إسلام ويب

شرح العقيدة الطحاوية [21]للشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من عقيدة أهل السنة والجماعة: أنهم يوالون عباد الله المؤمنين، ويرون أن الناس في الولاية متفاضلون، فمن حقق الإيمان كاملاً كانت له الولاية الكاملة المطلقة، ومن ارتكب بعض الذنوب والمعاصي كانت له الولاية بحسب إيمانه وتقواه لربه سبحانه. ويعتقدون أن أركان الإيمان هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.
    قال المصنف رحمه الله: [والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن، وأكرمهم عند الله أطوعهم وأتبعهم للقرآن] .

    بعد ما ذكر المصنف رحمه الله مسألة الإيمان ومسماه، وتبين ما في كلامه في هذا الموضع من الإشكال، ألحق بهذه المسألة بعض المسائل المتعلقة بهذا الباب، فقال: (والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن)، أما على إطلاق الإيمان فإن الأمر كذلك، فإنه إذا ذكر المؤمنون وأريد بهم أهل الإيمان المطلق الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى في قوله: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ الله لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63] فإن الأمر كذلك، سواء كان هذا متعلقاً بجملتهم أو متعلقاً بأعيانهم.

    وأما إذا أريد بالإيمان ما ذكره الطحاوي رحمه الله أنه الإقرار والتصديق، أو على قول العامة من السلف بأن أصل الإيمان لا يستلزم البراءة من الكبائر، خلافاً للخوارج، فإن مرتكب الكبيرة على هذا الوجه لا يسمى ولياً بإطلاق، وليس معنى هذا أنه بريء من الولاية، أو لا ولاية له ألبتة، بل محصل درجة الولاية أن يقال: إنها فرع عن إيمان العبد، فبقدر إيمانه تكون ولايته، وإذا صح بإجماع السلف أن مرتكب الكبيرة معه أصل الإيمان، فلا بد أن يكون معه قدر من ولاية الله سبحانه وتعالى، وتكون ولايته بحسب إيمانه، وقد تقرر أن مرتكب الكبيرة لا يسمى مؤمناً على الإطلاق، ولكن يسمى في بعض المقامات مسلماً، ويسمى في بعض المقامات فاسقاً، ويسمى في بعض المقامات مؤمناً، كالفاسق في مقام العتق فإنه يدخل في قوله تعالى: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء:92].

    أهل الإيمان المطلق هم أهل الولاية المطلقة

    وإذا كان مرتكب الكبيرة لا يسمى ولياً بإطلاق، لم يلزم من هذا نفي مقام الولاية عنه من كل وجه، وفي سائر الموارد، فتكون النتيجة أن مسألة الولاية تبع لمسألة الإيمان، فمن سمي مؤمناً على الإطلاق -وهم السابقون بالخيرات- فهم أولياء على الإطلاق في أي في عامة مقاماتهم وأحوالهم.

    فتقول مثلاً: إن أبا بكر مؤمن وإنه ولي من أولياء الله، سواء كان هذا في مقام الأحكام، أو في مقام الثناء، أو في أي مقام من المقامات، لأن حاله رضي الله تعالى عنه كانت كذلك، أي أنه من السابقين للخيرات، ومثل ذلك إذا قلت عن عمر أو عثمان أو علي ونحوهم من الصحابة، وأعيان الأئمة.

    أهل الكبائر لهم قدر من الولاية بحسب إيمانهم

    وأما الآحاد من المسلمين فضلاً عن أهل الكبائر المظهرين لكبائرهم، فإنهم لا يسمون مؤمنين في سائر المقامات، ولا سيما المقامات التي لم يصوب عليه الصلاة والسلام التسمية فيها كمقام الشهادة والتزكية، وذلك لأنه يقع فيهم من الظلم لأنفسهم، أو الظلم لغيرهم، سواء وصل هذا إلى منزلة الفسق أو لم يصل، وليس من سمي ولياً في مقام يلزم أن يسمى ولياً في سائر المقامات.

    وعليه فإن الفساق وهم من أهل الملة أهل الكبائر، معهم من الولاية بقدر ما يثبت لهم من الإيمان، فمقام الولاية يزيد وينقص كما أن مقام الإيمان يزيد وينقص، ومنه ما هو مطلق ومنه ما هو مقيد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089123588

    عدد مرات الحفظ

    781993037