إسلام ويب

شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة - أعمال يوم النحر [1]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في يوم النحر يرمي الحجاج جمرة العقبة، ثم يذبحون الهدي، ثم يحلقون أو يقصرون، ثم يطوفون طواف الإفاضة، هكذا رتبها النبي صلى الله عليه وسلم، فمن أتى بها مرتبة هكذا فقد أصاب السنة، ومن قدم شيئاً على شيء فلا حرج عليه وحجه صحيح.
    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    وصلنا في الكلام على مناسك الحج إلى مسألة ذكر الله سبحانه عند المشعر الحرام، وذكرنا أن مناسك الحج يبدأ بها الحاج من يوم التروية، فيبدأ بالإحرام للحج إذا كان متمتعاً بالعمرة إلى الحج، أو جاء في هذا اليوم محرماً بالحج، فيتوجه إلى منى في يوم التروية، ويصلي هناك الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويبيت تلك الليلة وهي ليلة عرفة فيصلي الفجر بمنى، ثم يخرج من منى إلى عرفات، وهناك يصلي الظهر والعصر ويشهد خطبة عرفة، ويمكث في عرفات من الزوال حتى غروب الشمس في ذكرٍ لله سبحانه وتعالى، ويكثر من الدعاء والتلبية، ومن الانشغال بعبادة الله سبحانه في هذا اليوم.

    وإذا غربت الشمس يفيض الحجيج من عرفات إلى المزدلفة، فمتى وصل إلى المزدلفة صلى هنالك المغرب والعشاء جمع تأخير، وكان قد صلى الظهر والعصر مع الإمام في عرفات وجمعهما جمع تقديم، وأما المغرب والعشاء فيصليها في المزدلفة جمع تأخير، ثم يبيت هذه الليلة في المزدلفة، والسنة أن يبيت فيها حتى الفجر، ثم بعد أن يصلي الفجر يقف عند المشعر الحرام، ويذكر الله سبحانه وتعالى إلى وقت الإسفار.

    ويجوز للضعفاء من النساء ومن معهم أن يخرجوا في هذه الليلة بعد منتصف الليل، فهم قد أمضوا نصف الليل الأول في الطريق وفي المزدلفة، وبعد نصف الليل بفترة يخرجون إلى منى، والأفضل أن يبيت الجميع هنالك بحسب ما يتيسر لهم، لكن المهم أن الحاج إذا بات بمزدلفة فلا يخرج منها قبل نصف الليل الثاني، وهنا لا بد أن يكون الخروج بعد منتصف الليل الأول، فإذا تعجل في الانصراف فليكن قد مضى عليه على الأقل نصف الليل الأول، ودخل في النصف الثاني من الليل، ثم بعد ذلك ينصرف إلى منى.

    الوقوف عند المشعر الحرام ووقته

    وسنة النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت في المزدلفة إلى الفجر، ويصلي الفجر في أول وقتها، ثم يقف عند المشعر الحرام، وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم على جبل قزح وذكر الله سبحانه وتعالى.

    فإذا صلوا الصبح توجهوا إلى المشعر الحرام عند جبل اسمه (قزح)، وهو جبل صغير معروف في آخر المزدلفة، فيتوجه إليه حتى يصعد عليه إن أمكنه وإلا وقف عنده أو تحته، ويقف مستقبل الكعبة، فيدعو ويحمد الله ويكبره ويهلله ويوحده، ويكثر من التلبية.

    وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم الفجر في المزدلفة في أول وقتها؛ لأنه سيخرج قبل الشروق من المزدلفة متوجهاً إلى منى، فيجد وقتاً للدعاء بين صلاة الفجر وبين الإسفار، وحتى يخرج صلى الله عليه وسلم متوجهاً إلى منى مخالفاً لما كان عليه المشركون، إذ كانوا يخرجون إلى منى بعد طلوع الشمس، فخالفهم وخرج قبل طلوع الشمس عليه الصلاة والسلام.

    ووقوف الرسول عند المشعر الحرام حيث أمكنه ينطبق عليه في حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (نحرت هاهنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف).

    والغرض: بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا وقف في مكان فلا يشترط أن كل الحجاج يقفون في المكان نفسه، فإنه لا يكفيهم ذلك الموضع، وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم أسفل جبل الرحمة، وقال لنا: (عرفة كلها موقف)، أي: في أي موقف من عرفة وقفت فيه أجزأك.

    كذلك وقف النبي صلى الله عليه وسلم في جمع على جبل قزح، وقال: (وجمع كلها موقف) .

    وجمع: هي المزدلفة، والمراد: وقفت على قزح وجميع المزدلفة موقف، لكن أفضلها قزح، كما أن عرفات كلها موقف، وأفضلها موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ومن السنة أن يبقوا واقفين على قزح للذكر والدعاء إلى أن يسفر الصبح جداً، أي: إلى أن يتحول لون السماء من لون السواد إلى اللون الأزرق، ويصبح كل إنسان يرى من بجواره، فقبل أن تطلع الشمس وقبيل طلوع الشمس ينصرفون إلى منى.

    ولو تركوا هذا الوقوف فاتتهم الفضيلة، ولكن هذا الوقوف ليس من واجبات الحج، وليس من أركان الحج، فلا إثم عليهم في الترك، ولكن خالفوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم إذا تركوا هذا الوقوف.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089169802

    عدد مرات الحفظ

    782372416