إسلام ويب

سلسلة منهاج المسلم - (6)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الإيمان بالله تعالى هو الركن الأعظم من أركان الإيمان، وهو يشمل الإيمان بربوبيته وألوهيته، وكلاهما يستلزم الآخر، ويشمل الإيمان بأسماء الله وصفاته كما جاءت في كتاب الله وسنة رسوله، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، وقد دلت على ثبوت أسماء الله وصفاته الأدلة المستفيضة من الكتاب والسنة الصحيحة، ومن العقل والفطرة، فيجب الإيمان بها كما أراد الله ورسوله منا.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ..

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وقد سبق أن درسنا أولاً: الإيمان بوجود الله عز وجل بالأدلة النقلية والعقلية، والذي نفسي بيده! لله تعالى موجود سميع بصير عليم حكيم، خلق السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما.

    وعلمنا أن البشرية قبل وجود المذهب الشيوعي ما كان يوجد فيها من يكذب بوجود الله أو ينكره قط واستمر هذا عشرات الآلاف من السنين، إذ هي الفطرة التي فطر الله عليها الآدمي معترفاً

    بوجود خالقه وخالق كل شيء، لكن المذهب البلشفي الأحمر الشيوعي، مبدأ (لا إله والحياة مادة) وضعه بنو عمنا اليهود؛ من أجل تضليل البشرية ومحو الإيمان من نفوسها حتى يتمكنوا في يوم من الأيام أن يسوقوها كالبهائم، ويعلنوا عن مملكة إسرائيل في العالم، واستجاب المسيحيون لهم أكثر من المسلمين؛ لأن المسيحيين معتقدهم فاسد وباطل، ولا يعتمد على شيء من الحق؛ فلهذا اجتاحهم هذا المذهب.

    وهناك دول انمسخت لروسيا مسخاً، وأما المسلمون فقد أصيب من أصيب ولكنهم قلة، فالفطرة تصرخ بوجود خالقنا ورازقنا ومدبر حياتنا.

    ثانياً: من آمن بوجود الله يجب أن يؤمن بربوبية الله، ومعنى ربوبية الله: أن تؤمن أن الله عز وجل هو رب كل شيء، ومالكه، وخالقه، فلا توجد ذرة في الكون لم يخلقها الله، ولا يوجد في الكون من شارك الله في خلقه بشعرة في إنسان أو ريشة في حيوان: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف:54] اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الرعد:16].

    فالله هو الرب الخالق الرازق المدبر للحياة كلها، ولا رب غيره، وهناك أدلة عقلية ونقلية على ذلك:

    فالرسول يقال له: اسأل العرب المشركين، قل لهم: من رب السماوات والأرض؟ اسألهم من خلقهم، سيقولون: الله العزيز العليم.

    فالإيمان بوجود الله قل من ينكره، إلا أن الربوبية وجد فيها من يشرك بالله، فالذي يدعي أن فلاناً يخلق أو يرزق أو يميت أو يحيي أو ينفع أو يضر فقد سواه بالله في ربوبيته.

    فالذي اعتقد أن فلاناً يشرع ويقنن للحياة أشرك في ربوبية الله هذا المخلوق؛ لأن الله هو الذي يشرع ويقنن لعباده ما يصلحهم، ويسعدهم، ويكملهم في الدارين الدنيا والآخرة.

    فالذي يعتقد أن ولياً من أولياء الله ينفع أو يضر، أو يعطي أو يمنع بعد موته فقد سواه بالله في ربوبيته، والشرك في الربوبية وقع فيه كثيرون، ولهذا يجب أن نؤمن إيماناً كاملاً أن الربوبية لله لا يشاركه فيها أحد، أي: هو الخالق لكل شيء، المالك لكل شيء، المحيي المميت، المعز المذل، المعطي المانع، الضار النافع، بيده كل شيء، وإليه مصير كل شيء، والخليقة كلها مربوبة مخلوقة، خلقها ودبر حياتها، فهي مربوبة له، وهو مدبر حياتها بعد أن خلقها، فلا رب لنا سوى الله قط.

    ثالثاً: الربوبية تستلزم الألوهية، فمن كان رباً يجب أن يعبد، ومن كان رباً يجب أن يطاع فيما يأمر وينهى، ومن كان رباً يجب أن يشرع ويقنن، ومن هنا فإن الربوبية أوجبت الألوهية لله عز وجل، فما دمت قد آمنت بربوبية الله فأنت مضطر إلى أن تؤمن بألوهيته، أي: بأنه لا إله غيره أبداً، وإن وجدت الآلهة كالأصنام والأحجار والأشجار فكلها آلهة باطلة، منسوفة بكلمة: (لا إله إلا الله)، فلا يبقى إله أبداً لا في الأرض ولا في السماء إلا الله عز وجل.

    والإله معناه: المعبود الذي يستحق أن يعبد، والذي يستحق أن يعبد هو الذي خلقني، ويحافظ على حياتي، ومصيري إليه، الذي يميتني ويحييني، أما غيره فليس له حق في العبادة.

    فمن آمن بربوبية الله وعرفها آمن بألوهيته وسلم بها، وقال في صراحة: لا إله إلا الله؛ لأن الألوهية معناها عبادة الرب بحبه وتعظيمه وتوقيره وإجلاله وإكباره، ثم بطاعته فيما يأمر به عبيده، وفيما ينهى عنه، فالألوهية معناها العبادة، فلا معبود يستحق العبادة بحق -والله- إلا الله.

    فالذين يحلفون وينذرون لـعبد القادر الجيلاني، ويشدون الرحال من الغرب إلى الشرق لزيارة قبره، ألهوا عبد القادر، وهل عبد القادر -رحمة الله عليه- إله يستغاث به، أو ينادى في الشرق والغرب: يا مولى بغداد! يا راعي الحمراء! يا سيدي عبد القادر ! حتى تناديه فيسمعك؟ وحتى لو فرضنا أنه سمعك فهل سيجيبك ويعطيك؟ لكنه اللعب واللهو، وليست القضية خاصة بـعبد القادر فهناك عشرات الأولياء بل المئات، لما عم الجهل وغطى هذه الأمة في القرون التي مضت.

    فلا يصح أن تقول: ورأسك، وحقك، فإن قلت: ورأسك يا فلان! فقد رفعت بهذا فلاناً إلى منصب الربوبية فألهته وحلفت به؛ لأن الحلف بالشيء تعظيم له ورفع إلى مستوى الربوبية.

    والذين ينذرون للسيد فلان بأنه إذا تزوجت ابنته فعل له كذا، أو إذا نجح في خصومته فعل له كذا وكذا يخاطبون أولياء قد ماتوا من قرون، وهم يشركون بالله في ألوهيته، صرفوها عنه إلى مخلوقاته وعبيده، ولكن لا لوم ولا عتاب، فلقد جهلوهم وضللوهم وأماتوهم -هذا كيد أعداء الإسلام- والسبب أنهم لا يجتمعون في درس كهذا قط، ولا يدرسون كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والقرآن يقرءونه على الموتى لا أقل ولا أكثر، فكيف يعرفون؟! أكثر من ثمانمائة سنة والأمة هابطة.

    فألوهية الله: لا إله إلا الله، أي: لا يعبد غير الله بأي نوع من أنواع العبادة ولو بركوع أو بسجود على الأرض، ولو بحلف به، ولو بالخوف منه، فلا يعبد إلا الله، فشعارنا لا إله إلا الله.

    والآن مع الأسماء والصفات، أسماء الله تعالى وصفاته، فلله أسماء عددها تسعة وتسعون اسماً.

    يا عبد الله! اعلم أن لربك أسماء أنزلها في كتابه تعدادها مائة إلا اسماً واحداً، وفائدة هذه الأسماء أن تنادي الله بها، وتدعوه بها، وتتملق وتتوسل إليه بها، هذه هي فائدتها: أن تقول: يا رب! يا رحمان! يا علي! يا عظيم! يا كبير! يا غفور! يا رحيم! فتطلب حاجاتك، ولو كان اسماً واحداً أو ثلاثة لضاقت بك، ولكنها تسعة وتسعون اسماً، فإذا أردت المغفرة قلت: يا غفور! وإذا أردت الرحمة قلت: يا رحيم! وإذا أردت النجاة من مرض قلت: يا كاشف الضر! وهكذا تناديه بأسمائه.

    والأسماء والصفات مختلطة بمعنى واحد، كل اسم هو صفة -يحمل صفة- واسم الجلالة الأعظم (الله)، و(الله) من لفظ الإله، ولهذا دائماً نبتدئ به الدعاء، يا الله! يا رحمان! يا رحيم!

    وهذه الأسماء تحمل صفات: فالرحمن والرحيم صفات، والملك صفة، والعزيز والحكيم والغفور صفات وأسماء، وهذه ضلت فيها أقوام، فبعضهم يحرفونها ويفسرونها ويدخلون فيها، ولا حق لهم في ذلك، فشبهوا الله بمخلوقاته، وبعضهم نفى أن يكون هذا هو الله عز وجل، والتأويل والتعطيل والتشبيه كلها محرمة، فهيا نسمع ماذا قال أهل العلم في أسماء الله وصفاته؟

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088457686

    عدد مرات الحفظ

    776843698