المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ: عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: نعود مع بداية هذه الحلقة إلى رسالة وصلت إلينا من الأردن صاحبها نسي أن يذكر اسمه، عرضنا جزءاً من أسئلتها في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة يسأل عن قضية بين امرأة وأخيها، يقول: إن هناك امرأة تشكو من أخ لها قاسٍ، وتصفه بأوصاف سيئة وتقول: إنه يهددها بالتسبب في طلاقها من زوجها، وترجو التوجيه، جزاكم الله خيراً، وكيف تقابل مثل هذا الأخ؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالذي أنصح به هذه المرأة أن تستعمل الأسلوب الحسن مع أخيها والكلام الطيب وأن تدعو له بظهر الغيب، أن الله يوفقه، ويهديه ويعيذه من الشيطان، ومن ظلمها وظلم زوجها، وتسأل عن الأسباب التي تسبب المشاكل حتى تحل، وإذا تيسر أن يتوسط بينهما أعمام أو أخوال أو جيران طيبون يصلحون بينهما فهذا طيب؛ على كل حال أوصيها بالرفق والكلام الطيب والأسلوب الحسن والتحمل والصبر حتى يحل الله المشكلة بينهما.
إلا أن يكون الزوج غير طيب في دينه، وأن أخاها يريد منها مفارقته لفساد دينه كونه ما يصلي، أو لكونه يسب الدين، أو لكونه صاحب معاصٍ ظاهرة، فيكون أخوها في هذا مصيباً ناصحاً لها، فإذا طلبت من هذا الزوج أن يستقيم أو يطلقها إن كان مسلماً، أما إن كان لا يصلي أو كان عنده شيء من نواقض الإسلام من سب الدين أو التعلق بعبادة القبور فهذا لا يجوز بقاءها معه وهي مسلمة وأخوها ناصح لها، فيجب عليها أن تفارقه وأن تطلب من المحكمة التفريق بينهما، وأن لا يقربها إذا كان كافراً، لا يقربها أبداً لا بجماع ولا غيره حتى يتوب الله عليه.
فالحاصل: إنه إذا كان هناك أمور دينية ينقمها الأخ على الزوج فينبغي لها أن تتصل بولاة الأمور في المحكمة وتعرض مشكلتها مع الزوج على المحكمة والمحكمة تنظر في الأمر، إن كان مسلماً نصحته المحكمة بالتوبة إلى الله من معاصيه، وإن كان كافراً نصحته المحكمة بالتوبة والرجوع إلى الله، ومن تاب تاب الله عليه وبالرفق والحكمة، والرجوع إلى ما شرع الله تنتهي المشاكل وتحل المشاكل بإذن الله.
السؤال: يسأل في سؤال مطول عن أولئك الذين يجرون بعض العمليات للنساء من أجل تحديد النسل، ويسأل عن حكم تحديد النسل في الإسلام؟
الجواب: لا يجوز تحديد النسل، بل ينبغي للرجل والمرأة الحرص على المزيد من الذرية؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة)، وفي اللفظ الآخر: (فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)، فالرسول صلى الله عليه وسلم حث على تزوج الولود الودود، ثم المؤمن ينبغي له أن يحرص على أن يكون له ذرية صالحة تنفعه في الدنيا وتنفعه في الآخرة، تكثر جمع المسلمين ويحرص على الزوجة الصالحة، وعلى العناية بالذرية وأن يربيهم التربية الإسلامية الطيبة، فتحديد النسل لا وجه له، ومعنى تحديد النسل، يعني: أن يتفق مع المرأة على عدد معلوم لا، بل يجتهد مع المرأة جميعاً أن الله يعطيهما المزيد من الذرية على وجه لا يضرها، فإذا كان هناك ضرر كونها تحمل هذا على هذا وعليها ضرر لا بأس أن تتعاطى أشياء تمنع الحمل وقتاً معيناً مثل وقت الرضاعة، أو بعض وقت الرضاع حتى تقوى على التربية لا بأس بهذا من غير أن يحدد النسل بعدد معلوم، لكن لا بأس أن تتعاطى أشياء تمنع الحمل وقتاً معيناً دفعاً للضرر الذي عليها، وحرصاً على تربية الأولاد التربية الإسلامية.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً يدعو سماحتكم إلى التنظيم لا التحديد؟
الشيخ: نعم، التنظيم الذي تدعو له الحاجة والضرورة والمصلحة الشرعية، أما التحديد لا.
السؤال: يسأل عن سجود السهو، يقول: هل يشرع لمن زاد في الصلاة فقرأ سورة قصيرة أو آيات بعد الفاتحة في الركعة الثالثة أو الرابعة مثلاً؟
الجواب: ليس عليه سجود سهو، لأن هذه الزيادة إما أن تكون مشروعة أو غير مشروعة، فإن كانت مشروعة كما في الركعة الأولى والثانية هذا أمر معلوم لو نسيها ما عليه شيء، وإن كانت غير مشروعة في الثالثة والرابعة في العصر وفي المغرب والعشاء فالإتيان بها لا يضر ولا يبطل الصلاة ولا يؤثر فيها، الأمر فيها واسع، ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى شرعية الزيادة في الثالثة والرابعة في الظهر في بعض الأحيان، لحديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه أنه قال: (حزرنا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الظهر قدر الم تنزيل السجدة، وفي الأخريين على النصف من ذلك)، فقوله: (على النصف من ذلك) يدل على أنه يقرأ مع الفاتحة زيادة، فإذا فعلها بعض الأحيان فلا حرج.
وجاء عن الصديق رضي الله عنه في الموطأ بسند جيد أنه قرأ في الثالثة في المغرب:
رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ
[آل عمران:8]، وجاء في بعض الأحاديث أن بعض أئمة الأنصار كان يقرأ في كل ركعة زيادة
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
[الإخلاص:1] مع الفاتحة وأقره النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأها، كان يقرؤها في كل ركعة، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم.
فالأمر في هذا واسع، فلو زاد الإنسان سواء كان في الثالثة أو الرابعة في العصر، والعشاء، أو في الثالثة في المغرب فلا حرج في ذلك وليس عليه سجود سهو، لكن ترك ذلك أفضل، أما في الظهر فالأمر فيها واسع، في الظهر في الثالثة والرابعة إن زادها بعض الأحيان عملاً بحديث أبي سعيد فذلك حسن، ويكون في الأغلب لا يزيد، عملاً بحديث أبي قتادة رضي الله عنه في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأخريين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب.
السؤال: أيضاً من زاد على التشهد الأول في الركعتين الأوليين هل عليه سجود سهو؟
الجواب: لا، إذا زاد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مستحب، ومن زاد الدعاء بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فالأمر في هذا واسع لا يلزمه السجود؛ لأن هذه الزيادة لا تبطل الصلاة، إنما قصاراها أنها غير مشروعة، ولو سجد للسهو لا يضر، لو أتى بشيء ما هو بمشروع في الصلاة وسجد للسهو لا يضره، لأن القاعدة: أن سجود السهو إنما يجب إذا أتى بشيء في الصلاة يبطل عمده الصلاة سهواً وجب عليه سجود السهو، أما إذا كان الشيء لا يبطل عمده الصلاة؛ بأن أتى بشيء مخصوص لا يبطلها، أو جاء بشيء غير مشروع لا يبطلها، هذا لا يلزمه سجود السهو.
السؤال: يسأل في سؤال طويل ويذكر جدلاً دار بين جماعة حول السنة القبلية ليوم الجمعة، وملخص هذا السؤال: معرفة الحكم عن السنة القبلية ليوم الجمعة؟
الجواب: يوم الجمعة ليس لها سنة قبلية، بل يصلي الإنسان ما يسر الله له، إذا جاء المسجد صلى ما كتب الله له، ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم ركعات معدودة، بل قال: (يصلي ما قدر له)، ويكفي، هكذا قال صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: (من اغتسل يوم الجمعة ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام)، المقصود قوله: (فصلى ما قدر له)، ولم يحدد ركعات معلومة، فدل ذلك على أنه مستحب له أن يصلي ما يسر الله له، ركعتين على الأقل أو أربع ركعات أو أكثر من ذلك، ولو صلى حتى يخرج الإمام فلا شيء عليه، كله طيب كله طيب، يصلي ثمان أو عشر أو أكثر، فإذا خرج الإمام للخطبة جلس ينتظر الخطبة والاستماع لها.
السؤال: رسالة من ثلاث صفحات بعثها مستمع يقول:
محمد راضي محمد محمد ، ملخص ما في هذه الصفحات الثلاث يقول: إنني اتفقت مع زوجتي إذا عملت أن تدفع لي ثلث الراتب فلم تف بالاتفاق، فحلفت بالطلاق حتى تفي بالاتفاق فلم تفعل، ومرة حلفت بالطلاق أن لا تخرج إلا متحجبة فلم تفعل، وتكرر هذا اليمين بالطلاق في مناسبات أخرى، ويسأل عن الحكم ويعقب مرة أخرى فيقول: علماً بأنها في اليوم الثاني وقبل ذهابها للعمل أحضرت لي الفلوس لآخذ منها ما أريد فرفضت بحجة أنني قد حلفت بالطلاق وفي انتظار توجيهكم جزاكم الله خيراً؟
الجواب: عليك أن تراجع المحكمة الشرعية لديكم أنت والمرأة ووليها حتى تسألكم جميعاً المحكمة عن الواقع بالتفصيل ثم تفتيكم في ذلك، أو تحضر أنت والمرأة ووليها عند مدير مكتب الدعوة إذا كنت بالمملكة، مكتب الدعوة التابع لنا في بلدك في تبوك أو في الدمام، أو في الأحساء، أو في حائل، في أي بلد فيها مكتب للدعوة تحضر أنت والمرأة ووليها، حتى يسألكم مدير المكتب عن صفة الواقع بالتفصيل، ثم يبعثنا بذلك وننظر في الأمر إن شاء الله.
السؤال: من عفيف الأخت: (ع. ص) بعثت برسالة تقول: حلفت يميناً على أحد أولادي باجتناب عمل ما، فقطع هذا الحلف مع العلم أنني كررت اليمين أكثر من مرة، هل علي كفارة عن كل يمين أم تجزئ كفارة واحدة؟
الجواب: عليك كفارة واحدة إذا كان العمل واحداً، إن كان قلت: والله ما تكلم فلاناً، والله ما تكلم فلاناً، والله ما تكلم فلاناً، مرات ليس فيها إلا كفارة واحدة، إذا لم ينفذ يمينك بل كلم وخالف، أو قلت مثلاً: والله ما تزور آل فلان، والله ما تزورهم، والله ما تزورهم ثم زارهم كفارة واحدة .. وهكذا ما أشبهه، أما إذا كانت اليمين على أفعال، كأن قلت: والله ما تزور فلاناً، والله ما تكلمه، ثم زاره وكلمه، عليك كفارتان، لأن الفعل مختلف، الزيارة غير الكلام، وهكذا ما أشبه ذلك.
السؤال: من إحدى الأخوات المستمعات بعثت برسالة تقول فيها: عندما كنت صغيرة وحضت لم أعرف أي شيء عن الحيض، وأنه يجب الإفطار في رمضان وقضاؤه بعد ذلك، وكنت أصلي في مدة الحيض كالأيام العادية، ولم يكن أحد يعلم عن ذلك حتى أمي، ومضت سنتان ثم درست ولكن أنساني الشيطان القضاء السابق في بداية الحيض، وعندما بلغت الرابعة والعشرين من العمر، تذكرت بقدرة الله فاجتهدت في عدد الأيام فكانت اثني عشر يوماً فقضيتها وأخرجت عن كل يوم إطعام مسكين وجمعتها ووزعتها من قوت البلد، هل ما فعلته صحيح، أم توصونني بشيء آخر؟
الجواب: قد أحسنت في ذلك، هذا الذي فعلت طيب، وقد أحسنت في ذلك مع التوبة والندم على ما حصل من التأخير، وفقك الله وتقبل منك.
السؤال: أيضاً تسأل في سؤال آخر تقول: إنني لا أتذكر هل كنت أغتسل أو لا؟
الجواب: هذا أيضاً ما عليه عمل، ما دام حصل النسيان فالأصل السلامة إن شاء الله، ليس عليك شيء، الأصل في المسلم أنه يغتسل ويقوم بالواجب هذا هو الأصل.
السؤال: تقول: كنت أجهل أن المرأة تصلي صلاة الجمعة ظهراً أربع ركعات، بل كنت أصليها كما يصليها الرجال في البيت، فما الحكم جزاكم الله خيراً؟
الجواب: عليك أن تقضي تلك الأيام ظهراً، حسب ظنك واجتهادك.