إسلام ويب

حرب طاحنة بين السنة والبدعةللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • في ثنايا هذا الدرس: ذكر مسار البدعة، وكيف واجهها الإسلام، وكيف حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وتوضيح أنواع البدع، ومواقف للعلماء وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والأئمة من بعدهم في التصدي لأهل البدع، ولو اقتضى الأمر السجن أو ما هو أكبر منه.
    الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع، يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير، الحمد لله حمداً حمداً، والشكر لله شكراً شكراً، والصلاة والسلام على معلم الخير، وهادي البشر، ما اتصلت أذن بخبر وعين بنظر، وما تألق ورق على شجر، وما همل مطر وانهمر. وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أيها الأبرار: أيها الأخيار! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، عنوان هذه المحاضرة (حرب طاحنة بين السنة والبدعة) وهي حرب ضروس وجدت منذ أن خلق الإنسان، حرب بين الخير والشر، والهدى والضلال، والحق والباطل، وهذه الحرب نتكلم عنها منذ فجر النبوة وسوف نتكلم عن:

    - مسار البدعة وكيف واجهها علماء الإسلام؟ وكيف انتصروا عليها في أكثر من موقف؟

    - وما هي أسباب انتشار البدعة؟

    - وما هي أسباب الانتصار على البدع؟

    - ثم نعرض إلى بعض الوقائع والمقولات التي عاشها علماء الإسلام منذ فجر الدعوة، وعلى رأسهم وقدوتهم رسول الهدى صلى الله عليه وسلم.

    - ثم نعرج على بعض العناوين ومنها:

    - التحذير من البدع.

    - صراع البدعة مع السنة.

    - الخوارج وموقفهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    - الجدال الذي كان ثمرته التعزير.

    - المبتدع مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

    - علي بن أبي طالب أمير المؤمنين يندد بالبدعة ويلاحق ابن سبأ في كل مكان.

    - عمارة بن رؤيبة وموقفه من البدعة.

    - أحد الصحابة يتهم بشر بن مروان بالبدعة على المنبر.

    - الحسن البصري يتبرأ من واصل بن عطاء المعتزلي.

    - خالد القسري يذبح الجعد بن درهم المبتدع كذبح الشاة يوم عيد الأضحى.

    - الإمام مالك يتكلم عن السنة، ويعارض البدعة، ويندد بها في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام.

    - الإمام أحمد يقود الحلف السني الشهير ضد الحلف المبتدع الصغير الحقير، ومن وإلى المأمون الخليفة العباسي المبتدع.

    - أحمد بن نصر الخزاعي يذبح شهيداً في سبيل الله.

    - ابن تيمية يتصدَّى للبدع ويحاربها بقلمه السيال، ولسانه المعطاء، وبفكره وعطائه وتأليفه، وينزل للبدع في الميدان، ثم تعلن النتيجة لصالحه.

    - الإمام محمد بن عبد الوهاب يؤسس الدولة السنية التي قامت على الكتاب والسنة، وينصرها بالسيف والقلم، وهو مسئول عن فترته، ولا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها، ونحن نسأل عن هذه الفترة ولا يسأل عنها محمد بن عبد الوهاب.

    ثم الخلافة العثمانية وموقفها من البدع.

    - ثم نعرج على القضايا العصرية وعلى بعض الأمور بدون أن نتعرض لأشخاص ولا لحكومات ولا لهيئات، فإن موقفنا هنا أن نبين الإسلام، ولا نتعرض لأحد مهما كان إلا أن يقدح في الإسلام؛ حينها نبين خطأه وظلمه وضلاله، وهذه أمانة الله عز وجل على طلبة العلم والدعاة.

    البدعة في اللغة

    البدعة في اللغة: تدل على أمور، منها: الاختراع، والإنشاء، والإبداع، يقول: أبدعت الشيء أي: اخترعته، وقد ذكر الله عز وجل ذلك في القرآن، فقال: وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا [الحديد:27] أي: النصارى الجهلة الضلال عبدوا الله، لكن عبدوه بجهل، فأخذوا لأنفسهم طقوساً وأحداثاً وأرقاماً ما أنزل الله بها من سلطان؛ فوقعوا في الضلال والبدعة والارتباك.

    أدلة تحريم الابتداع في الدين

    قال تعالى: وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ [الحديد:27] وقال تعالى: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ [الأعراف:3]. فنحن أمة نتبع ولا نبتدع، أمة نقتدي ولا ننتج من أنفسنا أموراً، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [الحجرات:1] الشريعة تتلقى من السماء ولا نتدخل فيها إلا باستنباط وفقه في النصوص، ولذلك يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21] وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً [فاطر:8].

    قال بعض المفسرين: هؤلاء المبتدعة زين الله لهم سوء أعمالهم فرأوها حسنة، وزين لهم الشيطان المسلك والسبيل، فرأوا البدعة حسنة.

    موقف السلف الصالح من البدع

    قال سفيان الثوري: [[البدعة أحب إلى إبليس من المعصية]] علق ابن تيمية على هذا المقال بقوله: لأن البدعة قليل من يتوب منها، أما المعصية فكثير من يتوب منها؛ ولأن المبتدع يرى أنه محق ويرى أنه على صراط مستقيم وأنه مهتدٍ، فلا داعي لأن يتوب وهو على صراط سوي.

    قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين من حديث عائشة مرفوعاً وهذا الحديث عمدة من عمد الدين، وقاعدة قوية، وصخرة تتكسر عليها رءوس المبتدعة قال صلى الله عليه وسلم: {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} وفي لفظ: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} لكن تعالوا إلى كلام السلف في البدعة، قال بعض السلف في البدعة: لا تجالسوا مبتدعاً ولا تؤاكلوه ولا تشاربوه، فإنه أعدى من الجرباء.

    وقال ميمون بن مهران: ثلاث لا تسلم لنفسك فيها انقياد:

    الأولى: لا تخلو بامرأة ولو أن تقول: إني أعلِّمها القرآن، أو أعظها، فإنه قد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما}.

    والمسألة الثانية: لا تقبل على السلطان ولو أن تعظه، فإنك لا تدري ماذا تفعل، أي: تتنازل عن دينك.

    والمسألة الثالثة: لا تستمع لصاحب بدعة، فإنك لا تدري ماذا يقذف في قلبك من بدعته.

    فالأهواء أسرع إلى أهل البدع، وهي السم الزعاف، وهي أعدى من الجرب للأمة إن لم يتداركها الله برحمته تبارك وتعالى.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088546445

    عدد مرات الحفظ

    777247089