إسلام ويب

دليل الطالب كتاب البيع [7]للشيخ : حمد الحمد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • القرض عقد إرفاق يصح في كل ما يصح بيعه، ويثبت حالاً ولو أجله، ولا يجوز أن يجر للمقرض نفعاً، وفيه أحكام وتفصيلات أخرى لابد للمسلم من معرفتها. والرهن من العقود الشرعية يتم به توثيق الدين، وهذا العقد تترتب عليه آثار وأحكام متعلقة بالراهن والمرتهن والرهن، لا يجوز لمسلم تعاطي هذا العقد حتى يعرف هذه الأحكام.

    تعريف القرض وما يصح به عقد القرض وما يلزم به

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب القرض ].

    القرض هو دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله.

    وهو مندوب؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما من مسلم يقرض مسلماً مرتين إلا كان كصدقتها مرة)، رواه ابن ماجه وغيره.

    يعني: إذا أقرضت عشرة آلاف ريال فكما لو تصدقت بنصفها، وإذا أقرضت هذا المبلغ مرة أخرى فكأنك تصدقت به كله، وهذا فيه فضل القرض.

    قال: [ يصح بكل عين يصح بيعها ].

    بعض الناس يظن أن القرض في الدراهم والريالات فقط، فذكر أن كل ما يصح بيعه يصح قرضه، فلو أنه أقرضك صاعاً من تمر فإنك ترد له صاعاً من تمر.

    ويكون بين الجيران أن تستقرض المرأة كيلواً من الأرز أو تستقرض كذا من الخضروات التي نقصت في بيتها وتردها من الغد، فهذا قرض.

    [ إلا بني آدم ]، يعني العبد والأمة فلا يجوز إقراضهما، قالوا: لأن ذلك لم ينقل.

    [ ويشترط علم قدره ووصفه ].

    القرض لابد أن يعلم قدره وأن يعلم وصفه لرفع الجهالة، فلابد أن يعلم أنه أقرضه مثلاً مائة صاع من البر، أو مائة ريال قطري، وأن يعلم وصفه أيضاً كأن يعلم أنه أقرضه مائة صاع من الأرز الجيد أو من الأرز الرديء.

    قال: [ وكون مقرض يصح تبرعه ].

    أي: أن يكون المقرض ممن يصح تبرعه، فالصبي لا يقرض والمجنون لا يقرض ولا يصح قرضه، والسفيه لا يصح قرضه، لأنه لابد أن يكون القرض ممن يصح تبرعه وهو جائز التصرف، وجائز التصرف هو المكلف الرشيد.

    لو أن صبياً ورث من أبيه فاقترض منه أحد من الناس، فهل نقول: إن هذا القرض يصح؟ لا، ونقول: رد إلى هذا الصبي حقه، لأنه لابد أن يكون القرض من جائز التصرف.

    قال: [ ويتم العقد بالقبول ]، فإذا قبل المستقرض تم العقد.

    أقرضتك عشرة آلاف ريال فقلت: إني قبلت، تم العقد، لكن هل يلزم؟

    قال: [ ويملك ويلزم بالقبض ]، فلو أنك قلت: يا فلان، أقرضتك عشرة آلاف ريال، فقال: قبلت! ولم تقبضه إياها، فلك أن ترجع عن وعدك.

    إذاً: القرض لا يلزم إلا بالقبض.

    قلت: يا فلان، أقرضتك عشرة آلاف ريال ردها إلي بعد سنة، سأذهب إلى الصندوق وآتيك بها، ثم إنه بدا له أن يرجع؛ فله ذلك، لأنه لا يلزم إلا بالقبض.

    حكم التأجيل في القرض

    قال: [ ويثبت له البدل حالاً ]، يعني: ولو أجله.

    إذاً القرض لا يتأجل بتأجيله، اقترضت من رجل عشرة آلاف ريال إلى رمضان من السنة القادمة، وبعد أسبوع قال: أعطني حقي أو بعد شهر قال: أعطني حقي، فإن له ذلك لا يتأجل بتأجيله.

    والقول الثاني في المسألة وهو الراجح وهو مذهب مالك واختيار ابن القيم الجوزية وشيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً أنه يتأجل بتأجيله، لأن الله جل وعلا يقول: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (المسلمون على شروطهم).

    فالصحيح أنه يتأجل بتأجيله، فإذا وضعت له سنة ليأتيك بحقك فليس لك أن تطالبه قبل ذلك، كأن تطالبه بعد شهر أو شهرين، بل حتى تمضي السنة، لأنك شرطت ذلك على نفسك، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (المسلمون على شروطهم).

    هذا في القرض لكن البيع يتأجل قطعاً، اشتريت سيارة بثلاثين ألفاً إلى سنة، فهذا بيع وليس له أن يطالبك قبل حلول الأجل لأنه تاجر باعها لك بزيادة في ثمنها، أما المقرض فهو محسن، أعطاك المائة بمائة ولم يستفد منك شيئاً؛ لكن الصحيح كما تقدم أن القرض كذلك يتأجل بتأجيله.

    كيفية قضاء القرض

    قال: [ فإن كان متقوماً فقيمته وقت القرض، وإن كان مثلياً فمثله ما لم يكن معيباً ].

    القرض إن كان من المثليات يرد مثلياً، المثلي هو الذي له مثل، مثل عشرة آصع من الأرز لها مثل، فهذا يرد لك المثل.

    اقترضت هذه المرأة أو هذا الرجل من جاره عشرة آصع من الأرز إلى شهر، فإذا مضى شهر رد له عشرة آصع من الأرز، لأنه مثلي.

    وإن كان ليس بمثلي قال: يا فلان إن عندنا وليمة ونحتاج إلى القدور، نريد أن نقترض منك قدوراً -قرضاً استعارة- فقال: نريد قرضاً لأننا قد نتلفها أو قد تفسد، فالقدر متقدم وليس بمثلي، فنقول: كم ثمن القدر يوم القرض، قالوا: إن ثمنه يوم القرض خمسمائة ريال مثلاً، فيرد ذلك إذا حل الأجل.

    لأن القدور ليست من المثليات وإنما هي من المقومات.

    قوله: (ما لم يكن معيباً). يعني ما لم يكن فيه عيب، أي: فلا ترد له الأرز وقد ابتل لأن البلل عيب.

    قال: [ أو فلوساً ونحوها فيحرمها السلطان فله القيمة ].

    إذا اقترضت فلوساً ثم إن هذه الفلوس حرمها السلطان بأن منع التعامل بها، أو لنفرض أن بلداً انتهت وأصبحت هذه العملة لا قيمة لها، فنقول: رد له القيمة يوم القرض.

    اقترض منه مثلاً ألف درهم أو ألف جنيه أو ألف دولار، ثم إن هذه الدولة انتهت فانتهت هذه العملة، نقول: كم كانت قيمتها مثلاً من الذهب في وقت القرض، قال: إن قيمة هذا النقد مثلاً عشرة جرامات من الذهب، فنقول: أعطه عشرة جرامات من الذهب.

    حكم شرط الرهن والكفيل في القرض وحكم قرض الماء

    قال: [ ويجوز شرط رهن وضمين فيه ].

    إذا قال: أنا لا أقرضك إلا أن تأتيني برهن يوثق حقي، فلا مانع، أو قال: لا أقرضك إلا بكفيل، فلا مانع.

    قال: [ ويجوز قرض الماء كيلاً ].

    الماء قد يقرض؛ لأن الماء إذا حيز بالقوارير ونحوها جاز بيعه، إنما يمنع بيعه ما دام في البئر، أما إذا حيز فيجوز بيعه، ويجوز قرضه، فإذا استقرضت جالوناً من الماء، فإنه إذا جاء الموعد ملأته من الذين يبيعون الماء ورددته له.

    فالماء يكال بالآصع، واليوم يقاس باللتر.

    [ والخبز والخمير عدداً ].

    اقترضت منه كيساً من الخبز فيه عشر خبزات مثلاً، فترد له من الغد مثل ذلك.

    [ ورده عدداً بلا قصد زيادة ]؛ لأنه قد يكون هذا أكبر من هذا، فهذا غير مقصود.

    حكم الزيادة على القرض عند القضاء

    [ وكل قرض جر نفعاً فحرام، كأن يسكنه داره، أو يعيره دابته، أو يقضيه خيراً منه ]، يعني: بشرط كأن يقول: أنا أريد أن أقترض منك مائة ألف ريال، وأدعك تسكن داري مجاناً، فهذا قرض جر نفعاً.

    أو أستقرض منك مائة ألف ريال وأترك سيارتي معك، كأن يقول شخص: أنا أريد السفر مدة شهرين، فأريد أن تقرضني عشرة آلاف أحتاجها في السفر وخذ سيارتي تركبها مدة هذين الشهرين، فهذا قرض جر نفعاً.

    أو يقضيه خيراً منه كأن يقول: أعطني شاة هزيلة وأقضيك شاة سمينة، فهذا لا يجوز.

    وقد جاء في البخاري عن عبد الله بن سلام معلقاً أنه قال: إنك بأرض الربا فيها فاش، فإذا كان لك على رجل دين فأهدى لك حمل تبن أو حمل قت أو حمل شعير فلا تأخذ منه شيئاً فإنه ربا.

    ويروى: (كل قرض جر نفعاً فهو ربا)، وهو لا يصح حديثاً لكن أهل العلم قد أجمعوا عليه، وأن كل قرض جر نفعاً فهو ربا.

    قال: [ فإن فعل ذلك بلا شرط أو قضى خيراً منه بلا مواطأة جاز ].

    إن فعل ذلك بلا شرط أو قضى خيراً منه بلا مواطأة جاز؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما في الصحيحين: (خيركم أحسنكم قضاءً).

    اقترضت من رجل مائة ألف على أن تردها مائة ألف، فلما حل الأجل قلت: يا فلان، أنا اقترضت منك مائة ألف ريال، فهذا حقك وهذه زيادة مني؛ برضا بلا شرط، فيجوز هذا ولا حرج في ذلك.

    حكم رد القرض في غير بلده

    قال: [ ومتى بذل المقترض ما عليه بغير بلد القرض ولا مؤنة لحمله لزم ربه قبوله مع أمن البلد والطريق ].

    أقرضت رجلاً شيئاً في الدوحة ووجدته في مكة فأعطاك القرض الذي استقرضه منك، هل يلزمك القبول؟ نقول: إن كان لا مؤنة في حمله مثل دراهم حيث لا يلحقك ضرر أن تأخذها في مكة، فيلزمك القبول أيها المقرض.

    وإن كان يترتب على ذلك مؤنة فلا يلزمك القبول.

    فمثلاً: اقترض منك عشرة أكياس من الأرز وردها لك في مكة، تقول: أنا هذا يحتاج إلى مؤنة حمل، فإذا أخذتها بالطيارة أخذوا مني أجرة، والسيارة ليس فيها مكان ويشق علي حملها، إذاً لا أقبلها منك إلا في البلدة التي أخذتها مني فيها وهي الدوحة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089103375

    عدد مرات الحفظ

    781701076