إسلام ويب

شرح عمدة الفقه كتاب الصلاة [4]للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده رفيق بهم، والصلاة من أعظم فرائضه سبحانه عليهم، ومع ذلك خفف عنهم بعض أركانها، فمثلاً المريض خفف عنه ركن القيام إن لم يقدر عليه، بل سائر المكلفين إن شاءوا الصلاة قعوداً في النافلة فلهم ذلك، ومن رحمة الله بالعباد في الصلاة أن من سها عن أداء واجب من واجباتها جبره بسجدتي السهو.

    مع القدرة

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب أركان الصلاة وواجباتها.

    أركانها اثنا عشر: الأول: القيام مع القدرة ].

    وهذا بالإجماع، فلا تصح الفريضة من الجالس إذا كان يقدر، إلا المؤتمون إذا كان إمام الحي مريضاً وصلى قاعداً فإنهم يصلون خلفه قعوداً، كما سبق في صحيح مسلم استحبابه.

    هذا ركن بالإجماع، فلا تسقط سهواً ولا عمداً ولا جهلاً، فلابد من القيام، فإن عجز عن القيام صلى قاعداً، فإن عجز صلى على جنبه الأيمن، فإن عجز صلى مستلقياً ووجهه إلى القبلة، كما جاء في حديث عمران بن حصين : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)، زاد النسائي : (فإن لم تستطع فمستلقياً)، تكون رجلاه إلى القبلة، فإذا صلى قاعداً في الفريضة وهو يستطيع فصلاته باطلة بالإجماع، فلابد من القيام مع القدرة.

    تكبيرة الإحرام

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ الثاني: وتكبيرة الإحرام ].

    وهذه ركن بالإجماع، فلا تنعقد الصلاة إلا بها، فمن لم يكبر تكبيرة الإحرام لا تنعقد صلاته.

    ولا يجزي إلا قول: (الله أكبر)، فلو قال: الله الأجل أو الله الأعظم، لا يجزئ هذا، خلافاً لما روي عن بعض الأحناف أنه يجزي أن يقول: الله أكبر الله أجل، وهذا قول ضعيف لا وجه له.

    أما الجلوس في النافلة فيجوز، فلك أن تصلي جالساً ولو كنت مستطيعاً على القيام، لكن لك نصف أجر القائم، ويجوز للإنسان أن يصلي النافلة قاعداً، كالراتبة في الليل.. وصلاة الضحى.. والوتر.. ونحوهن، لكن ليس لك من الأجر إلا النصف، إلا إذا كنت عاجزاً فأجرك تام؛ كما ثبت من حديث أبي موسى : (إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً).

    قراءة الفاتحة

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ الثالث: وقراءة الفاتحة ].

    قراءة الفاتحة ركن أيضاً بالإجماع بالنسبة للإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) فهي ركن في حق الإمام.

    أما المأموم ففيه اختلاف كما سبق، فمن العلماء من قال: تسقط عن المأموم في الصلاة السرية والنافلة.

    وقال آخرون: تجب عليه في السرية دون الجهرية.

    وقال آخرون: تجب عليه في السرية ولا تجب في الجهرية، وهذا مذهب الجمهور، ويستدلون بحديث: (من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة).

    وقال آخرون: إنها واجبة في حق المأموم، يعني: أقل من الركن، ولا تسقط لا في السرية ولا في الجهرية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قالوا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) فتكون مستثناة من قوله: (لا صلاة لمنلم يقرأ بفاتحة الكتاب)، وهذا في حق المأموم، أي: أنه واجب مخصص.

    لكن إذا أدرك الإمام راكعاً سقطت عنه؛ لحديث أبي بكرة : أنه لما جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع كبر دون الصف، ثم دب دبيباً فدخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (زادك الله حرصاً ولا تعد) ولم يقل: أعد الركعة، فدل على أن المأموم إذا أدرك الإمام راكعاً سقطت عنه الفاتحة، وكذلك إذا أدرك الإمام في آخر القيام ولم يتمكن من قراءتها أو نسي قراءتها أو قلد من يقول: إنها ليست واجبة فإنها تسقط عنه في هذه الحالة.

    وقال آخرون: إنها لا تسقط مطلقاً حتى في حق من أدرك الإمام راكعاً، وإذا أدرك الإمام راكعاً فإنه يقضي تلك الركعة، وهذا اختيار البخاري رحمه الله وجماعة، وألف في هذا رحمه الله رسالة سماها: جزء القراءة، ذكر فيها الأدلة، ورجح أن القراءة لا تسقط عن المأموم بحال مطلقاً، ومن لم يقرأ الفاتحة يقضي الركعة ولو أدرك الإمام راكعاً، لكن المعروف عند المحققين -وورد فيه جمع من الأحاديث- أن المأموم إذا أدرك الإمام راكعاً سقطت عنه وأدرك الركعة؛ لحديث أبي بكرة.

    الركوع والرفع منه

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ الرابع: والركوع، الخامس: والرفع منه ].

    الركوع أيضاً ركن لابد منه؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الحج:77]، والواجب في الركوع أن يهوي حتى تصل يداه إلى ركبتيه قبل رفع الإمام رأسه، وكونه يمد صلبه ويجعل رأسه حيال ظهره هذا مستحب، وهو الأكمل في الركوع، وهذا ركن لابد منه، لا يسقط لا جهلاً ولا سهواً ولا عمداً.

    كذلك لابد من الرفع من الركوع.

    السجود على سبعة أعضاء

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ السادس: والسجود على السبعة الأعضاء ].

    السجود على الأعضاء السبعة ركن لا تتم الصلاة إلا به، والأعضاء السبعة هي: اليدان، والركبتان، وأطراف القدمين، والجبهة والأنف، فهما واحد، ولابد أن يسجد عليها كلها، فإن سجد على ستة أعضاء من أول السجود إلى آخره بطلت السجدة، وإذا رفع أحد الأعضاء من أول السجود إلى آخره ما صحت السجدة.

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، اليدين، والرجلين، وأطراف القدمين، وأشار إلى جبهته وأنفه) وفي بعضها: (أمر الناس أن يسجدوا على سبعة آراب) يعني: أعضاء.

    وإذا لم يسجد على السبعة الأعضاء سقطت السجدة، فإذا أمكن الإعادة فيعيد، وإذا تجاوزها تبطل الركعة ويأتي بدلها بركعة أخرى.

    الرفع من السجود والطمأنينة والتشهد الأخير والجلوس له

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ السابع: والجلوس عنه ].

    يعني: الرفع من السجود والجلوس.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ الثامن: والطمأنينة في هذه الأركان ].

    الطمأنينة: هي الركود والسكون حتى يعود كل مفصل إلى موضعه.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ التاسع: والتشهد الأخير، العاشر: والجلوس له ].

    التشهد الأخير والجلوس فيه هذان ركنان، والقراءة في التشهد ركن أيضاً.

    التسليمة الأولى

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ الحادي عشر: والتسليمة الأولى ].

    التسليمة الأولى، أما التسليمة الثانية فهي مستحبة على هذا القول، والقول الثاني والمذهب الذي نص عليه فيه: والتسليمتان، أي: أنهما ركن، وهنا قال: التسليمة الأولى، فهي الواجبة عند الجمهور والتسليمة الثانية فيها اختلاف، وأوجبها بعض العلماء؛ ولهذا لو سلم المأموم قبل التسليمة الأولى ما صحت صلاته، فإن سلم بعد التسليمة الأولى ففيه اختلاف.

    الترتيب

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ الثاني عشر: وترتيبها على ما ذكرناه ].

    يعني: الترتيب على ما سبق، وقد أسقط بعض الأركان هنا.

    والشيخ محمد بن عبد الوهاب ذكر أركان الصلاة أربعة عشر ركناً، وذكر منها: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والاعتدال بعد الركوع، وكذلك الاعتدال بين السجدتين، ولم يذكر الترتيب بين الأركان، فتكون أربعة عشر ركناً.

    والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جعلها هنا واجبة.

    والقول الثاني وهو المذهب: أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ركن من أركان الصلاة، وهنا لم يعدها من الأركان، وإنما عدها من الواجبات، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيها اختلاف فقيل: إنها ركن، وقيل: إنها واجب، وقيل: إنها سنة، والأقرب: أنها واجبة كما ذكر صاحب العمدة.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال: فهذه الأركان لا تتم الصلاة إلا بها ].

    فلا تسقط سهواً ولا عمداً ولا جهلاً، بل لابد من الإتيان بها، لكن إذا ترك شيئاً منها -ركعة أو سجدة- ناسياً ثم تذكر فيأتي به وبما بعده، فإن لم يذكره حتى وصل إلى مكانه من الركعة الثانية ألغيت الركعة الأولى وصارت التي بعدها عوضاً عنها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088800134

    عدد مرات الحفظ

    779119662