شرح حديث التغليظ على من أفطر عامداً
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب التغليظ فيمن أفطر عمداً.
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة ح وحدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن عمارة بن عمير عن ابن مطوس عن أبيه قال ابن كثير : عن أبي المطوس عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أفطر يوماً من رمضان في غير رخصة رخصها الله له، لم يقض عنه صيام الدهر) ].
أورد أبو داود باب التغليظ فيمن أفطر عمداً
يعني: أن ألإفطار عمداً في نهار رمضان أمره خطير، وهو أمر ليس بالهين، والمقصود منه غلظ هذا الذنب وشدته، والتحذير منه، والترهيب منه، وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة .
فقوله: [ (من أفطر يوماً من رمضان، في غير رخصة رخصها الله له، لم يقض عنه صيام الدهر) ].
يعني: كالمرض والسفر.
(لم يقضه صيام الدهر) ولو صامه، يعني: أنه لا يغني عنه صيام الدهر.
والحديث ضعيف غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن من أفطر يوماً من رمضان إن كان بالجماع فعليه القضاء والكفارة، وإن كان في غير الجماع فعليه القضاء ويستغفر الله عز وجل، وقد فعل أمراً خطيراً وعظيماً، والحديث غير ثابت؛ لوجود من هو لين الحديث ومن هو مجهول، وأيضاً من هو مدلس، ففيه علل متعددة.
تراجم رجال إسناد حديث التغليظ على من أفطر عامداً
شرح حديث التغليظ على من أفطر عامداً من طريق ثانية وتراجم رجاله
شرح حديث (الله أطعمك وسقاك)
تراجم رجال إسناد حديث (الله أطعمك وسقاك)
شرح أثر عائشة (إن كان ليكون علي الصوم من رمضان..)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب تأخير قضاء رمضان.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع عائشة رضي الله عنها تقول: إن كان ليكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه حتى يأتي شعبان ].
أورد أبو داود باب تأخير قضاء رمضان.
قضاء رمضان تستحب المبادرة إليه، ولكنه لا يجب على الفور، وإنما هو على التراخي، ولكن المبادرة به مستحبة؛ لأن الدين إذا أخر ولم يبادر به فإنه قد يثقل على النفس، وقد يحصل نسيانه وقد يأتي رمضان وهو ما فعله، فينبغي للإنسان ويستحب له أن يبادر.
وأورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فلا أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، أي: لمكان انشغالها برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكونها تؤخر إلى شعبان يدل على أنه لا يؤخر عن شعبان، ولا يتجاوز رمضان الثاني، إلا إذا كان من ضرورة فللإنسان تأخيره إذا كان هناك ضرورة دعت إلى ذلك، أما من حيث الاختيار فلا يؤخر عن شعبان إلى ما بعد رمضان الثاني، وإنما عليه التخلص منه قبل أن يأتي الفرض الثاني، وعليه أداء ذلك الواجب قبل أن يأتي الفرض الثاني الذي هو شهر رمضان الآتي.
و عائشة رضي الله عنها وأرضاها كانت تؤخر القضاء إلى شعبان، إما لقربه من رمضان، أو لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر الصيام في شعبان، وفي حالة إكثاره الصيام هي أيضاً تصوم؛ لأنه كان يصوم أكثر الشهر صلى الله عليه وسلم، فتكون عائشة تجد لها فرصة لكون رمضان قرب، ولكون الرسول صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم في شعبان، فدل هذا على التأخير، وأنه سائغ، وأن المبادرة إليه مستحبة.
تراجم رجال إسناد أثر عائشة (إن كان ليكون علي الصوم من رمضان..)
شرح حديث (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن مات وعليه صيام.
حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) ].
أورد أبو داود رحمه الله باب من مات وعليه صيام.
يعني: هل يقضى عنه أو لا يقضى عنه؟ من مات وعليه صيام من رمضان بسبب المرض، ولكن استمر معه المرض ولم يتمكن من القضاء، فإنه لا قضاء عليه؛ لأنه ما تمكن، وإن كان متمكناً من القضاء، بمعنى: أنه أفطر في رمضان لأنه مريض، ولكنه شفي بعد رمضان ولم يقض، ثم مات بعد ذلك فهذا هو الذي يقضى عنه، ويدخل تحت حديث عائشة .
فقوله: [ (من مات وعليه صيام) ] يعني: معناه صيام واجب، وسواء كان هذا الواجب بأصل الشرع كشهر رمضان، أو واجب بإيجاب الإنسان ذلك على نفسه بالنذر، فإنه يصام عنه، لعموم الحديث.
وبعض أهل العلم قال: إنه لا يصام لا القضاء ولا رمضان.
وبعضهم قال: يصوم النذر دون رمضان يعني: الشيء الذي أوجبه على نفسه يصام عنه، والشيء الذي أوجبه الله تعالى عليه بأصل الشرع لا يقضى عنه.
ولكن عموم الحديث -وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)- يدل على أن صيام الولي يكون لمن مات وعليه صيام أي: واجب، والصيام الواجب يدخل فيه رمضان ويدخل فيه النذر.
قوله: [ (وليه) ].
يعني: قريبه.
وإن صام عنه صاحبه فالذي يبدو أنه لا بأس، وإنما ذكر الولي من أجل أنه هو الذي يشفق عليه، وهو الذي يعنى به، وهو الذي يمكن أن يحصل ذلك منه، ولو صام عنه غيره جاز.
تراجم رجال إسناد حديث (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)
شرح أثر ابن عباس (إذا مرض الرجل في رمضان..)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا
محمد بن كثير حدثنا
سفيان عن
أبي حصين عن
سعيد بن جبير عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا مرض الرجل في رمضان ثم مات ولم يصم أطعم عنه، ولم يكن عليه قضاء، وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه ].
ثم أورد هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: (إذا مرض الرجل في رمضان، ثم مات ولم يصم أطعم عنه ولم يكن عليه قضاء).
ذكر الرجل هنا لا مفهوم له، كما قد عرفنا أن النساء كالرجال، ولكن يأتي ذكر الرجال لأن الغالب أن الخطاب معهم، وإلا فإن المرأة مثل الرجل إذا مرضت.
قوله: [ في رمضان، ثم مات ولم يصم أطعم عنه ].
يعني: عن كل يوم مسكيناً، [ ولم يكن عليه قضاء ].
قوله: [ وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه ].
يعني: مذهب ابن عباس رضي الله عنه أن قضاء الولي إنما يكون في حق من كان عليه صوم نذر، أما من أفطر في رمضان وكان مريضاً فإنه يطعم عنه، وليس عليه قضاء، ومعلوم أنه سبق أن عرفنا أنه: إذا كان المرض في رمضان واستمر معه حتى مات فإنه لا قضاء عليه، وليس عليه كفارة؛ لأن الله تعالى قال:
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
[البقرة:184]، وهو لم يتمكن أن يصوم؛ لأنه استمر معه المرض حتى مات، وإن كان تمكن من القضاء ولكنه لم يفعل، فإن عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) يشفع له فيما يبدو، والله تعالى أعلم.
تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس (إذا مرض الرجل في رمضان..)
الراجح في مسألة من مات وعليه صيام
السؤال: ما هو الراجح في مسألة من مات وعليه صيام؟
الجواب: الراجح فيها يبدو والله أعلم أن من مات وعليه صيام سواء كان صوم فرض الذي هو رمضان، أو شيء أوجبه على نفسه كالنذر أنه يصوم عنه وليه، وبعض أهل العلم فرق بين النذر وصيام رمضان، فرأى أنه يقضى عنه في النذر دون رمضان، وبعضهم قال: لا يقضى عنه لا نذر ولا رمضان، ولكن عموم الحديث يدل على أنه يشمل الاثنين.
حكم توزيع صيام الميت على أقاربه
السؤال: لو كان هذا الميت عليه عدد من الأيام فعدد من الأولياء تقاسموا الأيام وصاموا يوماً واحداً؟
الجواب: يصح، وقد ذكر هذا البخاري في صحيحه في أول باب نقله عن بعض العلماء، أنه لو كان عليه ثلاثون يوماً فاتفق ثلاثون من أهله أن كل واحد يصوم أجزأ، ولكن هذا يستثنى منه ما إذا كان الشيء فيه اشتراط التتابع فإنه لا يجوز فيه هذا الشيء، ولكن لكونه مثل رمضان فتقوم مجموعة من أقاربه فيصوم كل واحد يوماً فإن ذلك يصح، لكن لا يصلح اجتماعهم في شيء يشترط فيه التتابع كالكفارة.
و البخاري ذكر هذا في صحيحه عن بعض السلف في أول ترجمة باب أنهم اتفقوا وصاموا يوماً واحداً.
حكم من أفطر في نهار رمضان ثم جامع أهله
السؤال: لو أن شخصاً أفطر ثم جامع أهله في نهار رمضان فهل تجب عليه الكفارة؟
الجواب: أقول: يجب عليه ولو كان قد أفطر؛ لأن مثل هذا يمكن أنه يريد هذا الشيء، فيذهب يفطر حتى يسلم من الكفارة؛ لأن حرمة الشهر لكونه أكل ولكونه جامع، كل ذلك فيه انتهاك للحرمة.
ضابط الانتقال من العتق إلى الصيام إلى الإطعام في الكفارة
السؤال: ما هو الضابط في الانتقال من العتق إلى الصيام إلى الإطعام في الكفارة؟
الجواب: مثل ما جاء في الحديث شخص لا يقدر على عتق رقبة وليس عنده قيمتها حتى يشتريها، فيتحول إلى الصيام، وإذا كان يستطيع أن يصوم شهرين متتابعين يجب عليه ذلك، ولا يجوز له أن ينتقل إلى الذي وراءه إلا إذا كان لا يستطيع، أما إن كان مستطيعاً تعين عليه الصيام.
قد يقول شخص: أنا لا أستطيع أن أصوم شهرين، لأن مدتها طويلة علي، ولا أقدر عليها، فيريد أن ينتقل إلى الإطعام، فما هو الضابط الذي نستطيع أن نقول به؟
والجواب: أن كونه لا يصبر مثلاً عن النساء مثل ما جاء في بعض الروايات قال: وهل حصل لي هذا الفعل إلا من الصيام؟ يعني: فكونه شخصاً لا يستطيع أن يصبر في الليل ولا في النهار، هذا هو الذي يمكن أن يتحول.
حكم الاستمناء في نهار رمضان
السؤال: هل الاستمناء في نهار رمضان مثل الجماع في وجوب الكفارة؟
الجواب: ليس فيه كفارة، ولكنه يفسد صيامه وعليه القضاء ويأثم به؛ لأنه فعل أمراً محرماً لو كان في غير رمضان، فإذا كان في رمضان يكون الأمر أخطر وأخطر، ولكن ليس عليه كفارة، وإنما عليه القضاء، والكفارة إنما تجب على المجامع كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حكم من جامع أهله ثم سمع أذان الفجر فنزع
السؤال: شخص جامع أهله يظن أنه بقي شيء من الوقت في الليل، فسمع الأذان فامتنع من فعله وترك، فهل عليه شيء من الكفارة؟
الجواب: ليس عليه شيء إذا جامع في الليل، وإذا أذن وهو في الجماع ونزع فليس عليه شيء.