إسلام ويب

وقفات مع حديث الوليللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • حديث الولي اهتم به العلماء شرحاً واستنباطاً لما فيه من الأحكام والفوائد الجمة.

    والشيخ في هذا الدرس ذكر مسائل وأحكام كثيرة تتعلق بهذا الحديث، ومن أهم مسائله: أهمية الفرائض، فضل النوافل، وحكم تركها، حكم السنن القبلية والبعدية، وتطرق إلى حكم بعض الصلوات كصلاة الوتر، والتسابيح، ركعتا الوضوء.

    الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أمَّا بَعْد:

    فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    معنا في هذا اللقاء حديث الولي، وهذا الحديث من أعظم الأحاديث في الإسلام وسوف نتعرض للقضايا التي فيه بإذن الله، وقد أفرده الإمام الشوكاني بمصنف منفرد، وبحث فيه أهل العلم، وأُورد نصه في هذه الجلسة لنسمع هديه صلى الله عليه وسلم، وكلامه العذب:

    عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله تبارك وتعالى: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب عبدي إليَّ بأحب مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه) متفق عليه.

    هذا حديث قدسي يسمى حديثاً إلهياً، والحديث القدسي تعريفه عند أهل المصطلح:

    هو ما كان لفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعناه من الله جل وعلا، فالذي تلفظ وتكلم به هو رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، وأما المعنى فهو من الواحد الأحد، وهو يختلف عن القرآن، فالقرآن لفظه ومعناه من الله تبارك وتعالى، والحديث النبوي لفظه من الرسول صلى الله عليه وسلم.

    إذاً الوحي على ثلاثة أقسام:

    قرآن، وحديث قدسي، وحديث نبوي.

    - فالقرآن: لفظه ومعناه من الواحد الأحد.

    - والحديث القدسي: معناه من الله ولفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    - والحديث النبوي: معناه ولفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    القرآن معجز، والحديث القدسي ليس بمعجز فلا نتعجز به ولا نتعبد به ولا يتلى في الصلاة، ولفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعناه من الله.

    حديث الولي فيه مسائل، وأعظم مسألة هي مسألة النوافل التي سوف نتعرض لها.

    النوافل مهمة للولاية

    ما هي النوافل التي وقتها عليه الصلاة والسلام، وهل تصلى كلها في البيت أم لا؟

    وهل هناك سنن تقضى إذا فاتت أم لا؟

    وما درجة أحاديث السنن التي وردت عنه صلى الله عليه وسلم؟

    وما هي السنن التي خالف فيها العلماء: كـابن تيمية وابن القيم، وأنكروا أن تكون سنة؟

    هذه المسائل تقارب اثنتي عشرة مسألة، ويدخل فيها الوتر وصلاة الضحى، وقبل ذلك يقول الله عز وجل: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الملك:2] فما هو الحسن في العمل يا ترى؟

    قال أهل العلم: الحسن في الذوات: الجودة، والحسن في المعاني: الجمال.

    العمل المقبول سبيل الولاية

    وهذا كلام لا نحتاجه كثيراً، ولكنا نحتاج إلى تفسير الآية قال تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الملك:2] قال أهل العلم: أحسن العمل ما توفر فيه شرطان اثنان:

    الشرط الأول: أن يكون خالصاً لوجه الله.

    الشرط الثاني: أن يكون على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    فمن أخلص لله في عمله ولم يتابع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مبتدع، ففي المبتدعة من هو مخلص، ففي الرافضة من هو مخلص، وفي المرجئة من هو مخلص، وفي المعتزلة من هو مخلص، وفي القدرية من هو مخلص، ولكنه ضال مبتدع.

    ومن تابع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمله ولم يخلص فهو منافق مُراءٍ، في المنافقين من يقتدي بالرسول عليه الصلاة والسلام، وفي المنافقين من يتبع السنة، ولكنه لا يقصد بعمله وجه الله.

    وابن تيمية له كلام طويل يقع في أكثر من مائة صفحة في قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5].، وسبب تفسير هذه الآية: أن ابن تيمية رحمه الله أُتي به مقيداً من بلاد الشام..

    قيده النفعيون الماديون، وسجنه الأشاعرة، والمعتزلة المبتدعة، وأهل التصوف المنحرف، وسجنه كذلك النصيريون، سجنه أعداء الإسلام، فهذا الرجل فتح جبهات على أعداء الإسلام، فلما أُتي به مقيداً إلى مصر، دخل المسجد وهو مقيد وكان من أعلم علماء الدنيا، بل هو من أذكى أذكياء العالم، يقول المزي: ما قبل ابن تيمية بخمسمائة سنة أعلم منه! ونحن نقول: ما بعد ابن تيمية إلى الآن أعلم منه!! فدخل فلما فكوا الوثاق من يديه سأله العلماء في مصر أن يتكلم لهم كلمة بعد صلاة العصر.

    وكان كما يقول ابن كثير: كان العلماء إذا جلسوا، أصبحوا تلامذة عند ابن تيمية، قال: واجتمع علماء مصر وما كانوا والله إلا ذرات صادفت جبلاً، أو قطيرات صغيرة صادفت بحراً، فابتدأ بعد صلاة العصر في إياك نعبد وإياك نستعين [الفاتحة:5] ما تلعثم ولا توقف، ولا انتظر حتى صلاة المغرب، وهذه المقامة تسمى (مقامة الاستعانة) فيقول: من عبد الله ولم يستعن به فهو مشرك في عمله، ومن استعان بالله ولم يعبده فهو ضال مضل كذلك، والناس في ذلك على أربعة أقسام:

    - قسم يعبد الله ويستعين به وهم المؤمنون.

    - وقسم يعبد الله ولا يستعين به، وهم أهل الدنيا، وأهل الهوى والشهوات.

    - وقسم يستعين بالله ويعبد غيره وهم المشركون.

    - وقسم لا يعبد الله ولا يستعين به، وهم الملاحدة الذين ينكرون الصانع والخالق تبارك وتعالى.

    إذاً الحسن في العبادة يتركز على الإخلاص وعلى متابعة سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام.

    يقول صلى الله عليه وسلم: {يقول الله: من عادى لي ولياً} سبق معنا في مناسبات ولا نقف كثيراً عند لفظ الولي، وأحسن تعريف هو ما ذكره الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في قوله: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63] فهذا تعريف الأولياء في الكتاب والسنة.

    ولـابن تيمية كتاب اسمه (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان) عرف الأولياء، وقال: ليس لهم لباس ولا رداء خاص، ولا مراسيم ولا طقوس خاصة، وإنما قد يوجد الولي مع الفلاحين فهو فلاح، ومع التجار ومع الجند، ومع الحرس، ومع الطلاب، ومع الحكام، ومع المسئولين، بل هو موجود في كل طبقات الناس، الذي يؤمن بالله ثم يتقي الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088554314

    عدد مرات الحفظ

    777291703