إسلام ويب

عقوبات المعاصيللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله تعالى خلقنا لغاية عظيمة وهي عبادته سبحانه، وأمرنا بأشياء ونهانا عن أشياء، ورتب على كل واحدة منها آثاراً، فكما أن للطاعة آثاراً كذلك للمعصية آثار، فكان على المرء أن يجتنب المعاصي حتى يسلم من آثارها الدنيوية والأخروية.
    الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وحجة الله على الهالكين، وإمام المرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أمَّا بَعْد:

    سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    عنوان هذه المحاضرة "عقوبات المعاصي"

    ما غضب الجبار إلا من المعاصي، وما فسدت القلوب ولا قست، ولا تشتت الأرواح، ولا كثرت الهموم والغموم، ولا انقطع الحبل بين العبد وربه، ولا دمرت البلاد، ولا تقاتل العباد، ولا جف القطر من السماء، ولا دعت العجماوات والكائنات على عصاة بني آدم إلا بسبب المعاصي.

    والمعاصي تورث الذل والهم والغم، وتفسد البصائر والأبصار والمعتقدات.

    والمعاصي تشتيت وهدم للأسر وللبيوت، وهلاك للشعوب..

    والمعاصي محق للبركة، وانتزاع للعلم، وفسادٌ للقلوب لا يعلمه إلا الله، وقد عد بعض أهل العلم آثار المعاصي وعقوباتها، فأوصلها إلى مائة عقوبة.

    ولذلك حق على المسلم أن يسمع هذه العقوبات وأن يسمعها أهله، وأن يهدي هذا لأحبائه وأقاربه علّهم أن يتعظوا، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمْر النّعم)

    فلا إله إلا الله كم أفسدت المعاصي! ولا إله إلا الله كم أوجبت من قطيعة بين العبد وبين الله! ولا إله إلا الله كم دمرت من أسر وأفسدت من شباب وخربت من ديار! تلك آثارهم في البلاد، فانظر كيف غضب الله عليهم فأخذهم بالزلازل والبراكين، وبالريح والصيحة والحاصب والطوفان: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة:13].

    وكان لزاماً على المسلم أن يبين لإخوانه آثار هذه الذنوب، فإنه وُجِدَ من الناس -ونسأل الله السلامة- من لم يهتم لهذا الأمر.

    وكان الإمام أحمد إذا جلس في مجلسه قال: "اللهم سلم سلم، اللهم سلم سلم، فإن العبد بين خطرين اثنين: بين يوم مضى لا يدري هل غضب الله عليه أو رضي، ويمكن أن يكون من المغضوب عليهم، وبين يوم أقبل لا يدري هل يسلم فيه أم يهلك هلاكاً ويعطب عطباً ما بعده عطب". وسر الحياة وسعادتها وبهجتها وزيتنها كلها في رضا الله تعالى وطاعته والعودة إليه، فإذا فاتك هذا الرضا فقد فاتك كل خير، فنعوذ بالله من قلب لا يعي، ومن عين لا تبصر، ومن أذن لا تسمع.

    ألم تر كيف ذكر الله عز وجل قوماً أعرضوا عنه، فقال: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179] فحقيق على المسلم أن يتنبه لنفسه، وأن ينجو ببيته وأسرته وقرابته، لقوله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] وحق على المسلم أن ينصح كل من يقوم عليه أو يتصل به بنسب أو قرابة، قال عز من قائل: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ [الشعراء:214].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088532017

    عدد مرات الحفظ

    777167662