إسلام ويب

فتية آمنوا بربهمللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إنهم أصحاب الكهف، ما هو سبب انعزالهم عن قومهم في الكهف؟

    ولماذا بعثهم الله بعد نومتهم؟

    ولماذا ذكر الله هذه القصة؟

    تصفح وانظر الفوائد الجليلة من هذه القصة العظيمة.

    اللهم لك الحمد خيراً مما نقول، وفوق ما نقول، ومثلما نقول، لك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد بمحمد صلى الله عليه وسلم، عزَّ جاهك، وجلَّ ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، في السماء ملكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك، وفي الجنة رحمتك، وفي النار سطوتك، وفي كل شيء حكمتك وآيتك، أنت رب الطيبين لا إله إلا أنت، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا.

    والصلاة والسلام على صاحب الصراط الممدود، واللواء المعقود، والحوض المورود، صلى الله على أفضل من نطق بالضاد، فوعته أذن البشرية، وعلى من تكلم بالدعوة فهَّد بها كيان الوثنية، وعلى من فتح له باب الفتح، فهدى به الله الإنسانية.

    كسَّر الله به ظهور الأكاسرة، وقَصَّر الله به آمال القياصرة، وزلزل به عروش الظلمة الذين طغوا وبغوا حتى أرداهم ظلمهم في الحافرة، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أمَّا بَعْد:

    سبب ذكر الله لقصة أصحاب الكهف

    أيها الناس: اجتمع كفار قريش -وقد أورد هذه القصة ابن إسحاق - في الحرم يوم بعث رسول الهداية صلى الله عليه وسلم، فقال قائلهم: ما ترون لهذا الرسول الذي يزعم أنه نبي؟

    قال النضر بن الحارث: ما نرى إلا أن نذهب إلى اليهود في المدينة، فنسألهم أسئلة نضعها بين يديه، فإن كان صادقاً اتبعناه، وإن كان كاذباً طردناه، قالوا له: اذهب أنت وعقبة بن أبي معيط.

    فذهب الرجلان الكاذبان الآثمان الغاشمان الظالمان إلى أحبار اليهود في المدينة، فعرضوا عليهم نبأ رسالة المصطفى صلى الله عليه وسلم، قالوا: اعطونا من كتبكم شيئاً، فأنتم أهل كتاب نسأله عنه، فإن كان صادقاً اتبعناه، وإن كان كاذباً طردناه، قال أحبار اليهود: إذا رجعتم إليه في مكة، فاسألوه عن ثلاث: سلوه عن شباب سلف بهم الدهر، وفتية مشوا في أول الزمان أين ذهبوا؟ وأين اختفوا؟ واسألوه عن ملك من الملوك ملك الدنيا من شرقها إلى غربها -ذهب إلى المشرق وإلى المغرب- واسألوه عن الروح.

    فرجعوا واجتمعوا بالرسول صلى الله عليه وسلم -بالأمي الذي لا قرأ ولا كتب: وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت:48-49].

    واستدعوه من بيته، وأتى الصادق الأمين الواضح المبين الوفي -عليه الصلاة والسلام- فجلس معهم، قالوا: نسألك عن ثلاث، قال: اسألوا ما بدا لكم. فسألوه عن الفتية، وعن الملك، وعن الروح.

    فقال: {أنظروني إلى غد، وفي الغد أخبركم} ولم يقل: إن شاء الله، ولو قال: "إن شاء الله" لنزل جبريل غداً بالوحي من السماء، فتعاليمه طاهرة قدسية.

    إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى [النجم:4-6] كلامه ومنهجه ومبدؤه وعقيدته تأتي من فوق سبع سماوات، لا من التراب والطين؛ والخرافات والخزعبلات؛ والكهنة والشعوذة، وإنما يأتي وحياً صادقاً واضحاً من السماء، لكنه ما قال: "إن شاء الله" وفي الغد اجتمعوا ودعوه وأتىصلى الله عليه وسلم خجولاً مستحياً متحسراً حزيناً، على أنه لم يأته الوحي، لأنه لم يقل: "إن شاء الله" قال: أنظروني، فاستهزءوا به خمسة عشر يوماً، وبعد خمسة عشر يوماً نزل جبريل بقول الحق من السماء، ولنستمع سوياً إلى الله عز وجل، وهو يخبرنا ويجيب على هذه الأسئلة الثلاثة.

    فالله يفتي فيها من فوق سبع سماوات، ويخبر عن الفتية، وعن الملك، وعن الروح.

    أولاً: يبتدئ القصة بأسلوب عجيب، وبنبأ غريب، يقول للرسول عليه الصلاة والسلام: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً [الكهف:9-12].

    قال ابن كثير: هذا مختصر للقصة وسوف يأتي بسطها، أو هذا موجز وسوف يأتي تفصيل الأنباء فيما يأتي.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088522940

    عدد مرات الحفظ

    777115241