إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فبين أيدينا من كتاب دليل الطالب كتاب الجهاد في سبيل الله، نتدارسه إن شاء الله تعالى في هذه الدورة وما تيسر من كتاب البيوع سائلاً الله جل وعلا أن يجعل هذا في ميزان حسنات الجميع وأن يفقهنا وإياكم في دينه وأن يعلمنا ما ينفعنا في أمر ديننا ودنيانا إنه مجيب الدعاء.
الجهاد: مصدر على زنة فِعال، مِنْ جاهد أي: بالغ في قتال عدوه.
وأصله من الجُهد بالضم يعني المشقة، والجَهد بالفتح بذل الوسع والطاقة.
وأما في الاصطلاح: فهو قتال الكفار خاصة.
والأدلة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم متواترة في فضل الجهاد.
قال المؤلف: [ وهو فرض كفاية ]، يعني: إذا قام بعض الأمة به على وجه يكفي سقط الإثم عن الباقين، كالأذان والإقامة.
وأما فرض العين: فهو الذي يتعين على كل مسلم توفر فيه شرطه كالصلاة، والصوم، والحج، عند من توفرت فيهم شروطه.
وأما الجهاد فهو فرض كفاية، يعني أنه بالنسبة للأمة فرض، وأما الأفراد فهو سنة بالنسبة للأفراد، إذا قام بعض الأمة به على وجه الكفاية كان بالنسبة لغيرهم من المستحبات والسنن.
ولذا قال: [ ويسن مع قيام من يكفي به ]، قال الله جل وعلا:
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ
[البقرة:216]، وقال جل وعلا:
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
[البقرة:190].
وقال:
وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً
[التوبة:122]، هذا يدل على أنه فرض كفاية.
وقوله:
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ
[البقرة:216] يدل على الفرضية، فهو فرض لكنه على الكفاية لا على الأعيان، لقوله جل وعلا:
وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً
[التوبة:122].
وقوله: (ويسن مع قيام من يكفي به) يعني: إن قامت طائفة بالجهاد وقاتلت أعداء الإسلام من الكفار كان القتال على غيرهم من السنن والمستحبات.