[ المادة الثالثة: فيما ينبغي بعد الفراغ وهو: ] تغوط.. تبول.. استنجى.. استجمر.. فرغ، ماذا يفعل؟
[ أولاً: أن يقدم رجله اليمنى ] في الدخول يقدم اليسرى، لكن في الخروج يقدم اليمنى [ لفعل رسول الله عليه الصلاة والسلام ذلك ] الرسول فعل هذا وشاهدوه، إذا خرج من المرحاض أو من التبول يقدم رجله اليمنى، عند الدخول يقدم اليسرى، اليمنى لشرفها واليسرى لخفتها.
[ ثانياً: أن يقول: (
غفرانك ) ] لما يخرج من المرحاض وقدم رجله اليمنى يقول: (غفرانك)، عند الدخول يقول: أعوذ بالله من الخبث والخبائث، عند الخروج رجله اليمنى ويقول: غفرانك، أي: اللهم اغفر لي، يطلب المغفرة من الله. أو فيه ذكر ثاني نجمع بينهما إن استطعنا [ أو: (
الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني ) ] (غفرانك) طلب المغفرة، ثم يقول: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني [ أو (
الحمد لله الذي أحسن إلي في أوله وآخره ) ] في أكله وفيه إبرازه وتغوطه، الإحسان مرتين من الله: الأول لولا إحسان الله لما أكلت، وإخراجه كيف؟ سبحان الله! إدخاله صعب كإخراجه، لولا أن الله أذن كيف نأكل؟ سبحان الله العظيم! صلوا على أبي القاسم صلى الله عليه وسلم.
الحمد لله الذي أحسن إلي في أوله وفي آخره، في أول الطعام أحسن إلي حتى أكلت وإلا لن أستطيع أن آكل، وفي خروجه حتى يخرج، لو يبقى البول أو الغائط في الجسم ماذا تفعل؟ عملية جراحية لن تنفع، لكن الحمد لله، فلهذا قال: (الحمد لله الذي أحسن إلي في أوله وآخره). هل المسلمون على هذا النمط من الحياة؟ القليل فقط؛ لأنهم ما سمعوا بهذا [ أو ( الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى فيّ قوته وأذهب عني أذاه ) وكل هذا وارد وحسن ] في السنن الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذاً: ينبغي قبل التخلي:
أولاً: أن يطلب مكاناً بعيداً عن أعين الناس.
ثانياً: أن لا يدخل معه ما فيه ذكر الله، لا ورقة ولا دينار ولا كل ما فيه اسم الله، حتى الخاتم إذا فيه اسم الله فلا يدخله معه، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينزع خاتمه الذي يطبع به الرسائل والكتب (محمد رسول الله) إذا أراد المرحاض.
ثالثاً: أن يقدم رجله اليسرى، إذا ذهب إلى الغائط، ووصل إلى المرحاض فإنه يدخل بقدمه اليسرى ويؤخر اليمنى لشرفها.
وقبل أن يقدم رجله اليسرى يقول: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) . الخبث جمع خبيث من الشياطين، والخبائث جمع خبيثة من الشيطانات والعياذ بالله.
رابعاً: أن لا يرفع ثوبه حتى يجلس أو يدنو من الأرض، فلا يرفعه وهو واقف فيبقى واقفاً مكشوف العورة بين الناس، وليس بين الناس فحسب ولكن والملائكة والعالم كله والجن يشاهدونه.
خامساً: أن لا يجلس للغائط أو البول مستقبلاً القبلة أو مستدبراً لها، واستثنى أهل العلم إذا كان في بنيان وجدار يستره واضطر إلى ذلك فلا بأس، ولهذا نقول لمن يبنون: لا تجعلوا المراحيض مستقبلة القبلة، بل حولوها، واجعلوها إلى غير القبلة.
سادساً: الابتعاد عن الأماكن التي ينهى عن التبول فيها كقارعة الطريق، وموارد المياه، والشجر التي فيها الثمار والظل، فحيث يستظل الناس ويجلسون لا تتبول فيه، فتؤذي المؤمنين ببول أو غائط.
سادساً: لا يجوز له أن يتكلم وهو يتغوط؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إذا تغوط رجلان فليتوارى كل واحد منهما عن صاحبه ولا يتحدثا، فإن الله يمقت على ذلك ) والجهال يفعلونه ويصوت ويغني ويتحدث، والعياذ بالله.
سابعاً: لا يجوز الاستجمار -أن تمسح بولك وغائطك- بروث أو عظم؛ لأنهما طعام إخواننا من الجن، والروث روث البغال والحمير.
ثامن هذه الآداب: أن لا يتمسح أو يستنجي بيمينه، فلا تأخذ الحجر بيمينك وتمسح دبرك بها، بل خذها بيدك اليسرى، أن لا يتمسح بالكتان أو الورق أو أي شيء تستجمر به استعمل يدك اليسرى به لا اليمنى، لما يصب الماء باليمنى يغسل دبره باليسرى، اليمنى لا بأس أن يصب بها الماء فقط.
ولا يمس ذكره بيمينه، فلا يجوز للمؤمن أن يمس ذكره بيده اليمنى سواء يبول أو لا يبول يمسه باليسرى، نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن مس الذكر باليد اليمنى، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه ) .
تاسعاً: أن يقطع الاستجمار على وتر. ما معنى وتر؟
ثلاثة أو خمسة أو سبعة، على وتر، فإن استجمر بحجرة ولم تكفِ، زاد الثانية، وإن كفت يزيد الثالثة، استجمر بثلاث وإن نزل البول والغائط منه يزيد الرابعة، ما نظف الدبر بالرابعة لا بد أن يستجمر بالخامسة، الوتر: ( إن الله وتر يحب الوتر في كل شيء ) .
رابعاً: إذا جمع بين الماء والحجارة يقدم الحجارة أولاً ثم الماء، وإذا اكتفى بأحدهما يجزئه.
وأخيراً: أن يقدم رجله اليسرى عند الدخول، ويقدم رجله اليمنى عند الخروج، إذا خرج من المرحاض يبدأ برجله اليمنى ثم يقول: (غفرانك) ، من أسهل ما يكون! بدل أن يقول: اللهم اغفر لي ويذكر اسم الجلالة يقتصر فيقول: غفرانك. ثم يقول: (الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني). نعمة كبيرة، أو (الحمد لله الذي رزقنيه طيباً وأخرج منه الخبيث) ألفاظ واردة كثيرة.
معاشر المستمعين والمستمعات! هذه الآداب يجب أن لا ننساها وألا نهملها، إذ بها تميزنا عن الناس وأصبحنا أهل الله وأولياء الله، أما أهل الأنجاس والأرجاس من الكفار والمشركين فلا يعرفون هذا ولا يذوقونه، أما أولياء الله فهكذا حالهم عند الأكل، عند الشرب، عند المشي، عند القعود دائماً شعار الإيمان معهم.
والله تعالى أسأل أن ينفعنا وإياكم بما ندرس ونسمع.