إسلام ويب

دلوني على سوق المدينةللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • التكسب وطلب الرزق الحلال وظيفة المؤمن أياً كان وله في ذلك وفي سبيله وسائل متعددة ومتنوعة يحدوه في ذلك إرضاء الله تعالى وأمله الاستغناء عن الناس والتوكل على الله شعاره، والإسلام لا يبيح العجز والكسل بل هو دعوة للعمل.
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،،،

    أيها الإخوةُ الأحبةُ الكرام: هذا الدرس الثامن والثمانون من سلسلة الدروس العلمية العامة، بالجامع الكبير بـبريدة، في هذه الليلة ليلة الإثنين (18 ذي القعدة، لسنة 1413هـ).

    وعنوانه: (دلوني على سوق المدينة).

    وقد كنت أعلنتُ عن هذا الدرس على مدى أسبوعين، ثم تأجل لأسبابٍ طارئة، وهذا أوان الوفاء بما كنت قد وعدتكم به، ومما هو جديرٌ بالذكر، أنني علمت بعد أن ذكرت لكم عنوان الدرس، أن أخي فضيلة الشيخ عبد الوهاب بن ناصر الطريري خطب خطبةً ووضع لها هذا العنوان وهو "دلوني على السوق".

    وحقاً لم أعلم بذلك إلا بعد أن غادرت المسجد، فكان هذا محض اتفاقٍ وقدر، والحمد لله على ذلك، فإنه يدل على أن هذه الفكرة التي نتحدث عنها، وندعو إليها، هي همٌ مشترك بين مجموعات من طلبة العلم.

    العصر الذي نعيشه عصر صراعٍ في مجالات عدة

    إن هذا العصر الذي نعيشه، هو عصر صراعٍ في مجالاتٍ عدة، منها المجال الاقتصادي، سواء على مستوى الدول أم غيرها، فـأمريكا وأوروبا مثلاً، تعيشان صراعاً تجارياً واقتصادياً كبيراً، وكذلك الحال بالنسبة لـأمريكا مع اليابان، أو مع الصين، أو مع الدول النفطية التي أصبح الغرب يضغط عليها، ويفرض عليها الضرائب، وآخر ذلك ضريبة النفط، التي تصل إلى ثلاث دولارات على البرميل الواحد، وقد تزيد إلى عشرة دولارات على مدى سنوات.

    الاقتصاد من أهم أسباب قيام الدول أو انهيارها

    هذا الاقتصاد الذي نتحدث عنه، هو من أهم أسباب قيام الدول أو انهيارها، وعلى سبيل المثال: فإن الدول الشيوعية التي تهاوت كما تتهاوى أوراق الخريف، كان من أسباب سقوطها الفشل والانهيار الاقتصادي، ولم ينفعها وقد انهار اقتصادها، أن تملك أكثر من ثلاثمائة ألف رأس نووي، بل أصبحت هذه الرءوس النووية، وتلك الملايين من الجنود، عبئاً على اقتصادها، وساهمت في مزيدٍ من تفككها وانهيارها.

    الرجل الغربي مثقلاً بالديون

    فإن مما يلحظه الدارسون لأوضاع المجتمعات، أن الرجل الغربي اليوم، أصبح مثقلاً بالديون إلى رأسه، وأصبح كل مرتبه يصرف في سداد ديونٍ عليه، فدينٌ بسبب السيارة، ودينٌ للمنـزل، ودينٌ بسبب أعمالٍ خاصة يقوم بها، وهكذا بحيث يُقدَّر أن هذا الرجل يموت وهو في سداد الدين، وهذا من الظواهر الخطيرة التي تنذر بانهيار تلك المجتمعات الغربية الضالة والشاردة عن سواء السبيل.

    المسلمون اليوم هم الأغنى والأفقر

    إن المسلمين اليوم هم الأغنى، وهم الأفقر في الوقت نفسه، فبلاد الإسلام وهبها الله تعالى الخيرات الاقتصادية، والثروات الطبيعية المختلفة، التي أصبح الغرب بأمسِّ الحاجة إليها، وليس النفط إلاَّ واحداً منها، ومع ذلك فإن أكثر من (60%) من فقراء العالم، ومشرديه، ولاجئيه هم ممن ينتسبون إلى هذه الرقعة الإسلامية، وذلك يدل على تقصيرهم في استثمار ما وهبهم الله تعالى من الخيرات، والبركات.

    المال عصب الحياة

    وأخيراً: فإن المال كما يُقال عصب الحياة، وهو سرٌ من أسرار النجاح، للفرد والجماعة والأمة، فالاقتصاد يجب أن يوظف لخدمة الدين، والدعوة إلى الله عز وجل، وإغناء المسلمين عن الكافرين، والإفادة مما وهب الله تعالى في هذه الدار، قال سفيان الثوري رحمه الله: ما كانت العِدة أو العُدة في زمانٍ أصلح منها في هذا الزمان، والأثر رواه أبو نعيم.

    ومعنى كلام سفيان -رحمه الله-: أن إعداد المال، واقتناءه ربما كان محتاجاً إليه في كلِّ وقت، لكن في زمانه على سبيل الخصوص زادت الحاجة!! لأن به يحفظ الإنسان عن إراقة ماء وجهه فيما لا يحل، أو التعرض للسؤال، أو الضعف، أو الحاجة إلى من بيدهم المال، فإذا كان هذا الكلام في زمان سفيان، فما بالكم بوقتنا هذا الذي يتنافس العالم فيه، في مجالِ الاقتصاد وفي مضماره.

    إننا محتاجون إلى أن نتحدث طويلاً عن هذا الهم؛ الهم الاقتصادي، وهذا الدرس هو الدرس الثاني بعد الدرس الأول، الذي كان بعنوان (دعوةٌ للإنفاق) وهناك إن شاء الله تعالى، مجموعةٌ أخرى أسأل الله تعالى أن يوفقنا إليها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089194381

    عدد مرات الحفظ

    782664859