إسلام ويب

الطريق إلى الحياة الطيبةللشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أقسم الله سبحانه عدة أقسام في أول سورة الذاريات، وكان جواب القسم (إنما توعدون لصادق) فوعد الله صادق لا يتخلف، وهو شامل للوعد الدنيوي بالنصر والتمكين لعباده الصالحين، والوعد الأخروي بالفوز بجنات النعيم، وعطف سبحانه على هذا الجواب جواباً آخر وهو أن الجزاء على العمل واقع لا محالة، ولهذا على المسلم أن يسعى للظفر بصدق وعد الله بالإيمان والعمل الصالح والتوبة المستمرة، فإن أخل بشيء من ذلك تخلف عنه وعد الله.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! أحيي جميعكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    لقد سمعنا الله تبارك وتعالى والحمد لله أن أسمعنا كلامه، وجعلنا من أهل الإيمان به وطاعته، سنعير الآن طرف آذاننا من تلاوة هذا الحزب المبارك الكريم، سمعنا الله تعالى يقول بعد أن أقسم بأعظم قسم: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا [الذاريات:1-4]، إنه لقسم عظيم، يقسم هذا القسم من أجلنا، وما نحن؟ ومن نحن؟ يقسم لنا حتى تطمئن قلوبنا إلى الخبر الذي سيلقيه علينا، فالحمد لله أن كنا بهذه المثابة، يقسم الله جل جلاله من أجل أن يلقي خبره مؤكداً؛ حتى لا يكون في نفوسنا ريب مما نسمع، أو شك مما نخبر به ونعلم، فما هو الخبر العظيم؟ على أي شيء أقسم الرحمن الرحيم؟

    إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ [الذاريات:5-6]، أقسم الله عز وجل لنا؛ من أجل أن تسكن نفوسنا ولا تضطرب عند هذا الخبر العظيم، فهيا نتأمل ونتدبر، وقد عتب الله على أقوام لم يتدبروا كلامه، فقال: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24]، كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29].

    ما زالت الغفلة تحوط بنا وتغشانا، الله الله! اللهم افتح علينا، وأزل هذه الغفلة من على قلوبنا.

    الله، من هو الله؟ رب السماوات والأرض وما بينهما، رب كل شيء ومليكه، الذي نحن أثر من آثار رحمته وملكه، يقسم، ولم لا؟! بأي شيء أقسم؟ بأعظم قسم؛ ليقول لنا: إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ [الذاريات:5-6]، ما الذي وعدنا به؟ وعدنا -أولاً- بالتمكين نقرأ ذلك في قوله جل جلاله وعظم سلطانه من سورة النور من كتاب النور: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا [النور:55]، هذا موعود، وُعِدَ به المؤمنون، وأنجز الله لهم ما وعد، كأنكم برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ديار الطائف، وقد جاء يعرض الإسلام، بل ويعرض النصرة على خصومه وأعدائه، فيرد خائباً وقدماه تسيلان بالدماء، وصبيان الطائف وعبيده يرمونه بالحجارة ويزلقونه بها، فرجع شارداً يبكي، وما هي إلا سنيات لم تبلغ الربع قرن: خمساً وعشرين سنة، وإذا بالمملكة الإسلامية، حدودها في الشرق نهر السند، وفي الغرب بلاد الأندلس، وخمس وعشرون سنة لا تكفي لإنشاء مصنع حتى ينتج ويثمر، فيصل ظل الإسلام حتى يغطي نصف المعمورة، أنجز الله وعده.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3088540433

    عدد مرات الحفظ

    777218096