إسلام ويب

تفسير سورة البقرة [137-143]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يذكر الله تعالى أن الكفار من أهل الكتاب وغيرهم إن آمنوا بمثل ما آمن به المؤمنون فهم على خير حال، وإن لم يكن منهم ذلك فلا خير فيهم، وهم في شر حال. وقد ذكر تعالى عن أهل الكتاب زعمهم أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب كانوا يهوداً أو نصارى، مع أن هؤلاء الأنبياء كانوا قبل مجيء اليهودية والنصرانية، ثم لو كانوا كما يزعمون فهم مخالفون لهم كل المخالفة. كما ذكر تعالى أنه جعل أمة محمد أمة وسطاً تشهد على جميع الأمم يوم القيامة، ويشهد على هذه الأمة نبيها صلى الله عليه وسلم.
    قال تعالى: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ [البقرة:137-138].

    قال المؤلف رحمه الله: [ يقول تعالى: فَإِنْ آمَنُوا يعني: الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ يا أيها المؤمنون! من الإيمان بجميع كتب الله ورسله، ولم يفرقوا بين أحد منهم، فَقَدِ اهْتَدَوا أي: فقد أصابوا الحق وأرشدوا إليه، وَإِنْ تَوَلَّوْا أي: عن الحق إلى الباطل بعد قيام الحجة عليهم، فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ أي: فسينصرك عليهم، ويظفرك بهم.

    وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، قال ابن أبي حاتم قرأ على يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرنا زياد بن يونس قال حدث النافع بن أبي نعيم قال: أرسل إلي بعض الخلفاء مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه ليصلحه. قال زياد : فقلت له: إن الناس ليقولون: إن مصحفه كان في حجره حين قتل، فوقع الدم على: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة:137].

    فقال نافع : بصُرت عيني بالدم على هذه الآية، وقد قدم ].

    يعني: صار قديماً؛ لأنه قد طالت عليه المدة. ولا بأس بسنده، وهذا قد حصل للثوار الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه من الإذلال والإهانة والذم لهم إلى يوم القيامة، وهذا من كفاية الله لـعثمان رضي الله عنه.

    قال المؤلف رحمه الله: [ وقوله: صِبْغَةَ اللَّهِ [البقرة:138]، قال الضحاك عن ابن عباس : دين الله، وكذا روي عن مجاهد وأبي العالية وعكرمة وإبراهيم والحسن وقتادة والضحاك وعبد الله بن كثير وعطية العوفي والربيع بن أنس والسدي نحو ذلك. وانتصاب صِبْغَةَ اللَّهِ إما على الإغراء، كقوله: فِطْرَةَ اللَّهِ [الروم:30]، أي: الزموا ذلك عليكموه، وقال بعضهم: بدلاً من قوله: مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ [البقرة:135]، وقال سيبويه : هو مصدر مؤكد انتصب عن قوله: آمَنَّا بِاللَّهِ [البقرة:136]، كقوله: وَعْدَ اللَّهِ [النساء:122]، وقد ورد في حديث رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه من رواية أشعث بن إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن بني إسرائيل قالوا: يا رسول الله! هل يصبغ ربك؟ فقال: اتقوا الله، فناداه ربه: يا موسى، سألوك هل يصبغ ربك؟ فقل: نعم، أنا أصبغ الألوان: الأحمر والأبيض والأسود والألوان كلها من صبغي) ].

    فقوله: صِبْغَةَ اللَّهِ [البقرة:138] يعني: دين الله، مثل: البر والتقوى والاستقامة على طاعة الله، ومن قصر من طاعته لله فقد نقص من صبغته، فقوله: صِبْغَةَ اللَّهِ أي: الزموا دين الله.

    قال المؤلف رحمه الله: [ وأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم: صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً [البقرة:138]

    كذا وقع في رواية ابن مردويه مرفوعًا، وهو في رواية ابن أبي حاتم موقوف، وهو أشبه إن صح إسناده، والله أعلم ].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088797527

    عدد مرات الحفظ

    779103153