إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. محمد حسن عبد الغفار
  5. سلسلة أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
  6. شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - سياق ما روي عن النبي في الذنوب التي عدهن من الكبائر

شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - سياق ما روي عن النبي في الذنوب التي عدهن من الكبائرللشيخ : محمد حسن عبد الغفار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الخطأ والتقصير من طبيعة الإنسان إلا من عصمه الله، فلما كان الأمر كذلك فتح الرحمن سبحانه لعباده أبواب رحمته، وحذرهم من الإصرار على المنكرات، والإعراض عن البحث عن المكفرات، ودعاهم إلى التوبة، والتوبة لا يقبل منها إلا النصوح، وهي ما اجتمع فيها ثلاثة أشياء: الندم على ما كان، والعزم على عدم العودة، والإقلاع عن المعصية، وإن كانت المعصية متعلقة بآدمي فلابد من التحلل منه؛ ولذا اختلف العلماء في توبة القاتل.
    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    تكلمنا فيما سبق عن الكبائر، وحد الكبيرة والصغيرة، والفرق بينهما، وذكرنا هل للكبائر مكفرات من الأعمال أم لا؟ وذكرنا الخلاف بين العلماء في ذلك.

    ثم ساق المؤلف ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذنوب التي عدهن في الكبائر مثل: الشرك بالله، والقتل والزنى، وعقوق الوالدين، واليمين الغموس، وأكل الربا، والسحر، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات، وشهادة الزور، والسرقة، واستحلال البيت الحرام، والطعن في الأعراض، وتكلمنا على كثير من هذه الكبائر، وبقي منها مسألة السحر؛ لأنها وردت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (اجتنبوا السبع الموبقات) فذكر منها (الإشراك بالله، وعقوق الوالدين والسحر) والسحر أيضاً من الكبائر.

    السحر تعريفه وأقسامه

    السحر في اللغة: كل ما خفي سببه، وهو قسمان:

    سحر حقيقي، وسحر تخييلي.

    القسم الأول: السحر الحقيقي: وهو نوعان:

    النوع الأول: سحر يستخدم فيه الساحر الاستعانة بالشياطين، كما قال الله تعالى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102]، فهذا النوع فيه استخدام الشياطين والجن، حيث يستمتع به الإنس، ويلبي له رغباته في الإضرار بالآخرين، أو في جلب المنفعة له أو دفع المضرة عنه، في شيء لا يستطيعه البشر وهو في قوة الجان، وهذا ليس بدون مقابل؛ لأن الجني لا يمتع الإنسي بهذه الطلبات إلا وهو أيضاً يتمتع منه، فيجعل هذا الآدمي يشرك بالله، ويعمل المنكرات، ويقدم القرابين للجن، وهكذا يستمتع كلاً منهما بالآخر، وهذا مصداقاً لقول الله تعالى: وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ [الأنعام:128]، فقوله جل وعلا: اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ [الأنعام:128]، فيه دلالة واضحة على أن الإنسي يستمتع بالجني وأيضاً الجني يستمتع بالإنسي، حتى في أمر الجماع، فإن الجني يشارك الإنسي في ذلك، وليس هذا مقام التفصيل في هذا الموضوع.

    النوع الثاني من أنواع السحر الحقيقي: استخدام الساحر للعقاقير والأدوية، يعني: يضعها في مشروب ويقدمه للذي يريد أن يسحره، فتقع في معدة الرجل، فيتأثر به بدنه وعقله وذهنه، وحياته كلها تنقلب رأساً على عقب، وترى ذلك بالتجربة، فإذا قرأ المعالج على الذي شرب السحر، فإن معدته تغلي كالمرجل، فيرى تحركات غريبة في معدته، وهذا من أثر السحر.

    فالنوع الأول من القسم الأول هو من أكبر الكبائر؛ لأنه شرك أكبر، فالساحر يستعين بغير الله جل وعلا، ونحن شرطنا في الاستعانة بغير الله جل وعلا شروطاً:

    أن يكون المستعان به حياً حاضراً قادراً، وذلك حتى تكون هذه الاستعانة غير شركية، أما إن كان غائباً، مثل الشياطين والجن، فهذه الاستعانة كفرية شركية، ويتدرج به المرء من الشرك الأصغر إلى الشرك الأكبر، فهذه من الكبائر، ويدخل هذا النوع في الخلاف المشهور بين العلماء: هل الكبائر لها مكفرات من الأعمال أم لا؟

    وقلنا: إن هذه المسألة فيها قولان لأهل العلم: أحدهما: أن الأعمال تكفر الكبائر، بدليل حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (هل يبقى من درنه شيء؟) فإن كان بسبب ثواب يوم وليلة لا يبقى من درنه شيء، فكذلك الأعمال تكفر الكبائر.

    أما النوع الثاني من القسم الأول فهو ظلم ليس بشرك.

    القسم الثاني: السحر التخييلي: وهو ليس سحراً حقيقياً، وإنما هو خفة يد، أو خفة حركة، فهو يسحر الأعين، لا يقلب الحقائق، وهذا كما قص الله علينا في سحرة فرعون، فإنهم كانوا لا يقلبون الحقائق، يعني: أن الحبال لم تقلب حيات حقيقة، بل كانت محشوة بزئبق، وكانت تتحرك أمام الناس، ولذلك قال الله تعالى: فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف:116]، فهذا النوع أيضاً من المنهي عنه؛ لأن فيه تزييف وتزوير وغش، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من غشنا فليس منا)، فهو أيضاً من الكبائر.

    إيذاء الجار

    ثم ذكر بعد ذلك مسألة الجار، وأن إيذاءه من الكبائر، واستدل على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! والله لا يؤمن! قالوا: من يا رسول الله؟! قال: من لا يأمن جاره بوائقه).

    وهناك حديث آخر يدل على لعن الذي يؤذي جاره، فإن النبي صلى الله عليه وسلم -كما في مسند أحمد - جاءه رجل فقال: يا رسول الله! جاري يؤذيني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خذ أمتعتك وضعها في وسط الطريق، ففعل، فكان كلما مر عليه أحد يقول: يا فلان، من فعل بك هذا؟! فيقول: جاري، فيقول: لعنة الله على جارك، فكل من يمر عليه يلعن جاره)، فهذا فيه دلالة على أن إيذاء الجار من الكبائر، ويدخل أيضا الخلاف: هل تكفرها الأعمال أم لا؟

    ويبدو لي أن الإمام العلامة -أي: المؤلف- يرى أن هذه الكبائر لابد لها من توبة، وأن هذه الأعمال يمكن أن لا تكفرها، وهو بذلك كأنه ينحو نحو الجمهور، أي: أن الكبائر لابد لها من توبة، ولذلك عقب بعدها بذكر أحاديث وآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم في وجوب التوبة، وتقديم التوبة عن المعاصي، ووجوب استحلال المسلمين بعضهم من بعض قبل نزول الموت، فبدأ يتكلم عن التوبة بعد أن تكلم عن الكبائر، وكأنه يشعر بأن هذه الكبيرة لا تمحى ولا تكفر إلا بأن يأتي المرء ربه جل وعلا بتوبة نصوح.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088516396

    عدد مرات الحفظ

    777066777