قطع شجرة الرضوان وإخفاء قبر دانيال
قصة عروس النيل
وهناك قصة لطيفة ذكرها
ابن كثير في البداية والنهاية، وهي أن المصريين كانوا يعتقدون اعتقاد الفراعنة، وهو أن النيل لا يجري حتى يلقوا إليه بأجمل فتاة، وكانوا يسمونها عروس النيل، فدخل
عمرو بن العاص وهم يعتادون ذلك ويفعلونه فمنعهم من ذلك، فتوقف النيل عن الجريان، فبعث إلى
عمر بن الخطاب فقال: السلام على أمير المؤمنين، الأمر كيت وكيت، فبعث
عمر بن الخطاب بورقة مكتوب فيها: من أمير المؤمنين إلى نيل مصر -انظروا إلى التوحيد الخالص وحسم مادة الشرك- إن كنت تجري بنفسك فلا تجر، وإن كنت تجري بأمر الله فعليك أن تجري.
لقد صنع عمرو هذا حسماً لمادة الشرك، وسداً لذريعة الاعتقاد في غير الله ما لا يعتقد إلا في الله.
فإن كل من اعتقد في غير الله ما لا يعتقد إلا في الله فقد أشرك.
فهم اعتقدوا في النيل ما لا يعتقد إلا في الله، فالذي يوقف الماء هو الله جل وعلا فهو الذي أمر موسى أن يضرب البحر فكان كالطود العظيم، فهم حين اعتقدوا في النيل ما لا يعتقد إلا في الله وقعوا في الشرك، فحسماً لمادة الشرك وسداً للذريعة بعث إليهم عمر بهذه الكلمات، ليعلموا أن النيل لا يجري بنفسه حتى لا يعتقدوا فيه اعتقاداً باطلاً، فإن الاعتقاد الصحيح أن النيل لا يجريه إلا رب النيل جل في علاه.
وأيضاً: عمر بن الخطاب كان دائماً يضرب من لا يعتقد في الله الاعتقاد الصحيح، كالذي اعتقد في القدر فإن عمر أخذه وضربه ضرباً مبرحاً حتى قال له: انتهيت انتهيت أي: رجعت إلى صوابي.
تسوية القبور المشرفة وبيان أن الحجر الأسود لا يضر ولا ينفع
النهي عن استلام الركن الشامي من الكعبة
لا يوجد أحد من الصحابة طاف حول مقام إبراهيم أو قبل مقام إبراهيم أو تمسح بمقام إبراهيم، بل من يفعل ذلك يضرب ويعلَّم أن هذا من أبواب الشرك.
ولذلك لما دخل معاوية وهو أمير المؤمنين رضي الله عنه البيت وابن عباس جالس، فنظر ابن عباس فوجد معاوية يطوف ويمسح الأركان كلها، فقال له ابن عباس : ألا يكفيك أن تمسح بالركنين اليمانيين: الحجر الأسود، والركن اليماني؟ فقال معاوية : ليس شيء من البيت مهجوراً، وهذا في مسند أحمد بسند صحيح، فقال له ابن عباس : إن لكم في رسول الله أسوة حسنة، فاستلم ما استلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: صدقت! إن لكم في رسول الله أسوة حسنة.
فـابن عباس يحرج على معاوية أن يمسح حجراً لم يمسحه النبي صلى الله عليه وسلم؛ وحتى لا يستدعيه ذلك إلى التعظيم، والتعظيم يصل بالإنسان إلى الغلو، والغلو يصل بالإنسان إلى الشرك.
وقد اختلف العلماء هل يقبل الركن اليماني أو لا يقبل؟ والصحيح الراجح أنه لا يقبل إلا الحجر الأسود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قبل إلا الحجر الأسود، ونحن ما قبلناه لتعظيمه وإنما قبلناه لتقبيل النبي صلى الله عليه وسلم له.
النهي عن شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة
التحذير من التصوير
فإن النبي صلى الله عليه وسلم منع التصوير حسماً للمادة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن المصور سيعظم، وأن الذي سيعظم سيغالى فيه، وإن غالى فيه القوم فإنهم سيعبدونه من دون الله جل في علاه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله المصورين) وقد ذكرت أن أصل الشرك في الأمم السابقة هو الغلو في الصالحين، وسبيله إلى ذلك هو التصوير، فقد صنعوا تماثيل للصالحين صوروهم بها كود وسواع ويغوث وغيرهم.
فكانت التصاوير سبيلاً للغلو فيهم، ثم بعد ذلك وصلوا إلى أن أشركوا بهم مع الله جل في علاه، وسواء الصور الفوتغرافية أو غير الفوتغيرافية، والخوف منها لأسباب كثيرة منها:
شرك الغلو والتعظيم، فأنت عندما تصور رجلاً تعلق هذه الصورة في بيتك فإنك ستصل بالتعليق إلى التعظيم، وإن وصلت إلى التعظيم وصلت إلى الغلو وكانت ذريعة إلى الشرك.
وحسماً لهذه المادة منع الله من التصوير على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله المصورين) وهذه اللعنة معناها الطرد من رحمة الله جل في علاه.
وأيضاً: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بالمصور يوم القيامة فيؤمر بالنفخ في الصور بالروح وليس بنافخ)، لأنه يضاهي خلق الله بما فعل، فحسم النبي صلى الله عليه وسلم هذه المادة، وحسم الصحابة ذلك بأنهم منعوا التصاوير والتماثيل.
ومن حسم المادة وسد الذريعة أن كل صحابي منع أن يعلو قبره في وصيته، كما أوصى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه.
وقد اختلف العلماء في زيارة القبور هل هي مكروهة أم مستحبة أم هي مباحة؟ وهذا الذي سنعرفه لاحقاً إن شاء الله تعالى.
ثم الكلام على القسم بالأنبياء على الله، هل يصح أو لا؟ وأنها أيضاً: وسيلة للشرك بالله جل في علاه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.