها درجة، وحط عنه بها خطيئة) فالمراد السجود المعروف، وهو وضع الجبهة والأنف في الأرض، في الصلاة، ويطلق السجود على الصلوات، كما في حديث ربيعة بن كعب الأسلمي، حين قال: (يا رسول الله! أسألك مرافقتك في الجنة؟ قال: أو غير ذلك؟ قال: لا أسألك إلا ذلك، قال: أعني على نفسك بكثرة السجود), يعني: بكثرة الصلاة.
الجواب: المعروف عند العلماء أن (لا) نافية لما يقوله المشركون، ليس الأمر كما قال المشركون من كذا وكذا بخلاف الحق، ثم قال: (أقسم) فهي نافية لشيءٍ محذوف، وأقسم مثبتة، وقال بعضهم: إنها صلة -يعني: زائدة- يستعملها العرب من غير قصد لمعناها، والمعنى: أقسم بيوم القيامة، أقسم بهذا البلد، أن الله يقسم بها سبحانه وتعالى، والمشهور هو الأول؛ أنها نفي لأشياء لا كما يقول المشركون من تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو إنكار القرآن، أو ما أشبه ذلك، مما يقوله أهل الشرك، بل ما قالوه باطل، وأقسم بيوم القيامة، أقسم بها ..إلخ.
الجواب: نعم؛ إذا كانت في الحالة التي لا يجد شيئا، وأحسن إليه إنسان، فهو قد أحسن إلى أخيه، وفرج كربته، ولكن هذا الذي ذكر؛ لا يكون إلا من إنسانٍ ناقص العقل، ليس بعاقل، بل سفيه، لا يعمل، ومع هذا ينفق ما في يده، ويتعطل؛ هذا لا يكون من العقلاء، لكن متى وجد منه حاجة؛ فإنه يسد حاجته، لأن المال الذي بيده ضاع، وذهب، فصار فقيراً محتاجاً إلى الدعم والمساعدة، فمن استطاع أن يساعده وأن يزيل كربته، ويسد حاجته، فهو مأجور إن شاء الله، كسائر السفهاء المفرطين.
الجواب: نعم، الصواب أنهم يسقطون، لاستغراق الفروض في المسألة؛ سقطوا على الصحيح من أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض؛ فلأولى رجل ذكر) رواه الشيخان: البخاري و مسلم في الصحيحين، فقوله: (فما أبقت) يدل على أنه إذا لم يبق شيء؛ يسقط.
وقال قوم من أهل العلم: أنهم يشتركون مع الإخوة لأم، ويكون أبوهم كالعدم، كما وقع ذلك في عهد عمر رضي الله عنه، فقالوا لإخوتهم: شركونا، وقدروا أن أبانا عدم، كأنه حجرٌ في اليم، كأنه حجر في البحر، ولكن هذا القول ضعيف، كما ينفعهم أبوهم، يضرهم أبوهم، ينفعهم إذا انفردوا، ويأخذون المال، ويأخذون ما بقي، فهكذا يضرهم إذا استغرقت الفروض، يضرهم، والحمد لله، هذا شرع الله الذي فيه الخير العظيم، وفيه العاقبة الحميدة، فإذا هلك هالك عن زوجٍ، وأمٍ، وأخوين لأم، وإخوة أشقاء ، فإن المسألة تكون من ستة، للزوج النصف، ثلاثة، وللأم السدس، اثنان، وللأخوين من الأم الثلث، اثنان، تمت الست، ما بقي شيء، فيسقط الأشقاء، لأنها استغرقت الفروض المسألة, فهم داخلون في قوله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجلٍ ذكر) هكذا إذا كانوا إخوةً لأب سقطوا.
المقصود؛ أن هذا هو الصحيح، وهذا يقال لها: المشركة، ويقال لها أيضاً: اليمية، والحجرية، ونحو ذلك، لكنها في الصحيح الأشقاء يسقطون، لاستغراق الفروض المسألة.
الجواب: الواجب طاعة الزوج، الواجب طاعة الزوج إذا منعها من الخروج إلى العمة، أو الخالة، لكن لا ينبغي له أن يمنع؛ إذا كانت الخالة والعمة ليس بهما محذور، ولا يخشى من زيارتهما مضرة، فلا يمنع من صلة الرحم، ولكن قد يكون له مقاصد، وقد يكون له أسباب، وقد تكون الزيارة فيها مضار.
فالحاصل؛ أنه إذا كان المنع لا وجه له؛ فلا ينبغي له ذلك، لا يعينها على قطيعة الرحم، أما إذا كان هناك أسباب تمنع الزيارة، لأن الزيارة تضر هذه الزوجة، تضر زوجها؛ لأنهم يخببونها عليه، أو لأن عندهم منكراتٍ لا يحب أن تذهب إليهم، فتشاهدها، أو ما أشبه ذلك، فله حق في هذا المنع.
المقدم: جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء، أتوجه لكم بالشكر الجزيل، بعد شكر الله سبحانه وتعالى، على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم يا مستمعي الكرام؛ شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر