إسلام ويب

فقه القواعد الفقهية [2]للشيخ : حمد الحمد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى:

    [ الدين مبني على المصالح في جلبها والدرء للقبائح ]

    هذا البيت من هذه المنظومة اشتمل على قاعدة مهمة، وهي: أن الشريعة الإسلامية مبنية على جلب المصالح، وعلى درء المفاسد، فهي تجلب المصالح وتكثرها، وتدرأ المفاسد أو تقللها.

    فالشريعة الإسلامية إذاً مبنية على جلب المصالح وتكثيرها ودرأ المفاسد وتقليلها.

    النوع الأول من المصالح حفظ الضرورات

    واعلم أن المصالح على ثلاثة أنواع:

    النوع الأول: مصلحة حفظ الضرورات، والضرورات إذا اختلت ترتب على الناس خلل في أمر دينهم ودنياهم، حتى لا يصلح أمر الدين ولا أمر الدنيا إلا باعتبار هذه الضرورات، فإذا لم تراع اختل نظام الناس في حياتهم وترتب على ذلك فساد أمر دينهم ودنياهم.

    فهذه هي مصلحة الضرورات، والضرورات خمس:

    الأولى: مصلحة حفظ الدين.

    والثانية: مصلحة حفظ النفس.

    والثالثة: مصلحة حفظ العقل.

    والرابعة: مصلحة حفظ المال.

    والخامسة: مصلحة حفظ العرض والنسل.

    أولى هذه الضرورات ضرورة حفظ الدين:

    وقد شرع الله الشرائع، وبين للخلق العقائد، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب؛ لحفظ الدين.

    وشرع الله جل وعلا الجهاد وكذلك قتل الزنديق، وتعزير الداعية إلى البدعة بالقتل أو ما هو دونه؛ كل ذلك من أجل حفظ ضرورة الدين.

    إذاً: فالجهاد قد شرع مع ما فيه من سفك للدم، ومن تعرض لسلب المال وسبي النساء وغير ذلك؛ كل ذلك لأجل حفظ هذه الضرورة، وهي ضرورة حفظ الدين.

    الثانية: ضرورة حفظ النفس:

    فشرع الله القصاص لحفظ النفوس أن يعتدى عليها، وكذلك أيضاً فيما يتعلق بالقصاص في الأطراف وفي الجراح، فهذا كله لأجل ضرورة حفظ النفس.

    والثالثة: ضرورة حفظ المال:

    وقد شرع الله جل وعلا حد السرقة، وحرم الاعتداء على الأموال، وجعل أموال المسلمين حراماً، فلا يحل لمسلم أن يأخذ مال أخيه بغير حق، هذا من أجل هذه الضرورة، وهي ضرورة حفظ المال.

    وأما الضرورة الرابعة: فهي ضرورة حفظ العرض والنسل:

    فحرم الله الزنا، وشرع حده من رجم أو جلد، وكذلك حرم القذف، وحرم الاعتداء على الأعراض بكل شكل؛ هذا كله من أجل حفظ ضرورة العرض والنسل.

    وأما الضرورة الخامسة: فهي ضرورة حفظ العقل:

    فحرم الله شرب الخمر، وشرع حده من أجل حفظ هذه الضرورة.

    إذاً هذه هي الضرورات الخمس التي إذا لم تراعى ترتب على ذلك فساد وخلل في أمر الدين والدنيا، وهذه هي أعلى المصالح.

    النوع الثاني من المصالح حفظ الحاجيات

    النوع الثاني من المصالح الحاجيات:

    وهي التي إذا لم تراع لحق الناس حرج من عدم مراعاتها.

    يعني: لو أن الشارع لم يراع هذه المصلحة -وهي الحاجيات- لترتب على ذلك حرج، كالإجارة والمساقاة والمزارعة ونحو ذلك؛ فهذه يحتاج إليها الناس، فلو أن الشارع حرم الإجارة مثلاً لترتب على ذلك حرج، كذلك الهبات.

    إذاً هذه هي الحاجيات، وهي النوع الثاني من المصالح.

    النوع الثالث من المصالح الأخذ بمحاسن العادات

    وأما النوع الثالث من المصالح فهي التحسينات:

    يعني: الأخذ بمحاسن العادات والأخلاق، فشرع الله جل وعلا شرائع روعيت فيها هذه المصلحة، وهي مصلحة التحسينات أو التزيينات، وهذه المصلحة هي الأخذ بمحاسن العادات والأخلاق.

    مثال ذلك: الولي في النكاح شرط فيه على الصحيح، وهو قول الجمهور، فما هي المصلحة من مشروعية ذلك؟

    الجواب: المصلحة هي أن المرأة يقبح أن تتولى أمر إنكاح نفسها، فلما كان الأمر كذلك شرع الولي، ولأنه في العادة يحسن النظر لها أيضاً فيختار لها الكفء المناسب.

    من ذلك أيضاً: أمور الفطرة كإعفاء اللحية وقص الشارب، وعلى ذلك فالتحسينات منها ما يكون واجباً ومنها ما يكون مستحباً.

    وكذلك أيضاً من التحسينات الأمر بإزالة النجاسة من الثوب والبقعة، هذه من التحسينات وهي شرط في الصلاة لا تصح الصلاة إلا بثوب طاهر وبقعة طاهرة وبدن طاهر.

    إذاً: الشريعة مبنية على جلب المصالح وعلى درء المفاسد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088949139

    عدد مرات الحفظ

    780067801