إسلام ويب

سلسلة فلسطين الجهاد بالمالللشيخ : راغب السرجاني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • حث الله سبحانه على الإنفاق في سبيله، وجعل ذلك من أبواب الجهاد فيه، فإن للمنفق عند الله أجراً عظيماً؛ وما ذلك إلا لأن الإنسان جبل على حبه للمال، فهو بإنفاقه يثبت حبه لله ولرسوله، والإنفاق نتيجته المباشرة هي الجنة، وقد سطر الصحابة رضي الله عنهم أروع النماذج في الإنفاق في سبيل الله لنصرة دينه، ولنا فيهم أسوة حسنة.

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والسلامة من كل إثم، والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة، والنجاة من النار، اللهم إنا نعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرم والقسوة، والغفلة والعيلة، والذلة والمسكنة، ونعوذ بك يا ربنا! من الفقر والكفر والفسوق، والشقاق والنفاق، والسمعة والرياء، اللهم إنا نعوذ بك من جار السوء في دار المقامة، فإن جار البادية يتحول.

    وصل اللهم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    والحمد لله رب العالمين.

    أما بعد:

    فمع المحاضرة العاشرة من المحاضرات المتعلقة بقضية فلسطين، وذكرنا في المحاضرات السابقة وسيلتين هامتين في نصرة القضية الفلسطينية، ذكرنا وسيلة تصحيح المفاهيم، وذكرنا وسيلة قتل الهزيمة النفسية والإحباط عند المسلمين، وكلامنا السابق وإن كان ظاهره كلاماً إلا أنه ينطوي عليه عمل كبير، فالمخطئ في فهم القضية لا يعمل لها، أو قد يعمل بطريقة تؤخّرها وتعطّلها، أو على أكثر تقدير فإنه قد يعالج جزئيات ويترك جزئيات أهم، ثم هو إن فهمها بطريقة صحيحة سليمة، لكن أصيب بداء الإحباط وهو داء قاتل ومرض عضال فإنه لن يتحرك، ويصبح كالفلاسفة في كل وادٍ يهيمون، يقولون ما لا يفعلون، يقبلون بالتنظير والتفكير، فإذا جاءوا إلى ميدان العمل ظهر فشلهم وبطلت نظرياتهم، والمسلم ليس كذلك، فهم القضية لا بد أن يتبع بتحريك لها، ستسألون عن علمكم والله، ستسألون عن علمكم.

    روى الترمذي والطبراني رحمهما الله: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه).

    ففهم قضية فلسطين لا بد كما ذكرنا أن يتبع بتحريك لها وبتفهيم لمن حولك، وبحركة دءوبة لا سكون فيها، وبتعب وكد لا راحة فيهما، وكذلك قتل الهزيمة النفسية، إن كنت قد تشبعت بالأمل، وتمكن اليقين بالنصر من قلبك، وسرت روح العزيمة في كل أوصالك؛ فانقل هذا إلى غيرك، وابعث الأمل في نفوس اليائسين، ومد يدك إليهم، وحرك عزائمهم، وكن لهم شعلة لا تنطفئ، وشجرة لا تذبل، ونهراً عذباً سلسبيلاً لا يتوقف عن السريان، بذاك يتحول الفهم والأمل إلى حركة وعمل.

    إن كلماتنا تظل صوراً باهتة وأجساداً هامدة لا حراك فيها، حتى إذا عملنا من أجلها ومتنا في سبيلها دبت فيها الحياة، فصارت كياناً هائلاً متحركاً يصلح ما أفسده الناس، ويبني ما هدمه الناس، ويعمّر ما دمّره الناس؛ بذاك يصبح الفهم والأمل سلاحين ماضيين نافذين يحملهما المؤمن في حياته وإلى أن يموت، بل إنه والله لا يموت، فإذا كان الجسد قد كتبت عليه الوفاة فإن الفكرة قد تعيش إلى يوم القيامة، يجني المؤمن من ثوابها وفضلها وخيرها وهو هناك راقد في قبره.

    روى الإمام مسلم رحمه الله: عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)، فإذا أدركت أن الفهم والأمل وسيلتان ناجحتان ناجعتان في حل قضية فلسطين، وحل قضايا المسلمين قاطبة، فهاك وسيلة ثالثة ناجعة ناجحة أيضاً ستصلح حالهم، وتصلح حالك قبلهم، وستسعد قلوبهم، وتسعد قلبك معهم، تعالوا ندخل الأرض المقدسة التي كتب الله لنا، نأخذ لقطات من هناك، وأترك لفطنتكم وحصافتكم تحديد اسم الوسيلة الثالثة.

    اللقطة الأولى: رجل يعول عشرة يعمل خارج مدينته، يخرج كل يوم إلى عمله فإذا بالمعابر مغلقة، والمدينة محاصرة، فيعود إلى أهله خالي الوفاض.

    اللقطة الثانية: شيخ يملك متجراً لا يستطيع أن يفتحه إلا قليلاً، فالحالة الأمنية حرجة جداً، أبناء يهود يعيثون في الأرض فساداً، وإن فتحه يوماً ما اشترى منه إلا القليل، فالمال قد قل في الأيدي، والفقر قد عم الأرض.

    اللقطة الثالثة: خمس عائلات بالأمس قصف منزلهم وبدد متاعهم وضاعت أملاكهم، وهم يبحثون عن مأوى، وقد ضاقت عليهم الأرض بما رحبت.

    اللقطة الرابعة: عائلة مكونة من أب يتجاوز الستين، وتسعة أبناء أكبرهم في السادسة والعشرين، الأب لا يعمل، والابن يعول، خرج الابن في مسيرة غاضبة يحمل حجراً يواجه يهود، فإذا به يتلقى رصاصة في صدره فيلقى ربه، وتفقد العائلة عائلها.

    وهاك لقطة خامسة: رجال من أمتنا مجاهدون صابرون، باعوا أرواحهم لله واشتروا الجنة، يريدون سلاحاً أقوى من الحجر، لكن في هذه الظروف ارتفع ثمن السلاح وقلت مصادره، وقد لا يشتري إلا من يهودي بأضعاف أضعاف ثمنه، والرجال المجاهدون لا يستطيعونه، فيتركون السلاح ويحملون الحجر.

    إخواني في الله! أتظنون هذه اللقطات نادرة؟ أتظنون أننا بذلنا مجهوداً حتى نجدها؟ أبداً والله هذه لقطات متكررة في كل مدينة وقرية وشارع، بل في كل بيت، هذه فلسطين الأرض المقدسة، وهؤلاء إخواننا آباؤنا أمهاتنا أبناؤنا، هذه لقطات تحتاج إلى تفاعل تشترك كلها في علاج واحد، علاجها هو الوسيلة الثالثة التي تركتها لفطنتكم، وأعلم أن فطنتكم عظيمة، تلك الوسيلة هي: بذل المال، آه مالي أرى وجوهاً قد تغيرت وعيوناً قد تحيرت، وكأني أسمع من هنا دقات قلوبكم وحركات أنفاسكم، ماذا حصل يا إخوة؟! أخ يقول لي: كان الكلام في المفاهيم جيداً، لا حل إلا بالمال؟! سبحان الله! وإلا كيف نريد أن ننقل القضية من دور الكلام إلى دور العمل.

    أخي في الله! إذا كنت تشعر في قلبك بحب شديد للمال، وتعلق كبير به، ورغبة في الاحتفاظ به وتنميته؛ فاعلم أن هذا شيء طبيعي تماماً، بل إن العجيب ألا تشعر بذلك، هذا التعلق بالمال أمر لا يتعارض بالمرة مع الفطرة السليمة، وأنا أعذرك تماماً في هذا الحب؛ لأنه فطرة، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعذرك، بل إن الله عز وجل يعذرك، لا تتعجل وتعال نسبح سوياً في آيات الله عز وجل:

    أرأيت قوله تعالى في وصفه لبني آدم: وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا [الفجر:20]، والله يا إخوة! بدون أن تعرف معنى كلمة (جمّا) فإنك ستفهم مقصودها هكذا بثقلها (جمّا).

    يقول ابن كثير في معناها: جمّاً أي: كثيراً فاحشاً. أي: أن الإنسان جبل على حب المال حباً كثيراً فاحشاً، هذا وصف الله الخبير بما خلق، العليم ببواطن النفس وما تخفي الصدور.

    بل انظر إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يكشف بوضوح أسرار النفس البشرية، رسول عظيم، فقيه ماهر، طبيب حاذق صلى الله عليه وسلم، يضع إصبعه بسهولة على موطن الداء، ويصف بلسانه العذب كيف الدواء، كم تعبنا من علماء صوروا لنا الصالحين كملائكة ليست لهم نفوس البشر لا يخطئون ولا يعصون، لا يفترون عن عبادة، ولا يركنون إلى راحة أبداً، الإسلام دين يعترف بنقائص النفس البشرية، فلا يوجد بلا أخطاء إلا الله سبحانه وتعالى، ولا يوجد بلا شهوات إلا الله سبحانه وتعالى.

    انظر إليه صلى الله عليه وسلم وهو يقول في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والطبراني رحمهما الله: عن زيد بن أرقم رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة)، ماذا كان سيعمل حينها؟ ما هي الخطوة الإيجابية التالية لامتلاكك واديين من ذهب وفضة؟ وفي رواية: (واديان من ذهب)، لو أنك تملك هذا المال الذي لم يتح بعد لبشر ماذا كنت فاعلاً؟ انظر إلى وصفه صلى الله عليه وسلم: (لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لابتغى إليهما آخر -سبحان الله- ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب)، انظر إلى روعة التشخيص في كلامه صلى الله عليه وسلم، غريزة التملك وغريزة الكنز وغريزة السيطرة أمور داخلية أصيلة متشعبة في النفس متغلغلة في الوجدان.

    بل انظر إلى الآية الربانية العجيبة -وكل آيات الله عجيبة- ما قرأتها إلا ووقفت مبهوراً أمامها عاجزاً عن تخيل كامل أبعادها، يخاطب رب العزة جل شأنه بني آدم، فيقول: قُلْ لَوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا [الإسراء:100]، سبحان الله! هل تتخيل خزائن الرحمة الإلهية؟ إنه لمن المستحيل أن تحيط بها، إن السماوات والأرض وما بينهما لأمر هين بسيط في هذه الخزائن الإلهية، لو أن ابن آدم يملك هذه الخزائن، وترك لهواه وفطرته وطبيعته دون تعديل أو توجيه ولا تهذيب، ماذا يفعل؟ لأمسك خشية الإنفاق، هي لا تنتهي ولن تنتهي، لكن من فطرته الإمساك: وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا [الإسراء:100].

    يقول ابن عباس وقتادة رضي الله عنهما: أي: بخيلاً منوعاً.

    إذاً: القضية عسيرة والإنفاق صعب، ولا يعجبني أبداً أن يتكلم الواعظ عن الإنفاق، وكأنه أمر يسير بسيط، من لم يفعله كان دليلاً على فساد فطرته أو ضياع دينه أبداً، الأمر فعلاً عسير شاق.

    سؤال لكم: أي الشيئين أغلى: نفسك أم مالك؟ نعم، أراكم جميعاً تجيبون: النفس أغلى، وهذا حقيقي، النفس إن ذهبت فلن تعود إلى يوم القيامة، لكن المال يذهب ويجيء. اتركوا هذه النقطة جانباً، وتعالوا أحدثكم عن بحث قمت به في آيات القرآن الكريم المعجز.

    جمع الله عز وجل بين النفس والمال في أمور الجهاد ثمان مرات، وجدت في هذا الجمع أمراً عجيباً، وجدت أن الله قدم المال على النفس سبع مرات، وكأنه أشق وأصعب مثل: الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ [التوبة:20]، ومثل: لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ [التوبة:44]، والآية الوحيدة التي قدم الله فيها النفس على المال كانت: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ... [التوبة:111] إلى آخر الآية، هنا قدم الله النفس؛ لأنه هو سبحانه وتعالى الذي يشتري ويعلم أيهما أغلى النفس أم المال، بمعنى: أن الإنسان من شدة تمسكه بالمال قد يتحرج من الجهاد به أكثر من تحرجه من الجهاد بنفسه، وهذا له تطبيق كبير واسع في الواقع، وجدناه في أنفسنا وفيمن حولنا، وجدنا من يقدم كنز ماله على نفسه وراحتها ومتعتها، قد يخاطر المرء بسمعته من أجل المال، وتلويث السمعة إيذاء للنفس، قد يخاطر المرء بحريته من أجل المال، وتقييد الحرية إيذاء للنفس، قد يخاطر المرء بإراقة ماء وجهه من أجل المال، وإراقة ماء الوجه إيذاء للنفس، قد يخاطر المرء بإخوانه وأحبابه بل وبأبنائه من أجل المال، يتركهم أعواماً وأعواماً يعمل بعيداً وحيداً حزيناً مسكيناً من أجل المال، وترك الأهل والأحباب إيذاء للنفس، بل قد يخاطر الرجل بحياته ونفسه من أجل المال، وهذا ليس مجرد إيذاء للنفس بل تضييع لها، نشاهده كثيراً.

    أرأيتم المرتزقة كيف يقاتلون في المعارك الضارية من أجل المال؟ أرأيتم السائق كيف يقود سيارته وهو يغالب النعاس، فلا يركن إلى راحة معرضاً حياته وحياة من معه للضياع من أجل المال؟ أرأيتم مريض القلب طبيباً كان أو مهندساً أو تاجراً كيف لا يكف عن إرهاق في عمله وهو يعلم أنه يعرض نفسه للموت من أجل المال؟

    الحكمة في كون حب المال فطرة في الإنسان

    حب المال متغلغل تماماً في النفس البشرية، مسيطر تماماً على جنباتها، لماذا يا إخوة؟! لماذا يخلق الله جلت قدرته وتعاظمت حكمته الإنسان على هذه الجبلة؟ لماذا يفطره على هذه الفطرة؟ ما الحكمة الربانية الجليلة وراء ذلك؟

    هذا ما أسميه بفلسفة الابتلاء، الله سبحانه وتعالى بقدرته وحكمته ذرأ في النفس أموراً متأصلة فيها، وعظم جداً في حبها، وهنا لما علم سبحانه وتعالى أنك أصبحت تحبها حباً جمّاً ولا تطيق لها فراقاً، طلب منك أن تعطيها في سبيله وتنفقها من أجله؛ حتى تثبت أنك تقدم حب الله على حب شيء مؤصّل عميق في الفطرة، وهذا دليل الصدق في حب الله، فلو طلب الله من الخلق دفع شيء بسيط زهيد لنجح في الاختبار الصادقون والكاذبون، والأمر ليس تمثيلية هزلية، الاختبار حقيقي وجاد، بل هو عسير وشاق؛ ولكونه عسيراً وشاقاً فإن المكافأة سخية، والجائزة عظيمة، بل هي أعظم من أن يتخيلها البشر أو تخطر على أذهانهم، إنها الجنة التي لو أدركتم حقيقتها لذبتم اشتياقاً إليها، ولما طابت لكم حياة على الأرض، لو أدركتم حقيقتها ما خاطرتم بها ولو كان الثمن خزائن الأرض وكنوز الدنيا بأسرها.

    ترجمة هذا: أنك تجد في نفسك حباً فطرياً وميلاً غريزياً للمال، ثم يطلب الله منك أن تنفقه في سبيله، هنا لا بد أن تعقد مقارنة سريعة حتمية في داخلك: أيهما تحب أكثر المال أم الله؟ نعم يا إخوة! هذه هي الحقيقة بكاملها: المال أم الله؟ كل إنسان يقول بلسانه: أختار الله على ما سواه، لكن لا بد أن يصدق العمل قول اللسان، وإلا فما معنى الاختبار؟

    ترجمة هذا أيضاً: أنك تجد في نفسك حباً فطرياً للآباء والأبناء والأزواج والعشيرة، ثم يأتي موقف إما أن ترضي فيه الأحباب، وإما أن ترضي فيه الله، وعليك أن تعقد مقارنة سريعة: الأحباب أم الله؟ وتذكر أن الإجابة ستكون بالفعل لا بالقول، الأمر جد خطير والقضية مصيرية في حياة الإنسان: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ [التوبة:24]، انتبهنا إلى المقارنة، أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ [التوبة:24].

    فالجهاد جزء من حب الله ورسوله لكن ماذا يذكر في هذا المقام؛ حتى يلفت النظر إلى قضية الفعل لا القول؟ لا يكفي أن تقول: أحب الله أكثر، لا بد من الجهاد في سبيله وبذل هذه الأشياء الثمانية المذكورة في الآية، وماذا يحدث لو لم تفعل؟ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [التوبة:24].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089102109

    عدد مرات الحفظ

    781680443