إسلام ويب

دليل الطالب كتاب الصيام [9]للشيخ : حمد الحمد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • للصيام أحكام تتعلق بما يكره منه وما يحرم، فمن مكروهاته إفراد شهر رجب بالصوم وإفراد يوم الجمعة وصوم يوم الشك، ومن المحرم صيامه صيام العيدين وأيام التشريق.

    إفراد رجب

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وكره إفراد رجب ] يكره إفراد رجب بالصيام، فقد ثبت في ابن أبي شيبة وغيره (أن عمر رضي الله عنه كان يضرب أكف المترددين حتى يضعوها في الطعام، ويقول رضي الله عنه: إن هذا شهر تعظّمه الجاهلية)، وعلى ذلك فيكره أن يُفرد رجب بالصيام فإن أفطر بعض أيامه زالت الكراهة، أفطر بعض أيام رجب، لم يصمه كله وإنما أفطر بعض أيامه، أو صام شهراً آخر في السنة فلم يفرده، وأما إفراده بالصيام فهو الذي يُنهى عنه؛ لأن هذا الشهر تعظّمه الجاهلية فإذا صامه وصام شهراً آخر زالت الكراهة، كذلك إذا أفطر بعض أيامه زالت الكراهة، ورجب هو الشهر السابع في السنة الهجرية.

    إفراد الجمعة

    قال رحمه الله تعالى: [ والجمعة ] يُكره إفراد الجمعة بأن يتعمد صيام الجمعة، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده) وفي البخاري أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لـجويرية وقد دخل عليها وكانت صائمة يوم جمعة: (أصمتِ أمس؟ قالت: لا. قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا. قال: فأفطري) وهذا يدل على النهي عن إفراد الجمعة، واختار الآجُرِّي من الحنابلة -وهو الراجح- أن ذلك للتحريم لظاهر الحديث (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة) والنهي للتحريم، لكن هذا -كما تقدم- إذا تعمده، يعني صامه بنية الجمعة، وأما إذا لم يتعمده كأن يصوم يوم عاشوراء ويوافق ذلك يوم جمعة فلا بأس، أو يصوم يوم عرفة ويوافق ذلك يوم جمعة فلا بأس، أو يصوم بنية القضاء أو بنية النذر فلا بأس، أو يصوم يوماً ويُفطر يوماً فلا بأس، فالأحاديث دلت على ذلك (أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً) ويدخل في ذلك يوم الجمعة.

    إذاً: النهي عن تعمده، وأما إذا نوى غيره بالصيام، نوى أنه يوم عاشوراء، يعني إنما صامه لا لكونه يوم الجمعة وإنما لكونه يوم عاشوراء فلا بأس، وعلى ذلك فلو وافق يوم عاشوراء يوم جمعة فصام يوم الجمعة بنية عاشوراء فلا حرج عليه.

    حكم إفراد السبت بالصيام

    قال: [ والسبت ] يعني: يُكره إفراد السبت، واستدلوا بما روى أبو داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة أو عود عنبة فليمضغها) هذا الحديث استدل به من يرى كراهة إفراد يوم السبت (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرض عليكم)، وذهب بعض العلماء من المتأخرين إلى أن يوم السبت لا يجوز صيامه مطلقاً إلا في الفريضة، والأكثر على أنه لا يُكره إفراد صومه.

    إذاً: عندنا ثلاثة أقوال: القول الأول: أنه يُكره أن يفرده، والثاني: أنه لا يجوز صيامه إلا في الفريضة، والثالث: أنه لا يُكره إفراده كغيره من الأيام، وهذا هو الراجح، أما هذا الحديث (لا تصوموا يوم السبت) فقال شيخ الإسلام ابن تيمية : الحديث إما شاذ أو منسوخ، وهذا هو الصواب، وقد قال بالنسخ الإمام أبو داود ، ومعنى (منسوخ): رُفع حكمه، قال ذلك أبو داود ، والحديث قال فيه الأثرم رحمه الله: جاء هذا الحديث وجاءت الأحاديث كلها بخلافه، يعني: هو شاذ، ولذا ضعّفه يحيى بن سعيد والزهري والإمام مالك والنسائي وشيخ الإسلام ابن تيمية ، بل قال الإمام مالك رحمه الله: هو كذب، وعلى ذلك فالحديث شاذ لا يصح؛ لأنه يخالف الأحاديث الأخرى، فهو حديث شاذ، فالصحيح أن إفراد يوم السبت بالصيام لا يُكره، فإن قيل: إن يوم السبت تعظّمه يهود فنقول: ويوم الأحد تعظّمه النصارى، وقد جاء في مسند أحمد بإسناد لا بأس به أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصوم يوم السبت والأحد ويقول عليه الصلاة والسلام: (هذان يومان تعظمهما اليهود والنصارى فأُحب أن أصومهما) (تعظّمهما) يعني: فيفطرون فيهما كما نُفطر نحن في الجمعة، لا يعظمونهما بالصيام وإنما يعظمونهما بالفطر؛ لأنهما يوما عيد بالنسبة لليهود والنصارى.

    إذاً: الخلاصة أن إفراد السبت لا يُكره، وأما حديث (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) فشاذ ضعيف، وهذا هو قول الأكثر.

    صوم يوم الشك

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وكُره صوم يوم الشك ] لقول عمار رضي الله عنه: (من صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم) ولذا فالصحيح أن صيام يوم الشك يحرم؛ لأنه قال: (فقد عصى أبا القاسم) وما هو يوم الشك؟

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وهو الثلاثون من شعبان إذا لم يكن غيم ] أي: سحاب [ أو قتر ] يعني: غبار في ليلة الثلاثين، لو قُدّر أنا نحن في يوم التاسع والعشرين من شعبان، وغداً هو يوم الثلاثين من شعبان ويُحتمل أن يكون أول رمضان فأتى الليل فأخذنا نرقب الهلال ننظر إذا ثبت الهلال فغداً أول رمضان، فلما كان الليل إذا بالغيم والقتر يحول بيننا وبينه، يعني: حال بيننا وبينه الغيم والقتر فأصبح غداً يوم شك، هذا هو يوم الشك، والمؤلف يقول في يوم الشك؟ [ إذا لم يكن غيم أو قتر ] والصحيح أن يوم الشك إذا كان غيم أو قتر لا إذا لم يكن غيم أو قتر؛ لأن يوم الشك عند الحنابلة إذا كان لم يكن غيم أو قتر، فإذا كان غيم أو قتر قالوا: نصوم وجوباً -كما تقدم- بنية الاحتياط لرمضان.

    فيوم الشك -على الصحيح- هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كانت ليلته ليلة غيم وقتر فأصبحنا شاكين لا ندري هل هذا هو أول رمضان أو هو الثلاثون من شعبان؟ وعلى ذلك فيحرم الصوم؛ لأن هذا هو يوم الشك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089144334

    عدد مرات الحفظ

    782158359