مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ: عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع: محمود أحمد دوسة من الزعفرانية، يسأل ويقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الإنسية)، فما هي الحمر الإنسية؟
الجواب: الحمر الإنسية هي الحمر الموجودة بين الناس، ويقال لها: الأهلية، التي يركبونها ويستعملونها في بيوتهم وفي نخيلهم ومزارعهم، وكانت فيما مضى يسنى عليها، يعني: يجذب بها الماء من الآبار لسقي النخيل وسقي الزروع قبل مجيء المكاين في الجزيرة العربية وفي البلدان الإسلامية، هذه الحمر الأهلية المعروفة التي بين الناس.
أما الحمر الوحشية فهي صيد، لها لون آخر غير هذه الحمر، يقال لها: الحمر الوحشية، لها صفة خاصة ونقش خاص في جلودها، فهي صيد يؤكل.
امرأة تسكن مع زوجها في الطابق الأعلى من المسجد، وهي تقوم بالصلاة وراء الإمام وهي في غرفتها فوق المسجد، فهل صلاتها جائزة أم لا؟ مع العلم أنها تقوم بمتابعة الإمام في الصلاة منذ سنتين تقريباً، فهل الصلاة جائزة وصحيحة أم لا؟ وإذا كانت غير جائزة هل تقوم بقضائها؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: إذا كانت لا ترى الإمام ولا المأمومين فلا ينبغي لها أن تقتدي بالإمام بل تصلي وحدها، وما مضى لا إعادة عليها فيه؛ لأن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، منهم من رأى جواز ذلك، فنرجو أن لا يكون عليها إعادة، ولكن في المستقبل ننصحها أن تصلي وحدها ولا تتابع الإمام إلا إذا كانت ترى الإمام أو ترى بعض من خلفه، وإلا فإنها تصلي وحدها؛ لأن محلها ليس تابعاً للمسجد، المسجد مستقل، سطح المسجد على ما ذكره السائل مستقل كأن الذي بنى المسجد إنما أراد الطابق الأسفل، أما الطابق الأعلى فجعله مسكناً ليس من المسجد، ولهذا سكنه هو وأهله.
فالحاصل إذا كان سطح المسجد ليس تابعاً للمسجد فإن أهله ينامون فيه ويجامع زوجته ويقضي حاجته؛ لأنه ليس تابعاً للمسجد، إنما بنى المسجد الذي تحت السقف.
أما إذا كان المسجد بني للعبادة وسقفه ناويه تبعاً للمسجد فهذا لا يسكن فيه، ولا تكون المرأة فيه بحيث يجامعها فيه، وبحيث تحيض فيه، وبحيث تقضي حاجتها، ويقضي حاجته لأنه من المسجد، بل يصلى فيه ويحفظ ويصان؛ لأنه تابع للمسجد، أما إذا كان المسجد إنما هو الأسفل وأما السطح فالذي عمر المسجد ما نوى السطح تبع المسجد، بل نواه سكناً له أو للتأجير، فهذا مستقل ولا يكون له حكم المسجد، والساكن فيه لا يصلي مع الإمام في المسجد، إلا إذا كان يرى الإمام أو يرى من خلفه أو بعضهم من المأمومين، وإلا فإن المرأة فيه تصلي وحدها أو المريض الذي فيه يصلي وحده لا يصلي مع الناس، ما دام لا يرى الإمام ولا يرى بعض من خلفه، لكن إذا كان السطح تابعاً للمسجد فإنه لا يتخذ سكناً بحيث يجامع فيه الرجل امرأته، وبحيث يقضي حاجته من بول أو غيره، أو تجلس فيه الحائض لأنه تابع للمسجد.
أما إذا كان ليس تابعاً للمسجد، بل المسجد إنما هو ما تحته فهو مملوك لأهله.
الجواب: هذا الظاهر أنه لا يشترط، لأنه تابع المسجد، مثل الخلوة في المسجد، تابع للمسجد إذا سمع الصوت.
المقدم: إذا سمع الصوت فهو كافي.
الشيخ: كفى إن شاء الله.
المقدم: وإن لم ير الإمام أو بعض المأمومين.
الشيخ: إذا كان تابعاً للمسجد كصرح أو خلوة.
الجواب: صلاة الضحى سرية، وهكذا الظهر والعصر كلها سرية، ولو جهرت المرأة أو الرجل في صلاة الضحى لم يضر ذلك؛ لأن الجهر والإخفات سنة ليس بمحرم ولا واجب، فالجهر سنة والإخفات سنة، فلو جهر في النهار أو أسر في الليل فصلاته صحيحة، لكنه خلاف السنة، فالسنة أن يسر بالنهار في صلاة الضحى وفي الظهر والعصر، ويجهر بالليل في صلاة المغرب والعشاء، في الركعتين الأوليين إلا الفجر فإنها جهرية، والجمعة جهرية وإن كانت نهارية، والعيد جهرية وصلاة الفجر جهرية، وصلاة الاستسقاء جهرية ولو كانت في النهار، أما النوافل فهي سرية في النهار، وهكذا صلاة الظهر معلوم أنها سرية، وهكذا العصر سرية، والمغرب والعشاء جهرية في الأولى والثانية، والفجر جهرية كما تقدم، وصلاة الكسوف جهرية؛ لأن الرسول جهر عليه الصلاة والسلام.
لكن لو أسر الإنسان في الجهرية فصلاته صحيحة سواء كان عامداً أو ناسياً، لكنه خلاف السنة فليس له أن يتعمد السر في الجهرية، وليس له أن يتعمد الجهر في السرية لأنه خلاف السنة، لكن لو جهر متعمداً لم تبطل صلاته، أو أسر في الجهرية لم تبطل صلاته لكنه خالف السنة.
الجواب: كل هذا غير صحيح، بل منكر، والتمائم نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وحذر منها، فلا تعلق على المرأة ولا الرجل ولا على الطفل لا هذا الحصن الحصين ولا غيره، ولا آية ولا حديث ولا دعاء، الصواب: أنه ينهى عن التعليق، ولكن يفعل المسلم ما شرع الله من التعوذات الشرعية كأن يقول: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) صباحاً ومساء يكررها ثلاثاً، فإذا دخل المنزل قال: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك)، وقال له بعض الصحابة في بعض الليالي ما رأيت الليلة من مرض أو أذى من عقرب لدغتني، قال: (أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك)، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحاً، لم يضره شيء حتى يمسي، وإن قالها مساءً لم يضره شيء حتى يصبح)، فهذه هي الأذكار الشرعية والتعوذات الشرعية ومستحبة وفيها خير عظيم.
وهكذا آية الكرسي إذا قرأها عند النوم: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ .. إلى آخرها .. وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255]، إذا قرأها عند النوم (لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح)، هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية العظيمة، وهي أعظم آية في القرآن آية الكرسي، من قرأها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، فنوصي بقراءتها عند النوم، وبعد كل صلاة كما جاء في الحديث أيضاً.
كذلك قراءة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين بعد كل صلاة مستحبة، ويستحب تكرارها ثلاثاً بعد المغرب والفجر هذه السور الثلاث، وعند النوم كذلك، هذه نوصي بهذه الأشياء.
أما تعليق آيات أو أحاديث أو دعوات أو حرز الحصن الحصين هذا كله لا أصل له، بل هو من البدع ومن التمائم المنكرة.
وهكذا قول من قال أن من قرأه ما يضره شيء، كل هذا لا دليل عليه، بل هو من خرافات بعض من ينتسب إلى العلم.
الجواب: الواجب عليك ارتداء النقاب، والتحجب عن الرجال الأجانب، ولو أبى أهلك ذلك فليس لهم طاعة في هذا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف)، والمعروف هو ما شرعه الله جل وعلا وأباحه، ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
فالواجب عليك التستر والحجاب عن الأجنبي كأخي الزوج، أو عمه، وكالجيران الذين ليسوا بمحارم وغيرهم، كل رجل ليس محرماً لك عليك التحجب عنه، ولو أبى أهلك ذلك فليس لك أن تطيعيهم في ذلك، والواجب عليهم أن يساعدوك على الخير والحجاب، هذا هو الواجب عليهم؛ لأن الله يقول سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، ويقول سبحانه: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3]، فالواجب التواصي بالحق، والتواصي بالحجاب من التواصي بالحق، ويقول سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [التوبة:71]، والأمر بالحجاب أمر بالمعروف، والنهي عن الحجاب أمر بالمنكر.
فنوصيك بالتستر والحجاب ومخالفة أهلك في ذلك حتى ولو كنت أقل من ست عشرة، إذا حاضت المرأة ولو بنت عشر أو تسع صارت امرأة تحتجب، ولو أنها بنت تسع أو عشر أو إحدى عشرة أو ما أشبه ذلك، أما بنت ست عشرة فهي امرأة كبيرة قد بلغت بالسن، وقد يكون جاءها الحيض قبل ذلك.
فالحاصل: أن بنت ست عشرة سنة امرأة كبيرة عليها أن تحتجب، وعليها أن تغض بصرها، وعليها أن تبتعد عن أسباب الفتنة، نسأل الله لنا ولك ولأهلك التوفيق والهداية.
الشيخ: نعم.
المقدم: بعض الأسر عندما ينشأ بينها شاب ملتزم داعية إلى الله ويلتزم بالسنة النبوية تجد كثيراً من الأسر تتذمر من هذا وتحاول أن تعيده على سيرتهم التي لم تكن مرضية، لعل لسماحتكم توجيه في هذا الباب؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: هذا لا يجوز، الواجب على الأسرة أن تشجع على الخير، فإذا نشأ فيها شاب والتزم بالحق، وحافظ على الصلوات وترك الإسبال، وترك حلق لحيته، الواجب مساعدته في هذا، وأن يشكر على هذا الخير العظيم ويعان، ويرغب في الاستمرار والثبات.
وهكذا الجارية إذا نشأت ملتزمة محافظة على الصلاة وعلى الحجاب تشكر على هذا وتشجع من أبيها وأمها وأخواتها، هذا هو الواجب على الجميع؛ لأن الله سبحانه يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]، أما أنه يثبط ويستهزأ به هذا منكر لا يجوز، وهكذا مع المرأة لا يجوز تثبيطها ولا الاستهزاء بها إذا تحفظت واحتجبت، وابتعدت عن أسباب الشر، وحافظت على الصلاة واطمأنت فيها وأدتها في أوقاتها، كل هذا يجب التشجيع عليه، والثناء على من فعله، وعدم تثبيطه نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: نعم نوصيهم بتقوى الله، وأن يشكروا الله على ما من به عليهم من الالتزام بطاعة الله ورسوله، ونوصيهم بعدم العجلة في الأمور وعدم التشديد الذي لا يوافق الشرع، بل نوصيهم بالتثبت والتوسط في الأمور وعدم الغلو، وعدم الجفاء لا هذا ولا هذا، الواجب التوسط في الأمور فلا غلو ولا جفاء، لا إفراط ولا تفريط، بل إذا التزم بالحق بإعفاء لحيته، والصلاة في الجماعة بالطمأنينة، بعدم الإسبال، بعدم حلق اللحية يستقيم على ذلك، ويسأل ربه العون والتوفيق، ولا يعنف على الآخرين بشدة بل يدعوهم إلى الله بالحكمة والكلام الطيب، يقول: يا أخي! الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإعفاء اللحى، يا أخي! نوصيك بإعفائها، يا أخي! لا تسبل ثيابك الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الإسبال نهى عن الخيلاء، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن الذي يرجى من ورائه قبول الحق والتأثر، فإن الشدة قد يحصل بها التنفير والمخاصمة والنزاع، ولكن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن يحصل الخير الكثير، يقول الله عز وجل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]، هكذا أرشدنا مولانا سبحانه وتعالى، ويقول جل وعلا في كتابه العظيم في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]، ويقول الله لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون، قال سبحانه: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه:44]، ويقول سبحانه في جدال أهل الكتاب اليهود والنصارى : وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت:46]، فإذا كان اليهود والنصارى يجادلون بالتي هي أحسن فكيف بالمسلم؟! من باب أولى.
فوصيتي للشباب وغير الشباب لجميع من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لجميع الدعاة إلى الله، وصيتي للجميع الرفق في الأمور كلها، والجدال بالتي هي أحسن، وتحري الأسلوب الجيد اللين لعل الله ينفع بذلك، كما نوصي بالحذر من العنف والشدة والكلام البذي فإن هذا ينفر من الحق، وربما سبب خصومة ونزاعاً ومقاتلة ومضاربة، والمؤمن قصده الخير، والداعي إلى الله قصده الخير، فينبغي سلوك أسباب الخير، الواجب على الداعي إلى الله والآمر والناهي أن يسلك المسالك التي تعينه على حصول الخير، وتعين إخوانه على قبول الحق، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: هذه وصية للجميع، للشباب وغير الشباب، الوصية لجميع الدعاة إلى الله من الرجال والنساء، الوصية لجميع الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من الرجال والنساء في كل مكان من أرض الله، الواجب على الجميع تحري الحق وتحري الأسلوب الحسن والصبر في ذلك والرفق، وأن يقول عن علم وعن بصيرة، يجب الحذر من القول على الله بغير علم، لا من الرجال ولا من النساء، ويجب أن يسلك المسلك الذي يرجى من ورائه حصول المنفعة حصول الخير، قبول الحق، وذلك بسلوك الطريق الذي رسمه النبي صلى الله عليه وسلم ودل عليه كتاب الله عز وجل في الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
هذا هو الذي يرجى من ورائه الخير العظيم للمجتمع كله، رجاله ونسائه، كما قال مولانا سبحانه في كتابه العظيم يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم والمراد الأمة كلها: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ [النحل:125]، يعني: إلى دين ربك، بِالْحِكْمَةِ [النحل:125]، وهي: العلم قال الله قال رسوله وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل:125]، الترغيب والترهيب بالكلام الطيب، قال الله كذا، قال الرسول صلى الله عليه وسلم كذا، وعد الله من فعل كذا الجنة، وعده كذا، توعد الله من فعل كذا النار، يعني يذكر الآيات والنصوص. وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125] يعني: بالأسلوب الحسن بالرفق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من يحرم الرفق يحرم الخير كله)، ويقول جل وعلا: وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ [العنكبوت:46] يعني: اليهود والنصارى، إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت:46]، والظالم يعامل بما يستحق إذا ظلم وتعدى وضرب أو سب يعامل بما يستحق، ومن عفا فأجره على الله، لكن ما دام لم يتعد ولم يظلم تدعوه بالتي هي أحسن بالكلام الطيب، قال الله كذا، قال الرسول صلى الله عليه وسلم كذا، يا أخي! افعل كذا، أوصيك بكذا .. قال الله كذا، قال الرسول صلى الله عليه وسلم كذا، حتى يلين قلبه ويرغبه في الخير، ولا يخاطبه بالعنف والشدة، أو يقول: يا جاهل! أو يا حمار! أو يا مغرور! أو يا متكبر! أو يا كافر! لا، يأتي بالعبارات الطيبة، يا أخي! إن كان مسلماً، أو يا فلان! إن كان كافراً، يا عبد الله! أو يا أبا فلان، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـعبد الله بن أبي يا أبا الحباب وهو منافق يرغبه في الخير، يخاطبه بالاسم المناسب، باسمه أو بكنيته، يدعوه إلى الله، ولا يخاطبه أبداً بالألفاظ المنكرة؛ لأنها تنفر عن الحق، وربما قال له مثلما قال، إذا قال له: يا مغرور! قال: أنت المغرور، وإذا قال له: يا جاهل! قال: أنت الجاهل، وإذا قال: يا فاجر! قال: أنت الفاجر، وإذا قال: يا كافر! قال: أنت الكافر، هذا يسبب المشاكل، ولكن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن تقبل الدعوة ويقبل الحق وتؤدى الفريضة ويؤدى الواجب.
الجواب: نعم، نعم لا شك أن الأمة تفرح بالنابغين في العلم والفضل والتقوى، حتى في أمور الدنيا، النابغ في هندسة أو في أي صنعة يفرح به أهله ومجتمعه، فكيف إذا كان في الدين والدعوة إلى الله والإرشاد إلى الخير، والتفوق في العلم النافع، هذا أعظم وأعظم، فينبغي الفرح بهؤلاء والدعاء لهم بالتوفيق والثبات على الحق، وتشجيعهم على الاستمرار في الخير، والمزيد من العلم النافع، وتشجيعهم على الرفق في الأمور وعدم الغلو في الأمور؛ لأن الإنسان قد يصيبه شدة بسبب غيرته على الإسلام، قد يحصل له شيء من الغلو، ولا يشعر بنفسه بسبب ما عنده من الخير، ومحبة الخير للأمة، قد يتجاوز الحدود، ولكن ينصح ويوجه إلى الخير بالكلام الطيب والأسلوب الحسن حتى يعتدل، وينبغي الفرح به، والسرور بوجود النابغين في العلم والدعوة والغيرة لله، لكن يسعى معهم في توجيههم إلى الخير، وتثبيتهم على الحق، وحثهم على التوسط في الأمور وعدم العجلة وعدم الغلو وعدم استعمال الألفاظ المنفرة عن الحق، كل هذا مما يجب فيه التواصي والتعاون.
الجواب: إذا فرغ المؤذن من الأذان ينتهي، إذا قال: لا إله إلا الله، يقفل الميكرفون ولا يزيد شيئاً، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ عادي يسمعه من حوله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، فأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة) فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ما هي من ألفاظ الأذان، الأذان ينتهي عند: لا إله إلا الله، والمجيب يقول: لا إله إلا الله ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن من دون رفع صوت زيادة على العادة صوته العادي، والمؤذن كذلك إذا فرغ يأتي بصوت عادي ليس بصوت الأذان، بل بعدما يسكت يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت عادي، وإن كان في غير الميكرفون لا يرفع صوته، مع لا إله إلا الله؛ لئلا يظن أن هذا من الأذان، الأذان انتهى عند قوله: لا إله إلا الله، فالمجيب يقول: لا إله إلا الله، والأفضل لا يتمها بقول: وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بل يقول: لا إله إلا الله مثلما قال المؤذن، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول)، فإذا قال: لا إله إلا الله يتبعها بقوله: اللهم صل وسلم على رسول الله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، هكذا رواه البخاري في الصحيح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة)، زاد البيهقي رحمه الله بإسناد جيد، (إنك لا تخلف الميعاد).
فالمقصود: أن هذا هو المشروع بعد الأذان، للمؤذن والناس جميعاً بعد الأذان إذا كملوا لا إله إلا الله يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقولون بصوت عادي: (اللهم رب هذه الدعوة التامة -الدعوة يعني: دعوة الأذان- والصلاة القائمة -يعني التي ستقوم قريباً- آت محمداً -يعني: نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم- الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد)، هذه الزيادة تثبت من رواية البيهقي رحمه الله، وبعضهم يزيد (الدرجة الرفيعة) وهذه ما لها أصل وما هي في الحديث، الدرجة الرفيعة هي الوسيلة هي نفس الوسيلة، (آت محمداً الوسيلة) هي الدرجة الرفيعة، لكن ما هي في الحديث الدرجة الرفيعة (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة).
الوسيلة والفضيلة هي الدرجة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله فأرجو أن أكون أنا هو)، فهي الدرجة الرفيعة، (اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد)، هذا يقال بعد الأذان وبعد الإقامة أيضاً.
المقدم: جزاكم الله خيرا، وبدون صوت مرتفع؟
الجواب: لا، صوت عادي.
المقدم: جزاكم الله خيرا.
سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: اللهم آمين.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر