إسلام ويب

شرح العقيدة التدمرية [3]للشيخ : ناصر بن عبد الكريم العقل

  •  التفريغ النصي الكامل
  • التفصيل في الإثبات هو المنهج الصحيح في باب صفات الله تعالى، والتشابه في الألفاظ لا يوجب التشابه في حقيقة ما تطلق عليه تلك الألفاظ، وبهذا يرد على النفاة الذين نفوا صفات الله تعالى بحجة أن إثباتها يلزم منه مشابهتها بصفات المخلوقين.
    أما الكلام على الإثبات المفصل، فسنمر على مواطن الاستشهاد في الآيات؛ لأني بعد التأمل رأيت أن بعض الآيات قد يخفى وجه الشاهد فيها، وبعض الآيات قد تضمنت أكثر من دليل على الإثبات المفصل، لذا فسنقف على أسماء الله وصفاته وأفعاله والإخبار عن الله عز وجل في هذه الآيات، مع ما ورد في بعض الآيات من باب الأسماء، وبعضه من باب الصفات، وبعضه يجمع بين الأسماء والصفات، وبعضه من باب أفعال الله عز وجل، وبعضه من باب الإخبار عن الله عز وجل، وهذا كله يدخل في باب الإثبات المفصل.

    أولاً: آية الكرسي معروفة بدلالتها على أسماء الله عز وجل، قال تعالى: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255] فهذه كلها أسماء.

    وقوله: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:1-2] فهذه مع اسم الجلالة: (الله) قد أثبت اسم (الأحد) لله عز وجل، وكذلك: (الصمد).

    وبعده: وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [التحريم:2]، صرحت باسم (العليم)، وباسم (الحكيم)، وتضمن صفة (العلم)، وصفة (الحكمة).

    وكذلك: وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ [الروم:54]، تضمنت صفة (العلم) و(القدرة)، مع ثبوت الاسمين.

    وكذلك: وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، تضمنت أيضاً من الصفات: (السمع) و(البصر)، مع ثبوت الاسمين.

    وكذلك: وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [إبراهيم:4]، تضمنت صفة (العزة) و(الحكمة)، مع ثبوت الاسمين.

    وكذلك: وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [يونس:107] كذلك تضمنت مع ثبوت الاسمين صفة (المغفرة) وصفة (الرحمة).

    وكذلك: وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ [البروج:14]، تضمنت صفة (المغفرة) وصفة (المودة).

    وكذلك: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ [البروج:15]، تضمنت الخبر عن الله عز وجل، وأنه ذو عرش، وكذلك اسم (المجيد) وصفة (المجد).

    وكذلك: فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ [هود:107]، تضمنت معنى الفعل لله عز وجل، وكذلك الإرادة.

    وقوله: هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحديد:3]، هذه أسماء لله عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم قد شرح معانيها فقال: (الأَوَّلُ الذي ليس قبله شيء، وَالآخِرُ الذي ليس بعده شيء، وَالظَّاهِرُ الذي ليس فوقه شيء، وَالْبَاطِنُ الذي ليس دونه شيء)، فهذه أسماء تضمنت صفات وأخبار الأولية والآخرية والظهور والباطن، (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، تضمنت أيضاً اسم (العليم) وصفة (العلم) لله عز وجل.

    وكذلك قوله: هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [الحديد:4].

    فقوله: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ)، تضمنت صفة (الخلق).

    وقوله: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)، تضمنت صفة (الاستواء).

    وقوله: (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا)، تضمنت عموم علم الله عز وجل.

    وقوله: (وَهُوَ مَعَكُمْ) تضمنت صفة (المعية) المقيدة بثبوت العلو كما هو معلوم، وليست معية الحلول والاتحاد والمخالطة ووحدة الوجود، وإنما المعية هنا: المعية في العلم.

    وقوله: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، تضمنت صفة (البصر) لله عز وجل.

    ثم قوله عز وجل: ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد:28]

    فقوله: (مَا أَسْخَطَ اللَّهَ) تضمنت صفة لله عز وجل على ما يليق بجلاله.

    وقوله: (وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ) تضمنت صفة لله عز وجل.

    وقوله: (فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) تضمنت فعلاً من أفعال الله.

    وقوله: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54]، تضمنت صفة (المحبة) لله عز وجل.

    وكذلك قوله: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ [المائدة:119]، تضمنت صفة الرضا لله عز وجل.

    اعتبار سياق آيات الأسماء والصفات عند أهل السنة والجماعة

    وكذلك قوله عز وجل: وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ [النساء:93] تضمنت صفة لله عز وجل على ما يليق بجلاله، والسياق معتبر، لا كما يقول بعض المفتونين: إن أهل السنة لا يهتمون بالسياق، ويزعمون أنهم يجزئون أسماء الله وصفاته، وهذا جهل وضلال وحيدة عن الحق؛ لأني أعرف من قال هذا الكلام من المعطلين وأنه تربى على هذه الأمور ودرسها، لكنه فتن ببعض بني جنسه، ففضل عصبية القوم على الحق، فالله يوصف بمثل هذه الصفات لكن مع اعتبار السياق، بمعنى: أننا لا نفرد الصفة إلا على الوجه اللائق بالله عز وجل.

    وكذلك قول الله عز وجل: لَمَقْتُ اللَّهِ [غافر:10]، هذا فعل من أفعال الله عز وجل، وقد يفهم منه صفة لله عز وجل، لكن مع اعتبار السياق، لأن سياقات النصوص معتبرة عند السلف، فلا تثبت هذه الصفات، مثل: المقت والسخط والغضب إلا على وجه الكمال لله سبحانه، وعلى اعتبار المفهوم من السياق؛ يعني: أن المفهوم من سياق كل آية -بحسب ما وردت- وكل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يتضمن صفة لله عز وجل -بحسب ما ورد- هذا أمر معلوم عند السلف، ولا بد أن يلتزموه، وهو من لوازم إقرارهم بالصفات.

    وكذلك قوله: هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ [البقرة:210]، فصفة (الإتيان) تثبت لله عز وجل على نحو ما جاءت في السياق.

    وكذلك قوله: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ [البقرة:29]، فالاستواء هنا ليس هو الاستواء على العرش -هذه من الأدلة العاضدة لأدلة الاستواء على العرش- وإنما الاستواء هنا يفسر بمعنى: العلو والارتفاع، ولا مانع أن يضاف إلى تفسير معنى الاستواء على العرش، لكن هذا النص وحده ليس هو الدليل على الاستواء على العرش، فالاستواء على العرش قد ورد في نصوص أخرى، فهنا استوى كما يليق بجلاله، والفعل: (استوى) إذا عدي بـ(إلى) ثم أشير إلى السماء فإنها تعني: العلو والارتفاع، وتعني المعاني الكاملة التي تقتضيها المعاني اللغوية.

    وكذلك قوله عز وجل: فَقَالَ لَهَا [فصلت:11]، إثبات صفة (القول) لله عز وجل على ما يليق بجلاله، وهي فرع عن صفة (الكلام).

    وبعد ذلك: وَنَادَيْنَاهُ [مريم:52]، هذه من أفعال الله عز وجل.

    وكذلك: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ [القصص:62]، هذه من أفعال الله عز وجل، وهي مرتبطة بالكلام والصوت.

    وكذلك: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82].

    فقوله: (إِنَّمَا أَمْرُهُ) إثبات (الأمر) لله سبحانه.

    وقوله: (إِذَا أَرَادَ) إثبات صفة (الإرادة).

    وقوله: (أَنْ يَقُولَ) إثبات صفة (القول) لله سبحانه.

    وكذلك آيات سورة الحشر كلها في أسماء الله وصفاته، وهكذا بقية النصوص.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087781832

    عدد مرات الحفظ

    773990041