إن الشعوب العربية لتطالب حكامها بحق عنـزة
عمر ، تلك العنـزة التي تسير على أرض
العراق فيقول عنها
عمر وهو في
المدينة : [
لو عثرت عنزة في العراق لخشيت أن يسألني الله عنها: لِمَ لم أمهد لها الطريق].
إن شعوب الأمة الإسلامية والعربية تطالب على جميع المستويات حقوق عنزة عمر، نعم أيها الأحباب.
نسأل الله سبحانه وتعالى العدل والأمن والإيمان، فإن العدل هو أساس الملك، وإن العدل إلى قيام الساعة، وإن دولة الظلم ساعة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والرسول صلى الله عليه وسلم يخبر فيقول: (إن من خيانة الوالي، أو من أخون خيانته تجارته في رعيته) وما أكثر التجار من الولاة، رحم الله عمر بن الخطاب يوم أن ولى أبا هريرة على البحرين، فلما جاء بأموال قال له: من أين لك هذا؟ ثم شاطره المال، فوضع نصفه في بيت مال المسلمين، فما كان من ممثل الشعب أبي هريرة إلا أن رفع يده وقال: اللهم اغفر وارحم لأمير المؤمنين. وأما عمر فلم يبالِ أبداً حتى توفي وعلي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف ينظران إليه ويقولان: رحمك الله يا أمير المؤمنين! لقد أتعبت من بعدك. أتعبهم بالعدل الذي قامت به دولته، نام تحت الجدار فقال الفارسي له: حكمت فعدلت، فأمنت فنمت يا عمر . وقال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين! إنك لو رتعت رتعت الرعية، ولكنك عففت فعفت. يا لها من عدالة تقوم عليها الدولة الإيمانية الإسلامية!!
وقف الحسن البصري أمام الحجاج فقال الحجاج: أنت الذي تزعم أن بني أمية جعلوا أموال الله دولاً وعباد الله خولاً؟ قال: نعم. قال: ولم ثكلتك أمك؟ قال: يوم أن أخذ الله الميثاق على العلماء:
لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ
[آل عمران:187].
ولكن مع الأسف الشديد العلماء يكتمون، لماذا يكتمون؟ لأن الولاة الناهبين لثروات الشعوب أعطوهم الدور والقصور والأراضي والقروض والسيارات وشيكات مفتوحة، والإحسان يملك القلوب.
كان أعرابيٌ يهدي عمر بن الخطاب كل أسبوع فخذ جزور، فصارت خصومة بين الأعرابي ورجل، فدخل على عمر في محكمة العدل وقال: يا أمير المؤمنين! افصل بيني وبين هذا كما يفصل فخذ الجزور. عند ذلك أعلنها عمر : أيها الناس! لا تقبلوا الهدية، إنها لمحمد هدية وإنها لكم رشوة، ثم أخذ يحاسب عماله بعد ذلك على الهدية.
أيها الأحبة الكرام: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقيم فينا العدل على جميع المستويات، ثم وصيتي إلى أحبابي وإخواني التجار الذي يملكون العمارات والإيجارات: نحن مقبلون على عيد ومقبلون على شهر رمضان فاجعلوها صدقة رمضان واجعلوها عيدية العيد فلا تأخذوا من المستأجرين أجورهم لشهر رمضان المبارك، يفرح المسلمون وتخففون عليهم مصاريف العيد ومصاريف رمضان، والصدقة تقي مصارع السوء، وإنها صورة من صور العدل، ورب صدقة تأتي يوم القيامة تقول: أنا إيمان فلان، أنا إيمان فلان.
اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا تائباً إلا قبلته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا سوءاً إلا صرفته، ولا عيباً إلا سترته وأصلحته، ولا مسافراً إلا حفظته، ولا غائباً إلا رددته، ولا مجاهداً في سبيلك إلا نصرته، ولا عدواً إلا قصمته، فاز عبدٌ أدى فرضه، فاز عبدٌ صان عرضه، فاز عبدٌ زكى ماله، فاز عبدٌ ربى عياله، فاز عبدٌ كان في الذاكرين.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى، والصدق والإخلاص، واليقين والمعافاة.
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.