إسلام ويب

الضلال الفكريللشيخ : ناصر بن عبد الكريم العقل

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يعتبر الضلال الفكري من أخطر الأفكار والأمراض فتكاً بالمسلمين وخاصة بالشباب منهم، وقد نتج عنه كثير من الفتن، وأريقت بسببه كثير من الدماء، وقد وجد هذا الانحراف عند كثير من الفرق المنحرفة في عقائدها والتي ظهرت في الأمة، ووجد عند بعض أتباعها في هذا العصر، وكل ذلك بسبب البعد عن منهج أهل السنة والجماعة، والجهل بالقواعد والموازين التي تقي المسلم من هذا الفكر الخبيث، وعدم الرجوع إلى العلماء الراسخين في العلم.
    الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وارض اللهم عن صحابته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بفضله ورحمته.

    أما بعد:

    فإن الله عز وجل كتب على الخلق وقدر في سابق قدره الاختلاف والفرقة، إلا من هداه الله ووفقه، كما قال سبحانه: وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ [هود:118-119]، نسأل الله أن يتغمدنا برحمته، فإنه لولا توفيق الله ما اهتدينا، كما كان الصحابة يقولون في أنشودتهم:

    والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا

    وطريق الهداية هو توفيق من الله عز وجل، ولذلك يجب على المسلم دائماً أن يسأل ربه الهداية والتوفيق، والسداد والاستقامة على دين الله؛ لأنه مهما بلغ الإنسان من العقل والذكاء والفطنة والمعلومات والثقافة والعلم، فإن ذلك وحده لا يكفيه ما لم يوفقه الله ويهده، وإلا فنحن نرى أن كثيراً من المشركين في جميع العصور وفي عصرنا -والآن قد اطلعنا على كثير من الشرك؛ بسبب اختلاط الأمم ووسائل الإعلام- من يعبد أخس المخلوقات، فبعضهم قد يعبد قرداً، وبعضهم قد يعبد الحية، وآخر قد يعبد البقرة، وآخرون يعبدون أحياناً أموراً وسخة، أترون أنه ليس لهم عقول؟ لهم عقول، لكن ليست عقول هداية ومستقيمة، أتظنون أن عباد الأوثان هؤلاء ليس فيهم أذكياء؟ ليس فيهم من عنده ثقافة؟ أترون أنهم كلهم أغبياء وجهلة حتى في الأمور الدنيوية؟ لا، لكن الله عز وجل قدر عليهم الضلالة، وما نفعتهم عقولهم إلا في أمور معاشهم في أمور دنياهم، وأما أمور الدين فهي توفيق من الله عز وجل.

    ومن هنا فإن الضلال مسلك خطير يحصل للإنسان بأسباب عدة، منها: وساوس الشيطان وشبهاته وإضلاله، ومنها: هوى النفوس واتباع الشهوات والشبهات، ومنها: الجهل بدين الله وشرعه، ومنها: قرناء السوء ودعاته، ودعاة الضلالة، وأصحاب السبل ودعاته الذين حذر منهم النبي صلى الله عليه وسلم، وبين أن في كل طريق وفي كل سبيل من سبل الضلالة داعية يقول للناس: هاهنا طريق الحق، وهكذا دعاة الباطل لا يقولون: تعالوا إلى جهنم، أو تعالوا للباطل، أو تعالوا للفساد والإعراض والبدع، وإنما يلبسون على الناس، فيزعمون أنهم يدعون الناس إلى الجنة وإلى الحق وإلى السنة، فيلبسون الحق بالباطل، ومن هنا ليس العبرة بالدعاوى.. وغير ذلك من أسباب الضلال، لكني سأقف بعض الوقفات التي أرى أنها مفيدة لشبابنا في هذا الوقت، والتي أرى أنها موازين شرعية قررها الله في كتابه وقررها الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته، وهي سبيل المؤمنين وسبيل السلف الصالح، هذه القواعد والمسلمات هي بإذن الله تعتبر المعالم والموازين التي إذا استمسك بها الشاب المسلم صارت بعد توفيق الله من أسباب سلامته من الضلال، وقبل أن نعرف هذه القواعد والموازين لابد أن نعرف أن الحق بين وواضح لمن طلبه، لكن من قصر في طلبه فإنه يعمى عليه الحق، ولو كان مثل الشمس في بيانها ووضوحها، ولذلك سمى الله هذا الوحي في القرآن هدى وفرقاناً ومبيناً، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم بالواضحة وبالبيضاء، فقال: (تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك)، وهذا الحق البين الواضح الهدى المبين الفرقان الصراط المستقيم.. وغير ذلك من الأوصاف، قد يعمى على الإنسان إذا فرط في معرفته، ولم يتعرف على ثوابت الدين، أو على الموازين الشرعية، أو لم يقتد بالقدوة، وهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم الصحابة ثم التابعون، ولم يسلك طريق النبي صلى الله عليه وسلم وطريق الصحابة والتابعين، وسبيل المؤمنين التي هي الواضحة، وهي أصول الدين وقواعده وثوابته ومسلماته التي رسمها النبي صلى الله عليه وسلم في منهاج السنة والجماعة، فهذه الأصول بينة لمن طلبها، أما من قصر وفرط وتهاون في طلبها، حتى وإن عاش بين المسلمين، أو في أسرة من أهل السنة، أو عاش في مجتمع سني، وقصر في تثبيت الحق وطلبه في نفسه، فإنه يقع في الضلالة والغواية؛ لأنه فرط.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089103215

    عدد مرات الحفظ

    781698893