إسلام ويب

أهل البذل والعطاءللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • البذل والعطاء صفة من صفات المؤمنين الأبرار والأخيار، وأعظمهم بذلاً وعطاءً النبي صلى الله عليه وسلم الذي لم يرد سائلاً أبداً، وفي هذه المادة نماذج للباذلين من أموالهم في سبيل بعد أن بذلوا جهدهم في الجهاد والعبادة، وقد كان ذلك سبباً في ضمان النبي صلى الله عليه وسلم لبعضهم الجنة، ولم يكن ذلك إلا بسبب الإنفاق في سبيل الله.
    عباد الله: هذا شهر العطاء والبذل، هذا شهر الصدقات؛ شهرٌ تضاعف فيه الأعطيات، وتضخم فيه الصدقات، وترفع فيه الدرجات، وتقبل فيه الحسنات، ويغفر الله فيه السيئات.

    هذا شهرٌ كان رسولنا -صلى الله عليه وسلم- فيه كالريح المرسلة بالخير، لا يقول: (لا) ولا يعرف (لا) وإنما كلامه وفعله في البذل والعطاء: نعم.

    ما قال (لا) قط إلا في تشهده     لولا التشهد كانت لاؤه نعم

    والله عز وجل نادى عباده من فوق سبع سموات: أن يتصدقوا، وأن يعتقوا أنفسهم من النار، وأن يقدموا للقبر وظلمته ووحشته، فلما نادى الله العالمين للصدقات والبذل والأعطيات؛ قالت اليهود: الله فقير؛ لأنه يطلب منا أن نعطيه، فرد الله عليهم مقالتهم، وأكذب فريتهم، ودحض دعواهم: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [آل عمران:181].

    فقالوا بعدها: إن الله غني ولكنه بخيل -جلَّ الله عما يقولون، وتعالى عما يأفكون-: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة:64]؛ قال ابن عباس: [[يقولون: بخيل؛ لأنه سألنا العطاء والبذل]] فرد الله عليهم بقوله، بعد أن قال: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة:64] وانظر ما أحسن الرد! وما أجمل الاعتراض! وما أجمل تدبيج العبارة! هم يقولون: يدٌ واحدة، ولكن قال جلَّ ذكره: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64] وكلتا يديه يمين، ينفق آناء الليل وآناء النهار، خزائنه ملأى، وإنفاقه سحاً، لا يغيض ما أنفق من خزائنه منذ خلق السموات والأرض، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها إلا كما يغيض البحر إذا أدخل فيه المخيط: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر:15].

    كل ما عندنا فقر، وليس عندنا شيءٌ من القوة، ولا من العطاء، ولا من البذل، فالمال ماله، والعطاء عطاؤه، والميراث ميراثه:

    الله أعطاك فابذل من عطيته      فالمال عاريَّةٌ والعمرُ رحال

    المال كالماء إن تحبس سواقيه     يأسن وإن يجر يعذب منه سلسال

    يحيا على الماء حبات القلوب كما     يحيا على المال أرواحٌ وآمال

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088529320

    عدد مرات الحفظ

    777148937