أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلك الكتاب الجامع للشريعة الإسلامية: عقائد وآداب وأخلاق وعبادات وأحكام، وقد انتهى بنا الدرس إلى الفصل العاشر للزكاة، وقد عرفنا في الدرس الماضي: أن الزكاة هي القاعدة الثالثة من قواعد الإسلام، فالقاعدة الأولى هي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والقاعدة الثانية: الصلاة، والثالثة: الزكاة.
وعرفنا حكمها: أن من رفض أن يقدمها تؤخذ منه بالقهر والكره، وأن من قاتل قوتل كما فعل الصديق مع مانعي الزكاة، وعرفنا أن لها حكماً عالية وفوائد عظيمة.
قال المؤلف: [المادة الثانية: في أجناس الأموال المزكاة وغيرها: ].
[وقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ( ليس فيما دون خمس أواق صدقة )] ليس فيما هو أقل من خمس أواق صدقة، فإن بلغ المال خمس أواق وجبت فيه الزكاة [وقوله صلى الله عليه وسلم: ( العجماء جرحها جبار )] إذا آذاك فرس أو بعير أو بقرة أو جرحك ليس فيها ما يجبر به [( والبئر جبار )] وإذا سقطت في البئر لا تطالب صاحب البئر لماذا حفره [( والمعدن جبار )] ثم قال: [( وفي الركاز الخمس )] والركاز: ما يوجد تحت الأرض مركوزاً مدفوناً من ذهب أو فضة أو دراهم، فإذا عثر عليه العبد وجب أن يخرج خمسه زكاة، عندما يعثر عليه أو يجده في بيته أو في بستانه أو في أرضه يجب أن تخرج خمسه لله، فينفق في مصارف الزكاة.
فالنقدان وما يقوم مقامهما تجب فيهما الزكاة إذا بلغا خمس أواق من فضة أو عشرين ديناراً من ذهب.
( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ) والوسق: ستون صاعاً، ( وليس فيما دون خمس أواق من الفضة صدقة ) أقل من خمسة أواق لا زكاة فيها ( وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة ) والإبل سيأتي بيان صدقاتها، لكن إذا بلغت خمساً وجب عليه أن يدفع شاة، أما البعير والبعيرين والثلاثة والأربعة لا زكاة فيها؛ لأن الذود من خمسة فما فوق.
الأوراق المالية اليوم مثل: الريال والجنيه تزكى زكاة النقدين وهو ربع العشر، في حين أن أرصدة الأوراق لدى الحكومات والبنوك العالمية تتكون من الذهب والفضة معاً، والرسول جمع بينهما وزكى عنهما، فليس هناك فرق بين الذهب والفضة.
وأمَّا إذا كان المعدن حديداً أو نحاساً أو كبريتاً أو غيرها فيستحب تزكية المستخرج منه من قيمته بنسبة اثنين ونصف في المائة] كسائر الدراهم والدنانير [إذ لم يرد نص صريح في وجوب الزكاة فيه، وليس هو من الذهب أو الفضة فيزكى وجوباً].
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
الجواب: السائل يقول: هل على البرتقال والتمر زكاة؟ التمر بالإجماع فيه زكاة، التمر بسائر أنواعه: رطب، يابس، عجوة، فكل ما كان تمراً يجب أن يزكى إذا بلغ خمسة أوسق، وأقل من خمسة أوسق لا زكاة فيه، أما الفاكهة فلا تزكى، فالخضروات والفواكه لا زكاة فيها، ولكن يستحب لمن يملكها أن يتصدق منها بشيء على أقاربه والفقراء، أما الوجوب فلا وجوب.
الجواب: اسأل أهل البقر يقولون لك. قال: الجاموس من جنس البقر أم لا؟ نعم، من جنس البقر، كل الناس يعرفونه، سمه جاموساً أو سمه ثوراً.
الجواب: السائل يقول: إنني والحمد لله محافظ على الصلوات الخمس أؤديها مع المسلمين في بيوت الله، لكن -مع الأسف- لا أؤدي الراتبة، فبم تنصحونني؟
أنصح لك أن تجاهد نفسك وعدوك إبليس، حتى تنتصر وتصبح تصلي ركعتين قبل العصر، وركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد المغرب، والله ناصرك إن شاء الله.
الجواب: ما حكم من يقول: نويت الوضوء؟ أو نويت صلاة العصر؟ أو اللهم إني نويت كذا؟
بالإجماع أن التلفظ بالنية بدعة، فما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني نويت صلاة الظهر أو العصر، أو نويت -مثلاً- الوضوء أو الغسل؛ لأن النية محلها القلب، واللفظ وحده لا يكفي، فإذا لم تكن عازماً على الوضوء وقلت: نويت الوضوء ولم تتوضأ فلا ينفعك؛ فالنية محلها القلب، عزم وتصميم في قلبك على أن تتوضأ أو تصلي؛ فلهذا التلفظ بها ليس مشروعاً أبداً ولا يغني ولا ينفع.
الجواب: يقول السائل: عندي إناء مصنوع من الذهب والنحاس فهل يجوز استعماله؟ إن كان الذهب فيه له جزء وقيمة فلا يجوز استعماله أبداً، حرام عليك، وإن كان الذهب طلاء لا قيمة له والنحاس هو الأكثر فلا بأس.
وهكذا الأشياء المطلية: إذا كان هذا الطلاء له جسم يُوزن ويصبح ذهباً فلا يجوز استعمال هذه الأدوات سواء كانت ساعة أو قلماً أو غيره، وإن كان طلاءً لا يجمع فيه شيء وإنما برّاق فقط والأصل هو النحاس أو الحديد فلا بأس.
الجواب: يقول: إنه جاهل بالعمرة واعتمر وطاف وسعى وما قصر، فهل عليه شيء؟ تركت واجباً من واجبات العمرة وهو التقصير أو الحلق فعليك ذبح شاة، فإن عجزت فصم عشرة أيام لتركك الواجب.
أرأيتم محنة الجهل كيف أن شاباً إلى الآن لا يعرف العمرة؟! لا يعرف أن الحلق أو التقصير واجب من واجبات العمرة. إنا لله وإنا إليه راجعون!!
الجواب: يقول السائل: نمت عن صلاة العشاء حتى طلع الفجر فمتى أصليها؟ تصليها بمجرد أن تستيقظ، فتتوضأ وتصليها ولو قامت صلاة الفريضة، فلا بد من صلاة العشاء، فإذا فرغت منها صليت الفريضة مع المصلين.
الجواب: على كل حال لا تقل: نرجو من فضيلتكم، لا فضيلة لنا ولا نحن أهل للرجاء، كان عليك أن تقول: من فضلك يا شيخ أو جزاك الله خيراً أعد علينا الدعاء الوارد عن عائشة رضي الله عنها.
هذا هو الدعاء. وأضفناه لأنفسنا بقول: اللهم إني أسألك لي ولأهل بيتي وللمؤمنين والمؤمنات من خير ما سألك منه عبدك ونبيك ورسولك محمد وجميع عبادك الصالحين. فنضم إلى ذلك أنفسنا وأهلينا وكل المؤمنين والمؤمنات، وهو أجمع دعاء للخير.
اللهم إني أسألك لي ولأهل بيتي وللمؤمنين والمؤمنات من خير ما سألك منه عبدك ونبيك ورسولك محمد وجميع عبادك الصالحين، وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك ورسولك محمد وجميع عبادك الصالحين، اللهم صل على ملائكتك والمقربين وعلى أنبيائك المرسلين وعلى أهل طاعتك أجمعين.
هذا هو الدعاء الذي وفقنا الله له، والحمد لله.
الجواب: الذهب المحلى الذي تتحلى به المرأة الجمهور -خمسة وسبعون بالمائة-: على أنه لا زكاة فيه، وهذا هو الراجح، لكن لو زكته تحصل على أجر كبير، وهذا الذي نقوله، فإن زكت لا نخاف عليها شيئاً، وإن تركت كذلك، لكن الزكاة فيه أفضل من عدم زكاته.
الجواب: بهلولة تقول: زوجي أراد أن يتزوج عليَّ وعندي أولاد. فقلت له: لا تتزوج وإلا طلقني. فهل يجوز أن أقول هذا القول؟ هذا يعود إليك، فالأمر إليك إن شئت قلت وإن شئت لم تقولي، فإن صبرت مع زوجك وأولادك وجاءت أخرى تساعدك في أعمال بيتك وتشجعك على تربية أولادك فنعم. وإذا قلت: لا أستطيع أن تكون معي أخرى وطالبت بالطلاق فهذا شأنك، إذا طلقك طلقك، وإذا قال: لا أطلقك فله الحق.
الجواب: سائل يقول: حججت العام الماضي ورميت الجمرات وما كنت متأكداً من أن الجمرات وقعت في الحوض. ليس عليك شيء، وإن شاء الله وقعت؛ لأنك كبرت ورميت، المهم: باسم الله والله أكبر، نعم.
الجواب: الله أعلم، لكن الذي أذكر أنه حديث حسن موجود في السنن، والحمد لله، الرسول تعرض عليه أعمال أمته يوم الخميس، فإن وجد أعمالاً صالحة حمد الله، وإن وجد غير ذلك استغفر لنا، هذا الحديث إذا صح نعمة كبيرة للمسلمين.
الجواب: يقول: مؤمن أعطى لأخيه أربعين ألف ريال زكاة، وقال: يا بني! يا أخي! يا أبتي! وزع هذه على الفقراء والمساكين، هذه زكاتي وأنا عاجز أو غير قادر فوزعها أنت. يقول: وأنا محتاج، فهل لي أن آخذها؟
بالنسبة للآداب والأخلاق والله ما نقبل، لكن لو أخذت منها شيئاً فلا بأس، والأولى أن تقول له: يا عم! أو يا أخي! أنا محتاج إلى هذا المبلغ وعليَّ ديون فهل تسمح أن تكون زكاتك لي؟ فإن قال: نعم فنعم، وإن قال: لا، وزعتها.
الجواب: سائل يقول: مرضت ثلاث عشرة سنة وما صليت، وأنا في حيرة كيف أقضي هذه الصلاة؟
ما هناك حيرة أبداً، تستطيع أن تتوضأ في أي وقت من أوقات فراغك وتجلس في مكان وتصلي اليوم واليومين والثلاثة، لكن على شرط أن تتم الصلاة في ركوعها وسجودها وقراءتها، لا تأخذها كالذين يعبثون بالصلاة، فتقضيها كما فاتتك، وإن عجزت عن القضاء فأمرك إلى الله عز وجل، واسأل الله أن يغفر لك ويرحمك.
الجواب: اختلف في العسل هل فيه زكاة أم لا؟ وأنا أقول: لا زكاة فيه إلا إذا باعه وأصبح مالاً فإنه يزكي ذلك المال كسائر الفواكه والخضر.
الجواب: السائل يقول: أعلم أن في القرآن الكريم ناسخاً ومنسوخاً؛ لأن الله تعالى يقول: مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا
[البقرة:106]، ويقول: أنا ما عرفت الآيات المنسوخة أو الناسخة؟
ارجع إلى التفاسير فعندما تقرأ الآيات ستجدهم يقولون: هذه الآية منسوخة. أي: حكمها منسوخ، على سبيل المثال: أما كان الرسول والمؤمنون يصلون إلى بيت المقدس سبعة عشر شهراً ثم نسخ الله ذلك في القرآن بقوله: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ
[البقرة:150].
الجواب: آخر سؤال يقول: عندي مال في البنك وأزكيه، لكن المال الذي أستفيده من البنك هل أزكيه أو لا أزكيه؟
لا يحل لك أن تأخذ درهماً أو بعض درهم من البنك، فإذا قدموا لك ألفاً أو ألفين فقل: لا. أنا مسلم! أودعت مالي ليحفظ عندكم خشيت أن يسلب مني أو أقتل وهو في يدي، أما أن آخذ فائدة فلا تحل لي أبداً! وتوبوا إلى الله! هكذا يقول لهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.