إسلام ويب

سلطان الأندلسللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تحتوي هذه المادة على بيان ما كانت عليه الأندلس يوم أن أنجبت علماء أجلاء أمثال سلطان الأندلس المنذر بن سعيد البلوطي ذلك العالم الجليل الذي له مواقف مشهورة مع حاكم الأندلس في أيامه وهو عبد الرحمن الناصر.
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها الإخوة الكرام..هذا يوم السبت الثامن والعشرون من شهر جمادي الأولى لعام 1412هـ، وهذا هو الدرس الثالث والثلاثون من الدروس العلمية العامة.

    إخوتي الكرام.. وقد سبق إليكم الإعلان أن هذا الدرس هو عن "سلطان الأندلس ويتساءلون من هو سلطان الأندلس؟

    مكانة الأندلس

    إن بلاد الأندلس كانت من خير بلاد الإسلام يوماً من الدهر،وأنجبت جحافلاً من العلماء الذين كانوا شموساً وبدوراً وأقماراً في أوقاتهم, وكل امرئ منهم كان سلطاناً للعلماء في وقته, بل إن بلاد الإسلام كلها وتاريخ الإسلام كله حافل بأولئك الرجال الأفذاذ الذين كانوا يقولون بالحق وبه يعدلون, وكانوا سلاطين حقاً بعلمهم وفقههم وشجاعتهم, وليس بسيوفهم وسياطهم وشرطهم وأعوانهم.

    ولا شك أن الأمة إذا شعرت بأن واقعها مرير, فإنها دائماً تلتفت إلى ماضيها وتتطلع إلى غابرها ومن أعماق الماضي ينبثق الحاضر والمستقبل المشرق لهذه الأمة.

    أيها الإخوة.. لقد كان من العلماء في كل عصور التاريخ أئمة أفذاذ شأنهم كما قال أحدهم:

    يقولون لي فيك انقباض وإنما     أوا رجلاً عن موقف الذل أحجما

    أرى الناس من داناهم هان      عندهم     من أكرمته عزة النفس أكرما

    ولم أقض حق العلم إن كان      كلما     بدى طمع صيرته لي سلما

    أأشقى به غرساً وأجنيه ذلة     إذاً فاتباع الجهل قد كان أحزما

    ولو أن أهل العلم صانوه صانهم     ولو عظموه في النفوس لعظما

    ولكن أهانوه فهانوا ودنسوا          محياه بالأطماع حتى تجهما<

    ابن حزم وملوك الطوائف

    أيها الإخوة.. يظن البعض أنني أعني بسلطان الأندلس الإمام أبا محمد ابن حزم -رحمه الله- ولا شك أن ابن حزم كان من سلاطين الأندلس، ويكفيك حتى تعرف جلالة ابن حزم وفضله, وعلمه وعظيم قدره ومنـزلته وشجاعته في الحق, أن تقرأ ماذا قال الإمام ابن حزم عن ملوك الطوائف الذين كانوا يحكمون الأندلس في عصره, ويوالون النصارى ويوادونهم ويقاتلون إخوانهم المؤمنين, حتى أنه -رحمه الله- في رسالته القيمة المطبوعة بعنوان "التلخيص في وجوه التخليص" بعد أن تكلم عن شأن هؤلاء الملوك قال ما نصه: (فهذا أمر امتحنا به نسأل الله السلامة, وهي فتنة سوء أهلكت الأديان إلا من وقى الله تعالى، لوجوه كثيرة يطول لها الخطاب, وعمدة ذلك أن كل مدبر مدينة أو حصن في شيء من أندلسنا هذه أولها عن آخرها محارب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وساعٍ في الأرض بالفساد, للذي ترونه عياناً من شنهم الغارات على أموال المسلمين من الرعية التي تكون في ملك من ضارّهم, وإباحتهم لجندهم قطع الطريق, ضاربون للجزية والمكوس والضرائب على رقاب المسلمين مسلطون لليهود والنصارى على قوارع طرق المسلمين, معتذرون بضرورة لا تبيح ما حرم الله غرضهم فيها استدامة نفاذ أمرهم ونهيهم).

    ويقول رحمه الله: (فلا تغالطوا أنفسكم ولا يغرينكم الفساق والمنتسبون إلى الفقه اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع, المزينون لأهل الشر شرهم, الناصرون لهم على فسقهم, فالمخلص لنا منها الإمساك للألسنة جملة وتفصيلاً إلا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وذم جميعهم, والله لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشية أمورهم لبادروا إليها, فنحن نراهم يستمدون النصارى ويمكنونهم من حرم المسلمين, وربما أعطوهم المدن والقلاع طوعاً, فأخلوها من الإسلام وعمروها بالنواقيس لعن الله جميعهم وسلط عليهم سيفاً من سيوفه).

    ومن جميل ما يقول -رحمه الله- لما تكلم عن السكوت وذم جميع هؤلاء قال: (فمن عجز منا عن ذلك -الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذم الظالمين والفاسقين والمعتدين على حدود الله عز وجل- رجوت أن تكون التقية تسعه, وما أدري كيف يكون هذا؟ مع أنه لو اجتمع كل من ينكر بقلبه لما غلبوا على أمرهم).

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089166509

    عدد مرات الحفظ

    782341876