إسلام ويب

تفسير سورة المؤمنون [57 - 66]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بين الله عز وجل في كتابه صفات عباده المؤمنين من أجل أن يتصف بها المسلم، ويتخلق بها في حياته، ويظهرها في سلوكه، فوصفهم الله عز وجل بأعظم الصفات وأفضلها وأرقاها، فهم في خشية منه سبحانه، مؤمنون به، بعيدون عن الشرك، خائفون وجلون منه سبحانه، مع مسابقتهم بالخيرات بين يديه تقرباً إليه. ومن رحمته سبحانه بخلقه أنه لم يكلفهم ما يشق عليهم، أو يوقعهم في الحرج، وإنما كلفهم ما يستطيعونه ويقدرون عليه، ومع هذه الرحمة منه سبحانه بعباده إلا أن الكفار بعيدون عن هديه ودينه، معرضون على شرعه وكتابه، لا يعرفونه إلا وقت الشدائد والأزمات.
    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    أما بعد:

    قال الله عز وجل في سورة المؤمنون: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ * وَلا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ * حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ * لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنصَرُونَ * قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ [المؤمنون:57-66].

    أخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات عن صفات للمؤمنين ترفعهم عند الله سبحانه وتعالى.

    ومن أهم هذه الصفات: الخشية من الله سبحانه وتعالى، والإيمان بآيات الله، وعدم الشرك بالله سبحانه، والخوف من عدم قبول الأعمال، قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ [المؤمنون:57]، أي: أنهم يخافون من الله سبحانه وتعالى، ويشفقون من لقائه.

    فكل إنسان منهم يتهم نفسه في معاصيه لعلها لا تغفر له، ويتهم نفسه في طاعته لعلها لا تقبل منه، كما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) فهم قد عرفوا قدرة الله سبحانه، وعرفوا عذابه فكانوا مشفقين من عذابه.

    قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ [المؤمنون:58]، أي: أنهم صدقوا بكل ما جاء من عند رب العالمين سبحانه، وعملوا بمقتضى هذا التصديق، قال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ [المؤمنون:59]، أي: أنهم لما صدقوا لم يجعلوا مع الله إلهاً آخر يتوجهون إليه بالعبادة، ولم يشركوا في عبادتهم لله عز وجل شيئاً، ولم يراءوا ولم يسّمعوا بعملهم، وإنما عملوا لله مخلصين له في دينه.

    قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ [المؤمنون:60]، جاء في الحديث أن السيدة عائشة رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الذين: يُؤْتُونَ مَا آتَوا، قالت: (أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون وهم مشفقون خائفون من الله عز وجل؟ فقال: لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون).

    فالإنسان المؤمن يصوم ويصلي ويتصدق ويفعل الطاعات، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويخشى ألا يقبل منه ذلك فهو يخلص لله سبحانه وتعالى، ويتوجه إليه بالدعاء أن يستجيب له سبحانه، وأن يتقبل منه هذا العمل، قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا) أي: أنهم عملوا أعمالاً سجلتها الملائكة، فآتوا الملائكة ما يكتبونه في الكتب التي بأيديهم.

    وقوله: (وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)، أي: أنهم يعلمون أنهم سيرجعون إلى الله وسيقفون بين يديه، وأنه سيحاسبهم ويجزيهم سبحانه، فخافوا من ذلك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089151671

    عدد مرات الحفظ

    782211383