زوجات النبي صلى الله عليه وسلم هن البريئات من كل ذنب وخطيئة واتهام، العفيفات اللاتي اختارهن الله جل في علاه زوجات للنبي صلى الله عليه وسلم، والله جل في علاه قعد لنا قاعدة:
[النور:26] فلا يمكن أن يختار الله لنبيه غير الطيبة.
وأولهن:
خديجة بنت خويلد ، وهي أم أولاد النبي صلى الله عليه وسلم ما عدا
إبراهيم ، تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد زوجين ودخل بها وكان يحبها حباً جماً، واختلف العلماء في فضلها: هل هي أفضل النساء أم
عائشة؟ فـ
خديجة لها الفضل في السبق، و
عائشة لها الفضل في نشر دين النبي صلى الله عليه وسلم، ماتت
خديجة سنة عشر من البعثة قبل الهجرة.
و عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وأرضاها أريها النبي صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثاً، فقيل: هذه امرأتك، فعقد عليها وهي بنت ست، ودخل بها وهي بنت تسع.
فلو قيل: لا يمكن للنبي الشفوق الرحيم بأمته أن يتزوج بامرأة عمرها تسع سنين.
فنقول له: عقلك الخرب هذا لا يصادم حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءك الحديث وجاءك فيه إسناد كالشمس، فلا بد أن تقول: سمعت وأطعت.
توفيت رضي الله عنها سنة ثمان وخمسين هجرية.
و سودة بنت زمعة : فـسودة وعائشة تزوجهما النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة، ودخل بـعائشة في المدينة، لكن هو تزوج لما جاءته المرأة فقالت: (ألك في بكر ولك في ثيب؟ قال: من الثيب ومن البكر؟ فقالت: أما الثيب فهي سودة ، وأما البكر فهي عائشة فقبل النبي صلى الله عليه وسلم الزواج منهما)
وسودة رضي الله عنها لها مسألة فقهية عظيمة جداً ألا وهي مسألة في البيوع، وهي: مسألة المصالحة، كأن أكون أنا لي عندك دين ألف درهم وأصالحك على أن تعطيني نصفها.
فـسودة تركت ليلتها لـعائشة من أجل ألا يطلقها النبي صلى الله عليه وسلم، حتى تكون زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة، توفيت آخر خلافة عمر وقيل: سنة أربع وخمسين.
و حفصة بنت عمر بن الخطاب، كانت ثيباً، وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم عندما عرضها عمر على عثمان وعلى أبي بكر ، وكان أبو بكر لا يجيب عمر لأن النبي قد ذكرها.
ماتت سنة إحدى وأربعين هجرية.
و زينت بنت خزيمة الهلالية تكنى بـأم المساكين رضي الله عنها وأرضاها، ماتت سنة أربع هجرية.
و أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية، وعندما تقدم لها النبي صلى الله عليه وسلم رفضته لعلتين اثنتين:
الأولى: قالت: يا رسول الله! إني امرأة أغار، أي: غيرتي شديدة جداً، ما أستطيع أن تكون أنت زوجي لغيرتي.
والثانية: أن لها أيتام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما أولادك فهم عليَّ، وأما غيرتك فندعو الله جل وعلا أن يذهب عنك الغيرة) فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ماتت سنة إحدى وستين.
و زينب بنت جحش الأسدية رضي الله عنها وأرضاها، وهي بنت عمته، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد زيد رضي الله عنه وأرضاه، وماتت سنة عشرين.
و جويرية بنت الحارث الخزاعية رضي الله عنها وأرضاها، ماتت سنة تسع وخمسين.
و أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، ماتت سنة أربع وأربعين.
و صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها، ماتت سنة خمسين.
و ميمونة بنت الحارث ، خالة ابن عباس رضي الله عنها وأرضاها، ماتت بسرف سنة إحدى وخمسين، رضي الله عنها وأرضاها.
وهناك من النساء اللاتي لم يدخل بهن النبي صلى الله عليه وسلم:
الأولى: أسماء بنت النعمان ، وقد ورد حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (الحقي بأهلك) لأنه رأى بكشحها بياضاً، أي: وجد عيباً وهو البرص.
واستنبط الفقهاء من ذلك أن الزواج يمكن أن يفسخ بالعيب، فمن تزوج امرأة وكتموا عليه عيباً فيها فله أن يفسخ العقد، ولو دخل بها ووجد العيب فله أن يرضى بها وله أن يفسخ العقد بهذا العيب؛ ودليل ذلك الحديث السابق إن صح، لكنه ضعيف، فهذه قاعدة معمول بها بالأصول الشرعية التي توافقها.
والثانية: بنت أبي الجون ، وكانت من أجمل نساء العرب، فغيرة عائشة كانت شديدة، فدخلت عليها يوماً فقالت: إن أردت أن يحبك النبي صلى الله عليه وسلم حباً جماً فعندما ترينه قولي: أعوذ بالله منك، -غررت بها- فلما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أعوذ بالله منك -تحسب أنها ستنال حبه- فقال: (استعذت بمعاذ الحقي بأهلك).
وهنا استنبط العلماء فائدة عظيمة جداً ألا وهي: إن استعاذ المرء بالله أمامك فأنت لا بد أن تعيذه، ولذلك مريم قالت:
إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا
[مريم:18] فجعلت علامة التقوى أنه إذا استعاذ بالله أمامه فإنه لا يرضخ لهذه الاستعاذة.