إسلام ويب

سؤال وجوابللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن السؤال ذو أهمية عظيمة، حيث يبين الحق، وينير الطريق، ويشفي من العي.

    وقد عرض الشيخ في محاضرته هذه لكثير من المسائل المتنوعة الأبواب، ففي التفسير ذكر أسباب نزول بعض الآيات، وفي الفقه تتحدث عن بعض أحكام العبادات والمعاملات التي يحتاجها المسلم في حياته.

    وفي العقيدة تكلم عن بعض المسائل الشركية التي تخالف العقيدة السليمة، وإلى غيرها من الأحكام والمسائل والنصائح.

    الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    عنوان هذه المحاضرة: (سؤال وجواب) ورقمها: السادسة بعد الثلاث مائة، وأشكركم على حضوركم، وأشكر إمام المسجد على تقديمه، وأسأل الله أن يجمعنا بكم في دار الكرامة.

    قبل أن أبدأ في هذه المحاضرة وهي على شكل سؤال وجواب، أنبهكم على سنة المغرب؛ فإن من لم يصلها عليه أن يصليها في ختام المحاضرة، ومن لم يتسن له إلا بعد العشاء فليصلها بعد العشاء، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقضي السنن الرواتب، وهاتان الركعتان بعد المغرب من السنن الرواتب التي حافظ عليها رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر قال: (حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر، وركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها).

    أيها الإخوة الفضلاء: لقد أمر الله رسوله عليه الصلاة والسلام بالسؤال، فقال: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف:45] والسؤال نصف العلم، والجواب نصف العلم، وحسن السؤال من حسن العقل؛ وعند أبي داود: (أن رجلاً أصابته شجة -جرح في رأسه- فقال لأصحابه: هل لي رخصة في أن أتيمم؟ قالوا: لا رخصة لك، فذهب إلى الماء، فاغتسل، فدخل الماء في جرحه فمات، فلما أُخبر الرسول عليه الصلاة والسلام قال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال) والله يقول: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43].

    متى يمنع السؤال

    السؤال محذور في موطنين:

    الموطن الأول: أن تسأل عما لا يعنيك، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ [المائدة:101] فشيء لا يعنيك لا تسأل عنه، كمن يضيع عمره في أسئلة وهو بحاجة إلى أسئلة أحسن منها، ولكن أمضى عمره في الأسئلة، مثل الجدل البيزنطي حول دوران الشمس حول الأرض أو العكس، أو حكم أطفال أهل الفترة، أو أسئلة لا تعنينا ولا تنفعنا في الحياة.

    الموطن الثاني: ألا تسأل عن شيء استأثر الله بعلمه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، مثل سؤال المتشابه من القرآن، وتتكلف علمه مثل: حم، آلم، طسم، إلى غير ذلك من الحروف التي استأثر الله بعلمها أو علم المتشابه، فإن أهل العلم كـابن هبيرة الحنبلي يقول: " إن من معتقد أهل السنة أن يكفوا عن المتشابه " والله يقول: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ [آل عمران:7].

    وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن كثرة السؤال، قال الإمام مالك: " أراها المعضلات والأغلوطات ".

    أي: كثرة السؤال من المعضلات، فالذي يتعجز العلماء والمفكرين والدعاة وليس قصده العلم والفائدة بل أن يعجزهم، فهذا منهي عنه، وقيل: من سأل الناس مالاً تكثراً، فإنما يسأل جمراً.

    موضوع الأسئلة، وفوائد الأسئلة

    أيها الإخوة الفضلاء: بين يدي عشرون سؤالاً، منها: أسئلة في العقيدة، وأسئلة في الفقه، وأسئلة في الحديث النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام، وأسئلة في الفكر الإسلامي، ومنها: أسئلة في المؤلفات والأدب، وأسئلة اجتماعية، فعسى الله أن يسددنا ويهدينا بما نقول، وينفعنا بما نسمع، ونسأله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يجعل هذا العلم حجة لنا لا حجة علينا، وأن يجعل مجلسنا هذا من مجالس الجنة التي يذكرنا الله بها يوم القيامة. قال عطاء بن أبي رباح: [[مجلس الذكر يكفر سبعين مجلساً من مجالس اللغو]] ودخل عليه الصلاة والسلام المسجد فوجد حلقتين اثنتين أهل حلقة يدعون الله ويسألونه ويستغفرونه، وأهل حلقة يتذاكرون العلم والمسائل ويبحثون في الفقه، فقال عليه الصلاة والسلام: {أما هؤلاء -أي: الداعون- فيسألون الله إن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وأما هؤلاء فيتعلمون، وإنما بعثت معلماً وجلس بينهم عليه الصلاة والسلام} فهذه من خيرة المجالس.

    قال الحسن بن علي: مجلس العلم لا يفوتك منه أحد من خمسة:

    الأول: أن تكتسب فيه صديقاً.

    والثاني: أن يغفر لك به ذنب.

    فإن الله عز وجل بعد أن يصرف الناس يسأل الملائكة وهو أعلم بهم -والحديث عند مسلم - فيقول: {كيف تركتم عبادي؟ قالوا: تركناهم يسألونك، قال: ما يسألوني؟ قالوا: الجنة... -الحديث طويل في آخره يقول الله تبارك وتعالى-: أشهدكم أني غفرت لهم، قالوا: يا ربنا! معهم فلان بن فلان إنما جلس معهم هكذا، قال: وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم}.

    والثالث: أن تستفيد مسألة علمية، فتستفيد حلالاً تعرفه، أو حراماً تجتنبه، أو فقه آية، أو معنى حديث من ميراث محمد صلى الله عليه وسلم.

    الرابع: أن يزول عنك الوسواس، فإن الشيطان يفر من مجالس الذكر، ولذلك أوصى كثير من العلماء الفطناء من أصابه صرع أو مس من الجن أن يكثر من المحاضرات، والجلسات، والدروس، ومباحثات أهل العلم.

    الخامس: التوبة من الله عز وجل والرحمة تغشاك بإذن الله ونحن معك.

    من كان ملتمساً جليساً صالحاً     فليأت حلقة مسعر بن كدام

    فيها السكينة والوقار وأهلها     أهل العفاف وعِلْيَةُ الأقوام

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088530990

    عدد مرات الحفظ

    777160575