إسلام ويب

تفريج الكرباتللشيخ : أسامة سليمان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن مما دعا إليه الإسلام وأرشد إليه: تفريج الكربة عن المسلم، فإذا رأى المسلم شدة وضيقاً وحرجاً بأخيه المسلم ففرج عنه وكشف همه وغمه كافأه الله تعالى بتفريج كربه يوم القيامة، وما ذاك إلا لعظم هذا العمل عند الله تعالى.
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:

    فدرس اليوم سيكون في علم الأخلاق وفي تفريج الكربات، وقبل أن نبدأ أريد أن أضع بعض النقاط على ما أثير في الفضائيات بشأن خلق آدم عليه السلام.

    تبدأ القصة بكتاب للدكتور عبد الصبور شاهين يسمى: (أبي آدم قصة الخليقة بين الأسطورة والحقيقة)، والناشر: (الروافد الثقافية)، هذا الكتاب الذي ألفه الدكتور شاهين هو ما أعاد ذكره في القنوات الفضائية، وقد صنف الكتاب قبل خمس سنوات تقريباً أو تزيد، وطبع في عام 98م.

    خلاصة هذا الكتاب تدور على فكرة واحدة وهي: أن آدم عليه السلام هو أبو الإنسان وليس أبو البشر، وفرق بين الإنسان والبشر، جنس البشر كما يقول: هو الجنس المخلوق من طين، وآدم آخر ذرية البشر، وله أب وأم من البشر، ثم بعد ذلك جاء آدم وجاء الإنسان من بعد آدم، فآدم هو أبو الإنسان؛ لأن البشر سابق على آدم، فآدم له أب وله أم من البشر!

    إذاً: الكتاب من أوله إلى آخره يدندن حول معنى أن البشر سابق على الإنسان، وأن آدم هو أبو الإنسان وليس أبا البشر، وأن البشر انقرض وجاء آدم من ذرية البشر من أب وأم، فيقول: آدم له أب وله أم ولم يخلق من تراب.

    وجاء على هذا بأدلة من الحفريات، وأجهض اللغة العربية كما يقول الدكتور المطعني في كتابه الذي بين يدي الآن؛ لأن هذا القول خرج به قائلة عن إجماع الأمة وأقوال السلف، وقال: إن اعتماد السلف على الإسرائيليات في قضية خلق آدم! وليس كل ما قاله السلف من الإسرائيليات كما قال الدكتور عبد العظيم المطعني في رده: (أبي آدم قصة الخليقة بين الخيال الجامح والتأويل المرفوض)، ويقصد بالخيال الجامح: أن الرجل اعتمد على خياله في فهم النصوص الشرعية.

    وأول حديث استدل به الدكتور في مطلع مقدمة الكتاب حديث لا أصل له، يقول: إن الله عز وجل يقول: (كنت كنزاً مخفياً فأردت أن أعرف فخلقت الخلق فبي عرفوني)، وهذا الحديث موضوع مكذوب، وكان من الأحرى أن يتحقق من الأحاديث التي يوردها في الكتاب قبل أن يذكر ما ذكر.

    عموماً معي الآن ردود على هذا الخيال القائل: بأن آدم ليس أبا البشر، وإنما هو أبو الإنسان، وأنه خلق من أب وأم، حتى تجاوز الخطوط الحمراء، فقال: وقبر أبيه وأمه معروف أيضاً عند الناس، ولا أدري أين قبر أبيه وأين قبر أمه!

    أيضاً رد عليه أحد علماء مكة وهو الأخ عبد الله بن حسين المرجان في كتاب (آدم أبو البشر)، وجاء بأدلة من السنة صحيحة ومن القرآن بينة في أن آدم خلق من تراب، وأنه ليس له أب ولا أم، وأن البشر المقصودون في القرآن هم الإنسان، ولا فرق بين تعبير الإنسان وتعبير البشر.

    إنما كتاب الدكتور شاهين اعتمد على أشياء منها: أن كثيراً من المفسرين استقى قصة الخليقة من الإسرائيليات، فقال: ننحي هذه النصوص جانباً، وذهب يستنبط، حتى إن الدكتور المطعني أستاذ اللغة العربية الذي أبدع فيها قال: لقد انحرف عن قواعد اللغة انحرافاً تاماً؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ [ص:71]، فهنا كلام لغوي ألخصه، يقول الدكتور المطعني : أجمع علماء اللغة على أن اسم الفاعل (خالق) إذا نصب ما بعده أريد به المستقبل، وإذا رفع ما بعده أريد به الماضي، والآية هنا: (إني خالق بشراً) إذاً: (خالق) أريد بها سأخلق بشراً، قال: أجهض اللغة العربية وأجرم في حقها؛ لأنه بإجماع أهل اللغة إذا نصب ما بعد اسم الفاعل يشير إلى المستقبل، إذاً: إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ يعني: إني سأخلق بشراً لم يخلق بعد، على اعتبار أن ما بعدها نصب ولم يرفع، وهو يعلم ذلك أستاذنا علم اليقين؛ لأنه أستاذ لغة عربية في دار العلوم، فكان ينبغي عليه الأمانة في العرض، وأن يقول: إن اللفظ نصب على اعتبار أن اسم الفاعل يعبر عن المستقبل.

    ثم قال الله سبحانه: إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ، فحدد أن الخلق سيبدأ من طين.

    وسأقرأ بعض الردود سريعاً؛ لأن هذا العرض سيطول بنا إن أردنا أن نقف على الردود الشرعية في هذه القضية؛ لأن البعض لبس عليه الموضوع، ولا يلبس إلا على من كان مبتعداً عن القرآن الكريم؛ لأن القرآن الكريم جلى القضية.

    والشيخ عبد الله بن حسين المرجان من مكة أعد هذا الرد في قصة خلق آدم فقال: إلى كل باحث عن الحقيقة، إلى كل ملتزم بالكتاب والسنة، إلى كل من استضاء بنور الإيمان، إلى من لم تغره أحافير ولا أساطير؛ لأنه استدل على قوله بالحفريات، لكن المسلم يعتمد على فهم الكتاب والسنة بالقرآن والسنة وليس بالحفريات، وانظروا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم في مسلم : (خلق الجان من نار، وخلقت الملائكة من نور، وخلق آدم مما وصف لكم)، فهذا يقتضي أنه خلق من تراب، وربنا يقول في سورة آل عمران: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ [آل عمران:59]، إذاً: المثلية هنا في الخلق، أي: أن عيسى خلق من أم بغير أب، وآدم خلق من غير أم ولا أب، فجاءت المثلية في هذا، وليست المثلية في أن عيسى عليه السلام له أم بغير أب كما يقول: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ .

    وسأقرأ عليكم النصوص الشرعية في قضية الخلق، والتعبيرات التي جاء بها أستاذنا تدل على أنه لا يعبأ بكلام السلف، وهذا حقيقة؛ فليس كل ما قاله السلف من الإسرائيليات.

    أول سورة تعرضت في القرآن للخلق سورة البقرة، قال الله فيها: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [البقرة:30]، إذاً: الأرض في هذه الحالة فارغة ليس عليها بشر ولا إنس، فالله عز وجل أخبر الملائكة أنه سيخلق على الأرض خليفة، يعني: جيل يخلف بعضه بعضاً، ثم جاءت الآيات في خلق آدم عليه السلام: وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:31]، إلى أن قال الله: وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا [البقرة:35]، ومن قبلها: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ [البقرة:34]، والنصوص النبوية تبين أن الله لما خلق آدم أمر الملائكة أن تسجد له، إذاً: لم يكن على الأرض بشر ولا إنس، إنما كما يقول الدكتور المطعني : إن جنس البشر هذا الذي يذكره الدكتور شاهين السابق على خلق الإنس كأنها مقدمة لخلق الإنس، أي: أن الله سبحانه وتعالى يجرب؟! حاشا لله عز وجل!

    وهنا يقول في سورة آل عمران: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ [آل عمران:59]، وفي سورة النساء: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً [النساء:1]، (خلق منها)، أي: من النفس، ففي هذا إشارة إلى أن حواء خلقت من آدم، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا [الحجرات:13]، هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا [الأعراف:189]، وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف:11-12]، نص واضح على أن آدم خلق من طين وليس له أب أو أم، وقال تعالى: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ [طه:55] أي: من الأرض، مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [طه:55]، فكلمة (منها) تشير إلى أن آدم خلق من طين الأرض وليس له أب أو أم، وقال الله في سورة الحجر: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ [الحجر:26]، فهنا ذكر الإنسان وليس البشر، وهو يقول: بأن البشر خلق من طين، أما آدم فخلق من أب وأم على اعتبار أنه أبو الإنسان وليس أبو البشر، إذاً: ماذا تقول في هذه الآية: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ ؟ والمقصود بالإنسان آدم، مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ * وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ [الحجر:26-28]، فعبر عن آدم بأنه بشر، فهو أبو البشرية لا أبو الإنسانية، فهذا خيال فاضح وتأويل مذموم، وهذا دخل على بعض السطحيين الذين لا علم لهم ممن لا يسمعون إلا الفضائيات، أفلا تسمع لمثل هذه الآيات الواضحات البينات؟

    يقول ربنا عز وجل: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ [الإسراء:61]، ويقول في سورة الكهف: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ [الكهف:50]، وفي سورة طه: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا [طه:115]، ثم قال الله سبحانه: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ [ص:71-72]، الآيات واضحة بينة على أن آدم أبو البشر وليس أبو الإنسانية.

    ثم إن خلق آدم غيب، ومصدرنا في معرفة الغيب الكتاب والسنة الصحيحة لا الحفريات ولا اللغة العربية، طالما أنه غيب نتعرف عليه من الكتاب والسنة، أي: أن : ابن كثير والطبري والسيوطي والزمخشري والرازي والقاسمي -رغم اختلافنا مع بعضهم في أمر الاعتقاد- وكل علماء التفسير قد خفي عليهم أن آدم هو أبو البشر! وجاء أستاذنا في عام 2004 ليكتشف أنهم أخطئوا، علماء الأمة ضاعوا ولم يستطيعوا، لابد أن يكون لكلامك سلف في الفهم، أما أن تأتي بقول ما فهمه أحد من الناس على الإطلاق من سلف الأمة، فهذا تأويل مرفوض.

    يقول ربنا سبحانه وتعالى: قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ [ص:76] هذا قول إبليس في سورة ص: خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [ص:76]، فالشيطان يعرف أن آدم خلق من تراب الأرض، ومن يجادل الشيطان في هذا القول؟!

    هذه بعض الآيات التي وردت في قضية الخلق، ثم بعد ذلك جاء المصنف بالأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة الصحيحة؛ لأننا كما قال أستاذنا لا نعتمد على الإسرائيليات، فالإسرائيليات فيها موضوع، لكن فيها صحيح، والإسرائيليات هي ما ثبت عند أهل الكتاب في توراتهم وإنجيلهم، ومنه الصادق ومنه الكاذب، وهي عند علماء التفسير تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

    أولاً: ما وافق شرعنا، فهذا لا شبهة في قبوله.

    ثانياً: ما عارض شرعنا، وهذا أيضاً لا شبهة في رده.

    ثالثاً: ما سكت عنه عندنا، فلا نصدقه ولا نكذبه، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)، فالتحديث عن أهل الكتاب لا حرج فيه طالما كان بالضوابط الشرعية، ولذلك لما أسلم من الصحابة من كان من أهل الكتاب أكثر من الحديث من الكتب السابقة من كتبه هو، فالصحابة كانوا يضبطون هذه المسائل بضوابط الشرع.

    أقول: إن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي صحت عنه تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن آدم عليه السلام خلق من طين، ففي الحديث المرفوع عن عبد الله بن عمر : (يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة -إلى أن قال صلى الله عليه وسلم:- إن آدم يقول لذريته يوم القيامة: وهل أخرجكم من الجنة إلا أنا)، يعني: آدم يقال له في أرض المحشر: اشفع لنا عند ربك إما أن يدخلنا الجنة أو النار، فيقول: وهل أخرجكم منها إلا أنا ويشير إلى الجنة، وهذا معناه: أن آدم بعد خلقه أسكنه الله الجنة.

    ختاماً: الموضوع طويل، لكن هذه الكتب التي ألفت في الموضوع، فالدكتور المطعني كتابه قيم والطابع مكتبة وهبة، ولعله نشر مع الباعة بعد أن صدر هذا الكتاب، أما الدكتور شاهين فقد أراد بعض أساتذة دار العلوم والأزهر أن يناظروه في هذه القضية، لكنه ما زال على رأيه إلى الآن، فالأولى به أن يعود إلى الكتاب والسنة، فهو يريد أن يقول: إن آدم ليس أبا البشر، ويريد أن يدعي بأننا اعتمدنا في قصة الخلق على الإسرائيليات، وأننا لا نفهم الكتاب والسنة فهماً صحيحاً، فهذا هو الفهم الصحيح لقضية خلق آدم!

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089142969

    عدد مرات الحفظ

    782143793