الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وسع الخلائق خيره، ولم يسع الناس غيره، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها الإخوة المباركون والأخوات المباركات! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فهذا لقاء متجدد مع برنامجنا ولقاءاتنا الموسومة بالمدائح النبوية التي نعرج فيها على ما قيل من أبيات فيمن ختم الله به النبوة، وأتم الله به الرسالات نبينا صلوات الله وسلامه عليه، ولقاء اليوم يأخذ طابعاً خاصاً وهو أننا في أول لقاءاتنا بدأنا بقصيدة حسان :
عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النقع موعدها كداء
وأما اليوم فسنختم هذين اللقاءين بقصيدة لـحسان ، لكن المناسبة تختلف فالدالية التي نحن بصدد الحديث عنها اليوم تتحدث عن وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان من النقاد يقولون دوماً في الصناعة الأدبية: إن شعر الرثاء هو أصدق أغراض الشعر؛ لأن الغالب فيه أن القائل لا يرجو ثناء ولا مدحاً من الناس ولا عطايا، فكيف إذا كان الرثاء صادر من قلب صحابي جليل صحب النبي صلى الله عليه وسلم وعرفه، وكان له مع النبي صلى الله عليه وسلم أيام وليال في خير المدائن مدينته صلوات الله وسلامه عليه، ثم رأى بعينيه وفاة نبينا صلى الله عليه وسلم وشارك في الصلاة عليه، ثم تصدر الناس في رثائه عليه الصلاة والسلام، ذلكم هو حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه وأرضاه شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنقف ونختار أبياتاً من دالية حسان في رثاء سيد الخلق ورسول الحق صلى الله عليه وسلم، ثم كما جرت العادة سنعرج ونعلق على الأبيات في لقاءين متتابعين بإذن الله نذكر منهما من معين السيرة، وننهل من تلك الأيام التي ختم الله بها أيام وليال عمر أطهر الخلق وأشرفهم صلوات الله وسلامه عليه.
قال حسان رضي الله عنه وأرضاه:
بطيبة رسم للرسول ومعهد منير وقد تعفو الرسوم وتهمد
ولا تمتحي الآيات من دار حُرمة بها منبر الهادي الذي كان يصعد
وواضح آيات وباقي معالم وربع له فيه مصلى ومسجد
بها حجرات كان ينزل وسطها من الله نور يستضاء ويوقد
معارف لم تطمس على العهد آيها أتاها البلى فالآي منها تجدد
عرفت بها رسم الرسول وصحبه وقبراً به واراه في الترب ملحد
ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت عيون ومثلاها من الجفن تسعد
تذكر آلاء الرسول وما أرى لها محصياً نفسي فنفسي تبلد
مفجعة قد شفها فقد أحمد فظلت لآلاء الرسول تعدد
وما بلغت من كل أمر عشيرة ولكن نفسي بعد ما فيه تحمد
أطالت وقوفاً تذرف العين جهدها على طلل القبر الذي فيه أحمد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت ديار ثوى فيها الرشيد المسدد
وهل عدلت يوماً رزية هالك رزية يوم مات فيه محمد
وأمست بلاد الحرم وحشاً بقاعها لغيبة ما كانت من الوحي تعهد
فبكّي رسول الله يا عين عبرة ولا أعرفنك الدهر دمعك يجمد
وما فقد الماضون مثل محمد ولا مثله حتى القيامة يفقد
وليس هوائي نازعاً عن هؤائه لعلي به في جنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجو بذاك جواره وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد
أولاها: أن الله جل وعلا استأثر بالكمال لنفسه وكتب النقص على عباده، فقال وهو أصدق القائلين: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ [الرحمن:26]، وقال جل ذكره وتباركت أسماؤه: وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص:88]، وقال جل ذكره: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]، وقال: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ [آل عمران:144]، فنبينا صلى الله عليه وسلم هو أشرف الخلق وأجلهم لكنه مع ذلك كتب الله عليه الموت كما كتب الله الموت على كل أحد، فالله جل وعلا هو الحي حياة لم يسبقها عدم ولا يلحقها زوال، كما أن علمه جل وعلا علم لم يسبقه جهل ولا يلحقه نسيان، قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى [طه:52]، وقال جل وعلا هو الحي لا إله إلا هو: فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [غافر:65]، وقال تباركت أسماؤه: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ [الفرقان:58]، فالله جل وعلا هو الحي، والحي حين لا حي، فالموت أذل الله جل وعلا به خلقه، وكتبه تبارك وتعالى على عباده، قال الله جل وعلا مستفتحاً سورة الملك: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:1-2]، قال بعض أجلاء المفسرين: قدم الله جل وعلا ذكر الموت على ذكر الحياة حتى يذل عباده ويخبر جل وعلا أنه المالك القهار الواحد الذي لا رب غيره ولا إله سواه، فهذا مما يشترك فيه الخلق أجمعون ومنهم نبينا صلوات الله وسلامه عليه.
وفي العام التاسع أُذّن في الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم سيحج، فأم المدينة خلق كثير كلهم يريد أن يأتم بحجة نبينا صلى الله عليه وسلم، فخرج صلى الله عليه وسلم في العام العاشر من الهجرة حاجاً بالناس محرماً من ذي الحليفة، فلما وقف صلى الله عليه وسلم في عرفة في ذلك الثرى الطاهر أنزل الله جل وعلا عليه قوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3]، والأنبياء والرسل إنما كلفوا بمهام جليلة ورسائل عظيمة، فإذا تمت كان ذلك إيذاناً بأن أعمارهم لم يبق منها إلا القليل، فلما أنزلت عليه هذه الآية عرف صلى الله عليه وسلم بدنو أجله وقرب رحيله، فأخذ يودع الناس فكان كلما خطب وقال شيئاً وعظ الناس فيه وذكرهم قطع خطبته قائلاً: (اللهم هل بلغت اللهم فاشهد، ويقول: لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا).
فعرفت تلك الحجة بحجة الوداع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ودع الناس فيها، ثم عاد راجعاً صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان ذلك في أخريات شهر ذي الحجة، ثم كان شهر محرم وشهر صفر، وفي أوائل شهر ربيع دخل صلى الله عليه وسلم على عائشة فوجدها قد عصبت رأسها بعصابة وهي تقول: وارأساه، فقال صلى الله عليه وسلم: (بل أنا وارأساه)، فبدأ يشتد عليه المرض ويعرف صلى الله عليه وسلم بدنو رحيله وقرب أجله، فأخذ يتقلل من الدنيا ولم تكن الدنيا يوماً في قلبه، فأعتق غلمانه، وتصدق بدنانير تسعة كانت عنده صلوات الله وسلامه عليه، وقد بدأ منه الوفاء لأصحابه صلى الله عليه وسلم، وقد كان وفياً معهم حياته كلها لكنه لما شعر بدنو الرحيل أراد أن يبلغ الذروة في الوفاء، فبدأ بالموتى فخرج صلى الله عليه وسلم إلى شهداء أحد فاستغفر لهم ودعا لهم، وكأنه صلى الله عليه وسلم بخروجه إليهم ودعائه لهم واستغفاره لهم صلوات الله وسلامه عليه يرد لهم شيئاً من الجميل والصنيع الذي قدموه يوم أن قدموا فداء لله ورسوله وماتوا شهداء؛ يرجون الجنة ويبتغوا ما عند الفضل الواسع، فودعهم صلى الله عليه وسلم واستغفر لهم، وقفل راجعاً، وسن لأمته بعد ذلك أن تأتي إلى شهداء أحد كما فعل صلوات وسلامه عليه ويدعو الإنسان لهم.
والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم دعا لهؤلاء ودعا لهؤلاء، فهو حتى قبل أن يرحل من الدنيا أراد أن يكون وفياً مع أصحابه صلوات الله وسلامه عليه.
ثم أيها المباركون نتفيأ وإياكم ظلال قصيدة حسان :
بطيبة رسم للرسول ومعهد منير وقد تعفو الرسوم وتهمد
بها حجرات كان ينزل وسطها من الله نور يستضاء ويوقد
ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم تجلى خصلة الوفاء فيه أكثر ما تجلت يوم قرب رحيله، خاصة عندما رأينا أنه صلى الله عليه وسلم أتى شهداء أحد، وأتى أهل بقيع الغرقد فاستغفر لهم كالمودع صلوات الله وسلامه عليه، ونجد أنفسنا لزاماً -حتى يستقيم العرض- أن نذكر تلك الأيام والليالي الأخيرة من حياته صلى الله عليه وسلم سرداً، ثم إن شاء الله تعالى في اللقاء القادم نعرج على قصيدة حسان ونربط كيف ننهل من نعيم السيرة العطرة والأيام النضرة، وما يمكن أن نستقيه من تلك الليالي والأيام التي كانت آخر ما عاشه صلى الله عليه وسلم من حياته المباركة.
وهل عدلت يوماً رزية هالك رزية يوم مات فيه محمد
وما فقد الماضون مثل محمد ولا مثله حتى القيامة يفقد
صلى الإله ومن يحف بعرشه والطيبون على المبارك أحمد
إن هذه الأخبار الثابتة عن وفاة نبي الهدى ورسول الرحمة صلى الله عليه وسلم تزخر أيها اللبيب بمعان عظيمة بدءاً من توديعه للناس، وانتهاء بدفنه بعد الصلاة عليه صلوات الله وسلامه عليه، وحسان رضي الله تعالى عنه انفرد عن الشعراء بأنه رثى النبي صلى الله عليه وسلم كما رثاه بعض الصحابة، وأما من جاء بعد ذلك من الشعراء فإنهم كانوا في سياق المدح للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرثاء غالباً يكون بعد الوفاة مباشرة، وهذا لا يتحقق في الشعراء الذين وجدوا بعد وفاته صلوات الله وسلامه عليه، ولكنه يتحقق كثيراً في حسان رضي الله عنه وأرضاه، وكانت دالية حسان معبرة كل التعبير عن عظيم الخطب وجليل الأمر يوم أن فقد الناس رسول الهدى ونبي الرحمة صلوات الله وسلامه عليه، وقد حظيت مدينته صلوات الله وسلامه عليه بأن كان جسده الشريف مأواه فيها في ثراها، وذلك في الجهة الجنوبية الغربية من حجرة عائشة ، وكانت عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها قد رأت -كما روى سعيد بن منصور في سننه- قبل مرض النبي صلى الله عليه وسلم أن ثلاثة أقمار تسقط في حجرها، فذهبت إلى أبيها أبي بكر -وكان لـأبي بكر باع في تأويل الرؤيا- فقصت الرؤيا عليه، فخنقته العبرة تأدباً؛ لأنه فقه المعنى، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم وغسل ودفن في حجرة عائشة قال الصديق رضي الله عنه لابنته: هذا أول أقمارك يا عائشة ! ثم دفن في نفس الحجرة أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه بعد سنتين وبضعة أشهر، ثم دفن عمر رضي الله تعالى عنه بعد أن ولي الناس عشر سنين، فكان الصديق والفاروق هما القمران اللذان ثلث بهم من دفن في الحجرة الطاهرة الشريفة، تصدق بذلك رؤيا عائشة يوم أن رأت أن ثلاثة أقمار تسقط في حجرها.
هذا خبر وفاة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه على وجه الإجمال، والإنسان إذا علم أن الله تبارك وتعالى كتب الموت على كل حي هانت عليه كل مصيبة يراها، ويتعزى بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أنك يجب أن تعلم أن الله جل وعلا ما رضي بالبقاء والخلد إلا لأشقى خلقه عليه وهو إبليس، قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [الحجر:36-38].
وأما أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم فإنهم يبلغون عن الله رسالاته، ويمسحون له في برياته، حتى إذا أدوا الأمانة وبلغوا الرسالة خيروا بين الخلد في الدنيا أو الموت، وكلهم يختار لقاء الله ثم الجنة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن الأنبياء يخيرون عند الموت)، وعائشة رضي الله عنها لما أخبرها النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث: (إن الأنبياء يخيرون عند الموت)، لم يتضح لها صورته، فلما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خبر وفاته: (مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، ويقول: بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى، قالت رضي الله عنها وأرضاها: فعلمت أنه يخير )، وقد خير صلى الله عليه وسلم عند موته فاختار ما أعده الله جل وعلا له عنده، فروحه عليه الصلاة والسلام في أعلى عليين وجسده في حجرة عائشة ، على أن الأرض قد حرم الله عليها أن تأكل أجساد الأنبياء، قال عليه الصلاة والسلام لما قال للصحابة من قبل: (إن صلاتهم عليه تبلغه حيث ما كانوا، قالوا: يا رسول الله! وكيف تبلغك وقد أرمت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء).
ويجب أن تفطن أيها اللبيب! إلى أن هذا التحريم إنما هو تحريم منع لا تحريم شرع، ونظيره في القرآن قول الله جل وعلا: وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ [القصص:12] أي: حرمنا على موسى تحريم منع لا تحريم شرع؛ لأن موسى يومها لم يكن في زمن التكليف، لكنه لا يجد نفسه -بقدر الله وأمره ومشيئته- يقبل أثداء النساء. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في إخباره عن السجود أن النار حرم الله عليها أن تأكل أعضاء السجود من بني آدم، فهذا كله مندرج في تحريم المنع، وعدم أكل الأرض لأجساد الأنبياء وتخييرهم عند الموت هو إحدى الخصائص التي خص الله جل وعلا بها أنبياءه ورسله صلوات الله وسلامه عليه، وهذه الخصائص لا تخرجهم عليهم الصلاة والسلام من كونهم بشر لا يملكون لأنفسهم ولا غيرهم ضراً ولا نفعاً، كما حكى الله ذلك عن رسله كلهم عليهم الصلاة والسلام.
ومن هذا يتجلى للمؤمن أن يعلم عظيم القدرة وجليل الحكمة لربنا تبارك وتعالى يوم أن كتب الموت جل وعلا على عباده، ورسولنا صلى الله عليها وسلم عاش 63 عاماً، 40 منها قبل البعثة و23 عاماً نبياً ورسولاً، وقد نبئ بإقرأ وأرسل بالمدثر، ومكث في مكة 13 عاماً، وفي المدينة 10 أعوام، وهو عليه الصلاة والسلام عمره كما قال في أعمار أمته قال: (أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين)، فهو عليه الصلاة والسلام عاش 63 سنة ، ولذلك تلحظ إذا تدبرت السنة أنه في حجة الوداع صلى الله عليه وسلم كان قد ساق الهدي معه مائة واشترك هو وعلي رضي الله عنه في الهدي؛ لأن علياً رضي الله عنه أحرم من جهة اليمن، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لما لقيه في مكة: (بماذا أحرمت؟ قال: يا رسول الله! أُحرم بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولأن النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام كان قارناً فقد أشركه النبي صلى الله عليه وسلم في هديه، فلما جاء يوم النحر نحر صلى الله عليه وسلم من البدن 63 بيده وأوكل إلى علي نحر الباقي، فعدد ما نحره صلى الله عليه وسلم من النياق كان 63 على قدر عمره الشريف صلوات الله وسلامه عليه، وكأن هذا نوع من الإرهاصات لدنو أجله وقرب رحيله، وأنه صلى الله عليه وسلم لن يزيد عمره على 63 سنة.
أحياني الله وإياكم على سنته، ورزقنا الله وإياكم حبه واتباع ملته، وسقانا الله وإياكم من يده، وجعلنا الله وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.
هذا هو الخبر النبوي من السيرة العطرة والأيام النضرة، وسنفصل فيما يمكن أن نستقي منه إن شاء الله تعالى في اللقاء القادم على ضوء قول حسان :
وما فقد الماضون مثل محمد ولا مثله حتى القيامة يفقد
هذا والله تعالى أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر