إسلام ويب

القصيدة اللامية لابن تيمية [4]للشيخ : عبد الرحيم السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد أبان شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في قصيدته اللامية عن معتقد أهل السنة والجماعة في مسائل عدة, ومنها الإيمان برؤية المؤمنين ربهم تبارك وتعالى عيانًا يوم القيامة تصديقًا للنصوص, وخلافًا لمن أنكر الرؤية بصريح قوله كالخوارج والشيعة والمعتزلة, أو بفحوى قوله كمتأخري الأشاعرة, كما أبان عن معتقد أهل السنة في إثبات صفة نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا, والإيمان بالحوض والميزان كما نطقت بذلك أخبار الكتاب والسنة.
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

    [والمؤمنون يرون حقاً ربهـم وإلى السماء بغير كيف ينزل

    وأقر بالميزان والحوض الذي أرجـو بأني منه ريـاً أنهل].

    هذان البيتان مشتملان على أربع مسائل:

    المسألة الأولى: رؤية الله تعالى يوم القيامة.

    المسألة الثانية: نزوله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا.

    المسألة الثالثة: إثبات الميزان.

    المسألة الرابعة: إثبات الحوض.

    يقول: (والمؤمنون يرون حقاً ربهم) وذلك يوم القيامة، أما في الدنيا فإنهم لا يرونه سبحانه وتعالى، ولذلك عندما طلب موسى عليه السلام الرؤية في الدنيا قال الله سبحانه وتعالى له: لَنْ تَرَانِي.. قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا [الأعراف:143].

    وقوله: (حقاً) هذا توكيد للرؤية يوم القيامة، وأن هذه الرؤية رؤية حقيقية، فالله سبحانه وتعالى نراه بأعيننا رؤية حقيقة، لكن هذه الرؤية ليست رؤية تامة بحيث أن الرائي يحيط بالمرئي، وإنما هي رؤية ليس فيها إدراك ولا إحاطة؛ ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى: لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ [الأنعام:103]، فهو سبحانه وتعالى كبير عظيم لا يمكن للأبصار أن تدركه سبحانه وتعالى، ولكن المؤمنين يرونه يوم القيامة وفي ذلك سعادة عظيمة لهم.

    قال: (وإلى السماء بغير كيف ينزل)، هذه من صفات الله عز وجل: أنه ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، وهذه الصفة لها كيفية لكننا لا نعلم هذه الكيفية ولا نعرفها، وإنما نعرف ونعلم المعنى المراد من النزول.

    قوله: (وأقر بالميزان) وهذا سيأتي بيانه، وهو ميزان حقيقي توزن فيه أعمال العباد.

    (والحوض) وهو حوض خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم فيه ماء عظيم، من شرب منه شربة فإنه لا يظمأ بعدها أبداً.

    يقول: (الذي أرجو بأني منه رياً أنهل) ويصح أن يقال: رِياً، يعني: يصح أن يكون بالفتح، ويصح أن يكون بالكسر، والاسم هو الرَي أو الرِي، وهو من الارتواء، وهو ضد الظمأ.

    وقوله: (أنهل)، النهل هو الشرب الأول عند العرب.

    هذا ما يتعلق بهذه الأبيات بشكل عام، أما من الناحية التفصيلية فنبدأ أولاً بمسألة الرؤية.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089147706

    عدد مرات الحفظ

    782185195