إسلام ويب

شهيد القسطنطينيةللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الأمة الإسلامية يجب عليها أن تتبع سيرة نبيها محمد عليه الصلاة والسلام والصحابة الأخيار؛ لأنهم خير قدوة وخير مثال لهذه الأمة في دينها وقيمها وأخلاقها، ولذا فإن في هذه المادة سيرة صحابي جليل، ألا وهو أبو أيوب الأنصاري شهيد القسطنطينية، وقد اشتملت سيرته على بعض المواقف الدالة على محبته للنبي صلى الله عليه وسلم وبيان علو همته في الجهاد في سبيل الله مع كبر سنه رضي الله عنه.
    الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أيها المصلون: أيها الساجدون! أيها المؤمنون! عنوان هذه الخطبة (شهيد القسطنطينية) من هو هذا الشهيد؟ إنه رجل مؤمن ولد في الجزيرة، قتل في الثمانين وقد اشتعل رأسه شيباً، قتل في سبيل الله تحت أسوار القسطنطينية والمسلم ليس له أرض واحدة، البلاد كلها بلاده لأنها بلاد الله، كما يقول الأول:

    أنا الحجاز أنا نجد أنا يمن      أن الجنوب بها دمعي وأشجاني

    بـالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا      بـالرقمتين وبـالفسطاط جيراني

    وفي ثرى مكة تاريخ ملحمة      على ثراها بنينا العالم الفاني

    في طيبة المصطفى روحي وا ولهي      في روضة المصطفى عمري ورضواني

    النيل مائي ومن عمَّان تذكرتي      وفي الجزائر آمالي وتطوان

    فأينما ذكر اسم الله في بلد      عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني

    فمن هو هذا الرجل الشهيد؟ إنه الذي استقبل الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة من الإرهاب فر من السيوف التي تقطر حقداً ودماً، باع أهل مكة أملاكه وحاصروه وآذوه وشتموه ووضعوا الشوك في طريقه وسلى الجزور على ظهره، وضاقت به الدنيا بما رحبت، فخرج يحمل مبادئه معه أبو بكر الصديق.

    خروج الأنصار مع الظهيرة ينتظرون النبي صلى الله عليه وسلم

    استمر عليه الصلاة والسلام سائراً إلى المدينة، إلى الأنصار إلى أحباب الله إلى كتيبة الإسلام، أخذ عليه الصلاة والسلام عشرة أيام في السفر يقتلع أقدامه من حرارة الصحراء، وقد امتلأ جوعاً، وتعباً، وظمأ، وسهاداً، ومشقة، لكن كلها في سبيل الله، كان الأنصار يخرجون مع الظهيرة جميعاً عن بكرة أبيهم ليستقبلوا أعظم فاتح عرفه التاريخ، وأعظم رجل مشى على الأرض، أما الرجال فيخرجون السيوف والرماح ليحيون الرسول المنتظر، وأما النساء فكن يصعدن على أسطحة المنازل علهن أن يظفرن بنظرة ولو واحدة إلى وجه العظيم، وأما الأطفال فكانوا ينتشرون كالدرر والجواهر على الأرصفة ينشدون ويرددون:

    طلع البدر علينا      من ثنيات الوداع

    وجب الشكر علينا      ما دعا لله داع

    أيها المبعوث فينا      جئت بالأمر المطاع

    جئت شرفت المدينة      مرحباً يا خير داع

    وفي ظهيرة من الأيام الخالدة التي لا تنسى أبداً وإذا بالصائح على أسطحة المدينة قدم الرسول عليه الصلاة والسلام، فخر الأنصار بسيوفهم كأنهم خرجوا من المقابر، بعثوا من جديد وسال الحب في دمائهم من جديد، وعادت لهم الحياة من جديد، يقول أحد الناس في الرسول عليه الصلاة والسلام:

    سافرت نفسه الكريمة فيضاً     فالليالي محسودة بالليالي

    وعلى يثرب أهازيج نصر     طلع البدر نظمة الأطفال

    واستفاقت على صباح جديد     ملء آذانها أذان بلال

    وصل عليه الصلاة والسلام على ناقته يقول أنس: [[والله الذي لا إله إلا هو ما كنت أظن أن أحداً يبكي من الفرح حتى رأيت الأنصار يبكون من الفرح لما قدم الرسول عليه الصلاة والسلام]].

    طفح السرور علي حتى إنني     من عظم ما قد سرني أبكاني

    النبي صلى الله عليه وسلم يحيي قبائل الأنصار

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088545417

    عدد مرات الحفظ

    777240152