إسلام ويب

صفة العالم والمتعلمللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • صفات أخذت من ثلاثة أحاديث بينت صفات العالم وكيف، ومتى، وماذا يفعل؟

    فالمعلم فطن ذكي حليم رحيم رشيد، والمعلم عابد زاهد تقي، وهناك علوم يجب أن يتعلمها، فإذا أردت معرفتها فافتح هذه المادة واقرأ، وكن عالماً أو متعلماً ولا تكن الثالث فتهلك.

    الحمد لله نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أمَّا بَعْـد:

    ونسأل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى الذي جمعنا في أشرف مكان في الدنيا أن يجمعنا في أشرف مكان في الآخرة، وأن يجمعنا بهذه الوجوه الطيبة الغالية في دار الكرامة، قال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:54-55] وقبل أن نبدأ في درس هذه الليلة أحب أن أشير إلى بعض النقاط التي لابد من الإشارة إليها.

    ورد في الدرس الماضي التعرف على بعض العلوم، ومقام المسلم من بعض العلوم التي لم تكن عند السلف كعلم التاريخ، والجغرافيا، والطب والتربية، والنفس، ويقول عمر رضي الله عنه وأرضاه لما كتب لـأبي موسى وهو في العراق قاضٍ: [[فراجع الحق، ولا يمنعك قضاء قضيته بالأمس أن تعود عنه في اليوم، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، والحق قديم]].

    وبعد مشاورة ونصيحة وتوجيه من بعض دعاة الإسلام والأحباب والأخيار قبلتها على العين وعلى الرأس، ورجعت إلى تدارس بعض النصوص، فوجدت أن الحق جانب بعض الكلام الذي في الدرس الماضي، فالحق أن المسلم يؤجر على كل علم يتعلمه يريد به وجه الله، ويريد به أن ينصر هذا الدين، ويريد به أن يعلي كلمة الله تبارك وتعالى، سواء كان تربية، أو علم نفس، أو علم جغرافيا، أو تاريخاً، أو طباً، أو هندسة.

    والنظرية التي تقول: " إن المسلمين ليسوا بحاجة إلى تربية " نظرية خاطئة، فإن التربية فرضت نفسها، ولا يمكن أن نقول: إنه لا يوجد عندنا تربية، كيف وتربيتنا في القرآن والسنة، بل نقابلهم بعلم من عندنا.

    ولذلك يقول ابن تيمية في مجال العلوم التي توجد عند المسلمين: فمن جاءنا بعلم جئنا له من كتابنا وسنتنا بعلم يكافئ ذاك العلم.

    ثم اعلموا أن علم النفس يؤخذ كذلك من القرآن، قال تعالى: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس:7-8] ويترك هذا لأهل التخصص.

    كلكم على ثغرة من ثغور الإسلام

    وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلف زيد بن ثابت أن يتعلم لغة اليهود، فتعلمها في خمسة عشر يوماً فأتقنها، وترجم للرسول ما يمكن أن يكيدوا به هذا الدين.

    والمقصود: أن بعض الناس وهو من أهل الصلاح يتعلم هذه العلوم، فتأخذ وقته، فهو مأجور ومشكور من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو عابد لله عز وجل، وأعلم وتعلمون من يمضي الساعات الطويلة في الليل والنهار في علم الكيمياء والأحياء، فهو عابد بلا شك، وهو مأجور على هذا الصنيع الضخم.

    وكلكم على ثغرة من ثغور الإسلام، فالله الله لا يؤتى الإسلام من قبلك، فأسأل الله تعالى لمن يخصص جهده في هذه العلوم، ويبذل وقته وعرقه، وكل ما يملك لنصرة هذا الدين أن يرفع الله رأسه يوم القيامة، ويبيض وجهه، ويعلي حظه.

    واعلموا بارك الله فيكم أننا بحاجة إلى هذه العلوم والآداب، ولا يخفى عليكم أن الساحة رمتنا بكل كبير وصغير، وبكل تالد وطريف، فالأدب والشعر الذي في الساحة ليته كان شعراً ومقامات وحسب، كنا سكتنا، لكنه يحمل الفكر الإلحادي ويبثه في مجتمعاتنا، ونحن لا نجيد للناس إلا حدثنا وأخبرنا، وأما هذا الأدب فإنا لا نجيده، ولذلك فإنهم سوف يأخذون علينا الساحة كما يفعلون الآن، ويدمرون علينا الأفكار، ويستغلون علينا الأجيال، ويطردوننا في الأخير، فجزى الله خيراً من جعل وقته لهذا الجانب، وهو مأجور ومشكور، بل هو الرأي الصحيح من كلام أهل العلم وقبل ذلك من نصوص الكتاب والسنة، فشكراً لمن أهدى لي هذه النصيحة، وبصرني لهذا الأمر.

    وأنا قلت لكم: إننا ما اجتمعنا في هذا المكان إلا لتبادل الآراء ولأخذ الرأي الصائب؛ لأن فيكم من هو أعلم من المتكلم وأفضل، وأتقى وأخشى لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا يمنع ذلك فإن الصحابة كان يجلس الشاب منهم ويتكلم وعمر يستمع.

    فأقول لكم: من عنده نصيحة، أو توجيهات أو اقتراحات فأنا أقبلها على العين والرأس، وأدعو له، ولقد دعوت والله لمن نصحني بظهر الغيب.

    المرأة والتعلم

    والقضية الثانية أن المرأة مظلومة في بعض النواحي، ومن هضم المرأة أن تترك بعيدة عن ندوات الخير، وعن مجالس العلم، وحلقات الذكر لأنها شريكة الرجل، وهي معه، ولذلك ذكرها الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في الكتاب، وذكرها صلى الله عليه وسلم، بل ثبت في الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم خصص يوم الإثنين من كل أسبوع للنساء، ليجلس معهن صلى الله عليه وسلم، وقد اقترح علي بعض الإخوة، وكان معنا مسجد بجانب هذا المسجد للنساء قالوا: هذا بعيد، وفيه بعض الارتباك، فنرى آخر المسجد لمن أراد أن يأتي بأهله ليستمعوا الذكر، ولو كانوا لن يستفيدوا إلا الرحمة والأجر والمثوبة لكفى، نسأل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن ينفع وأن يتقبل.

    والمقصود أن مجيئكم إلى هذا المكان، وحضوركم لأي درس يعقد يعتبر نصرة لهذا الدين ولو أنكم أعلم وأفقه وأفهم، لكنكم تؤيدون دعوة الله عز وجل، وتؤيدون طريق الاستقامة وهذه الصحوة التي يعيشها شباب الإسلام.

    وعلى العكس من ذلك فإن أهل النفاق لا يريدون هذا؛ بل يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، ولذلك يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النور:19] يعلم من هو المخلص، ومن هو المجتهد ومن يريد النصرة لله ولكتابه ولرسوله وللمسلمين أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088522631

    عدد مرات الحفظ

    777112557