إسلام ويب

إليكم أيها الآباء!للشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ذكر الشيخ: أن الأبناء هبة, منّ الله بهم على الآباء, فعلى الأب أن يقدر هذه الهبة ويربيهم التربية الحسنة. ثم ذكر أموراً تحصل بها التربية الصحيحة, وتعين الأب على التربية الحسنة. وتطرق إلى هدي الإسلام في تربية الأبناء من حين أن يولدوا وقد ذكر أن الأب هو القدوة للأبناء في أفعاله وتصرفاته، فهم يأخذونها منه وإن خالفت أقواله.
    الحمد لله، الحمد لله الذي جعل الأبناء لعيون الآباء قُرَّة، وجعلهم لقلوبهم مسرَّة، وجعل الأبناء في جبين السعادة دُرَّة، وأوصى بهم وبتربيتهم في الكتاب والسنة كرة من بعد كرة.

    والصلاة والسلام على خيرة الآباء، أبي الزهراء، سيد الأولياء، وأعظم الأصفياء، وأجل المربين النبلاء.

    أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً.

    أيها المسلمون الفضلاء! أيها الآباء النبلاء! إن من أعظم الهبات التي يهبها الله تبارك وتعالى: أن يرزقك الله الذرية الصالحة الناصحة، والأبناء النجباء الأتقياء، حينها تسعد في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

    أسباب الحصول على الذرية الصالحة

    وهذه الهبة، وهذا العطاء الرباني يحصل بسببين اثنين:

    أولهما: قضاء وقدر من الحي القيوم، وهداية خَلقية أمرية منه تبارك وتعالى.

    وثانيهما: سبب كسبي من العبد بالتربية والتوجيه والتعليم.

    فها هو إبراهيم الخلـيل يتوجه إلى الله تبارك وتعالى أن يجنب أبناءه الشرك والوثنية، يقول عليه السلام في قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ [إبراهيم:35].. كأنه يقول: يا رب! لا تجعل أبنائي مشركين وثنيين فجرة، حينها تُنَغَّص عليَّ الحياة، وتُكَدَّر عليَّ السعادة، وتُظْلِم الدنيا في عينيَّ.

    ويقول بعدها بآيات في قوله تعالى: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [إبراهيم:37].. يا رب! أبنائي يقيمون الصلاة فلا تضيعهم. يارب! أبنائي أتقياء أخيار؛ فلا تجعلهم ضُلاَّلاً مشركين.

    ويقول في سورة البقرة -يوم طلب الولاية من الله لـه ولأبنائه- في قوله تعالى: قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة:124].

    ولو كان الأب خَيِّراً باراً سعيداً تقياً، ولكن ابنه فاجر، فلن تناله ولاية الله، فالله ليس بينه وبين أحد من خلقه نسب، ولا واسطة، ولا شفاعة, إلا لمن ارتضى من عباده الأخيار.

    وزكريا عليه السلام يشرف على الهرم، ويدركه الشيب، ويضمحل جسمه، فيلتفت إلى القبلة, ويرفع أكف الضراعة إلى الحي القيوم، يقول الله عنه: قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً [مريم:4-6] يقول: يا رب! أسألك ابناً صالحاً يرثني في الخير، يدعو لي وأنا في القبر، مُسَدَّداً، يتصدَّق. فيُحَسِّن خُلُقَه، فيكون في ميزان حسناته، سبحان الله! يا له من دعاء..!

    يقول الله في سورة الكهف: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً [الكهف:82] حفظ الله لهما الكنـز؛ لأن أباهما كان صالحاً.

    والله عز وجل يمتن على زكريا عليه السلام بالهداية لأبنائه، فيقول: وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90].

    ومدرسة التوجيه والتربية في القرآن تعتمد على الوصايا النافعة، لا على المبادئ المهزوزة الفاشلة، والتعاليم التي أُسْقِيَها أبناء المسلمين في هذا العصر، تجعل الواحد منهم ينشأ فاشلاً فاجراً إلا من رحم ربك.

    يقول تعالى حاكياً عن لقمان وصيته لابنه: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13].

    أي وصية هذه؟! وأي تعاليم هذه التعاليم؟! وأي مبادئ هذه المبادئ؟!

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088531770

    عدد مرات الحفظ

    777166923