مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج: نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين, فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات، تقول (ف.ع. ق) من الرياض، ملخص ما في هذه الرسالة السؤال: هل يجب على المرأة أن تلتزم بالحجاب حتى ولو كانت داخل بيتها؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فإن الله جل وعلا شرع لعباده ما فيه صلاحهم وما فيه ستر عوراتهم وهو الحكيم العليم جل وعلا، فإذا كان عند المرأة أجنبي في بيتها وجب عليها التستر والحجاب، أما إذا لم يكن عندها أحد فلا حرج عليها.
الجواب: هذا ذبح منكر، المذبوح يكون ميتة ما يحل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل ليس السن والظفر), فلا يجوز هكذا قلع الرأس باليد، لابد من محدد، لابد من المحدد ينهر الدم، فأما مثل هذا فيسمى خنقاً مثل الخنق، يعتبر خنقاً تكون به.. تكون ميتة، فلابد من كونه يذبحها بالسكين ونحو السكين من المحددات، إلا العظام والسن فلا، كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام.
الجواب: الصواب أنه لا يؤثر، لكن الأفضل في الليل، وإلا فلا يؤثر؛ لأن العين ما هي بمنفذ، لكن بعض العلماء يقول: إذا وجد أثراً للكحل في الحلق قضى، والصحيح أنه لا يلزمه القضاء، لكن كونه يستعمله في الليل هذا هو الأحوط والأفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).
الجواب: إذا سمح العامل أن يذهب إلى المسجد ويقوم بخدمة المسجد فلا بأس، أما إذا لم يسمح فليس له إلزامه؛ لأنه استأجره ليعمل في المزرعة، أما إذا سمح العامل أنه يخدم المسجد فهذا قربة وطاعة لا بأس الحمد لله.
الجواب: السنة فصل النافلة عن الفريضة، النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فلا يصل صلاة بصلاة، حتى يتكلم أو يخرج)، فالأفضل للمسلم والمسلمة بعد السلام من الفريضة يقول: (أستغفر الله ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام, تباركت يا ذا الجلال والإكرام)، ثم يأتي بالذكر الشرعي (لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله, ولا نعبد إلا إياه, له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت, ولا معطي لما منعت, ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، هذا مستحب بعد كل الصلوات الخمس: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، للرجل والمرأة جميعاً، ويستحب مع هذا أيضاً أن يقول (لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير)، عشر مرات، بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب، هذه زيادة خاصة بهاتين الصلاتين، ويستحب له بعد ذلك في الخمس الصلوات كلها أن يقول: (سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثة وثلاثين مرة، سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين مرة), الجميع تسعة وتسعون، ثم يقول تمام المائة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، جاء في الحديث: (أن العبد إذا قالها غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر), وهذا فضل عظيم، يشرع للمؤمن والمؤمنة المحافظة على ذلك، ويستحب بعد هذا أن يقرأ آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة:255], هذه آية الكرسي, هذه آية واحدة، آخرها : وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ وأولها: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ يستحب للمؤمن والمؤمنة أن يأتي بها بعد كل صلاة، ويستحب له أيضاً أن يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين بعد كل صلاة، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1], قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] هذه الثلاث السور، يستحب أن يقرأها المؤمن والمؤمنة بعد كل صلاة: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ويكررها ثلاثاً بعد الفجر وبعد المغرب، يكررها ثلاثاً بعد الفجر خاصة وبعد المغرب، ويكررها ثلاثاً عند النوم، إذا اضطجع على فراشه يقرأ التسبيح والتحميد والتهليل ثلاثاً وثلاثين مرة, ويختمها بالله أكبر مائة مرة تمامها أربعة وثلاثين تكبيرة، ثلاثة وثلاثين تحميدة، ثلاثة وثلاثين تسبيحة عند النوم، بدل (لا إله إلا الله) في آخرها (الله أكبر)، يكمل المائة بـ (الله أكبر) أما بعد الصلاة فيكملها بـ (لا إله إلا الله) أفضل، وعند النوم يأتي بآية الكرسي أيضاً ويأتي بالسور الثلاث مكررة ثلاث مرات عند النوم، هذا أفضل، وإذا أحب أن يصلي بعد الذكر نافلة فلا بأس، لا يقوم مباشرة من يوم يسلم لا، بعد الذكر يأتي بالنافلة، والأفضل بعد الظهر أربع، وإن صلى ثنتين راتبة كفت، وإن صلى أربع بعد الظهر فذلك فيه فضل عظيم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار), وهذا فضل كبير، أما الراتبة فهي أربع قبل الظهر يعني تسليمتين، وتسليمة بعد الظهر، هذه الراتبة، ست ركعات، أربع قبلها وثنتين بعدها، يعني: تسليمتين قبلها وتسليمة واحدة بعدها، هذه يقال لها: الراتبة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في الحضر، وإن زاد وصلى أربعاً بعد الظهر صلى تسليمتين بعد الظهر فذلك فيه فضل عظيم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار), رواه أهل السنن بإسناد صحيح عن أم حبيبة رضي الله عنها.
أما بعد العصر فليس بعدها صلاة، بعد الفجر ما بعدها صلاة، لا يصلي بعدها لا ثنتين ولا أربع، بعد صلاة العصر وبعد صلاة الفجر ليس بعدها صلاة، أما بعد المغرب يصلي ثنتين هذا الأفضل، راتبة، وبعد العشاء ثنتين راتبة، وإن صلى أكثر فلا بأس، الراتبة ثنتان تسليمة واحدة بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء تسليمة واحدة، للرجل والمرأة جميعاً، هذه راتبة كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وإن صلى أكثر بعد المغرب أو بعد العشاء فالأمر واسع والحمد لله، يصلي ما شاء، لكن الراتبة ثنتان بعد المغرب وثنتان بعد العشاء، وإذا أحب أن يصلي بين المغرب والعشاء ركعات كثيرة فكله طيب، أو بعد العشاء يتهجد طويلاً كله طيب، لكن الراتبة ثنتين بعد العشاء وثنتين بعد المغرب، أما العصر فليس بعدها شيء والفجر ليس بعدها شيء، وأما الظهر فتقدم أنه يصلي بعدها ثنتين راتبة وإن صلى أربع فذلك أفضل كما تقدم، نسأل الله للجميع التوفيق. نعم.
المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً، هل تعلقون سماحتكم على قولها: الصلاة المفروضة وهي تعني السنة مع الفرض؟
الشيخ: المفروضة: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، هذه المفروضة، الظهر أربعاً في حق المقيم وثنتين في حق المسافر، والعصر أربع في حق المقيم وثنتين في حق المسافر، والمغرب ثلاث في حق الجميع، والعشاء ثنتين في حق المسافر وأربع في حق المقيم، والفجر ثنتان في حق الجميع، هذه الفرائض، والجمعة ثنتان كذلك في حق المقيمين، أما النوافل فلا حصر لها، لكن الرواتب التي يشرع أن يحافظ عليها المؤمن اثنا عشر، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في حال الحضر والإقامة: أربع قبل الظهر تسليمتين، وثنتين بعد الظهر، هذه ست، ثنتين بعد المغرب، هذه ثمان، وثنتين بعد العشاء، هذه عشر، وثنتين قبل صلاة الصبح، هذه اثنا عشر، هذه الرواتب يقال لها الرواتب، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في الحضر، أما في السفر فكان يتركها إلا سنة الفجر، كان في السفر يترك سنة الظهر والمغرب والعشاء، ولكن يصلي سنة الفجر في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، وأما صلاة أربعاً قبل العصر فهي مستحبة، هي ما هي براتبة لكن مستحبة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله امرأ صلى أربعاً قبل العصر), هذه مستحبة وليست راتبة، وإذا صلى قبل المغرب ثنتين.. قبل العشاء ثنتين أيضاً مستحبة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة)، فإذا صلى بعد الأذان ركعتين أذان المغرب بعد أذان العشاء ركعتين أو أكثر كله مستحب طيب، لكن ليس راتب ليس من الرواتب.
الجواب: المشروع لك العناية بالحفظ عناية كاملة، حتى تقرئي القرآن كما أنزل، بالترتيل وإعطاء الحروف حقها، هذا هو الأفضل، ولكن لو تساهلت في بعض المدود ما يضر، أو التفخيم والترقيق لا يضر، لكن الأفضل العناية، التفخيم والترقيق والمدود، وإعطاء الحروف حقها حسب ما جاء في مقررات علماء التجويد، هذا أفضل وأكمل، ولو تساهل الإنسان في بعض المدود أو في بعض الترقيق والتفخيم لا يضر إن شاء الله، لكن لا يعجل عجلة يسقط معها بعض الحروف، لا بد يقرأ قراءة واضحة كاملة يعتني فيها بالحروف, ولا يسقط فيها من الحروف حتى يستفيد وحتى يستفيد من يسمع منه، هذا واجب لا بد يعتني بهذا، حتى لا يسقط حرفاً وحتى يأتي بالحروف كاملة، وحتى تفهم منه قراءته، وإذا رتل فهو أفضل، الترتيل أفضل، وهو الوقوف على رءوس الآي، الترتيل: أن يقف على رءوس الآي، مثل: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:2-7], هذا الترتيل، وهكذا في بقية القرآن، يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [المزمل:1-5] وما بعدها، الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ [القارعة:1-3] هكذا، وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا [العاديات:1-3] وهكذا, أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ [التكاثر:1-5], وهكذا.
الجواب: الصحيح أنها غير صحيحة، صلاة التسابيح الصحيح غير صحيحة، صلي كما كان النبي يصلي عليه الصلاة والسلام، صلى الركعات على القاعدة الشرعية، تقرأين الفاتحة وما تيسر معها، ثم تركعين وتأتين بـ سبحان ربي العظيم.. سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك, اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ثم ترفعين سمع الله لمن حمده, ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، ثم تسجدين, وإن زدت بعد الركوع: أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، فذلك أفضل إذا تيسر ذلك؛ لأن النبي كان يفعله بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، المقصود أن صلاة التسبيح غير صحيحة، هذا هو الصواب فيها. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً صلاة التسابيح غير صحيحة؟
الشيخ: هذا هو الصواب، نعم. كما حققه جمع من أهل العلم.
الجواب: ليس لذلك حد محدود، الإنسان يتحفظ حسب التيسير، وليس له حد محدود لا سنة ولا أقل ولا أكثر، لكن كل إنسان على حسب حاله، يخصص له وقتاً من الليل أو النهار يتحفظ فيه إذا تيسر له ذلك، وحفظ القرآن ليس بواجب، مستحب إذا تيسر، فإذا يسر الله له حفظ القرآن أو للمرأة حفظ القرآن فهذا خير عظيم وفضل كبير، لكن لا يجب، الواجب أن يحفظ الفاتحة التي هي ركن الصلاة، ويستحب له أن يحفظ ما تيسر معها من السور القصيرة حتى يقرأ بها في صلاته، وإذا يسر الله له حفظ القرآن أو حفظ الكثير منه فهذه من نعم الله العظيمة، فالمشروع له أن يجتهد في ذلك، والمرأة كذلك، ولا يحد له حد بل حسب التيسير، في أسبوع.. في شهر.. في سنة، حسب التيسير، يجعل له راتباً معيناً حتى يعتاده في كل يوم أو في كل أسبوع ثمن..نصف ثمن.. ثمنين..ثلاثة.. حسب طاقته، يردد ذلك ويعتني بذلك حتى يحفظه، حتى يستقر في قلبه.
الجواب: له فضل كبير، ولا أعلم فيه حديثاً صحيحاً يدل على فضل معين، لكن له فضل كبير، وله بكل حرف حسنة, والحسنة بعشر أمثالها، سواء كان عن ظهر قلب أو من المصحف، من قرأ القرآن فله بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، فالقرآن فضله عظيم وفي قراءته الخير الكثير، لكن تعيين ثواباً خاص لحفظ القرآن ما أعلم فيه دليلاً واضحاً، لا أعلم فيه نصاً واضحاً خاصاً صحيحاً.
الجواب: الآية الكريمة تدل على أن الواجب على الإنسان أن يعتني بنفسه وأن يهتم بها، وأن يجتهد في صلاحها، ولا يضره من ضل بعد ذلك إذا اهتدى، الإنسان مسئول عن نفسه ولا يضره ضلال غيره، يقول الله جل وعلا: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [فاطر:18]، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يجني الجاني إلا على نفسه), فعلى المؤمن أن يسعى في صلاح نفسه واستقامتها على طاعة الله ورسوله، ولا يضره من ضل إذا اهتدى، والذي يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما اهتدى، فهو ناقص الهداية ناقص الإيمان، فالمعنى أنه لا يضره من ضل إذا أدى الواجب الذي عليه، ومن الواجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، هذا من الواجب عليه، وقد خطب الصديق رضي الله عنه أبو بكر الناس، وقال لهم: (إن بعض الناس يقرأ هذه الآية ويضعونها في غير موضعها، وإني سمعت النبي يقول صلى الله عليه وسلم: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه)، ومراده رضي الله عنه أنه ما يكون مهتدي من ضيع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يكون ناقص الهداية ناقص الإيمان ضعيف الإيمان، فمعنى ( إذا اهتديم ) يعني: إذا أديتم الواجب الذي عليكم وتركتم ما حرم الله عليكم، لا يضركم من ضل بعد ذلك، لا يضرك ضلال أبيك ولا أخيك ولا أهل بلدك ولا الناس كلهم، لا يضرك، إذا أديت الواجب واجتهدت في الواجب فإنه لا يضرك من ضل، وربك يقول سبحانه: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [فاطر:18]، لكن إذا قصرت في الواجب عليك يضرك، فإذا كنت لا تدعو إلى الله ولا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر، ولا تؤدي ما أوجب الله عليك لحق أولادك أو لحق زوجتك أو لحق جيرانك، فأنت ناقص الهداية حينئذ، يضرك ذلك، حتى تؤدي الواجب الذي عليك لله ولعباده.
ومن حق الله عليك أن تؤدي ما أوجب عليك من الطاعات وأن تترك ما حرم الله عليك، ومن حق الله عليك أن تأمر بالمعروف وأن تنهى عن المنكر، وأن تنصح لله ولعباده، وأن تدعو إلى الله على حسب طاقتك، ومن الحق عليك أيضاً أن تؤدي حق زوجتك وأولادك بنصيحتهم وتوجيههم إلى الخير، وتربيتهم التربية الإسلامية، وأن تقوم بحق جيرانك من إكرامهم والإحسان إليهم، وكف الأذى عنهم، وإكرام ضيفك.. إلى غير هذا من الحقوق، فالذي لا يؤدي الحقوق التي عليه ما يسمى مهتدياً، يسمى ناقص الهداية، ضعيف الإيمان، حتى يؤدي الواجبات التي عليه.
الجواب: أشراط الساعة كثيرة، ولكنها قسمان: قسم مطلق وجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، وقسم خاص يقع عند قربها وعند دنوها، أما المطلق العام فهذا النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو نبي الساعة، ووجوده من أشراطها عليه الصلاة والسلام، وهكذا ما قال صلى الله عليه وسلم: (أن تلد الأمة ربتها), (ربتها) يعني: سيدتها، وفي اللفظ الآخر: (ربها) يعني: سيدها، ومعنى ذلك أنها تكثر الإماء والسراري، فإذا حملت من سيدها وهو مالكها فإن المولودة البنت تكون سيدة، ربة، والمولود الذكر يكون رباً لها.. سيداً لها، هذا معنى الحديث، يعني: تكثر السراري، يكثر الإماء، والناس يكثر تسريهم بسبب كثرة الجهاد وكثرة الغنائم فتكثر السراري بين الناس، والسيد يطأ أمته؛ لأنها ملكه مباح له، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المؤمنون:5-6]، فالملك الذي هو ملكه للأمة يقال له: ملك اليمين، إذا ملكها بالغنيمة أو بالشراء أو بالورث فله أن يطأها وهي ملك اليمين، وإذا ولدت يقال للمولود إن كان ذكر: ربها وسيدها، والمولودة: ربتها وسيدتها، هذا معنى الحديث: (أن تلد الأمة ربها أو ربتها), يعني: سيدتها؛ لأن بنت السيد سيدة، وولد السيد سيداً لأمه في المعنى، والمعنى أنها تكثر السراري في الناس، وهذا من علامات الساعة، كثرة السراري وكثرة الإماء والولادة.
ومنه الحديث: (أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان), فهذا أيضاً من أشراطها العامة، تطاول العرب في البناء بعدما كانوا أهل خيام، بنوا البنايات وطولوها، هذا من أشراط الساعة، وقد وقع هذا، العرب تحضروا وجاهدوا وبنوا البنايات وعمروا العمائر.
أما أشراطها الخاصة القريبة منها فقد بينتها الأحاديث وهي عشر علامات:
أولها: المهدي ، رجل من أهل البيت في آخر الزمان يملك الدنيا يملك الأرض ويملؤها عدلاً بعد ملئها جوراً، وهو من أهل البيت من بني هاشم من ذرية فاطمة رضي الله عنها، جاءت فيه أحاديث كثيرة.
الثاني: خروج الدجال في آخر الزمان يدعي أنه نبي ثم يدعي أنه رب العالمين، وقد صحت فيه الأحاديث وتواترت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثالث: نزول عيسى بن مريم من السماء، عليه الصلاة والسلام يقتل الدجال ، ويحصل به الخير العظيم للأمة، ويخرج الله به بركاتها في هذه الأرض، عليه الصلاة والسلام، ولا يقبل إلا الإسلام، ويهلك الله في زمانه الأديان فلا يبقى إلا الإسلام، تذهب اليهودية والنصرانية والشيوعية وغيرها، ولا يبقى إلا الإسلام في عهده عليه الصلاة والسلام.
والرابع: خروج يأجوج ومأجوج من الشرق، وهم من كل حدب ينسلون، في عهد عيسى عليه الصلاة والسلام، ثم يميتهم الله بعد ذلك.
ثم بعد ذلك: آية الدخان، وهدم الكعبة، ورفع المصحف.. رفع القرآن من الأرض من الصدور ومن الصحف, ثم خروج الدابة دابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، وإذا طلعت لا تقبل التوبة بعد ذلك من أحد.
وآخرها: نار تحشر الناس إلى محشرهم.
هذه يقال لها: الآيات الخاصة القريبة من قيام الساعة، جاءت بها الأحاديث وبينها أهل العلم.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
الشيخ: نسأل الله ذلك.
المقدم:مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر