إسلام ويب

سلسلة منهاج المسلم - (4)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تواترت الأدلة العقلية والنقلية على ربوبية الله تعالى، فالله سبحانه أخبر عن نفسه، وأخبر عنه الأنبياء والمرسلون، وآمن العالم بأسره بربوبية الله لكل شيء، والأدلة العقلية التي تدل على ربوبيته متضافرة، فالله تعالى خالق كل شيء، وهو سبحانه وتعالى المنفرد بالرزق، كما شهدت الفطرة البشرية على وجود الله وربوبيته وخلقه، وأنه المالك المتفرد بالملك سبحانه وتعالى.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وها نحن مع الإيمان بربوبية الله عز وجل.

    واعلم أن الإيمان الحق الصحيح الثابت إذا عرضته على القرآن وقع عليه، أو عرضته على سنة رسول الله وافقت عليه، هذا الإيمان بمثابة الروح للحي، فمن كان مؤمناً هذا الإيمان فهو حي، يسمع ويبصر، يعطي ويمنع، يجيء ويذهب، وإن ضعف هذا الإيمان أصبح كالمريض، يقوى على شيء ويعجز عن آخر، حتى يشفى من علته، وضعفه في إيمانه.

    وأما الذي لا إيمان له فهو ميت، سواء كان أبيض أو أسود، وفاقد الإيمان الصحيح ميت، والدليل على موته: أنك لا تأمره بأن يصلي، ولا أن يصوم، ولا تنهاه عن خمر أو عن باطل؛ لأنه ميت، بل انفخ فيه روح الحياة، فإذا حيي فمره يفعل، واطلب منه فلذة كبده يعطها إذا كان في ذلك حب الله ورضاه.

    هذه الحقيقة كررناها، ووالله إنها لحق! الإيمان الصحيح الذي إن عرضته على القرآن صدق عليه وقال: أنت مؤمن، أو عرضته على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته وافق على أنه هذا الإيمان، وصاحب هذا الإيمان حي، يصوم ويصلي، يرابط ويجاهد، يسمع ويعي، يأخذ ويعطي؛ لكمال حياته، ومن كان له هذا الإيمان ولكن داخله نقص أو زيادة أو تقديم أو تأخير ضعف، وأصبح حاله كحال المسلمين في الجملة، فيقوى على واجب يفعله ويعجز عن آخر، ويقوى على كلمة خير يقولها ويعجز عن أخرى، وينتهي عن باطل ولا يستطيع أن ينتهي عن الآخر، وسبب هذا ضعف إيمانه.

    إذاً: من أراد أن يحيي آدمياً يعلمه ويقول له: قل: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإذا سرت هذه الأنوار في قلبه قال: عرفني بربي الذي قلت: لا إله إلا هو، عرفني بما يحب وبما يكره؛ لأتقرب إليه بذلك وأتعبد، عرفني برسول الله، وبالذي يحبه مني، وبالذي يريده مني، فإني آمنت به، فلنمش وراءه ولنأتس به.

    معاشر المستمعين! فالذي تشاهدونه من أنفسنا من الإتيان ببعض الواجبات وترك أخرى، والانتهاء عن بعض المنهيات وفعل أخرى ردوه إلى ضعف الإيمان، لا علة سوى هذه، والإيمان يقوى ويضعف، ويزيد وينقص.

    وقد درسنا أن جبريل عليه السلام جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد في تلك الروضة، والرسول يعلم أصحابه الكتاب والحكمة، فجاء جبريل في صورة رجل من بني آدم وشق الصفوف في غير أدب؛ حتى يتنكر لهم ولا يعرفونه حتى انتهى إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلس بين يديه وأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع يديه على فخذيه وأخذ يسأله، فسأله عن الإيمان: ( ما الإيمان يا محمد؟! قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، قال: صدقت )، رواه مسلم .

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3089138444

    عدد مرات الحفظ

    782104109