إسلام ويب

مفتريات حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهابللشيخ : ناصر بن عبد الكريم العقل

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد جاءت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لتجديد ما اندرس من عقيدة السلف الصالح؛ ولذا فقد حظيت بالقبول من قبل كثير من الناس، وقد دعا رحمه الله تعالى إلى الإسلام بصفائه ونقائه ووضوحه، بعيداً عن الخرافات والأساطير والخزعبلات، مما جعل أعداء هذه الدعوة المباركة يكيدون لها، ويلبسونها كثيراً من الشبهات والافتراءات، وقد دافع رحمه الله تعالى ومن جاء بعده من أتباعه عن هذه الدعوة المباركة، ودحضوا كل شبهة وفرية حول هذه الدعوة المباركة، وما انتشار الدعوة السلفية الصحيحة إلا ثمرة من ثمارها، وكل ذلك بفضل الله تعالى وتوفيقه.
    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

    مشاهدينا الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامجكم حراسة العقيدة، وبادئ ذي بدء نقول: إن دعوة الشيخ: محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى تمثل منعطفاً حقيقياً في تاريخ الأمة الإسلامية، إلا أن المواقف قد تفاوتت تجاه هذه الدعوة، ما بين محب لها ومناصر لها، ويرى أنها امتداد طبيعي لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وبين مبغض يكيل لها التهم والشبهات والافتراءات، وحول هذا الموضوع في حلقة جديدة من برنامجكم: حراسة العقيدة نستضيف فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: ناصر بن عبد الكريم العقل أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

    فأهلاً بكم شيخ ناصر .

    الشيخ: وبك وبالمستمعين المشاهدين.

    المقدم: شيخ ناصر قد بدأنا في موضوع: حقيقة دعوة الشيخ: محمد بن عبد الوهاب في الحلقات السابقة.

    الشيخ: نعم.

    المقدم: كما أشرنا بداية إلى إشارات سريعة حول طبيعة هذه المفتريات، ونريد أن نتعرف بشكل عام على طبيعة هذه المفتريات التي تحيط بهذه الدعوة المباركة وتحاول أن تشوهها.

    الشيخ: نعم، قد سبق الإشارة -كما تفضلت في نهاية الحلقة الماضية- إلى بعض المنطلقات لهذه المفتريات، فالمنطلق الأول وهو الغالب: الكذب والبهتان والمكائد من الخصوم، سواء من أعداء الإسلام أو من أهل البدع والأهواء والافتراق الذين لا يعجبهم مسلك الدعوة السلفية الحقيقية على منهاج النبوة؛ لأن ذلك يحرمهم من منافع معنوية ومادية كثيرة، وهذا المنطلق يمكن أن يعادل في تقديري ما يزيد عن (70%) من المفتريات أو ربما أكثر من هذا بكثير، بمعنى أن (70%) مما يدور حول الدعوة من الاتهامات والمفتريات والبهتان مبني على الكذب أصلاً.

    المقدم: والجهل، كم يقدر من النسبة تقريباً؟

    الشيخ: والثاني من هذه المنطلقات هو: الجهل، وفي الحقيقة بالنسبة للنسبة العددية فقد يكون الأكثر كأفراد، لكن أنا أقصد المنطلق المنهجي الذي مبناه على الكذب والبهتان.

    ثم يأتي في الدرجة الثانية: الجهل بحقيقة الدعوة جعلت الكثيرين من المسلمين يتقبلون هذه المفتريات؛ لأن الحقيقة غائبة عنهم لعدة اعتبارات، منها: أن الجهل يحجب صاحبه كشف الحقائق ودائماً الجاهل تبع لغيره.

    وعلى هذا يأتي المنطلق الثالث وهو: التعصب الذي ينبني عليه التقليد الأعمى والتبعية غير الراشدة، أعني: أن كثيراً ممن أخذوا هذه الاتهامات وقبلوها إنما قبلوها بالتبعية والتقليد للرءوس الذين يعرفون أن هذه كذب غالباً وأنها من المفتريات.

    المنطلق الرابع: التقليد، فما الذي يحول بين المقلد وبين معرفته للحقيقة؟ غالباً أصحاب الأهواء والبدع والافتراق يحاصرون أذهان الأتباع، فيحاصرونها بوسائل قد تكون عاطفية أحياناً، وقد تكون دينية مخترعة، فتجعل الأتباع لا يفكرون ولا يتطلعون إلى التعرف على الحقيقة؛ لأنهم قد حجبوا بوسائل الرءوس، فالرءوس لهم من الحيل والوسائل ما يحجبون بها الأتباع، ومن هنا تكون مسألة التقليد في اتهام الدعوة ونشر المفتريات حولها، وتعتبر -مع الأسف- لها جانباً كبيراً، يعني: أن المنطلق الرابع في طبيعة المفتريات ينبني على إشكالية في الحقيقة ربما نكون -أعني: المتأخرين من أهل السنة والجماعة- من الذين يأخذون بخط السلفية الحقيقي قصرنا فيما نسميه بالحقيقة: تجاوزات الأتباع، هذه إشكالية..

    المقصود بتجاوزات الأتباع وكيفية التعامل معها

    المقدم: لو توضح ماذا تقصد بتجاوزات الأتباع؟

    الشيخ: تجاوزات الأتباع هي: أنه كأي مبدأ في العالم، أو كأي دين، أو كأي مذهب، سواء كان حقاً أم باطلاً، لا بد أن يوجد من أتباعه من يخالفون المنهج الذي هو عليه أو يخالفون الأصول، كالإسلام مثلاً، فهو دين أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد وجد من أتباعه من يتجاوزون الأصول أو الضوابط، فيخرجون إلى ما يخالف الدين أو يضاده، ولذا فمن الطبيعي أن يكون من أتباع هذه الدعوة، أعني: من أتباع السنة والجماعة -الدعوة بحقيقتها ليست إلا السنة والجماعة، بل هي أصل الإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كما أسلفت، وأتباع السلف سواء كانوا علماء قد يزل منهم فتحسب زلته على الدعوة وعلى السنة، أو طلاب علم فضلاً عن عامة الأتباع- من يظهر منه أخطاء، سواء في العقيدة، أو في السلوكيات، أو في منهج التعامل مع الآخرين، أو في الحوار والدفاع عن الإسلام.

    المقدم: إذاً يا شيخ ما المنهج الصحيح في التعامل مع أخطاء هؤلاء الأتباع؟

    الشيخ: أخطاء الأتباع توزن بالمنهج، والآن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ذات منهج واضح بين ومرسوم في كتب ومؤلفات، وفي مجتمع طبق مبدأ السنة والجماعة، منذ أن بدأت الدعوة في عهد الإمام محمد بن عبد الوهاب وقبل أن يتوفى قام لها كيان ودولة -التي هي الدولة السعودية الأولى- مهيبة ذات كيان متكامل، فأقامت مجتمعاً إسلامياً متكاملاً بالنسبة لمقاييس عصره، هذا المجتمع بتطبيقاته وبعلمائه وبدولته هو المقياس والمنهج العام، ومن هنا نحاكم أي تجاوزات إلى هذا المنهج، وأعود فأقول: إن المشكلة التي أوجدت لنا كثيراً من اللبس والإشكالية الكبيرة: هي أنه فعلاً يوجد منا نحن أتباع هذه الدعوة أتباع السنة، بل أتباع نهج النبي صلى الله عليه وسلم من قد يتجاوز هذا المنهج وتحدث منه أخطاء، وعند ذلك نجد الخصوم بالطريقة الانتقائية الظالمة غير العادلة يلتقطون هذه الأخطاء أياً كان نوعها، فردية أو جماعية من بعض الفئات، وخاصة الذين ينتسبون إلى السلفية في خارج المملكة العربية السعودية، وفي خارج جزيرة العرب، فهؤلاء قد يكون بعدهم عن المنبع الصافي للإسلام وعن مهبط الوحي وعن التطبيقات النقية للسنة يجعلهم يقعون في تجاوزات منهجية أو عقدية، أو في مواقف فردية أو جماعية، هذه التجاوزات أو الأخطاء تحسب علينا على منهج غير موضوعي ولا علمي.

    لذا أعود فأقول: أنادي أتباع هذه الدعوة والمنصفين من غيرهم بأن يبرزوا هذه الإشكالية، وينبهوا الناس، ويقيموا الحجة على الخصوم، وأن ما يحدث من تجاوزات من أتباع هذه الدعوة أياً كانوا، علماء كباراً أو عواماً -زلة العالم محتملة؛ لأنه لا معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم- فإنها تحاكم إلى المنهج، ويرجع فيها إلى المنهج، وما وافق المنهج فهو الحق وما خالف المنهج فنحن منه براء.

    المقدم: المشكلة يا شيخ أنه أحياناً تجد من أتباع هذه الدعوة من تفهم من خلال كلامه أن عنده نوعاً من الانهزامية في انتسابه للدعوة؛ بسبب ما يحدث من أخطاء من بعض الأتباع، فإذا قلت له مثلاً -كما سيأتينا في الإشكالات-: إن التكفير في دعوة الشيخ: محمد بن عبد الوهاب هو التكفير في الإسلام بضوابطه وبشروطه وبأدلته، يقول لك: انظر في الكتاب الفلاني ستجد أنه قد كفر الفئة الفلانية أو البلدة الفلانية، وأحياناً قد تكون أخطاء علماء.

    الشيخ: اجتهادات خاطئة، وعلى أي حال فكما قلت: إن في كلام المنصفين من غير أتباع هذه الدعوة ما يجلي هذه الحقيقة.

    المقدم: نعم، فلو نظرنا الآن يا شيخ إلى هذه الدعوة وأتباع هذه الدعوة -أتباع النبي عليه الصلاة والسلام- بشكل عام سنجد أن الخصوم أو المخالفين ينظرون في سقطات أتباعهم على أنها منهج عام، والصحيح أن يقولوا: إن المنهج العام للمذهب الفلاني مثلاً هو كذا، إلا أن فلاناً وفلاناً قد خالفوا، وهذا من الإنصاف.

    الشيخ: بل هذا هو الموضوعية والإنصاف والعدل، والذي يجب أن تحاكم به أخطاء المنتسبين لهذه الدعوة المباركة، لكن كما قلت: الأمر ينطلق من شهية البحث عن العثرات، والانتقائية في التقاط الزلات، وجعلها منهجاً عاماً، وهذا أمر يحتاج إلى تجلية وإن كان جلياً من قبل كثير من الباحثين وعلماء الدعوة، لكن المشكلة هي إعراض الناس عن البحث عن حقيقة هذه الدعوة من تراثها، الذي هو الوثائق كما سيأتي الإشارة إليه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089103074

    عدد مرات الحفظ

    781696624