إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. محمد حسن عبد الغفار
  5. سلسلة مسائل خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية
  6. مسائل خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية - طاعة أولي الأمر وأهمية اتخاذ الأمراء

مسائل خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية - طاعة أولي الأمر وأهمية اتخاذ الأمراءللشيخ : محمد حسن عبد الغفار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد حث الشرع على طاعة ولي الأمر؛ لما في ذلك من اجتماع الشمل، والقوة والهيبة، وما يلحقه من الأمن والأمان والاستقرار. وأما الخروج على الحكام لظلمهم وفسقهم فإنه يؤدي إلى الفوضى وضياع الأمن والاستقرار، وليس معنى طاعة ولي الأمر أن يطاع في المعصية؛ بل يطاع في طاعة الله، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    ثم أما بعد:

    إخوتي الكرام! فإننا اليوم بإذن الله سوف نختم كتاب (مسائل خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية)، ثم بإذن الله سنشرع في شرح كتاب (مختصر الصارم المسلول على شاتم الرسول)، وأصل الكتاب هو: الصارم المسلول لشيخ الإسلام ابن تيمية ، وهذا المختصر هو من أجود الاختصارات، وقد أشرف على تحقيقه الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله، وهناك مختصر آخر للدكتور صلاح الصاوي.

    فأقول: إن هذا الدين لا يؤخذ بالهوى ولا بالعاطفة، ولا بالأذهان الباردة ولا بالآراء الفاسدة، إن دين الله جل في علاه وحي يوحى، وهو يؤخذ من كتاب الله ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو شرع تحيا به البلاد والعباد، وشرع يصل به العبد إلى ربه جل في علاه.

    صور من حياة الجاهلية تبين عدم طاعة الجاهليين لأمرائهم

    إن أهل الجاهلية كانوا يأخذون دينهم من آرائهم وأهوائهم، فقد كانوا متشرذمين لا يدينون ولا ينظمون تحت راية أحد، ولا يأتمرون بأمر أحد، بل هم كسنن الذين من قبلهم يقاتلون من أجل الإمارة ويقتلون أميرهم، وما حرب البسوس منا ببعيد، هذه الحرب التي حدثت فيها المقتلة العظيمة بين أبناء العمومة، فقد كان وائل بن ربيعة وهو كليب أميراً عليهم بعد أن قتل ملك اليمن، ثم جاءت البسوس هذه بكيد منها حتى أوقعت الشحناء بين أبناء العمومة، فقتل جساس بن مرة كليباً ، ثم حدثت الحرب العظيمة بين أبناء العمومة حتى أوشكوا على الفناء في تلك المعركة، فمع أنهم ملكوه إلا أنهم لم يسمعوا له ولم يطيعوا ولم يأتمروا بأمره، وهذا دأب أهل الجاهلية، وسنن الذين من قلبهم، فاليهود والنصارى جعل لهم الله جل في علاه الأنبياء والرسل حتى يسوسوهم فلم يوافقوا ولم يسمعوا ولم يطيعوا لأنبيائهم، والله جل في علاه صور لنا هذه الأخلاقيات الفاسدة عند بني إسرائيل في كتابه في أبدع صورة حينما قال: إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ [البقرة:247]، ثم بعدما بين لهم الأسباب وأن الله زاده بسطة في العلم والجسم نهاهم عن الشرب من النهر، فأبوا إلا أن يشقوا عصا الطاعة، وشرب أغلبهم من النهر أو كلهم إلا من رحم الله جل في علاه! وكان أهل الجاهلية كذلك، فقد تشرذموا وتقطعوا ولم يأتمروا بأمير، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم ليؤسس صرحاً عظيماً، ويقعد قاعدة وركناً ركيناً، ويبين أن من تمسك بذلك فقد ارتقى ووقي وكفي وهدي وسما وعلا، وأن من لم يتمسك بذلك فكأنما تخطفته الطير أو هوت به الريح في مكان سحيق.

    وهذا التأسيس والتأصيل هو الذي أصله رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما خرجت قريش عليهم، وقد كان يعلم أنهم لا ينضوون تحت راية أحد، ولا يسمعون لأحد، وأروع ما يضرب في ذلك هو عتبة بن ربيعة في غزوة بدر، وذلك يوم أن هرب أبو سفيان بالعير، فسمع به عتبة بن ربيعة ، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أطاعوه لفازوا)، فلأنهم لما لم يأتمروا بأمير ولم ينضووا تحت راية أمير تشرذموا وفشلوا وذهبت ريحهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أخذوا بقول صاحب الجمل الأحمر لنجوا)، وصاحب الجمل الأحمر هو عتبة، وقد قال لهم عتبة : أيها الناس! إنكم ما خرجتم إلا للعير، وقد أنقذت العير، فاعصبوها برأسي، وقولوا: جبن عتبة ، يعني: أن الأمر والمسبة كلها ليست إليكم، بل اجعلوها علي بدلاً من أن يقتل الأخ أخاه والأب ابنه والابن أباه، وكان رجلاً ذا فصاحة وذكاء، فلما قال لهم ذلك جاء العربيد الفاجر أبو جهل وقال: لا والله! بل نشرب الخمر، وندق الطبول حتى تسمع بنا العرب أنا قد خرجنا لقتال محمد، فحدثت هذه المقتلة.

    والغرض المقصود: أنهم لم ينضووا تحت راية أمير، ولم يأتمروا بقول أمير أو بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما علم ذلك منهم بين أن التأسيس الذي سيأتي لا بد من التمسك به وأن يعض المرء عليه بالنواجذ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخالف أهل الجاهلية ويخالف قريشاً لما رأى منهم ذلك، وكأنه يقول: ماذا ترون طاعتي فيكم؟ فقالوا: طاعتك من طاعة الله، بمعنى: أن من أطاع رسول الله فقد أطاع الله، وقد قال الله تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80]، جل في علاه! فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني)، ولذلك أسس النبي صلى الله عليه وسلم من هنا هذا الأساس وهذا الأصل وهذا الركن الركين الذي لا بد أن نتمسك به ونعقله ونعرف فقهه حتى نعمل به فنرتقي كما ارتقوا.

    فرسول الله صلى الله عليه وسلم ما بعث سرية ولا جيشاً قط إلا وأمر أميراً عليهم، وأمره بتقوى الله في ذات نفسه ومن معه، وأمر جنده بالسمع والطاعة، حتى إنه قال: (إن كنتم ثلاثة في سفر فلتأمروا أحدكم).

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088563123

    عدد مرات الحفظ

    777351258