إسلام ويب

سلسلة الدار الآخرة أسماء يوم القيامةللشيخ : عمر عبد الكافي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • البعث والنشور حقيقة لا ريب فيها، وهي جزء من الإيمان بالآخرة، وجزء من إيمان المؤمن لا يتم إيمان المؤمن إلا به، وليوم القيامة أهوال وأحداث، وأسماء يوم القيامة توضح ذلك.

    1.   

    قضية البعث وتوجه الناس إلى المحشر

    الحمد لله حمد عباده الشاكرين، حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، وصلاة وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.

    فهذه بمشيئة الله عز وجل هي الحلقة العاشرة في سلسلة حديثنا عن الدار الآخرة، أو عن الموت وما بعده، فهذا يوم مبارك وهو يوم عاشوراء الذي من صامه إيماناً بالله واحتساباً فقد غفر له ذنوب سنة مضت، فاللهم اجعلنا من الذين تقبلت منهم يا رب العالمين! اللهم تقبلنا في هذا اليوم الكريم، اللهم تقبل منا صلاتنا وصيامنا وقيامنا، واغفر يا مولانا بفضلك زلاتنا وآثامنا، وأعتق من النيران رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا، وأزواجنا وذرياتنا، وأصحاب الحقوق علينا، فرج اللهم الكرب عن المكروبين، وسد الدين عن المدينين، واقض حوائجنا وحوائج المحتاجين، ويسر أمورنا وأمور المسلمين، ولا تدع لنا في هذه الليلة العظيمة ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا طالباً إلا نجحته، ولا شيطاناً إلا طردته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مسافراً إلا رددته غانماً سالماً.

    اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، أصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وآخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.

    أكرمنا ولا تهنا، أعطنا ولا تحرمنا، زدنا ولا تنقصنا، كن لنا ولا تكن علينا، آثرنا ولا تؤثر علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وارحمنا فإنك بنا راحم، ولا تعذبنا فأنت علينا قادر.

    اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، انزع اللهم الحقد والحسد والضغينة من قلوب المسلمين، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا.

    اللهم اجعلنا من المتحابين فيك، ومن المتزاورين فيك، ومن المتجالسين فيك، اللهم حببنا بحبك فيمن أحببت، وبغضنا ببغضك فيمن أبغضت، اللهم حببنا إلى الحلال وبارك لنا فيه وحببه إلينا وإن كان قليلاً، وباعد بيننا وبين الحرام يا رب! بعد المشرقين وبغضنا إليه وإن كان كثيراً، أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، نعوذ بك من عين لا تدمع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تقنع، ومن بطن لا تشبع، ومن دعاء لا يُسمع، نسألك من خير ما علمنا وما لم نعلم، ونعوذ بك من شر ما نعلم وما لا نعلم، إنك أنت الأعز الأكرم، انصر الإسلام والمسلمين، انصر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، واجعل اللهم خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك.

    اللهم من أراد بالمسلمين كيداً فاجعل اللهم كيده في نحره، تعلم يا مولانا أننا مقهورون فانصرنا، أذلاء فأعزنا، تائهون فأرشدنا، مشتتون فاجمعنا، أصحاب شهوات فتب علينا.

    اللهم تب علينا من الذنوب كبيرها وصغيرها، وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك معافين غير فاتنين ولا مفتونين، ولا خزايا ولا ندامى ولا مبدلين.

    يا أرحم الراحمين ارحمنا! يا أرحم الراحمين ارحمنا! يا أرحم الراحمين ارحمنا! لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين! أكرمنا بكرمك يا أكرم الأكرمين! اللهم أكرمنا يا أكرم الأكرمين!

    اللهم توفنا على الإيمان واحشرنا في زمرة المؤمنين، واجعلنا للمتقين إماماً، ثبت أقدامنا على الصراط يوم تزل الأقدام، أظلنا بظل عرشك يوم لا ظل إلا ظله، واسقنا من حوض الكوثر شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبداً.

    اللهم فرح بنا قلب نبينا، اللهم فرح بنا قلب نبينا، اللهم فرح بنا قلب نبينا، اللهم شفعه فينا، اللهم شفعه فينا، اللهم شفعه فينا، اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [يونس:10] .

    وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    توقفنا في الحلقة السابقة عند الحديث عن البعث من القبور، وتوجه العباد إلى أرض المحشر وقد وصفها لنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنها أرض بيضاء نقية لم ترتكب عليها معصية قط، ولم يسفك عليها دم قط، ولم يظلم إنسان عليها قط، ولم تقع عليها أي بلية قط، إنما هي أرض جديدة خلقها الله سبحانه وتعالى ليحاسب العباد عليها.

    إن أرض المحشر كما قلنا لا ندري أين مكانها، ولكن سوف يدلنا أهل الخير والعلماء الصالحون العاملون بعلمهم، وسوف يقومون بعمل الأدلاء أو المرشدين إلى أرض المحشر، حيث نخرج جميعاً من الأجداث سراعاً كأننا إلى نصب نوفض، أو كأننا جراد منتشر، وهنا إذا صيح بنا الصيحة الثانية ينادي المنادي من قِبل العلي الأعلى: أيتها العظام النخرة! أيتها اللحوم المتناثرة! أيتها الأعضاء المتفرقة! قومي لفصل القضاء أمام الله رب العالمين.

    وسوف نسرع ما بين راكب وماشٍ، وسائر على وجهه والعياذ بالله رب العالمين، حتى إن الصحابة الذين لا يجادلون أبداً تعجبوا وقالوا: يا رسول الله! كيف يمشون على وجوههم؟ قال: (الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم) وذلك لأن هذا الإنسان الذي سيمشي على وجهه والعياذ بالله يوم القيامة كان دائماً لا ينظر إلى الإسلام ولا إلى المسلمين، وإنما ينظر لمصلحته لا غير، ويرى مهمته فقط، فلم ينظر إلى مسلم برحمة، ولا إلى أرملة مسكينة برحمة، ولا إلى يتامى بشفقة، ولا إلى موظف مسكين يقف بجانبه، ولا إلى مظلوم، وإنما كان ينافق ويظهر ما لا يبطن.

    إنَّ المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يعلم أبا ذر وبالتالي يعلمنا أن الإنسان المسلم الصادق في إسلامه يجب أن يقول الحق ولا يخاف في الله لومة لائم؛ لأن قول الحق لا يقرب أجلاً، فأنت إذا رأيت ما يجب أن تقوله بحق وبصدق يجب أن تقول ولا تخاف أبداً أن يزج بك في سجن، أو تصاب في رزقك أو في ولدك، أو تعجل عليك المنية، كلا! فقل الحق، وإن مت فبقضاء الله عز وجل وأنت مع حمزة رضي الله عنه في الجنة، فخير الشهداء حمزة ورجل دخل على حاكم ظالم فوعظه فقتله.

    إذاً: هؤلاء سوف يُحشرون على وجوههم والعياذ بالله رب العالمين، ومنظر بشع أن يسحب الإنسان على وجهه، قال تعالى: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الملك:22] فأيهما أهدى وأفضل؟ الذي يمشي في الحياة مستقيماً على الصراط القويم، أم ذلك الذي يمشي مكباً على وجهه لا يرى الحق حقاً، وإنما يرى الحق باطلاً، ويرى الباطل حقاً.

    إنَّ في زمننا هذا إذا رأت العائلة واحدة قد هداها الله إلى الحجاب وقفت ضدها وقالت: هذا غلط، هذا تطرف، هذا تشدد! إذاً والتي تنام على الشاطئ عريانة أليس ذلك تطرفاً؟ أليس ذلك تشدداً في الانفلات؟ أليس تشدداً في الانحراف؟ أليس ذلك تشدداً في التمسك بإبليس وأعوانه؟ لماذا التشدد يذكر عند المؤمنين والمؤمنات ولا يذكر عند الفاسقين والفاسقات، والفاجرين والفاجرات؟

    لماذا عندما نلقى شاباً صالحاً يرتاد المسجد ويواظب على دروس العلم، نصفه بأوصاف سيئة؟ قال صلى الله عليه وسلم: (كيف بكم إذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً) فالمعروف صار في زمننا منكراً، والمنكر صار في زمننا معروفاً؛ لأن الناس قد ساروا على روسهم لا على أرجلهم فرأوا الحقائق مقلوبة، فهم لا يعيشون على منهج الكتاب والسنة، بل يعيشون في هذا الوقت مشاش على روسهم، فرأوا حقائق الأمور مقلوبة، رأوا الحق باطلاً والباطل حقاً، ورأوا الاستقامة انحرافاً والانحراف استقامة.

    إذا وعظت مدير مكتب وقلت له: لماذا تريدون سكرتيرة حسنة المظهر؟ قال: أريد أن أجلب بها الزبائن، والكارثة أن البنات يتسابقن أيتهن تفوز بمنصب السكرتيرة أو مديرة المكتب، فإن قلت له: لا بد أن يكون الموظف رجلاً حتى على الأقل لو تأخر مجلس الإدارة في الليل لاجتماع إلى الساعة الواحدة، أفضل من أن تتأخر الفتاة أو الأم عن أبنائها، فالرجل أفضل لأنه يتحمل ويصبر على الأوامر القاسية، لكن المرأة ضعيفة وفي نفس الوقت تخلو أنت بها في المكتب ومعكما الشيطان، فتراه يتأفف من هذا الوعظ؛ لأنه لا يحب هذا الحديث؛ فهو يرى الحق باطلاً، ويرى الحقيقة عرجاء، ويرى الأمر الأعرج الكسيح المشوه مكتملاً، فهو يرى أن هذا هو الصواب، أما ما تراه أنت فهو خطأ؛ فهذا من الذين يسحبون على وجوههم يوم القيامة؛ لأنه لا يرى إلا أن يقلب الحقائق، والموظف الذي تحت يديه مال لوزير أو مدير، فتراه ينافق ويضر الناس؛ حتى لا يصل إليه إلا كل مدح وصفة طيبة، من الذين يحشرون على وجوههم يوم القيامة.

    يحكى أن الفضيل بن عياض رحمه الله وعظ هارون الرشيد فقال: يا أمير المؤمنين! إن ملكاً من ملوك الصين وكان رجلاً عادلاً أصيب بالصمم، فكان لا يسمع شكوى الشاكين، فأذن بمؤذن في البلاد: من كان ذو ظلامة يلبس يوم كذا ثوباً أحمر فكان الفضيل يقول: يا أمير المؤمنين! هذا رجل مشرك ولكنه يعدل بين الناس. وأمة العدل الكافرة تستمر، وأمة الظلم المسلمة تضمحل، ولزوال الأرض والسماوات بما فيهن أهون عند الله من إراقة دم مسلم بريء.

    فهؤلاء -أي الذين يريقون دماء المسلمين البرآء- من الذين سوف يكبون على وجوههم في النار يوم القيامة، وقبل أن يكب على وجهه في النار يمشي مكباً على وجهه من القبر إلى أرض المحشر والعياذ بالله نستعيذ بالله وإياكم من هؤلاء ومن هذه الأعمال، وحشرنا الله في زمرة الصالحين المؤمنين المتقين.

    قلنا: إن الناس سوف يحشرون على هيئات ثلاث: صنف راكب، وصنف ماشٍ، وصنف يمشي مكباً على وجهه؛ ونحن الآن في أواخر شهر يوليو والحر شديد والرطوبة نسبتها عالية، ومدى الاحتمال عندنا صعب، فتخيل نفسك وأنت في أرض المحشر وقد تركت الشمس مدارها واقتربت من الروس، فهذه الشمس التي لم نتحمل حرارتها في الساعة الثانية والساعة الثالثة ظهراً، ويأتي المغرب ولا يزال الحر موجوداً، وكأن حرارة الشمس مختزنة داخل المباني لو أنها اقتربت من رأسك! فالمسألة صعبة، حتى إن كثيراً من الناس يتمنون أن لو دخلوا النار ولا تطول الوقفة، فلا بد أن نراعي هذه المسألة، إذ تطول الوقفة ويتردد الناس على الأنبياء نبياً نبياً، وكل نبي يقول: لست لها، إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، اذهبوا إلى فلان.. اذهبوا إلى فلان، إلى أن يصلوا إلى سيدنا عيسى عليه السلام فيقول: لست لها، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فيذهبون إليه فيقول: أنا لها أنا لها، ورأينا كيف يشفع ويستشفع رسول الله صلى الله عليه وسلم بما له من رصيد عند ربه، وعندما يشفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه ويقبل الله شفاعته يبدأ الحساب.

    1.   

    أسماء يوم القيامة

    ليوم القيامة أسماء كثيرة، فإننا حين نقرأ القرآن أو نقرأ السنة المطهرة نجد مسميات كثيرة تربو على الستين اسماً ليوم القيامة، وكل اسم من أسماء يوم القيامة له معنى، وهذه الأسماء يجب أن نعلمها؛ لأنه اسم اليوم الذي سنجمع فيه جميعاً من لدن آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، سنجتمع فيه نحن وأهلنا وأقرباؤنا وأصحاب الحقوق والرؤساء والزعماء والملوك، والأمراء والوزراء والمدراء والكبير والصغير، وكسرى وقيصر والأنبياء جميعاً وأقوامهم، والنبي صلى الله عليه وسلم وأمته من الكفار والمشركين والمنافقين، فكل هؤلاء مجموعون في مكان واحد..

    والمسألة ليست من السهولة بمكان، فحلقات الدار الآخرة هي حلقات تخص العقيدة أولاً وأخيراً، فإذا كنا لم نخرج من حلقات الدار الآخرة بزيادة إيمان ونور يدخل إلى قلب العبد رويداً رويداً؛ فإن هذه دروس لم نستفد منها؛ فاللهم اجعلها في ميزان حسناتنا، واجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه يا رب العالمين!

    يوم الانشقاق

    إنَّ أول اسم من أسماء يوم القيامة اسم يتعلق بسورة من ضمن خمس سور عجلت بالشيب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان العربي لا يشيب إلا بعد الستين والسبعين سنة، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغ اثنتين وأربعين سنة بدأ الشيب يدب في رأسه ولحيته صلى الله عليه وسلم، فقال الصحابة رضي الله عنهم: عجباً! عجل عليك الشيب يا رسول الله! قال: (شيبتني هود وأخواتها) ما هي أخوات هود؟ أول واحده منها: الانشقاق، قال تعالى: إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ [الانشقاق:1].

    فالله سبحانه وتعالى يأمر أن تنظر إلى السماء وأن ترجع البصر مرة ومرتين، قال تعالى: هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ [الملك:3] أي: هل ترى شقوقاً في السماء؟ الجواب: قال الله تعالى: رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا [النازعات:28] فالسماء ليس فيها تشقق ولا تصدع، لكن لكل سماء باب، والرسول صلى الله عليه وسلم دخل من أبواب السماء ليلة المعراج، والله سبحانه وتعالى يقول: فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ [القمر:11] إذاً: السماء لها أبواب وليس باباً واحداً وهذه الأبواب نحن لا نراها، وعندما تنظر إلى السماء تجد أن الله رفعها بغير عمد نراها جل الخالق، وسكان السماوات كلهم من الملائكة، ولما خلق الله سبحانه وتعالى: السماوات والأرض أوحى إليهما بقوله: اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [فصلت:11] فدخلا في طاعة الله عز وجل، فأوحى الله عز وجل في كل سماء أمرها، ودبر ملك السماوات والأرض، والله سبحانه يقول: لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غافر:57].

    روي عند الإمام الترمذي عن ملك من الملائكة أنه طلب طلباً غريباً من رب العباد سبحانه! فقال: أريد عمراً مائة ألف سنة، ومائة ألف جناح وقوة مائة ألف ملك؛ لكي أطوف مسبحاً بحمدك حول العرش.

    فالملك مطبوع على الطاعة ومع ذلك يطلب الاستزادة، فقال الله: لك ما أردت، وأجيبت الدعوة، وانتهت المائة ألف سنة فوقف فوجد أنه لم ينه لوناً واحد من ألوان العرش، إذ إن العرش له ألوان لا يعلم جمالها إلا الله سبحانه، فوقف الملك يبكي واقفاً عند جنة عدن فطلعت حورية من الحور العين تقول متعجبة: هل هناك أحد يبكي عند الجنة؟! إن جاز له البكاء فقد يبكي فرحاً، قال الشاعر:

    هجم السرور عليَّ حتى أنه من فرط ما قد سرني أبكاني

    تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: لم أكن أفكر أن هناك أحداً يبكي فرحاً، إلا لما رأيت أبا بكر يبكي فرحاً عندما بشر بصحبته للرسول صلى الله عليه وسلم في الهجرة.

    كذلك لما وقف الملك يبكي وتعجبت الحوراء منه وقالت: تبكي لماذا يا عبد الله؟! قال: طلبت من ربي كذا وكذا فأعطاني، لكنني لم أنهِ لوناً واحداً من ألوان العرش، فماذا أعمل؟ قالت له: يا هذا! بصنيعك الذي صنعت ما بلغت جزءاً من مائة ألف جزء من ملك أبي بكر الصديق في الجنة.

    وكان أبو بكر أخوف الناس، وكان إذا وقف يصلي لا يسمع القراءة من بكائه، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يصعد على المنبر وأبو بكر قاعد على حافة المنبر لا ينزل عينيه من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان هو الصحابي الوحيد الذي عنده مقدرة أن يطيل النظر في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يقول صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد له يد عندنا إلا وكافأناه عليها إلا أبا بكر ، فإن له يداً عندنا لا يكافئه عليها إلا الله رب العالمين) .

    إذاً: فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ [الملك:3] يعني: هل ترى من انشقاق أو انبعاج؟ قال تعالى: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ [الملك:4] أي: انظر مرتين يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ [الملك:4] .

    قال تعالى: إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ [الانشقاق:1-2] أي: حق لها أن تسمع الإذن من الله بأن تنشق؛ لأن الله يقول لها: انشقي يا سماء! فتتشقق وتقع تمهيداً لسماء أخرى ليست كهذه السماء.

    قال تعالى: وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ [الانشقاق:3-4] أي: يقول الله: يا أرض! أخرجي ما فيكِ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أترون ما إذنها؟) قالوا: لا يا رسول الله! قال: (تقول لي الأرض يوم القيامة: يا محمد! لقد أذن الله لي أن أمد، وأن أخرج ما في بطني، وأن أشهد بكل شيء عمله ابن آدم على ظهري، فاحذروا من الأرض فإنها أمكم) ، كما قال تعالى: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ [طه:55] أي: خلقنا نحن منها فهي أم لنا، وستحضننا بعد هذا حضانة أخرى، فالأم تحضن ابنها في لحظة الحنان والشفقة والرضاعة، والقبر يحضن المؤمن كالأم حين تضم ابنها لصدرها عند الرضاعة بحنان، ومن الناس - والعياذ بالله رب العالمين - من يضيق القبر عليه حتى تختلف أضلاعه، فالذين يظلمون الناس ويفترون عليهم ويقتلونهم، والذين يحبسون الناس ويؤذونهم ويطردونهم من أعمالهم ويطاردونهم في معايشهم، ويتجسسون عليهم؛ أين يذهبون من رب العالمين؟

    إذاً: يا عبد الله: تب إلى الله، فإن الكرسي سوف يزول، والمنصب سوف يزول، قال تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص:88] أي: لا باقي إلا وجه الله، وقال تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ [الرحمن:26-27].

    فقوله تعالى: وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ [الانشقاق:3-5] أي: حق لها أن تسمع الإذن من الله عز وجل بأن تخرج ما فيها.

    وسمي هذا اليوم بيوم القيامة؛ لأن الناس يقومون فيه لرب العالمين، وسميت بالساعة؛ لأن كل الناس يسعون إليها وهي تسعى إليهم، يعني: إن كنت لا تحب أن تسعى إليها فهي التي ستسعى إليك، فإما أن تلقى حتفك بيدك، وإما أن يأتيك الموت، فالساعة لا ريب فيها، قال تعالى: وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ [الحج:7].

    كلَّم الله سبحانه وتعالى موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فقال: وَأَنَا اخْتَرْتُكَ [طه:13] أي: صار رسولاً، قال: وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا [طه:13-14] فأرسله بالوحدانية أولاً، قال: فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي [طه:14] فالصلاة تنوب عن كل العبادات.

    وقال: إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا [طه:15] قال أهل التفسير: أكاد أخفيها فلا أقول إنها آتية، أراد الله شدة إخفائها، قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً [الأعراف:187].

    فقوله: (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) أي: تأتي فجأة، فالأمر بيد من بيده الأمر كله، إذ يقول للشيء: كن فيكون.

    يوم التكوير

    هناك سورة في القرآن اسمها سورة التكوير بالإضافة إلى سورة الانشقاق وسورة هود وهي من السور التي شيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنت عندما تكتب في ورقة وتكتشف أنك أخطأت في الكتابة فإنك تكورها هكذا وترميها، وهذا مثل قوله سبحانه: يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ [الأنبياء:104] وفي قراءة: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكتَاب) كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء:104].

    ثم يبشرنا الله سبحانه فيقول: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ..) أي: يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [الأنبياء:105].

    فعندما يورثهم الله سبحانه يقولون: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ [الزمر:74] إذاً: الجنة أرض وهؤلاء هم الوارثون، قال تعالى: أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ [المؤمنون:10-11] اللهم اجعلنا من ورثة جنة النعيم.

    ودعا سيدنا إبراهيم به فقال: وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ [الشعراء:85-86] دعا ربه أن يكون من الورثة الذين يرثون الفردوس؛ لأن في الجنة باباً يدخل منه المجاهدون المقاتلون في سبيل الله والشهداء، وباباً يدخل منه الصائمون، وباباً يدخل منه العلماء العاملون بعلمهم، وباباً يدخل منه الحاكم العادل، كذلك تدخل الجنة فتجد مساكن، قال تعالى: وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا [التوبة:24] في جنات عدن.

    وتجد الذين وصفهم الله بعباد الرحمن في لوحة كبيرة مكتوب عليها بحروف من نور يسكنون الجنة، وصفاتهم موجودة في القرآن الكريم.

    إذاً: عندما تستغني عن الورقة تطويها وتكورها ثم ترميها، وهكذا الأرض فإنها تكور وينتهي الأمر، قال تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ [إبراهيم:48] في هذه الآية حذف والتقدير: (والسماوات غير السماوات) فهذا هو يوم التكوير، وهو اسم من أسماء يوم القيامة.

    يوم الانكدار

    قال تعالى: وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ [التكوير:2].

    إن الماء يكون صافياً عذباً ورائقاً وعندما تشوبه شوائب يصبح مكدراً.

    والكدر أصله من الكدرة والحزن، يقال: كدر الضابط، أي: أدخل الكآبة على نفسه، كذلك النجوم، فالنجوم أصلاً مضيئة، فإذا اضمحل نورها أصبحت منكدرة، وهذا يوم الانكدار فالشمس تركت المدار والكواكب تناثرت من السماء؛ لأن السماء تشققت، والمدارات اختلت، وكل شيء ضاع، ويكون النور كما قال تعالى: وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا [الزمر:69] ففي النهار أنت تحيل الضوء إلى الشمس، وفي الليل وأنت في الحقل أو في الصحراء تحيل الضوء إلى القمر، وفي يوم القيامة تذهب كل هذه الوسائط، قال تعالى: وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا [الزمر:69] فالذي يضيء الكون هو رب الكون، وهكذا ترجع الأمور إلى حقائقها، فذا يوم الانكدار.

    يوم التسيير

    قال تعالى: وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ [التكوير:3] هذه الجبال تسير! فتذهب إلى ما شاء الله، وهي عبارة عن أوتاد للكرة الأرضية، ومعلوم أن الكرة الأرضية التي نعيش عليها تدور حول نفسها وحول الشمس، تدور حول الشمس فتتكون الفصول الأربعة، وتدور حول نفسها ليتكون الليل والنهار.

    والفصول الأربعة: الخريف والشتاء والصيف والربيع، أما الليل والنهار فإنه إذا غربت الشمس في القاهرة لم تغرب بعد في الإسكندرية، وإذا غربت في الإسكندرية لم تغرب في السلوم، وإذا غربت في السلوم لم تغرب في طبرق، وإذا غربت في طبرق لم تغرب في طرابلس، وإذا غربت في طرابلس لم تغرب في وهران، وإذا غربت في وهران لم تغرب في الرباط، وإذا غربت في الرباط لم تغرب في أمريكا، وكل ذلك حتى يبقى في الأرض من يوحد الله في كل لحظة.

    إذاً: لا يوجد وقت ينتهي فيه الصلاة، وبذلك يستمر توحيد الله في الكون، قال تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ [المعارج:40] هنا مشرق وهنا مغرب، وفي كل حين تسبيح وتوحيد لله عز وجل، كذلك الطائفون حول الكعبة عندما يقفون للصلاة يبعث الله بعثاً من الملائكة يطوفون حتى لا ينقطع الطواف.

    اشتكت الكعبة قلة زوارها زمناً من الأزمنة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا كعبتي! وعزتي وجلالي لأخلقن أقواماً يحنون إليك كما يحن الطائر إلى وكره.

    يوم التعطيل

    قال تعالى: وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ [التكوير:4] العشار: اسم يطلق على البهائم التي تحمل في بطونها أجنتها، فالعشار تعطل وتضع حملها كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ [الحج:1-2] ، فإن قال قائل: لماذا لم يقل: الأم مع أن الأم تسمى مرضعة؟ الجواب: لأن أكثر الحنان والعطف تظهره الأم ساعة الرضاعة، حتى إن الولد إذا مات أو أخذ إلى المستشفى بعيداً عن أمه حنَّ ثدي الأم، فكأن هناك شيئاً روحياً يربط ما بين هذا اللبن وبين الثدي وبين الابن، فينزل اللبن لوحده، فهذه أكبر اللحظات في الحنان والعطف.

    أما يوم القيامة إذا قامت والولد يرضع من ثدي أمه، ترمي الأم طفلها.

    قال تعالى: وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا [الحج:2] وأكبر حامل في التاريخ هي الأرض، فتخرج كل ما فيها من كنوز، وما الاستعمار الأمريكي والأوروبي على بلادنا إلا لأنها أرض حاملة للخيرات، وهذا من فضل الله عز وجل، فلتتقوا الله أهل الخليج وأهل الحجاز، فإن مخزون السعودية والخليج والعراق وإيران من البترول لمائة وخمسين سنة، أما مخزون أمريكا وروسيا لا يكفيها إلا لثلاث عشرة سنة مقبلة فقط، يعني: في عام ألفين يكون المخزون عندهم قد نفذ، ومن أجل ذلك يحاولون استعمارنا لكن نحن بإذن الله سننتصر عليهم.

    يوم المحشر

    قال تعالى: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ [التكوير:5] فإن قيل: لم تحشر الوحوش وهي لا تحاسب؟

    فالجواب: قد يكون من البشر من ظلم وحشاً من الوحوش، فقد دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.

    إذاً سيحشر الله الوحوش لأنه من المحتمل أن يكون الإنسان قد ظلم وحشاً، أو ضرب حيواناً ضرباً مبرحاً، وقد كانت الحيوانات في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم تشكو للرسول صلى الله عليه وسلم من ظلم أصحابها، فكان ينهرهم ويقول: أحسن إلى بعيرك، أحسن إلى حمارك، أحسن إلى فرسك وهكذا وللأسف الشديد أنشئت في أوروبا جمعيات للرفق بالحيوان، ووددت لو أن في بلدنا جمعيات للرفق بالإنسان المسلم.

    يوم التسجير

    قال تعالى: وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ [التكوير:6] أي: اشتعلت فالبحر يشتعل، وقد ثبت في الكيمياء أنَّه إذا وضع هيدروجين مع أوكسجين بنسبة اثنين إلى واحد حصل انفجار، فالماء الذي نشربه، وماء النهر والبحر بنفس التركيب، فسبحان الذي أعطى الماء هذه الخاصية وسلبها خاصية الانفجار ليستفيد منها ابن آدم في الدنيا؛ فإذا أراد الله أن تقوم القيامة عاد الماء إلى خاصيته فيكون نسبة الهيدروجين إلى الأوكسجين بنسبة واحد إلى اثنين فيحصل اشتعال في البحار وتحترق، يعني: البحر الأبيض والبحر الأحمر والمحيط الأطلنطي والمحيط الهادي والبحر الكاريبي، والقطب الشمالي والقطب الجنوبي والبحر الأسود والبحر الميت وبحيرة طبرية، وبحيرات المرة وبحيرة التمساح والخليج العربي ستشتعل كلها ناراً والعياذ بالله رب العالمين.

    إذاً: سيكون الواقع منظره مخيف: الجبال سارت، والسماء تشققت، والشمس اقتربت من الروس، والنجوم انطمس ضوؤها، والعشار عطلت، والوحوش حشرت، وسيحاسب الإنسان على كل مخلوق ظلمه.

    يوم التزويج

    يوم التزويج اسم من أسماء يوم القيامة قال تعالى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ [التكوير:7] فأسماء يوم القيامة من الأهمية بمكان، ونحن نتحدث عن حلقات الدار الآخرة لكي تكمل الفائدة، ولكي نخرج من هذه الدروس بما يعود علينا بالخير في الدنيا والآخرة، فاللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه يا رب العالمين!

    إذاً: الوحوش سوف تحشر معنا يوم القيامة منكسة روسها خوفاً من العلي القدير رغم أنها ليست ذوات جناية، أو ذوات تكليف معين قد قصرت فيه، ولكن الله سوف يغضب يوم القيامة غضباً لم يغضب مثله من قبل، ولن يغضب مثله بعد، فاللهم ارض عنا في الدنيا والآخرة يا رب العالمين!

    يوم السؤال

    ويسمى يوم القيامة بيوم السؤال، قال تعالى: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9].

    ولا بد أن نتكلم عن مسألة الإجهاض، كثير من الناس يظن أنه في أربعة أشهر من حمل المرأة يجوز أن تنزل المرأة ما في بطنها، وهذا افتراء على الله عز وجل، إذ إن الجنين صارت تدب فيه الحياة منذ اليوم الأول، يعني: باجتماع الحيوان المنوي مع البويضة صار هناك ما يسمى بالزيجوت وهي عبارة عن البنية الأساسية والخلية الأولى لتكون الجنين؛ لأن الولد بعد تسعة أشهر أتى من اللحظة الأولى من اجتماع البويضة في المرأة مع الحيوان المنوي في الرجل.

    إذاً: من أجهضت ما في بطنها لسبب قوي جداً، لا قبل أن يخبرها طبيب مسلم مؤمن فاهم حاذق وقال: إن الحمل إذا اكتمل فإنه ستموت المرأة فهنا جاز الإجهاض، ولي أيضاً تحفظ على مسألة التشوه، فقد عرفوا في هذا الوقت بالعلم الحديث أن الولد قد يخرج مشوهاً نتيجة للتلوث الذي نعيش فيه، ونتيجة تدخين الأمهات، أو جلوس الأمهات الحوامل في مكاتب فيها مدخنون، فإن هذا كله يصيب الأولاد بالتشوهات المعينة في بطون أمهاتهم، فلو أننا فرضنا جدلاً أن إنساناً منا رزق بابن مشلول كفيف لا يتكلم ولا يسمع، أي: كل حواسه معطلة وأصبح عمره خمس سنين وذهب به إلى الطبيب، فقال الطبيب: هذه الحالة لا نستطيع أن نرجعها، والسمع هذا لا نستطيع أن نرجعه، والشلل هذا لا نستطيع أن نعمل فيه شيئاً، فهل تستطيع الأم أن تقول: إذاً: يا طبيب اقتله؟! فمسألة قول الطبيب: إن هذا الولد سيخرج مشوهاً، هذا قدر الله عز وجل، فإن الله يبتليك بولد كفيف أو مشلول، أو بولد تفكيره ضعيف، أو يبتليك بولد لا يتكلم، فهذا اختبار من الله لك ولا اعتراض على قدر الله، فإذا تجرأت وقلت: الطبيب قال هكذا! فنحن سنجهضه، فإني أقول لك: لا، اذهب واستفت عالماً آخر؛ لأن هذا رأيي ورأي الإخوة العلماء في رابطة العالم الإسلامي، ونحن مجمعون على هذا الرأي بفضل الله عز وجل ونفتي به في أي مكان في العالم.

    فلا يجوز الإجهاض إلا إذا كان هناك هلاك محقق للأم، أما غير ذلك فلا يجوز، فقد تكون المرأة لديها أربعة أولاد، فأمرها زوجها أن تجهض الخامس فأجهضته، فتراهما يدعيان الغباء ويقولان: عندنا أربعة أولاد، وفي بيتنا غرفتان وصالة فأين نضع الخامس؟! أليس الله يقول: وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ [الذاريات:47] فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي سيوسع عليك، فهو الذي يعلم السر وأخفى.

    رب العباد إذا وهب لا تسألنّ عن السبب

    ولا تقل: أنا موظف ومرتبي ثمانون جنيهاً وعندي ثلاثة أولاد، فلو رزقت الرابع عجزت عن كفايتهم فيا عجباً! هل أنت الذي ترزق ابنك؟ لا، هذا كفر وشرك بالله عز وجل، قال تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا [الإسراء:31].

    إذاً: قتل الجنين يلزم قاتله الدية؛ لأنه قتل مسلماً بغير حق، فإن كان المقتول ولداً فعلى الأب والأم مائة ألف جنيه، فإن كان المقتول بنتاً فعلى الأب والأم خمسين ألف جنيه؛ لأن دية المسلم مائة ناقة، فإن لم يكن لدى الأبوين مقدرة على دفع الدية، فيصوم الأب وتصوم الأم شهرين متتابعين هذا هو الحل.

    فإني أقول لأب الطفل: أنت أخذت الأمانة وأنت وذاك، إن كنت أجهضت الجنين فإما أن تصوم ستين يوماً متتابعة، أو تخرج الكفارة؛ لأنك قتلت، قال تعالى: وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8-9] ستحضرك الملائكة وتسألك: لماذا قتلت ابنك؟

    قال بعض أهل العلم: لو أسقطت المرأة ما في بطنها! فإنه إجهاض طبيعي، وحجتهم أنها تنط وتجري لكي يسقط الذي في بطنها، وهذا خطأ مخالف للشريعة، فترى المرأة تسقط جنينها، فيقول أبوه: لا بد ن أن أسميه اسماً طيباً حتى لا يتعلق برقبتي يوم القيامة ولا يدخلني الجنة.

    نقول: إن الحقوق في الإسلام كثيرة، فانظر كم من الأنفس ستتعلق برقابنا يوم القيامة.

    يوم النشور

    من أسماء يوم القيامة يوم النشور، قال تعالى: وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ [التكوير:10] أي: ينشر المختبئ فيها، فالإنسان سيأخذ كتابه الذي سجل فيه كل أعماله ويأخذ كذلك الشهادة ودرجاته، فأنت عندما تمتحن الطلاب في المدرسة أو في الكلية فإن الطالب يجيب في أوراق الإجابة، فيمتحن بعشر مواد في عشر كراسات، فيقوم المدرسون بتصحيح الإجابات ثم كتابة الدرجة النهائية للمادة الواحدة، فيقوم الكنترول بأخذ الدرجات ورصدها في كشف، ثم يرصد الكشف في الشهادة التي بها يعرف الطالب هل هو ناجح أو راسب.

    كذلك يوم القيامة تنشر فيه الصحف، وسينشر من الصحف شيئان: مجمل الحسنات ومجمل السيئات، فتوضع الحسنات في كفة من الميزان والسيئات في كفة فإذا ثقل الميزان قال تعالى: فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ [القارعة:6-7]، وإذا خف الميزان قال تعالى: وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ [القارعة:8-9] إذاً: سيكون معك شيئان يوم القيامة: الشهادة الذي فيها المجموع الكلي، ثم يناديك الله على روس الأشهاد وينشر لك أعمالك كلها فترى كل عمل عملته، فيُخرَجُ للمسلم من تحت العرش تسعةٌ وتسعون سجلاً كل سجل مد البصر، فيطلع عليه المسلم كله بالتفصيل ولا تظلم نفس شيئاً، قال تعالى: لا ظُلْمَ الْيَوْمَ [غافر:17].

    يوم التسعير

    قال تعالى: وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ [التكوير:12] سعرت يعني: اشتعلت فيها النيران، سأل الصحابة رضوان الله عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن شرر جهنم فقال: (أوما قرأتم قول الله عز وجل: إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ [المرسلات:32-33] ؟) فشرر جهنم كالمدائن والحصون ولو أن أهل جهنم رأوا نيراناً من نيران الدنيا لا ستراحوا فيها وناموا، وفي يوم القيامة يقول الله سبحانه: يا آدم! ابعث بعث النار، فيقوم آدم فيبعث من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، يأخذهم آدم إلى النار، فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك خافوا وارتجفوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تخافوا، لا تخافوا، أنتم آخر الأمم وأولها دخولاً إلى الجنة، ما أنتم في الأمم إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو الشعرة السوداء في جلد الثور الأبيض).

    قال تعالى: وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ [التكوير:12] ويقول سبحانه: وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ [الفجر:23] جيء: فعل ماض مبني للمجهول، أي: يجيء بها الملائكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يجرها ملائكة لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك).

    وإذا الجحيم سعرت جاءت ولها زفرات ثلاث تزفر على أهل المحشر، تهجم عليهم ثلاثة أنواع من الهجوم المتتابع، كالأسد الذي يستعد للوثوب على فريسته، وهكذا منظر جهنم تستعد للوثوب على أرض المحشر؛ فأول زفرة قال: (يهرب أهل المحشر من أمامها سراعاً فينكفئون بعضهم على بعض وعلى وجوههم).

    ونضرب مثلاً بنار في قصر يبلغ أربعة عشر طابقاً، فترى من يسكنه يقفز وهو يعلم أنه ميت، لكن القفز عنده أسهل من أن تلحقه النار، كذلك إذا زفرت جهنم الزفرة الأولى هرب أهل المحشر كلهم فعادت، ثم زفرت الزفرة الثانية فما من نبي مرسل ولا ملك مقرب إلا آخذ بقوائم العرش، قال تعالى: وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً [الجاثية:28] من جثا يجثو على ركبتيه، فترى جميع أهل المحشر جاثين من هول جهنم، ويقال: إن الشهداء والعلماء المخلصين سيرفعون رؤوسهم فيطمئنون الناس أنها قد عادت، فتأتي الزفرة الثالثة وهي أكبر من سابقتيها ثم تعود فتنصب في هذه اللحظة الموازين.

    ووقود النار كما قال سبحانه: فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [البقرة:24] ، وقال الله سبحانه: عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].

    اللهم الطف بنا يا رب العالمين! وأبعدنا عن نار جهنم، وأبعدنا عنها عملاً في الدنيا وجزاءً في الآخرة، اللهم أدخلنا الجنة بدون سابقة عذاب، اللهم زحزحنا عن النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وقربنا من الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، واجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم أن نلقاك يا رب العالمين! آمين يا رب العالمين!

    الحكيم الترمذي رحمه يجمع هذه الأسماء كلها في مقولة شهيرة، يقول فيها:

    مثل لنفسك أيها المغرور! يوم القيامة والسماء تمور

    قد كورت شمس النهار وأضعفت حراً على رأس العباد تفور

    وإذا النجوم تساقطت وتناثرت وتبدلت بعد الضياء كدور

    وإذا العشار تعطلت عن أهلها خلت الديار فما بها معمور

    وإذا الجبال تقلعت بأصولها فرأيتها مثل السحاب تسير

    وإذا الوحوش لدى القيامة أحضرت وتقول للأملاك: أين نسير؟

    وإذا تقاة المسلمين تزوجت من حور عين زانهن شعور

    وإذا الجليل طوى السما بيمينه طي السجل كتابه المنشور

    وإذا الصحائف عند ذاك تساقطت تبدي لنا يوم القصاص أمور

    وإذا الصحائف نشرت فتطايرت وتهتكت للمؤمنين ستور

    وإذا السماء تكشطت عن أهلها ورأيت أفلاك السماء تدور

    وإذا الجحيم تسعرت نيرانها فلها على أهل الذنوب زفير

    وإذا الجنان تزخرفت وتطيبت لفتى على طول البلاد صبور

    وإذا الجنين بأمه متعلق يخشى القصاص وقلبه مذعور

    هذا بلا ذنب يخاف جناية كيف المصر على الذنوب دهور

    القارعة والزلزلة

    من أسماء يوم القيامة القارعة، سميت بذلك لأنها تقرع أسماع الناس، يقال: سمعنا قرع الطبول، قرع الطبل أي: دق عليه بشدة القارعة.

    كذلك تسمى بالزلزلة، قال تعالى: إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا [الزلزلة:1] ولا يعني الزلازل التي في الدنيا، وإنما زلزالها الحقيقي يوم القيامة، قال تعالى: إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:1-8].

    يروى أن صحابياً تعلم سورة الزلزلة من أبي ذر فقال له أبو ذر : يكفي هذه.

    بعض أسماء يوم القيامة

    من أسماء يوم القيامة: يوم البعث، يوم النشور، يوم الخروج، يوم الحشر، يوم العرض.

    يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له: ألم أجعل لك سمعاً وبصراً ومالاً وولداً؟ فيقول: نعم يا رب! يقول: وتركتك ترأس وترتع؟ قال: نعم يا رب! فيقول: فكنت تظن أنك ملاقي يومك هذا؟ فيقول: لا، فيقول: اليوم أنساك.

    ومن أسماء يقوم القيامة: يوم الفرق: الخوف، يوم الجمع لا ريب فيه، يوم الفزع والعياذ بالله رب العالمين، يوم التغابن، يوم الدعاء أو النداء، فالنداء كثير، الرجل ينادي أمه، والأب ينادي ابنه، وينادي أهل الجنة أهل النار، وأهل النار أهل الجنة، وينادي أهل الأعراف أهل الجنة وأهل النار، والملائكة تنادي، وأصحاب المظالم ينادون، وكل ينادي فنسأل الله أن لا يخزينا يوم النداء.

    ومن أسماء يوم القيامة: يوم الواقعة، يوم الخافضة الرافعة: يرفع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ويرفع الذين يشفع فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرفع السالكين في طريق الله، ويرفع المتقين، ويرفع الفقير الصابر، ويرفع الغني الشاكر، ويخفض المغرور، ويخفض المتكبر، ويخفض المغتاب، ويخفض النمام، ويخفض الفاسق، ويخفض الذين يدخلون الحزن على بيوت المسلمين.

    ومن أسماء يوم القيامة: يوم الحساب، يوم السؤال، يوم الشهادة: شهادة الناس علينا، وشهادة الجوارح، وشهادة الله رب العالمين، وشهادة رسولنا علينا صلى الله عليه وسلم.

    ومنها أيضاً: يوم التبديل، يوم التلاق: سيلقى بعضنا بعضاً ويقابل بعضنا بعضاً ويحاسبنا الله سبحانه.

    ومنها أيضاً: يوم الآزفة، يوم المآب، يوم المصير، يوم القضاء، يوم الوزن، يوم عقيم، يوم الجدال، يوم الطامَّة، يوم الصاخَّة، يوم الوعيد، يوم الدين، يوم الندامة، يوم عبوس قمطرير، يوم تبلى السرائر، يوم التقلب، يوم الفتنة، يوم الغاشية، يوم لا بيع فيه ولا خلال، يوم الشفاعة، يوم العرض، يوم الفرار.

    هذه الأسماء في كتاب سبيل الفلاح لـابن نجاح القتي وكتب الإمام الغزالي والإمام القاضي أبي بكر بن العربي رحمهم الله جميعاً.

    اللهم خفف عنا الحساب، وثقل موازيننا، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767946891