إسلام ويب

آفاق لا إله إلا اللهللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الأمة العربية كانت تعيش قبل الإسلام في جهل وظلام، فجاء الإسلام بـ(لا إله إلا الله) التي رفعت الأمة، وجعلتها أمة قائدة لا مقودة، وأمة متبوعة لا تابعة، فيجب علينا أن نعرف (لا إله إلا الله) ونعرف فضلها ومعناها في حياتنا، ونعرف نواقضها وشروطها ومقتضياتها، حتى نحذر مما يلبسه علينا أصحاب الاعتقادات الباطلة الذين يغالطون في فهمها، ويجب أيضاً أن نعرف ما هي العوامل التي تثبتنا على (لا إله إلا الله) حتى نلقى الله عليها.
    إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    إن الاجتماع تحت مظلة (لا إله إلا الله) من أسعد الفرص في الحياة، وإن النسب الذي جمعنا بكم والذي ألف بين قلوب هذه الأمة هو نسب (لا إله إلا الله) وإنني بهذه المناسبة أشكر أهل الفضل على فضلهم، وعلى رأسهم فضيلة الشيخ سليمان الجمعان الذي دعا لهذه المحاضرة ونظَّم لها، فعسى الله عز وجل أن يجعل هذه المحاضرة في ميزان الحسنات، وأن يجعلها عربون مودة نجتمع بها وإياكم في دار المودة، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:55].

    وعنوان هذه المحاضرة: (آفاق لا إله إلا الله) وعناصرها هي:

    الأول: فضل لا إله إلا الله وحديث معاذ رضي الله عنه وأرضاه.

    الثاني: أحاديث في لا إله إلا الله.

    الثالث: الأمة قبل لا إله إلا الله.

    الرابع: ومعنى لا إله إلا الله في حياة المسلم.

    الخامس: نواقض لا إله إلا الله.

    السادس: الفهم الخاطئ الذي يفهمه بعض الناس في لا إله إلا الله.

    السابع: لا إله إلا الله والمرجئة.

    الثامن: من لوازم قول: لا إله إلا الله قول: محمد رسول الله.

    التاسع: أول واجبات المكلف: الشهادة لا النظر والاستدلال.

    العاشر: عوامل الثبات بلا إله إلا الله وكيفية الثبات بها حتى نلقى الله.

    حديث معاذ أصل من أصول التوحيد

    جاء في الصحيحين عند البخاري ومسلم وأصل الحديث عند أحمد في المسند، عن معاذ رضي الله عنه، وأنا أذكره بلفظ قريب من لفظ المسند، قال: {ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار اسمه: عفير أو يعفور} هذا اسم حمار الرسول عليه الصلاة والسلام، يقول بعض الزنادقة: لماذا يذكر المحدثون اسم الحمار؟ وما هي الفائدة من ذلك؟ ولماذا يذكرون لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم ركب الحمار؟ وهذا خطأ في فهمهم فإنه يترتب على ذلك فوائد جمة:

    منها: جواز الركوب على الحمار.

    ومنها: أن ملامسة الحمار لا تنجس.

    ومنها: طهارة لعاب الحمار عند بعض أهل العلم وسؤره.

    ومنها: جواز الإرداف على الدابة.

    ومنها: تواضعه عليه الصلاة والسلام.

    هذا الرسول -بأبي هو وأمي- الذي يركب الحمار؛ أنقذ الله به الأمة من النار إلى الجنة؛ وأخرجها من الظلمات إلى النور، قال تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الجمعة:2] قال معاذ: {فركب صلى الله عليه وسلم، فقال -لما ركب الحمار- اركب يا معاذ!} وعند أبى داود: {الرجل أحق بصدر دابته} والرسول صلى الله عليه وسلم هو صاحب الدابة، وهذا الحمار أهداه إليه مقوقس مصر، قال: {اركب يا معاذ! قلت: امض يا رسول الله -رفض أن يركب معاذ خجلاً وحياءً من الرسول صلى الله عليه وسلم- قال: اركب، فركبت.. فمضينا قليلاً، فعثر الحمار فسقطنا}.

    هذه رواية أحمد تجدونها في الفتح الرباني في المجلد الأول- قال: {فقمت أذكر أسفاً وخجلاً، وقام صلى الله عليه وسلم يضحك}.

    انظر التواضع! وانظر هذا الإنسان الذي عصم الله سمعه وفؤاده وبصره! قال تعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى [النجم:1-3].

    قال: {فركبنا مرة ثانية فعثر الحمار فسقطنا، فقام صلى الله عليه وسلم يضحك وقمت خجولاً -يقول معاذ رضي الله عنه- ثم ركبت مع الرسول عليه الصلاة والسلام، فمضى قليلاً، فقال: يا معاذ! قلت: لبيك وسعديك يا رسول الله! -وهذه أحسن كلمة يقولها المسلم- قال: أتدري ما حق الله على العباد؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، ثم مضى قليلاً، وقال: يا معاذ! أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإن حقهم إذا فعلوا ذلك ألا يعذبهم} وهذا الحديث أصل من أصول التوحيد، وهي الكلمة العليا التي أتى بها صلى الله عليه وسلم.

    فضل كلمة التوحيد

    وأما فضلها فإن العبد يخرج بها من الكفر إلى الإيمان، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام من حديث معاذ أنه قال: {من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة} والمعنى: من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ فنسأل الله أن يتوفانا وإياكم على هذه الكلمة.

    وقد قرأت لـأبي زرعة قصة عن لا إله إلا الله؛ وهذا المحدث الكبير ذكر عنه الذهبي في التذكرة، وفي غيرها من الكتب: أنه لما حضرته الوفاة أُغمي عليه، فقال أصحابه وتلاميذه: نريد أن نُذكِّر الإمام بلا إله إلا الله، واستحيوا أن يقولوا: قل: لا إله إلا الله؛ لأنه عالم وفقيه، فقالوا: نتذاكر سندها فإذا ذكرنا السند فسيذكر هو لا إله إلا الله، فأتوا يتذاكرون السند فنسوه، قالوا: فاستفاق من إغمائه وكان مغمىً عليه، وقال: حدثنا فلان عن فلان عن فلان، عن معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة} ثم مات، وهذا من التثبيت الذي يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عنه: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:27].

    وقد سمع عليه الصلاة والسلام -فيما يروى عنه- أعرابياً خرج من بيته في ظلام الليل يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، قال عليه الصلاة والسلام: {نجوت من النار ورب الكعبة} وسوف نذكر الفهم الخاطئ الذي يفهمه بعض الناس، وهو أن يقول: لا إله إلا الله ثم يرتكب المنهيات ويترك الواجبات، فإن هذا فيه تفصيل.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088528706

    عدد مرات الحفظ

    777145097