إن العبد الذي يعتقد برؤية الله يوم القيامة فهنيئاً له، ثم السعادة كل السعادة لهذا المرء لا ؤلئك التعساء السفهاء الذين أنكروا رؤية الله جل في علاه؛ لأن الذي يعتقد أنه سيرى ربه يوم القيامة لا بد له من أن يستعد استعداداً تاماً لرؤية الله جل في علاه، فإن البهاء والنور والنضرة تكون له برؤية ربه جل في علاه، والسعادة كل السعادة عندما ينظر إلى وجه ربه الكريم. فكفاه في الجنة النظر إلى وجهه الكريم. اللهم ارزقنا ذلك يا رب العالمين، فعلى المرء أن يستعد أتم الاستعداد لرؤية ربه يوم القيامة، بأن يحفظ بصره من كل سوء فلا ينظر إلى محرم، وإن نظر رجع وآب وتاب لربه جل في علاه. فهو يستعد استعداداً تاماً حتى يحظى بهذه المكانة بأن ينظر إلى وجه الله. وإن الله يغار، فلن يمكن لأحد استمر أو أصر على الحرام أن ينظر إليه، فعلى المرء أن يتفقد نفسه، ويحفظ بصره وسمعه وقلبه مما يغضب الله جل في علاه، حتى يفوز بهذه السعادة، وهي النظر إلى وجه الله الكريم.
إن النظر إلى وجه الله يتفاوت بين العباد كتفاوت الطاعات والمنازل. فالذي ينظر إلى وجه ربه في الفردوس ليس كالذي ينظر إلى ربه في الدرجة الأدنى من الجنة. فكل إنسان يتمتع بقدر ما هو فيه من الطاعة، فالذي في الفردوس الأعلى تعلو متعته وهو في الفردوس الأعلى مصاحباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يزور الله، وينظر إلى الله جل في علاه.
والذي في الأدنى يكون أقل متعة منه؛ لأن الإنسان الذي له همة عالية لا يرضى بالدون، بل يقول: لم أنزل عن هذه المتعة؟ بل لم لا أرتقي لأصاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى، فينظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنظر كما ينظر، وينظر أبو بكر رضي الله عنه وأنظر كما ينظر، وينظر عمر رضي الله عنه وأنظر كما ينظر. وأزور ربي كما يزوره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ؟ اللهم اجعلنا مخلصين لك يا رب العالمين، واجعلنا نعمل بدينك ولرضاك وابتغاء وجهك الكريم.
هذه الصفة الجليلة لا يصل إليها إلا المحسنون، ولا يصل إليها إلا المجدون، وقد منع منها قوم لا خلاق لهم، والله جل في علاه يكافئهم بهذا العطب الذي في قلوبهم على ما يشوشون به على أهل السنة والجماعة.