مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج (نور على الدرب)، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول في أولها: أنا الشاب المسلم صلاح الدين الشبيب من الجمهورية العربية السورية، أخونا له جمع من الأسئلة من بينها سؤال يقول: هل يستطيع الساحر الاتصال بالشياطين كما يزعم فعلاً، وبالتالي يستطيع أن يغير ما يريده الشخص المسلم الواعي والذي يحفظ قدراً كبيراً من القرآن، وذلك بواسطة هؤلاء الشياطين، وإن كان ذلك ممكن، فماذا يترتب على الشخص أن يفعل إذا ابتلي بالسحر أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالسحر بين الله جل وعلا في كتابه العظيم، وهكذا الرسول صلى الله عليه وسلم أنه موجود، وأن السحرة موجودون، وأن الشياطين هم الأساتذة، هم الذين يعلمونهم السحر، الشياطين، شياطين الجن هم الذين يعلمون شياطين الإنس السحر، والسحر يكون بالرقى الشيطانية، والتعوذات الشيطانية، والعقد والنفث، كما قال تعالى: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ [الفلق:4]، يعني: السواحر اللاتي ينفثن في العقد، بكلمات ضالة خاطئة، يردن بها إيذاء المسحور، ويقع بالتخييل، كما قال تعالى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [طه:66]، فيخيلون للإنسان أن الحبل حية، والعصا حية، والكلب نوع آخر، والقط نوع آخر إلى غير ذلك، يسميه العامة التذمير، يعني يذمر على العيون، كما قال جل وعلا: فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف:116]، وسحروا أعين الناس، أي: لبسوا عليهم حتى صار الإنسان ينظر الشيء على غير وجهه، ويظنه غير المعروف؛ بسبب ما وقع من التلبيس الذي شوش على العين، حتى ظن الناس أن الحبال والعصي بسبب سحرة فرعون ظنوا أنها حيات، واعتقدوا أنها حيات.
والساحر يتلقى من الشياطين، قال تعالى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ [البقرة:102].
هكذا بين سبحانه وتعالى ثم قال: وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ [البقرة:102]، يعني: ويعلمونهم ما أنزل على الملكين، بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ [البقرة:102]، يعني: الملكين هاروت وماروت حَتَّى يَقُولا [البقرة:102]، للمتعلم، يقولا للمتعلم، إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102]، يعني: أن الملكين مبتلى بهما الناس، فلا تكفر بتعاطي السحر، فدل ذلك على أن تعاطي السحر كفر بعد الإيمان، وردة بعد الإسلام إذا كان مسلماً؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الشياطين، التقرب إليهم بالذبح، والنذر، والاستغاثة، والسجود لهم، ونحو ذلك.
فيكون الساحر بهذا كافراً مرتداً؛ لكونه يتعاطى مع الشياطين ما هو من حق الله من العبادة، ولهذا قال جل وعلا: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا [البقرة:102] أي: ينصحاه حتى يقولا له: إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا [البقرة:102] أي: من هاروت وماروت، مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة:102]، يعني: يتعلموا من الملكين أشياء من السحر، تلبس على الزوج والزوجة، حتى يعتقد الزوج أن المرأة غير امرأته، شانت حالها وتغيرت حالها حتى يبغضها ويطلقها، وهكذا المرأة يلبس عليها ويسحر عينها بالنسبة إلى زوجها، حتى تتخيل أنه غير زوجها، وأن صورته تغيرت وأن حاله تغيرت؛ فتنكره وتطلب الفراق، قال تعالى: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [البقرة:102] أي: لا يقع السحر إلا بإذن الله، يعني: بإذن الله الكوني القدري، لا الشرعي؛ لأن الله سبحانه ما أذن فيه شرعاً، بل حرمه وحذر منه، ولكنه يقع بإذنه الكوني القدري، كل شيء بقدره، الكفر والإيمان، والسحر، والقتل، والأكل والشرب، والموت والحياة كلها بقدر، كلها بإذن الله القدري، ولهذا قال سبحانه: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ثم قال سبحانه وتعالى: وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ [البقرة:102]، دل على أن السحر يضر ولا ينفع، والمضرة على الساحر وعلى المسحور جميعاً، وأن شره عظيم، وقدره الله لحكمة بالغة، وابتلاء وامتحان، ثم قال سبحانه: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ [البقرة:102]، يعني: اعتاظه، مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ يعني: من حظ ولا نصيب، وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ يعني: باعوا، شرى بمعنى باع، وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ يعني: باعوا أنفسهم على الشيطان، لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:102]، ثم قال سبحانه: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:103].
فدل على أن السحر ضد الإيمان والتقوى، وضد الآخرة، فوجب على كل إنسان أن يحذره، على كل مسلم أن يحذر السحر وأن يتباعد عنه وعن أسبابه وعن أهله، وفي إمكان المؤمن أن يتعوذ بالله من شر السحرة، ويبتعد عنهم بالاعتصام بحبل الله، والاستقامة على دين الله، وعدم الركون لهم، وعدم التعلم منهم، ويتحرز من ذلك بالأشياء المشروعة: مثل آية الكرسي عند النوم وبعد كل صلاة، ومثل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]، بعد كل صلاة، وبعد المغرب والفجر ثلاث مرات، وعند النوم ثلاث مرات، كل هذا من أسباب السلامة من السحر.
وهكذا كونه يقول: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، هذا أيضاً من الأسباب من أسباب العافية، فالمؤمن يتحرز من كل شر بما شرعه الله، ومن ذلك السحر؛ فإنه شر عظيم وخطره كبير، فالواجب على المؤمن أن يحذر كل شر، وأن يتعاطى الأسباب التي جعلها الله أسباباً للسلامة، ويعلم أن الأمر بيد الله سبحانه وتعالى، فلا يضرك ساحر ولا غيره إلا بإذن الله، فالجأ إلى الله، واستقم على دينه، والتزم التعوذات الشرعية، والأسباب الشرعية، وبه تسلم بإذن الله، ولا يضرك السحرة ولا الشياطين.
ومن أسباب السلامة: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات، صباحاً ومساءً، (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحاً ومساءً، هذه من أسباب السلامة من كل شر، أعيدها: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، ثلاث مرات، صباح ومساء، من أسباب العافية من كل سوء، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لدغتني عقرب البارحة، فقال: أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات صباحاً لا يضره شيء حتى يمسي، وإن قالها مساءً لم يضره شيء حتى يصبح).
هذه نعمة من الله عز وجل، فعليك يا عبد الله! أن تجتهد في التعوذات الشرعية والأسباب المرعية، وبذلك تسلم من شر أعدائك ومكائد أعدائك من الشياطين، ومن السحرة ومن غيرهم، والله يقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ [النساء:71]، فأنت مأمور بأخذ الحذر من كل سوء، مما يضرك في الدنيا، ومما يضرك في الآخرة، بالتحرزات الشرعية والأسباب المرعية في جميع الأحوال.
الجواب: ليس لأحد أن يصلي الصلوات الخمس قبل الوقت، بل عليه أن يتقيد بالتقويم الموضوع؛ حتى لا يوقع الصلاة في غير وقتها، إلا إذا علم أن التوقيت مخالف للوقت الشرعي، كالذي في الصحراء مثلاً ورأى الصبح الصادق قد طلع قبل التقويم يصلي، أو رأى الشمس غربت قبل التقويم وهو في الصحراء يصلي إذا غربت الشمس ولا عليه من التقويم، أما إذا كان ما عنده علم يتقيد بالتقويم؛ لأن التقويم قد اجتهدت به لجنة واعتنت به لمصلحة المسلمين، ولراحتهم، فالواجب التقيد به في جميع الأوقات، إلا في حق من علم أن الوقت قد دخل قبل التقويم، كما مثلنا كالذي مثلاً في الصحراء في السفر ومعه التقويم؛ لكن رأى الصبح قد بان واتضح قبل التقويم، أو رأى التقويم مبكر والصبح ما بعد خرج، فلا يعتمد التقويم، بل يعتمد الصبح، فإذا كان التقويم قد بكر وهو في الصحراء يشوف الصبح؛ لا يصلي حتى يتضح الصبح، وإذا كان التقويم قد تأخر، ورأى الصبح خالف التقويم وطلع ضوء بين، الصبح الصادق يعتمد ما رآه، ولا يهمه التقويم، كذلك في الغروب والظهر والعصر إذا رأى أن الشمس قد زالت قبل التقويم؛ اعتمد ذلك، أو رآها قد غربت قبل التقويم، يراها بعينه اعتمد ذلك، لا بأس.
الجواب: هذا يعتبر لقطة، إذا وجد في الطريق أو في ملكه دراهم أو متاعاً آخر سقط من بعض الزوار أو من بعض الناس في الطريق هذا يعتبر لقطة، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: (عرفها سنة، فإن لم تعرف فهي لك)، فإذا كان الشيء الموجود له أهمية مثل مائة ريال، ألف ريال، ألفين ريال، شنطة تساوي مالاً كثير، سيف، خنجر، زولية، غير ذلك، شيء له أهمية، ينادي عليه في مجامع الناس: من له الزولية؟ من له الشنطة؟ من له السيف؟ من له الدراهم الواقعة في محل كذا وكذا؟ في الشهر مرتين.. ثلاث.. أربع، ينادي عليه أو يعين من ينادي عليه من الثقات في مجامع الناس، المحلات التي فيها اجتماع الناس في أسواق البيع والشراء، أو بعد صلاة الجمعة، من له هذا الشيء؟ ولا يبين الصفات، حتى يجي صاحبه ويبين، من له الشنطة؟ من له السيف؟ من له الدراهم؟ وإذا جاء من يقول: إنها لي يسأله عن الصفات، ويش صفات الشنطة؟ يضبط العلامات ضبطاً جيد، ويضبط الدراهم، هي أمهات خمس خمسة، أمهات عشرة، فئة خمسمائة، أرقامها، يضبط حتى يسأله عما يدل على صدقه، فإذا عرفها أعطاه إياه، فإن مضت سنة ولم تعرف فهي له يستنفقها ومتى جاء صاحبها وعرفها أعطاه إياه، كالدين تصير عنده كالدين، متى جاء صاحبها أعطاه إياه إذا عرفها، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، إلا إذا كانت اللقطة في مكة لا، أو في المدينة لا، لقطة مكة والمدينة لا تملك، لا بد من تعريفها دائماً، النبي عليه السلام قال: (ولا تحل ساقطتها إلا لمعرف)، يعني: مكة، وقال في المدينة صلى الله عليه وسلم: (إني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة).
فالواجب على من وجد لقطة في المدينة ومكة أن يعرفها أبداً أبداً، لا يملكها، فإن لم يعرفها؛ أعطاها للجهة المختصة في مكة والمدينة التي تسلم لها اللقطة، وإذا لم يعرف اللجنة؛ سلمها للمحكمة الشرعية وأخذ وصلاً بذلك، والمحكمة هي التي تسلمها للجنة، واللجنة يراجعها الناس، يراجعونها ويسألونها عن لقطاتهم.
فالمقصود أن مكة والمدينة لا تملك لقطتهما، بل لا بد من التعريف عليها دائماً دائماً حتى يوجد ربها.
الجواب: المشروع للمؤمن والمؤمنة بعد الصلوات الخمس اثنا عشر ركعة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام: أربع قبل الظهر.. تسليمتين قبل الظهر، ثنتين بعد الظهر، ثنتين بعد المغرب، ثنتين بعد العشاء، ثنتين قبل صلاة الصبح، هذه الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم، حال كونه مقيماً في المدينة، ويشرع لكل مؤمن ومؤمنة المحافظة عليها: أربع قبل الظهر، تسليمتين، تسليمة بعد الظهر، تسليمة بعد المغرب، تسليمة بعد العشاء، تسليمة قبل صلاة الصبح، والأفضل في البيت، وإن فعلها في المسجد فلا بأس، وإن صلى أربعاً بعد الظهر، كان أفضل، لكن ليست راتبة، قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار)، فإذا صلى أربعاً بعد الظهر كان أفضل، وقبل العصر أربع، تسليمتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رحم الله امرأً صلى أربعاً قبل العصر)، لكن ليست راتبة، ما كان النبي يحافظ عليها صلى الله عليه وسلم، لكنها مستحبة قبل العصر، تسليمتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله امرأً صلى أربعاً قبل العصر)، ويقرأ فيها الفاتحة وما تيسر، ليس فيها قراءة معينة، الفاتحة تكفي ويقرأ معها ما تيسر، آيات أو سور قصيرة، ما في بأس، ولا يتعين فيها سور معينة، ولا آيات معينة، يقرأ ما تيسر، الله يقول: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل:20].
والواجب الفاتحة -الحمد- والزائد سنة، إذا قرأ آيات أو بعض السور بعد الفاتحة كله سنة، لكن بعد العصر ما يصلى بعدها، بعد الفجر لا يصلى بعدها، فأنت أيها السائل لا تصل بعد العصر ولا بعد الفجر؛ لأنه وقت نهي، لأن العصر لا يصلى بعدها والفجر لا يصلى بعدها، وفي السفر تسقط هذه الرواتب، إذا كان الإنسان مسافر أو المرأة مسافرة، الأفضل عدم صلاة الرواتب هذه كلها، إلا سنة الفجر، المسافر حال سفره، الأفضل له ألا يصلي هذه الرواتب حال السفر، إلا سنة الفجر فإنه يصليها، كان النبي يصليها في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، سنة الفجر ركعتين قبلها.
وهكذا الوتر، السنة أن يصليه في السفر والحضر جميعاً، كان النبي يحافظ عليه صلى الله عليه وسلم، في الحضر والسفر وأقله ركعة واحدة، وإن صلى ثلاث أو خمس أو أكثر كله طيب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يصلي إحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، وربما صلى ثلاث عشرة في بعض الأحيان، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، ومن صلى أقل أو أكثر فلا بأس، ويسن أيضاً صلاة الضحى في السفر والحضر، صلاة الضحى سنة، ركعتين أو أكثر، كان النبي يصليها صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، وأوصى بها بعض أصحابه، فصلاة الضحى سنة دائماً، بعد ارتفاع الشمس إلى وقوفها، وقبل الزوال بقليل تترك، والأفضل عند شدة الضحى، الأفضل عند شدة الضحى، يعني: ارتفاع الضحى، وهي صلاة الأوابين، وفق الله الجميع.
الجواب: الأفضل أن تقرئي وتتدبري، لقول الله سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ [ص:29]، ويقول جل وعلا: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24]، فالأفضل لك أن تقرئي، وإذا استمعت بعض الأحيان وخشع قلبك كله طيب، فالاستماع طيب، والقراءة طيب، لكن القراءة أفضل، ولك بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا هذا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة)، وافعلي ما هو أصلح لقلبك، إذا كسلت استمعي وأنصتي واستفيدي من الشريط، وإذا نشطت على القراءة اقرئي وتدبري وكله طيب وكله خير.
الجواب: الله أعلم؛ لأن الله جل وعلا هو الحكيم العليم سبحانه وتعالى، فالعباد عليهم أن يخضعوا لحكم الله، وأن يمتثلوه، سواءً عرفوا الحكمة أم لم يعرفوها؛ لأن الله سبحانه حكيم عليم، يشرع لعباده ما هو أصلح لهم وأنفع لهم، فحرم على الرجال لبس الذهب، وأباحه للنساء، قال جماعة من أهل العلم: إن الحكمة في ذلك أن الذهب من الزينة، والمرأة في حاجة للزينة لزوجها؛ حتى يرغب فيها، وحتى يميل إليها، وهكذا الحرير، أبيح للنساء دون الرجال؛ لأنه زينة طيبة، فكان ذلك من شأن النساء بحكمة الله سبحانه وتعالى، حتى يتزين بالذهب والفضة والحرير للأزواج، والرجل ليس بحاجة إلى ذلك.
وأيضاً فيه علة أخرى وهي أنه من زي الكفرة، فأباحه الله للنساء لحاجتهن، ومنعه الرجال وجعله لهم في الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة؛ فإنها لهم في الدنيا -يعني: للكفرة- ولكم في الآخرة)، فجعلها للكفرة في الدنيا يتمتعون بها لا يبالون، وجعلها للمؤمنين في الجنة، الرجال والنساء جميعاً، وأباح للنساء التحلي بالذهب والفضة لحاجة النساء إلى الزينة، وحرم أواني الذهب والفضة على الجميع الرجال والنساء جميعاً، كالصحن وإناء الشرب، وأكواب الشاي، أكواب القهوة كلها حرام من الذهب والفضة لا تجوز، هذه من الحكم، التي ذكرها بعض أهل العلم والواجب علينا تلقي حكم الله بكل صدر منشرح، بالبساطة والمحبة والرضا، وإن لم نعرف الحكمة، لكن إذا عرفناها، فذلك نور على نور، وخير إلى خير.
الجواب: لا، ليس لهم ذلك؛ لأن هذا يشوش على الناس، يمنعهم من القراءة، دعوا الناس هذا يقرأ وهذا يقرأ وهذا يسبح، والشريط الذي تضعونه للناس يشوش عليهم في مساجدهم، ويمنعهم من القراءة لأنفسهم، لكن لو اجتمع جماعة أو مصلون محدودون واستمعوا لشريط حتى يأتي الإمام لا بأس إذا كان الجماعة محدودة، ورضوا بذلك، أما في المساجد العامة لا، أو جماعة غير محدودة لا، لكن لو كان المسجد ما فيه إلا خمسة.. عشرة محدودين معروفين، ورضوا لأنفسهم أن يسمعوا شريطاً حتى يأتي الإمام فلا بأس.
الجواب: لا بأس بها في البيت، ولكن في المسجد أفضل، السنة أن تصلى في المساجد كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها الصحابة، وهي نافلة، لكن في المساجد أفضل، وإذا كان الإمام لا يصلح يبدل بإمام أصلح منه، ولو أن يقرأ من المصحف فلا بأس، فإقامتها في المساجد هي السنة، وهي التي درج عليها السلف الصالح، ولو صلى في بيته فلا حرج.
المقدم: جزاكم الله خيراً.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل -بعد شكر الله سبحانه وتعالى- على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نرجو ذلك.
المقدم: اللهم آمين.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر