إسلام ويب

المثل المائي والمثل الناريللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المنافقون أكثر الله من ذكرهم في القرآن، وتوعدهم بأليم عقابه، فقال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ)[النساء:145] وما ذاك إلا لخبثهم ودسيستهم ودجلهم، وقد مثل الله أعمالهم بأمثلة كان من أهمها مثلهم الناري والمائي.
    الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفةً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أمَّا بَعْد:

    فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مع كتاب الله عز وجل عوداً على بدء، وجلسة محمودة، جلسة من رياض الجنة، نسأل الله تعالى أن يرزقنا فيها المثوبة والإخلاص والفتح من عنده، وأن يفقهنا في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

    " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" "بسم الله الرحمن الرحيم":(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ )[البقرة:17-18].

    لا يزال الحديث عن المنافقين، وقد مَّر بنا هذا المثل لكننا ذكرناه بإيجاز، أما هذه الليلة فسوف نذكره بتوسع ونذكر كلام أهل العلم وما قالوه في هذين المثلين اللذين ذكرهما الله عز وجل للمنافقين.

    لقد وصف الله عز وجل المؤمنين في أول سورة البقرة بخمس آيات، ثم ثنىَّ بآيتين في وصف الكافرين، ثم ثلَّث في وصف المنافقين بثلاث عشرة آية، فلعظم خبثهم ونفاقهم ودسيستهم ودجلهم أكثر القرآن من ذكرهم.

    قال ابن القيم في كلام ما معناه: لا إله إلا الله كم من حصن للإسلام هدموه! ولا إله إلا الله كم من علم للإسلام نكسوه! ولا إله إلا الله كم من ركن للإسلام دمروه!

    وهؤلاء المنافقون ذكرهم الله عز وجل في القرآن في مواطن كثيرة، وسوف نتعرض لها بإذن الواحد الأحد.

    معنى قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ)

    يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً [البقرة:17].

    ما هو الشيء الذي ضربه الله من أحوال المنافقين؟

    قال ابن الجوزي: المثل الذي ضربه الله في أحوال المنافقين مختلف فيه بين أهل العلم على أقوال:

    القول الأول: مثل كلمة الإسلام التي يحملونها وهي: لا إله إلا الله محمد رسول الله، كمثل نار أوقدت لهم، لكنهم لم يقوموا بلا إله إلا الله، ولم يحكموها، ولم يسجدوا لربها، فأطفأت عليهم أنوارها.

    القول الثاني: مثل إقبالهم على المؤمنين وسماعهم الهدى من المصطفى عليه الصلاة والسلام كمثل الذي استوقد ناراً. يجلسون مع المؤمنين ويصلون مع الرسول عليه الصلاة والسلام، فجلوسهم وصلاتهم مع الرسول عليه الصلاة والسلام وسماعهم للقرآن كمثل نارٍ أوقدت لهم، لكنها لم تنفعهم فاطفئت عليهم.

    القول الثالث: مثل إقبالهم على الخير والهدى وتشوفهم لذلك، وإظهار النسك في الظاهر، وهم في الباطن حيات وعقارب كالذي أوقدت له نار، ثم انطفأت عليه.

    وإنني أسأل الله أن يخلص نفسي ونفوسكم من النفاق، فإنه مرض عضال. قال الحسن البصري كما في صحيح البخاري: [[ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق]] فإذا رأيت الشخص يخاف النفاق ويخشاه، ويسأل الله أن يدرأه منه فاعلم أنه مؤمن، وإذا رأيت الإنسان يبرئ نفسه من النفاق، فاعلم أن فيه وصمة منه.

    قال عمر بن الخطاب وهو الصادق الزاهد لـحذيفة بن اليمان: {أسألك بالله يا حذيفة! أسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين؟ -سبحان الله! أعمر يكون من المنافقين، فمن يكون إذن من المؤمنين؟!!

    قال: لا، والله ما سماك من المنافقين، ولا أزكي أحداً بعدك} فهكذا خوفهم رضوان الله عليهم من النفاق.

    المثل في القرآن

    المثل في القرآن إذا أطلق على قسمين:

    القسم الأول: المثل بمعنى الصفة، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ [الرعد:35] مثل الجنة، أي: صفة الجنة.

    القسم الثاني: المثل بمعنى الشبه، مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ [البقرة:17] أي: شبههم كشبه من يفعل كيت وكيت.

    أنواع الظلمات

    قال تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ البقرة:17] الدنيا مظلمة ما لم تشرق عليها شمس الرسالة، والقلوب التي لا تشرق عليها شمس الرسالة قلوب ملعونة، فالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول في هؤلاء المنافقين: إن مثلهم لما سمعـوا الهدى ونطقوا بلا إله إلا الله كرجل سار في ليل داجٍ مظلم، فاستوقد ناراً فأضاءت النار ما حوله، فلما أبصر ورأى قام يمشي فانطفأت عليه النار، فلا هو بالذي حرم النار من أول وهلة، ولا هو بالذي بقيت معه النار، فأبصر بها ومشى في ضوئها، ولكن أخذه الله أخذ عزيز مقتدر.

    قال: وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ [البقرة:17] ما هي الظلمات؟

    لأهل العلم أربعة أقوال فيها:

    1- قيل: العذاب.

    2- وقيل: ظلمة النفاق.

    3- وقيل: ظلمة البعد عن المؤمنين.

    4- وقيل: ظلمة القبر وما يأتيهم في الآخرة.

    فالله المستعان على من لم يُطهر قلبه من النفاق والشك والريبة.

    أنواع النفاق

    والنفاق مرض يستشري في المجتمعات، وهو على قسمين:

    1- نفاق عملي.

    2- نفاق اعتقادي.

    فأما الاعتقادي فصاحبه خارج من الملة، ملعون مدحور، لا حجة له عند الله، كالذي يكفر بالقرآن وظاهره أنه يصدق به، وكالذي يستهزئ بالرسول عليه الصلاة والسلام ويكذبه، وظاهره أنه مسلم.

    كما يفعل بعض الناس في الساحة لهم كتب أحدهم يقول في خطاب أمام الناس والجماهير: محمد -يقصد الرسول عليه الصلاة والسلام- رجل أعرابي أتى من البادية، فأتى بشعوذة وكهانة على الناس.

    ألا لعنة الله على الكافرين، أعرابي؟! وهو لا ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى [النجم:3-4] أعرابي يخرج مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي؟!

    أعرابي يخرج الدنيا من الظلمات إلى النور؟!

    أعرابي يأتي بقرآن يتحدى به فصحاء الناس، ويأتي بسنة ويقيم بها مجتمعاً؟!

    ويقول أحدهم: انتهى الدين ولابد الآن من أن تنزل القوانين في الساحة.

    ويقول طه حسين -الذي سموه عميد الأدب العربي وهو من المنافقين- في كتابه حديث الأربعاء وغيره من الكتب: إن معركة بدر وأحد والأحزاب كلها معارك قبلية حاقدة وقعت بين أناس قبليين بدائيين.

    أهذه قبلية حاقدة يا عدو الله؟!

    بل هي والله بين التوحيد والإلحاد، وبين الإسلام والكفر، وبين النور والظلام، لكن (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ البقرة:17].

    القسم الثاني: أهل النفاق العملي وهم من {إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإذا خاصم فجر}.

    سبب ضرب المثل بالنار

    قال أهل العلم: إنما ضرب الله لهم المثل بالنار لثلاثة أسباب:

    أولاً: أن النار لا توقد إلا بوقود وبحطب، فحطبها الإيمان، وهو العقيدة والأعمال الصالحة، وهذا ليس عنده وقود، فالمنافق يتكلم بلسانه غير الذي يضمره في قلبه لأنه لا وقود عنده، ولا يوجد في قلبه شيء يسقي به هذا الإيمان والأعمال الصالحة، فانطفأت عليه جذوة الإيمان.

    ثانياً: قالوا: إنما جعل الله لهم النار مثلاً؛ لأن الذي ليس عنده نار ولا ضياء أهون ممن كان عنده نور ثم ذهب عنه، فلو كنت في الصحراء في ظلام من صلاة المغرب إلى الفجر لكان أسهل عليك من أن توقد لك النار برهة من الليل ثم تنطفئ؛ لأنك تجد من لوعة فراقه أشد مما تجد لو كان معدوماً.

    ثالثاً: قيل: جعل الله لهم النار مثلاً؛ لأن فيها احتراقاً، فهي إما أن تضيء وإما أن تحرق، فذهب الله بالنور فبقي احتراقهم في قلوبهم لعنة يلقونها إلى يوم القيامة.

    قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً [البقرة:17] انظر! كيف قال: (استوقد) قال أهل العلم: السين هنا هي سين الطلب؛ وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى.

    يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا [فاطر:37] أي: في النار، وكلمة يصطرخون أصلها: يصرخون -نعوذ بالله من النار- لكن انظر إلى الجمال وإلى الإبداع والروعة، فقد أراد الله عز وجل أن يذكر صياحهم فقال: وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ [فاطر:37] ولم يقل: (يصرخون) بل قال: (يصطرخون) فزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى.

    فمعنى (استوقد) طلب الإيقاد، والسين سين الطلب، وقيل: السين زائدة -وليس بصحيح- واستدلوا على ذلك بقول الشاعر:

    وداعٍ دعا يا من يجيب إلى الردى      فلم يستجبه عند ذاك مجيب

    ولكن ليس في القرآن زائد؛ حاشا وكلا، ولو حرفاً واحداً.

    والصحيح كما قال بعض المفسرين: إذا سمعت مفسراً يقول: "لا" زائدة، فليس هذا بصحيح؛ لأن القرآن ليس فيه شيء زائد مثل: (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ القيامة:1] قالوا: لا زائدة، وهذا خطأ؛ بل هي: للنفي، والمعنى: لا نرد على كلامهم الأول، بل أقسم بيوم القيامة.

    السر في قوله: (بِنُورِهِمْ)

    قال تعالى: فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17] لماذا لم يقل: ذهب الله بإضاءتهم؟

    لأن أصل الفعل: فلما أضاءت، والمصدر: إضاءة؛ فالأصل أن تكون (فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بإضاءتهم) لكن في القرآن قال: فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17] ما هو السر؟

    السر قالوا: لو قال الله (ذهب الله بإضاءتهم) لاحتمل أنه بقي لهم شيء من النور، ولكن أصل النار بقيت، فقال الله:(بنورهم) لكي يدلل أنه لم يبق لهم شيء.

    وأما الوصف فقد قالوا: ذهب الله بإيمانهم الذي في قلوبهم، ولكن الله قال: عندهم من حيطة وإيمان ورشد، ولم تبق دماؤهم معصومةً بكلمة التوحيد.

    الحواس وحفظها في صغر السن

    دخل أحد كبار السن على معاوية بن أبي سفيان وهو كبير في الثمانين من عمره، فسأله معاوية فلم يسمع، فرفع معاوية صوته وقال له: لماذا لا تسمع؟ قال:

    إن الثمانين وبلغتها      قد أحوجت سمعي إلى ترجمان

    إذا مرت الستون أو السبعون على أحدنا وبعدها الثمانون فنسأل الله العافية، تذهب قوة البصر والسمع والإدراك، ويذهب سواد الشعر ويأتي البياض في البصر والبياض في الشعر، ثم يذهب الإنسان رويداً رويداً.

    دخل أحد الشيوخ الكوفة وكانت له لحية بيضاء على صدره، فرآه الأطفال وهم يلعبون في السكك، فقال أحدهم: من أعطاك هذا القوس الأبيض الذي على صدرك؟

    وكانت لحيته كالقوس؟!

    فقال الشيخ: أعطانيه الدهر بلا ثمن، وسوف يعطيك قوساً مثله.

    ولذلك قيل للإمام أحمد بن حنبل: ما وصف الشباب الذي كنت تحمله؟

    قال: والله ما وصفت الشباب الذي كنت أحمله -أي: الفتوة والقوة- إلا كشيء حملته تحت إبطي، ثم سقط مني.

    وبكت العرب الشباب، ولكن هيهات! لا شباب إلا لمن أحسن الله شبابه في الآخرة، ولا شباب إلا لمن أسعد الله شبابه بالعمل الصالح، ولا شباب إلا من أحيا أوقاته بالذكر والصلاة والصلاح.

    يقول أبو العتاهية:

    بكيت على الشباب بدمع عيني     فلم يغن البكاء ولا النحيبُ

    ألا ليت الشباب يعود يوماً     فأخبره بما فعل المشيبُ

    هذا أبو الطيب الطبري وهو عالم شافعي كان في المائة من عمره، يقولون: كان سمعه قوياً، وكذا بصره، وبنيته قوية، وثب من سفينة على الشاطئ، فإذا هو على الساحل، وأتى الشباب بعده من تلاميذه يريدون الوثوب فما استطاعوا، قالوا: سبحان الله! نحن في العشرين وقد بلغت المائة وتستطيع الوثوب ولا نستطيع، قال: هذه أعضاء حفظناها في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر.

    ومما يذكر في كتب الرقاق: أن رجلاً من بني إسرائيل أطاع الله في شبابه أربعين سنة، ثم عصى الله أربعين سنة، فنظر إلى المرآة فلما رأى الشيب قال: يا رب! أطعتك أربعين سنة وعصيتك أربعين سنة، فهل تقبلني إذا عدت إليك؟

    فسمع هاتفاً يقول: أطعتنا فأكرمناك وقربناك، وعصيتنا فأمهلناك، وإن عدت إلينا قبلناك.

    ومصداق ذلك حديث عند الترمذي، وهو حديث قدسي صحيح، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قال الله تبارك وتعالى: يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي.

    يا بن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غرفت لك ولا أبالي.

    يا بن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم جئتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة}.

    فالله الله في حسن استغلال الشباب وقوته، فلا قوة إلا مع من أحسن شبابه مع الله، وليس الشباب بالقوة فقط ولا بالتمتع بالشهوات، ولا بالرقص ولا بالغناء، ولكن الشباب بمن حصن عينه وسمعه وبصره وفرجه وبطنه ويده.

    علي بن الحسين زين العابدين هو مثال وقدوة ونموذج لشباب الإسلام وهو ابن الحسين بن علي بن أبي طالب.

    قال الذهبي والعهدة عليه: كان علي بن الحسين يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، فكان إذا ضمه الليل بدأ في بكاء ونحيب، وإذا أتى الصباح فإذا وجهه يتلألأ نوراً من الخير والصلاح.

    ذكر أبو نعيم في الحلية في ترجمة مسلم بن يسار -أحد المحدثين الزهاد العباد- أنه كان جميلاً جد جميل، فسافر من المدينة إلى مكة، فلما نزل في البادية، رأته امرأة جميلة نظرت إليه فأحبته وتولهت به، فعرضت نفسهـا عليه فاستعصم بالله كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ يوسف:24] فأخذ يبكي فأتاه رفيقه قال: مالك تبكي؟

    قال: لأمر حدث في صدري.

    قال: والله لتخبرني؟

    قال: ابتليت ببلية، أتتني امرأة تراودني عن نفسها، فبكيت من هذا المنكر، ثم ذهب.

    قالوا: فطاف في العمرة الطواف الأول وجلس عند المقام، فأتته سنة من النوم فنام، فرأى يوسف عليه السلام يطوف في البيت، قال مسلم بن يسار: أأنت يوسف؟

    قال: نعم، أنا يوسف الذي هممت، وأنت مسلم بن يسار الذي لم تهم، وهذا من الذين حفظوا شبابهم مع الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

    قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق:37].

    وبعض الناس يسمع وهو لا يسمع! فهو يسمع الكلام، ولكنه لا يستفيد منه، فقد طرح سمعه جانباً وهو شاهد حاضر في المجلس، فبعض الناس يكون جالساً ويسمع المواعظ والأذكار والمحاضرات والدروس، لكن ليس له وعي بسمعه فلا يستفيد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088523535

    عدد مرات الحفظ

    777119438