إسلام ويب

مفهوم الافتراقللشيخ : ناصر بن عبد الكريم العقل

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد حذر الإسلام من الفرقة والافتراق، وبين مخاطره على الفرد والمجتمع، وما تسلط علينا أعداء الإسلام إلا بسبب الافتراق في الدين، والانحراف عن النهج القويم، والصراط المستقيم، الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأسباب الافتراق ومظاهره كثيرة، لاسيما في عصرنا الذي كثرت فيه البدع وبدأت ترفع رأسها، فينبغي على كل مسلم غيور على دينه وأمته أن يسعى حثيثاً لدرء أسباب ومظاهر الافتراق والاختلاف، وذلك بالتمسك بمنهج السلف الصالح، والالتفاف حول علماء الأمة، والصدور عن رأيهم فيما فيه صلاح الإسلام والمسلمين.

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [الأنعام:153]، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، الذي حذر أمته بقوله: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه).

    وبعد:

    فإن من أهم الموضوعات التي ينبغي أن يعنى بها أهل العلم وطلابه في هذا العصر، والتي أحوج ما يحتاج إليها المسلمون بعامة وطلاب العلم بخاصة مسألة: الافتراق.

    الافتراق مفهومه وأسبابه، وسبل التوقي منه، والحذر من الوقوع فيه، لاسيما في هذا العصر الذي كثرت فيه البدع وظهرت وأخرجت أعناقها، وكثرت فيه الأهواء وسيطرت على الناس، وكثر فيه الخبث والنفاق، وكادت رسالة الإسلام أن تكون في غربة مع كثرة العلم وانتشاره، إلا أنه علم لا يفيد الكثيرين ممن تلقوه؛ لأنه إما أن يكون تلقيه عن غير المصادر الأصلية، أو عن غير منهج أهل العلم والفقه في الدين، وكثرة وسائل العلم رغم أنها نعمة إلا أنها قد أضرت كثيراً من الناس، حيث اكتفوا بها عن أخذ العلم عن أهله، وهو الأصل الذي هو سبيل المؤمنين، لهذا فإني سأتحدث بما يتيسر إن شاء الله عن الافتراق مفهومه وأسبابه، وسبل التوقي منه بقدر ما يتسع له الوقت إن شاء الله.

    وسأحصر الحديث هذا الموضوع على خمس مسائل:

    المسألة الأولى: مفهوم الافتراق.

    الافتراق في اللغة: من المفارقة، وهي المباينة والمفاصلة والانقطاع، والافتراق مأخوذ من الانشعاب والشذوذ، ومنه الخروج عن الأصل، والخروج عن الجادة، والخروج عن الجماعة.

    وفي الاصطلاح: الافتراق: هو الخروج عن السنة والجماعة في أي أصل من أصول الدين القطعية أو أكثر، سواء كانت الأصول الاعتقادية، أو الأصول العملية المتعلقة بالقطعيات، أو المتعلقة بمصالح الأمة العظمى أو بهما معاً.

    فمخالفة أهل السنة والجماعة في أصل من أصول الدين افتراق، ومخالفة إجماع المسلمين افتراق، ومخالفة جماعة المسلمين وإمامهم فيما هو من المصالح الكبرى افتراق، والخروج عن جماعة المسلمين افتراق، وكل كفر أكبر يعد افتراقاً، وليس كل افتراق كفراً.

    كل كفر يخرج به الإنسان عن الإسلام وعن السنة والجماعة فإنه مفارقة، لكن ليس كل افتراق كفراً، بمعنى أنه قد يقع الافتراق من طائفة أو فريق من الناس أو جماعة، لكن لا توصف بالكفر، حتى وإن افترقت عن جماعة المسلمين في عمل ما، كافتراق الخوارج، فالخوارج الأولون افترقوا عن الأمة، وخرجوا عليها بالسيف، وأيضاً فارقوا جماعة المسلمين وإمامهم، ومع ذلك لم يحكم الصحابة بكفرهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088800875

    عدد مرات الحفظ

    779126018